لم توفر جيوب تنظيم "داعش" أي فرصة سانحة للتحرك مجدداً باتجاه استهداف مواقع حربية ذات قيمة استراتيجية على الأرض السورية بعد فشله الذريع والخسارة التي تكبّدها في هجوم سجن الصناعة بمدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وأعاد التنظيم الإرهابي الكرة، مرات متعددة، وبأهداف تنوعت بين مواقع لجيش النظام السوري، وقوات سوريا الديمقراطية، وقد زادت وتيرة هجماته وحدتها في الأسبوعين المنصرمين.
نيران على عقدة الإمداد
ونشاط "داعش" الآخذ بالاتساع حديثاً، ركز ضرباته أخيراً ضمن منطقة تخضع لقوات النظام المدعومة روسياً، في 21 مارس (آذار) الجاري، بعد هجوم عنيف أسفر عن وقوع إصابات في منطقة الرصافة، بالريف الجنوبي للرقة، مشتبكاً مع قوات تتبع للفرقتين 18 و25 الأمر الذي دفع مقاتلات روسية بالتحرك لرصد فلول التنظيم على مدار الأيام الماضية.
ورأى مصدر ميداني أن الاشتباك الأخير في الرصافة التي تبعد 30 كيلومتراً عن مدينة الرقة، كان الأعنف من نوعه، سبقته سلسلة هجمات متفرقة، ما استدعى مساندة الطيران الروسي وسط أنباء عن ضرب أوكار تحصن بها المهاجمون.
الهجوم على الرصافة، وصفها المصدر نفسه بالخطيرة، لأن المنطقة تقع في إطار عقدة إمداد للجيش النظامي، كما أنه يأتي في توقيت ينشغل فيه الخبراء الروس والقادة في التطورات الميدانية على خطوط التماس بين كييف وموسكو.
القوة الرادعة
ويأتي هذا التطور قبل أيام من السنة الثالثة على التوالي لسقوط تنظيم "داعش" في آخر معقل من معاقله في قرية الباغوز، بالريف الشرقي لدير الزور، على يد التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومعلوم أن "داعش" مني بخسائر كبيرة وانكفأ في سوريا والعراق، وفشل في إيجاد ثغرة للوصول إلى مخيمات عائلات وأفراد تنظيمه، أو لمعتقليه الذين يقبعون في السجون، وهم أسرى بيد قوات سوريا الديمقراطية.
المخاطر ما زالت قائمة
وتطرق قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، ناقوس الأخطار المحدقة، والتي ما زال "داعش" يشكلها عبر خلاياه، ومحاولاته السيطرة على بعض المناطق في سوريا والعراق، وإيجاد موطئ قدم له للتمدد وجذب العناصر المحتملة في العالم، ولفتت قوات "قسد" النظر في بيان إلى أنه بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة للقضاء على آخر معاقل تنظيم "داعش" إلى تقاعس المجتمع الدولي بعدم إيجاده خطة دولية واضحة وشاملة وطويلة الأمد، وهذا الأمر "يوفر فرصة مستمرة لداعش لتقوية تنظيمه، وابتزاز المجتمعات المحلية، وتخويفها لمنعها من المشاركة في القضاء على الأفكار المتطرفة، وتجفيف البيئة الأيديولوجية له".
التخفي في الصحراء
وتتخفى الخلايا المقاتلة لتنظيم "داعش" بأساليب تمويه درجت عليها منذ سقوطها الأخير، وتستفيد من امتلاكها معرفة دقيقة بطرقات الصحاري الوعرة، ومخابئها الكثيرة، وبحسب متابع في شؤون المجموعات الإرهابية، "فإن داعش يعتمد على الأسلحة الصغيرة والمتوسطة، وحرب العصابات، من دون استخدام آليات ثقيلة، وبنسبة قليلة من سيارات الدفع الرباعي، كما يحرص على عدم الهجوم دفعة واحدة بل على دفعات متلاحقة، ومن جهات مختلفة للإفلات من رصده، والتعامل معه بالنيران عن بعد".
كما يتبع عناصر "داعش" أسلوب المتفجرات والألغام الأرضية ما أسفر، أخيراً، عن إصابة ثلاثة عناصر من أفراد جيش النظام، قرب حقل "دبيان" النفطي في بادية الرصافة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وتزداد الحصيلة بين أفراد قوات النظام إلى 24 قتيلاً و29 جريحاً، منذ مطلع مارس، خلال هجمات متفرقة لـ "داعش" مما يعطي تصوراً عن تركيز قادة التنظيم الإرهابي على الرصافة لموقعها الاستراتيجي القريب من الحسكة، بالتالي شق طريق إلى مخيمات ومعتقلات تشكل دعامة له في حال سقوطها بيده.