قال المرشد الإيراني علي خامنئي لأعضاء مجلس الخبراء، "الوجود الإقليمي يمنحنا نفوذاً استراتيجياً وقوة وطنية أكبر"، كما أعلن أن التراجع في مواجهة أميركا أو أي قوة أخرى لتجنب العقوبات خطأ جسيم يوجه ضربة للسلطة، وأشار إلى أن إيران في وضع أفضل الآن ولا تواجه أي تهديدات بفضل رفضه اقتراحات تقليص القدرات الدفاعية لإيران.
توظيف الملفات الإقليمية
حديث خامنئي يؤكد محددات السياسة الإقليمية لإيران التي قامت على مبدأ الدفاع المتقدم، فقد نجحت طهران في توظيف هذا المبدأ بقيادة قوة "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، وتشمل هذه الاستراتيجية تكوين شبكة من الحلفاء والوكلاء الإقليميين، عرّفتهم إيران بـ"محور المقاومة"، كوسيلة للضغط من أجل إضعاف مصالح دول المنطقة، فأصبح لقوة "فيلق القدس" وجود عسكري في كل من العراق وسوريا ولبنان من خلال "حزب الله" واليمن من خلال حركة "أنصار الله".
أي إنه في إطار تعويض إيران تراجع قدراتها العسكرية التقليدية، سعت لزيادة عمقها الاستراتيجي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في القدرات العسكرية اللا متماثلة، وأنشأت شبكة من الشركاء والوكلاء الإقليميين لدرء التهديدات الخارجية، كما استثمرت بكثافة في برنامج الصواريخ، ومن ثم عملت على توظيف الملفات الإقليمية لصالح تحقيق مصالحها، كما حاولت استغلال الملف النووي للضغط على الغرب، وبالتالي، كان من الواضح أن إيران لن توافق على تضمين الاتفاق مع الولايات المتحدة الملفات الإقليمية التي هي السبب الرئيس لزعزعة استقرار دول الإقليم ورفض التحركات الإيرانية في دول الصراعات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إن السياسة الإيرانية وفقاً للإدراك الإيراني هي نتاج عوامل كثيرة ومتنافسة في ما بينها، وهي: أيديولوجية الثورة الإسلامية، وتصور القيادة الإيرانية لما تعتبره تهديدات للنظام والدولة، والمصالح الوطنية الإيرانية.
التغلغل مستمر
واعتمدت استراتيجية الأمن القومي الإيرانية على استخدام عدد من الأساليب والآليات المختلفة لتنفيذ سياستها الخارجية، بما في ذلك تقديم الدعم المالي والعسكري للحلفاء من الأنظمة والفصائل المسلحة، فقد وفرت إيران الأسلحة والتدريب والمستشارين العسكريين لدعم الحكومات والحركات المتحالفة معها، مثل نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا، و"حزب الله" اللبناني، وحركة "حماس"، وحركة "أنصار الله" في اليمن، والميليشيات الشيعية في العراق.
واتضحت نتائج الاستراتيجية الإيرانية في توظيف الميليشيات العراقية ضد استقرار النظام العراقي في بعض الأحيان وضد إسرائيل والولايات المتحدة للضغط عليهما، الأمر ذاته في اليمن لتوظيف هجمات الحوثيين ضد المصالح الخليجية، وما تحاول أن ترسخه في سوريا وتتصدى له إسرائيل.
لذا لن تتخلى إيران عن استراتيجيتها الإقليمية القائمة على تغلغل الوجود الإيراني، ومن ثم لن يسود الاستقرار في المنطقة طالما التدخل الإيراني يستمر لتحقيق مصالحها، لذا، فإنه حتى لو تم إحياء الاتفاق النووي بين إيران والغرب وانضمام الولايات المتحدة، فإن رفع العقوبات سيكون عاملاً رئيساً في زيادة التدخل الإيراني وتقديم الدعم المالي والعسكري للقوى والميليشيات الموالية لها، أي إن إحياء الاتفاق النووي قد يحجّم قدرات إيران النووية، لكنه سيزيد نطاق تحركها الإقليمي ما لم تدرك طهران أن مصلحتها الوطنية تتضمن أيضاً العمل على خلق قبول وتعاون إقليمي بينها وبين جيرانها لتسهيل تخصيص موارد المنطقة في التنمية والاستقرار.