بعد مفاوضات تمت على مدار عامين بين ممثلي حكومتي مصر وصربيا استقبلت القاهرة أولى الرحلات المباشرة المنتظمة بين بلغراد والقاهرة للمرة الأولى بعد تعليق للرحلات دام 13 عاما لأسباب سياسية واقتصادية وإقليمية، لتكون العاصمتان همزة وصل بين أفريقيا ودول البلقان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حروب "البلقان"
وكشف مصدر مسؤول بالخارجية المصرية "أن تعليق خطوط الطيران بين القاهرة وبلغراد كان نتيجة لاختلافات وجهات النظر الدبلوماسية والسياسية بين مصر وصربيا على أثر تداعيات (حروب البلقان) بأراضي جمهورية يوغسلافيا الاتحادية (سابقا)، التي بدأت بحرب البوسنة والهرسك في مارس (آذار) 1991، وانتهت بحرب كوسوفو قبل عام 1999".
وأضاف المصدر لـ"اندبندنت عربية"، "نتيجة الظروف الإقليمية التي أحاطت بيوغوسلافيا السابقة في بداية الألفية الثالثة، والظروف الإقليمية التي سادت في العالم العربي تأثرت العلاقات نوعا ما"، وأشار إلى "أنه مع هذا التأثير تراجعت الجدوى الاقتصادية لتسيير خط الطيران المباشر بين الدولتين".
وأكد المصدر "أن مباحثات جرت بين ممثلين من وزارات الخارجية والسياحة والتجارة والصناعة، بالإضافة إلى ممثلي مؤسسات الأعمال بالقطاع الخاص من الجانبين على مدار العامين الماضيين وتكللت باستئناف رحلات الطيران بينهما"، مرجعا ذلك إلى "الأهمية التي شعر بها الجانبان من ضرورة وجود خط مباشر بينهما لتنمية القطاعات الاقتصادية والتجارية والسياحية مستقبلا".
والبلقان، أو شبه جزيرة البلقان، تقع في الجزء الجنوبي من قارة أوروبا، في شرق شبه الجزيرة الإيطالية، وفي الغرب أو الشمال الغربي من منطقة الأناضول، وتضم دول ألبانيا، والبوسنة والهرسك، وبلغاريا، والجبل الأسود، وكوسوفو، ومقدونيا، واليونان، وكرواتيا، ورومانيا.
استعادة العلاقات السياسية والاقتصادية
من جانبه، قال السفير عمرو الجويلي، سفير مصر في صربيا، "إن عودة خط الطيران المباشر بين القاهرة وبلغراد خطوة جيدة لاستعادة العلاقات بين الدولتين، وتعزيز العلاقات الاقتصادية والسياحية وحركة الطيران، وتعد تتويجا لتقارب وجهتي نظر الدولتين في الفترة الأخيرة"، وأكد "أن مصر وافقت على قبول دعوة المشاركة كضيف شرف لمؤتمر بلغراد الدولي للسياحة المقرر عقده في فبراير (شباط) 2020، كما استجابت لدعوة جمهورية صربيا للمشاركة في معرض بلغراد الدولي للكتاب المقرر عقده في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل".
محطة وحيدة ومراكز جوية
وأضاف الجويلي "تعد القاهرة المحطة الأفريقية الوحيدة لصربيا داخل القارة السمراء، وكذلك تمثل بلغراد المحطة الوحيدة لمصر في إقليم البلقان، مما يسهم في ربط مراكز جوية إذا تم استثماره بشكل جيد سينعكس إيجابا على القطاع الاقتصادي والسياحي".
واختتم جويلي حديثه "يمكن اعتبار تنفيذ القرار بتسيير الخط مؤشر ثقة على أفق إيجابي في الجدوى الاقتصادية والسياحية مع التطور المرجو من الاستقرار الإقليمي، والتعاون المأمول بين البلدين عبر التعزيز المتميز في إقليميهما".
رجال الأعمال
وقال محمد يوسف، المدير التنفيذي لجمعية رجال الأعمال المصريين، "إن رجال الأعمال في دولتي مصر وصربيا شاركوا في الجهود الرسمية بين الدولتين لتقريب وجهات النظر، وسرعة إعادة خط الطيران لما يمثله من أهمية في العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والسياحية بين البلدين، ونظرا لأهمية مصر في عمقها الأفريقي، وأهمية صربيا كممر إلى دول البلقان".
تاريخ المباحثات
يوسف أشار إلى "المباحثات التي بدأتها الجمعية المصرية لرجال الأعمال منذ عام 2017 عبر استضافة مجلس رجال الأعمال الروماني والبلغاري والصربي في اجتماعات اقتصادية وتجارية مشتركة".
وأوضح "أنه خلال استضافة مجلس الأعمال المصري ــ الروماني في فبراير (شباط) الماضي، التي جاءت ردا على زيارة المجلس للعاصمة بوخارست في الفترة من 7 إلى 11 أكتوبر (تشرين الأول) 2018، على هامش انعقاد الدورة السابعة للمجلس المشترك، تقدم الأخير بمذكرة لضم دولة صربيا لمجلس الأعمال المصري الروماني تنفيذا لتوصيات وزارة الخارجية المصرية ومكتب التمثيل التجاري المصري برومانيا حول إنشاء مجلس صربي لتنمية العلاقات بين البلدين".
لافتا إلى "أن الجمعية بالتنسيق مع وزارتي الخارجية والتجارة المصريتين تواصلت مع الجانب الصربي لإعادة خط الطيران المباشر بينهما، وهو ما تحقق أخيرا".
وأوضح المدير التنفيذي لجمعية رجال الأعمال المصريين "أن هناك فرصا واعدة للتعاون المصري الصربي في مجالات السياحة والتبادل التجاري في مجالات استيراد الأخشاب وتصدير الأثاث المصري والأغذية والملابس والكيماويات".
50 مليون سائح
وكشف يوسف "أنه من المقرر تنظيم زيارة ورحلة عمل إلى صربيا بالتعاون مع مكتب التمثيل التجاري المصري خلال الفترة المقبلة، للتعرف على فرص التعاون المشترك بين القطاع الخاص بالبلدين".
وحول التعاون السياحي قال يوسف "إن السوق السياحية في دول البلقان، خصوصا صربيا ورومانيا والدول المحيطة بهما، جيدة للسياحة الوافدة إلى القاهرة"، مؤكدا "أن عدد السياح في رومانيا والدول المحيطة بها ومنها صربيا، يقدر بـ50 مليونا"، لافتا إلى "أن المجلس يسعى لجذب 10% من إجمالي عدد السياح".
مجلس أعمال مشترك
من جانبه قال عبد العزيز الشريف، نائب مدير إدارة الاتحاد الأوروبي، "إن إنشاء مجلس أعمال صربي من أهم آليات التعاون التجاري مع مصر، خصوصا أن التبادل التجاري ضعيف جداً ولا يتعدى 60 مليون دولار".
وأكد الشريف "حرص جهاز التمثيل التجاري للتعاون مع جمعية رجال الأعمال في تفعيل مجلس الأعمال المصري الصربي سواء بإنشاء مجلس خاص، أو ضم صربيا لمجلس الأعمال المصري الروماني"، مشيراً إلى "أن الجهاز سينسق مع جمعية رجال الأعمال والمجلس المصري الروماني زيارة صربيا خلال الفترة المقبلة".
وأشار إلى "أن قطاعي السيارات والأخشاب من أهم مجالات الاستيراد، فيما يشكل قطاع الملابس النسبة الأكبر في الصادرات المصرية لصربيا"، لافتا إلى "أنه من المقرر أن يزور مكتب التمثيل التجاري برومانيا صربيا، على هامش اجتماعات اللجنة المشتركة المزمع عقدها في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بهدف إعداد خريطة مستحدثة لأهم مجالات التعاون والفرص الواعدة في التعاون المصري الصربي لتعظيم الاستفادة".
وحول جدوى استئناف الرحلات الجوية بين القاهرة وبلغراد قال هشام الدميري، الرئيس السابق لهيئة تنشيط السياحة المصرية، "إن إعادة خط الطيران المباشر بين مصر وصربيا خطوة جيدة، رغم أنها لن تؤثر على حجم السياحة الصربية لمصر المنتظر جذبها، فعدد سائحي صربيا أقل بكثير مقارنة بأعداد السياح الروس الذين يمثلون ما يقرب من 30% من حجم السياحة الوافدة إلى مصر".
وكشف عن وجه آخر من أوجه استثمار عودة الخطوط الجوية "الأزمة السياحية المصرية -الروسية كشفت بما لا يدع مجالا للشك أن اعتماد الحكومة المصرية ممثلة في وزارة السياحة على دولة بعينها أو عدة دول كهدف استراتيجي لجذب السياحة الأجنبية إلى مصر أثبت فشله، وعليه يجب على الحكومة فتح السوق السياحية أمام كل دول العالم دون ترتيب تلك الأسواق بناء على نسب السياحة الوافدة من هذه الدول، فالتنويع والتوسع في السوق والاعتماد على مجموعة كبيرة من الدول لجذب السياحة أفضل من التركيز على عدد محدود من الدول".
وأكد "لا يمكن التعويل على السياح الصرب بقدر الاعتماد على الاستفادة من الخط المباشر بين الدولتين للدخول إلى أسواق دول البلقان، والاستفادة من كون القاهرة المحطة الوحيدة لصربيا في أفريقيا، واستثمار هذا على النحو الأفضل".
أولويات سياحية
وطالب الدميري الحكومة المصرية "بحسن استغلال الخطوة الجديدة بشكل خاص، وإعادة ترتيب الأولويات السياحية بشكل عام، والاهتمام كذلك بتنويع الخدمات السياحية المقدمة للسائحين مع وضع الضوابط الكفيلة وحمايتهم من الجشع، ومنع التلاعب والمغالاة في أسعار الخدمات السياحية التي تمثل أهم عوامل الجذب السياحي للحفاظ على السياحة الوافدة، وضمان عدم نفورها من السوق المصرية، والبحث والمقارنة ثم تفضيل بدائل أخرى مثل تركيا والأردن وإسرائيل ودول جنوب شرق آسيا عن القاهرة".