أصدرت إسبانيا تحذيرات بشأن تدهور جودة الهواء فيها، بعدما أفضت كتلة من الهواء الساخن قادمة من الصحراء الكبرى في أفريقيا إلى تشكل غمامات ضخمة من الغبار تغطي البلاد.
وتتحمل العاصمة الإسبانية مدريد، فضلاً عن مدن منتجعية في جنوب شرقي البلاد، الوطأة الكبرى من غبار يعبر البحر الأبيض المتوسط، تاركاً سماء إسبانيا مصبوغة بلون برتقالي أشبه بأجواء (تذكر بفيلم الخيال العلمي الأميركي "بلايد رنر" Blade Runner).
كذلك اجتاح غبار العاصفة مناطق تقع في أقصى الغرب حتى جزر الكناري في المحيط الأطلسي، وجزر البليار في البحر الأبيض المتوسط.
وحذر خبراء في الأرصاد الجوية لدى شبكة "بي بي سي" (هيئة الإذاعة البريطانية) من أن هذه السحب المحملة بالغبار ربما تجد طريقها إلى الأجزاء الجنوبية من إنجلترا بحلول يوم الأربعاء في 23 مارس (آذار) 2022.
الثلاثاء الماضي، ذكر "مختبر علم المناخ" في "جامعة أليكانتي" الإسبانية، في منشور تشاركه مع المستخدمين على "فيسبوك"، أنه نتيجة الغبار الهائل تواجه إسبانيا حالياً أسوأ جودة للهواء على مستوى العالم، متخطية بذلك الصين والهند، حيث الضباب الدخاني الشديد التلوث عادة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في تطور متصل، أصدر مسؤولو الصحة العامة في إسبانيا تحذيراً إلى سكان البلاد أوصوا فيه بعدم ممارسة الرياضة في الهواء الطلق، وارتداء الكمامات في الأماكن المفتوحة، لا سيما مرضى الحساسية والجهاز التنفسي الذين يتأثرون بشكل خاص بالزيادات الحادة في معدل تلوث الهواء بالجسيمات الصغيرة.
ولكن على الرغم من كونها تضر بصحة الإنسان، تنقل سحب الغبار المعادن المحملة بالمغذيات من الصحراء الكبرى، أكبر صحراء على كوكب الأرض وأكثرها سخونة، إلى الكائنات الحية في المحيطات والغطاء النباتي.
معلوم أن العواصف الرملية والترابية تنشأ سنوياً عندما تهب رياح عاصفة وحارة مجتاحة مساحة من التربة الرملية الرخوة في أرض قاحلة. والصيف الماضي، جرفت "رياح تجارية" غيوماً شاسعة من الغبار عبرت المحيط من مالي وموريتانيا إلى منطقة البحر الكاريبي وفلوريدا.
في صيف 2020، أطلق على عاصفة رملية اسم الوحش الخيالي العملاق "غودزيلا" Godzilla، وذلك بعدما حملت الرياح نحو 24 طناً من غبار الصحراء إلى أميركا الشمالية والجنوبية. وقد كانت هذه السحابة ضخمة لدرجة أن رواد فضاء نشروا صوراً على "تويتر" تظهر فيها سحابة الغبار بعدما التقطوها من "محطة الفضاء الدولية".
وبعد انتهاء العاصفة "غودزيلا"، استعانت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" ببيانات جمعتها الأقمار الاصطناعية ونماذج حاسوبية افتراضية بغية دراسة أعمدة الغبار هذه.
صحيح أن سحب الغبار ستختلف من سنة إلى أخرى دائماً، ولكن العلماء يتوقعون أن يشهد القرن الحالي وصول أعمدة الغبار إلى أصغر حجم لها منذ 20 ألف عام، نتيجة الارتفاع الذي تسجله درجة حرارة المحيطات بسبب تغير المناخ.
يعزى ذلك إلى أن درجات حرارة سطح البحر تترك تأثيراً مباشراً في سرعة الرياح. ثم إذا حدث ارتفاع في درجات الحرارة في شمال المحيط الأطلسي، ستضعف قوة "الرياح التجارية"، وستحمل تالياً كمية أقل من غبار الصحراء.
الرياح الضعيفة هذه تعني أيضاً أنه في مستطاع سحب الأمطار الاستوائية أن تتحرك بسهولة أكبر إلى المناطق الصحراوية، ما يحافظ على رطوبة الرمال ويخفض احتمال سفرها بعيداً.
تشكل سحب الغبار الصغيرة جزءاً من سلسلة متتابعة من الآثار المرتدة التي تفاقم مدى الاحترار العالمي. فالجسيمات المحمولة في الهواء تتمتع بالقدرة على عكس ضوء الشمس، لذا مع منع كمية أقل من ضوء الشمس والحرارة، تصل نسبة أكبر منهما إلى مياه المحيط، ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارتها.
© The Independent