بعد انتشار معلومات، أخيراً، عن وجود منشأة إسرائيلية سرية في أربيل، التزمت تل أبيب الصمت، إلا أن وسائل إعلامية مقربة من المؤسسة الرسمية أفادت، كما هو معتاد في مثل هذه الحالات، بأن الأجهزة الأمنية التي بحثت التطورات الأخيرة في هذا الموضوع، تنظر بجدية في ما أُعلن في إيران عن أن الصواريخ التي سقطت، أخيراً، في عاصمة إقليم كردستان العراق، استهدفت "منشأة إسرائيلية سرية"، ما يشير إلى تغيير قواعد اللعب الإيرانية تجاه إسرائيل والولايات المتحدة، وفق معادلة ضرب المصالح الأميركية رداً على الأعمال المنسوبة إلى إسرائيل.
وسقط 12 صاروخاً، في نهاية الأسبوع الماضي، على مسافة غير بعيدة من القنصلية الأميركية في أربيل، استهدفت أساساً نقل رسالة إلى الأميركيين انطلاقاً من فرضية وجود صلة بين الهجوم وتصفية ضابطين من "الحرس الثوري" الإيراني، الأسبوع الماضي، وفق الإسرائيليين.
وحذر مسؤولون أمنيون سابقون متخذي القرارات من الاستخفاف بما يقوم به الإيرانيون، من خلال القول، إنه "على الرغم من المصاعب العملياتية وتفوقات الجيش الإسرائيلي في مجال استخبارات الأخطار، مثلما هو الحال بالنسبة إلى القدرة العالية لسلاح الجو وأجهزة الأخطار الجوية، سيواصل الإيرانيون المحاولة، وعلينا عدم الاستخفاف بهم. فهذا التوتر في الشرق الأوسط يجسد فقط أنه حتى بعد التوقيع المحتمل على الاتفاق النووي في فيينا ستستمر المواجهة. وسيكون الأميركيون مطالبين هم أيضاً، بمراجعة سياستهم في المنطقة حيال الاستفزاز الإيراني".
تدمير منظومة الطائرات المسيرة
وبحسب تقرير إسرائيلي، فإن الغارة الجوية التي استهدفت إيران، أخيراً، وتُنسب إلى إسرائيل، ألحقت أضراراً جسيمة بمنظومة الطائرات الإيرانية المسيرة من مختلف الأحجام. وقبل أقل من نصف ساعة من الإعلان الإيراني عن إحباط محاولة هجوم على منشأة فوردو النووية، نُسبت إلى الموساد الإسرائيلي، نُشرت معلومات عن هجوم "سايبري" استهدف مواقع إلكترونية حكومية في إسرائيل. وأكد وزير الاتصالات الإسرائيلي، يوعاز هندل، أن المواقع الحكومية تعرضت لهجوم إلكتروني.
وأجرى هندل تقييماً للوضع مع خدمات الطوارئ، وبحثوا تقريراً من "منظومة السايبر"، جاء فيه أن "الهجوم استهدف مواقع حكومية وليست أمنية – والتقديرات أن يكون الهجوم من نوع ددوس Ddos الذي تُرسَل في إطاره الكثير من الأوامر إلى الموقع من أجل الإثقال على الخوادم والتسبب في تعطلها". ووفق هندل فإنه، "في هذا النوع من الهجمات لا توجد إمكانية تسريب معلومات".
حرب علنية
ومع تطور الأحداث بين إيران وإسرائيل والاتهامات والتهديدات المتبادلة، باتت الحرب بينهما علنية، ووصفها مسؤولون إسرائيليون بالعنيفة أيضاً.
وجاء في تقرير إسرائيلي، حول التطورات الأخيرة، أن لإيران حساباً مفتوحاً طويلاً مع إسرائيل، خصوصاً آلاف الهجمات التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي ضد أهداف في سوريا، في مقدمها الوسائل القتالية ومحاولات تموضع الميليشيات الشيعية في سوريا. وأضاف التقرير أن "إطلاق الصواريخ الأخيرة تجاه منشأة إسرائيلية سرية هو ارتفاع في النشاطات الإيرانية بدرجة مقلقة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واعتبرت إسرائيل التطورات الأخيرة في أربيل، نتيجة لضعف الغرب في محادثات فيينا والحرب في أوكرانيا، مضيفة وفق التقرير أنه "نتيجة لذلك، تسمح إيران لنفسها بأن تكون أكثر عدوانية من الماضي سواء في شكل الرد أو في الكشف عنه". واعتبر التقرير الإسرائيلي أن "إطلاق الصواريخ الدقيقة نحو المنشأة في أربيل، يستهدف صراحة، جباية ثمن في الأرواح. وحقيقة أنها أُطلقت من الأراضي الإيرانية – والتي بخلاف الماضي، لم تحاول إخفاء ذلك، تدل على أنها أزالت عن نفسها عنصراً مهماً تميزت به أعمالها حتى الآن، أي لا مزيد من الاستعانة بالمنظمات الفرعية على أنواعها للعمل ضد إسرائيل، أو الاختباء وراءها، بل أعمال علنية، تحت علم إيراني، في ما يبدو كاستفزاز علني".
لكن في المقابل، رأى إسرائيليون في إطلاق هذه الصواريخ أمراً غير مقلق أمام حقيقة "التفوق الواضح لإسرائيل، فإذا كانت تل أبيب عملت، حتى الآن، سراً على الأراضي الإيرانية وأبقت الأعمال العلنية لأماكن أخرى في المنطقة، فبات بإمكانها الآن أن تعمل في إيران بحرية، وتصف ذلك دفاعاً عن النفس يستهدف منع ايران من مواصلة تعدياتها". وحذر تقرير إسرائيلي متخذي القرارات من مغبة "الاستخفاف بتهديدات إيران، فقد يستيقظ الجمهور الإسرائيلي ذات يوم على مواجهة علنية وعنيفة، من دون أن يفهم على ماذا نقاتل في واقع الأمر، وما الذي حصل هنا. يجب إطلاع الجمهور على أهداف الحرب ضد إيران، وهل تبادل القصف ومعارك السايبر حيوية لأمن إسرائيل، وكيف سيمنع هذا تصعيداً أمنياً أوسع".
قلق الإدارة الأميركية
من جانب آخر، يكمن القلق الإسرائيلي في تقديرات تل أبيب بأن الإدارة الاميركية غارقة في تداعيات الحرب في أوكرانيا من دون أن تفكر بوضع مطالب مشددة من إيران في الاتفاق النووي الجديد.
وبمثل هذه الحالة تعزز إيران قوتها على أكثر من مستوى وصعيد، وبالتالي تصبح معركتها عبر الطائرات المسيرة والسايبر ضد أهداف إسرائيلية أكثر قوة.
وفي المقابل، فإن سياسة البيت الأبيض تجاه الاتفاق الإيراني، والتي تقلق إسرائيل من شأنها أن تضاعف أيضاً مخاطر البرنامج النووي الإيراني. وتتحدث الأجهزة الأمنية الإسرائيلية عن مواصلة إيران تخصيب اليورانيوم بمستوى مرتفع، بصورة تضعها على بُعد بضعة أسابيع من تجميع اليورانيوم بكمية تكفي لإنتاج قنبلة نووية واحدة". وتضيف الأجهزة أنه "حتى بعد الوصول إلى هذا الهدف، تبقى ضرورة ممارسة نشاطات تكييف للقنبلة مع رأس نووي حربي لصاروخ باليستي، وهذه عملية، بحسب تقديرات الاستخبارات المختلفة، يمكن أن تستغرق بين سنة وسنتين".