ارتفع سعر صرف العملة الروسية، الروبل، مساء الأربعاء 23 مارس (آذار)، بنحو 12 في المئة بعدما قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن على "الدول غير الصديقة" أن تدفع مقابل حصولها على النفط والغاز الطبيعي الروسي بالروبل.
وهبط سعر صرف الدولار أمام العملة الروسية إلى أقل من 95 روبلاً، وهبط سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة إلى نحو 110 روبلات لليورو. وهذه هي المرة الأولى منذ ثلاثة أسابيع التي يهبط فيها سعر صرف الدولار في روسيا إلى ما دون المئة روبل. إذ كانت العملة الروسية فقدت نحو ربع قيمتها مع بدء الحرب الروسية في أوكرانيا وفرض الغرب عقوبات على موسكو تضمنت تجميد أصول البنك المركزي الروسي في الخارج.
جاء هبوط سعر صرف الدولار في بورصة موسكو بعد أن أوعز بوتين للحكومة بتحويل مدفوعات صادرات الغاز الطبيعي من روسيا نحو أوروبا إلى عملة الروبل بدلاً من اليورو في غضون أسبوع، بحسب ما ذكرت وكالة "تاس" الروسية للأنباء.
وقال بوتين، خلال اجتماع حكومي عقد الأربعاء، إن عدداً من الدول الغربية "اتخذ قرارات غير شرعية خلال الأسابيع الماضية بتجميد الأصول الروسية، ما أظهر تقاعس الغرب في الوفاء بالتزاماته وزعزع الثقة بعملاته".
أضاف بوتين خلال الاجتماع الذي نقله التلفزيون الروسي، "لقد اتخذت قراراً على أن يُطبق في أسرع وقت ممكن، يتضمن إجراءات عدة لتحويل المدفوعات مقابل الغاز الطبيعي الذي نورّده إلى ما يُسمّى الدول غير الصديقة إلى الروبل الروسي". وقال "بالطبع، ستواصل روسيا إمدادات الغاز الطبيعي بحسب الكميات والأسعار المتفق عليها في العقود المسبقة... ستشمل التغييرات العملة التي تدفع بها الأسعار والتي سيتم تغييرها إلى الروبل الروسي".
تخبط أوروبي
تستورد أوروبا نحو 40 في المئة من احتياجاتها للغاز الطبيعي من روسيا، والمورد الرئيس هو شركة "غازبروم" الحكومية وشركتها الفرعية الألمانية "وينغاز جي أم بي أتش". وتدفع الدول الأوروبية ما يصل إلى 800 مليون يورو (880 مليون دولار) يومياً مقابل وارداتها من الغاز الطبيعي من روسيا. وبحسب آخر بيانات شركة "غازبروم"، فإنه في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي كانت نسبة 58 في المئة من مبيعاتها من الغاز الطبيعي للدول الأوروبية وغيرها مسعرة باليورو، بينما شكلت المدفوعات بالدولار نسبة 39 في المئة وبالجنيه الاسترليني نسبة ثلاثة في المئة فقط.
على عكس ما أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا من وقف استيراد النفط والغاز من روسيا، فإن دول الاتحاد الأوروبي لم تتمكن من فرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي بسبب اعتمادها بشدة على واردات الطاقة من روسيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبمجرد أن أعلن بوتين عن قراره، ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا بنسبة 30 في المئة. وارتفعت الأسعار في العقود الآجلة في بورصتي الغاز في أمستردام ولندن. ونقلت وكالة "رويترز" عن فينيشيوس ومانو من شركة الاستشارات "رايستاد إنرجي" قوله "ظاهرياً يبدو القرار محاولة لرفع قيمة الروبل بإجبار مشتري الغاز الطبيعي على شراء العملة التي هوت قيمتها كي يدفعوا ثمن وارداتهم من الغاز الروسي".
لكن تأثير الإعلان عن قرار بوتين أصاب دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين بالاضطراب. ولم تستطع الشركات المستوردة للطاقة من روسيا الرد على أسئلة الصحافيين بشأن ما ستفعله، ومنها شركات "إيني" و"يونيبر" و"بي بي" و"شل".
وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، الأربعاء، إنه سيناقش مع نظرائه الأوروبيين الرد اللازم على الإعلان الروسي بشأن مدفوعات مشتريات الغاز الطبيعي.
أما رئيس الوزراء الهولندي مارك روته فقال، الأربعاء، إن الأمر بحاجة إلى وقت كي يتضح مطلب روسيا وعلاقته بالعقوبات المفروضة عليها. وأضاف في كلمة له أمام البرلمان الهولندي "يعود الأمر إلى أطراف السوق الذين يشترون الغاز الطبيعي الروسي وكيف سيتعاملون مع الأمر... ففي العقود التي أبرموها، عادة ما يتم تحديد عملة الدفع، وهو ما لا يمكن تغييره بهذه الطريقة".
الروبل بدل اليورو
في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز"، يرى كبير الاقتصاديين في "بانثيون إيكونوميكس" كلاوس فيستسن أن القرار الروسي يعني أنه كلما اشترى بلد غربي برميل نفط روسي عليه أن "يدعم العملة الوطنية الروسية". ويضيف "إذا ما كانت الفاتورة التي ستصلك هي بالروبل، عليك أن تشتري روبل لتدفعها... لا أدري إن كانت هناك طريقة أخرى لتفادي ذلك".
ويقول ليون إزبيكي من شركة الاستشارات "إنرجي اسبيكتس"، في مقابلة مع "رويترز"، "من غير الواضح إلى أي مدى سيكون من السهل على الزبائن الأوروبيين تحويل مدفوعاتهم إلى الروبل، خصوصاً مع الأخذ في الاعتبار حجم مشترياتهم... مع العلم أنه لا توجد هناك عقوبات تحول دون دفع ثمن الغاز الطبيعي الروسي بالروبل". وأضاف أنه يمكن للبنك المركزي الروسي أن يوفر سيولة إضافية لأسواق العملات تمكن الشركات والبنوك الأوروبية من شراء ما يلزمها من الروبل من السوق.
يذكر أن روسيا كانت أعدت قائمة بالدول التي تعتبرها "غير صديقة"، وهي الدول التي شاركت في فرض عقوبات عليها بسبب حرب أوكرانيا. ويحتاج التعامل مع الأفراد والشركات من تلك الدول إلى موافقة رسمية من قبل هيئة حكومية روسية. وتضم القائمة 27 دولة في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وكندا والنرويج وسنغافورة وكوريا الجنوبية وسويسرا وأوكرانيا.