توقع محللو "مورغان ستانلي"، مؤسسة خدمات مالية واستثمارية أميركية متعددة الجنسيات، تدفق 82 مليار دولار من الأموال الأجنبية إلى أسواق الأسهم في الشرق الأوسط، مع استمرار تفوّق المنطقة بشكل حاد على أسواق الأسهم العالمية هذا العام، حسبما أفادت "بلومبيرغ". ومن المقرر أن تنتعش التدفقات مع زيادة صناديق الأسواق الناشئة العالمية واكتساب ثقلها في مؤشر الأسواق الناشئة MSCI لأسهم البلدان النامية، وفقاً للمحللين.
وارتفعت الأسهم المدرجة في الخليج العربي هذا العام متتبعة أسعار السلع. ورفعت "مورغان ستانلي" تصنيف قطر إلى "نشيط"، مشيرة إلى أن الدولة تستفيد من سوق الغاز وتستضيف مونديال 2022 الذي يبدأ في وقت لاحق من العام الحالي.
كما أعطى المحللون أسواق الإمارات والسعودية والكويت تصنيفاً "نشيطاً"، وقالوا إن هناك أسباباً جوهرية وهيكلية وفنية لاستمرار نشاط أسهم الشرق الأوسط، بما في ذلك ارتفاع أسعار الطاقة والإصلاحات القائمة. وأشار المحللون إلى أن أسواق الأسهم في المنطقة أصبحت الخيار المفضل للمستثمرين في منطقة أوروبا الشرقية والشرق الأوسط وأفريقيا.
ازدهار الاكتتابات الأولية
وفي سياق الحديث عن ازدهار أسواق المال في المنطقة، تفوّقت العروض العامة الأولية في الشرق الأوسط على أوروبا للمرة الثانية فقط منذ الأزمة المالية العالمية، بحيث يعمل المستثمرون الإقليميون على استغلال أكوام السيولة التي يغذيها النفط.
وجمعت الاكتتابات العامة الأولية من الرياض إلى أبو ظبي 4.8 مليار دولار هذا العام، مقارنة بإحصاءات أوروبا البالغة 3.9 مليار دولار، وفقاً لبيانات "بلومبيرغ". ومن النادر أن تسجل منطقة الشرق الأوسط ريعاً أكبر، إذ إن المرة الأخرى الوحيدة التي حدث فيها هذا منذ عام 2009، كانت في أواخر 2019، عندما سحبت "أرامكو السعودية" أكبر إدراج في العالم على الإطلاق.
واحتل بنك الرياض السعودي المركز الأول في جدول الدوريات العامة للاكتتاب العام في "بلومبيرغ" لأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، التي عادة ما تهيمن عليها المؤسسات الأميركية والأوروبية. وتُظهر البيانات أن نصف أكبر قوائم الأسعار في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا هذا العام جاءت من الخليج.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأدت الاضطرابات التي شهدتها الأسواق هذا العام بسبب المخاوف من التضخم والسياسات المتشددة للبنك المركزي والهجوم الروسي على أوكرانيا إلى إفشال الاكتتابات العامة الأولية في جميع أنحاء العالم. لكن أسعار الطاقة المرتفعة خدمت منطقة الخليج العربي الغنية بالنفط، ما يضمن استمرار نموّ طلب المستثمرين على مبيعات الأسهم في الشرق الأوسط.
وقالت أندريه شختورا، رئيسة الخدمات المصرفية الاستثمارية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "بنك أوف أميركا كورب" لـ"بلومبيرغ": "لقد تُرجمت التحركات الأخيرة في أسعار النفط إلى حصول المستثمرين الإقليميين على رأس مال إضافي لتوزيعه، ما يسهم أيضاً في دعم السوق".
وأدت الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم أزمة الإمدادات الحالية للوقود الأحفوري، ما أسفر عن ارتفاع الأسعار، كما صعدت مؤشرات الأسهم في السعودية والإمارات بنسبة 5 في المئة أو أكثر هذا العام، بينما انخفض مؤشر ستوكس 600 الأوروبي بأكثر من 6 في المئة.
طفرة الصفقات الخليجية
وبدعم من أسواق الأسهم القوية، لم تُظهر طفرة الصفقات الخليجية أي بوادر للتباطؤ. وتُعدّ شركة "بترول أبو ظبي الوطنية" (أدنوك) وشركة "بورياليس إيه جي" النمساوية اكتتاباً عاماً لمشروع البلاستيك الخاص بهما "بروج". ومن المتوقع أن تبدأ هيئة كهرباء ومياه دبي التداول، الشهر المقبل. وأضافت شختورا: "كانت المنطقة حتى الآن مدفوعة بالخصخصة ومبادرات تحويل الأموال، تحديداً في دبي وأبو ظبي، لكننا نرى الآن شركات نمو مملوكة للقطاع الخاص تعرب عن رغبتها بالقدوم إلى السوق".
وقفزت سلسلة صيدليات التجزئة (شركة النهدي الطبية) بنسبة 15 في المئة في أول ظهور لها بالرياض يوم الثلاثاء بعد طرح عام أولي بقيمة 1.4 مليار دولار، وهو الأكبر في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا هذا العام. وأصبحت مستويات الطلب أمراً شائعاً تقريباً في السعودية، حيث اجتذبت "النهدي" طلبات بقيمة 80 مليار دولار من المستثمرين المؤسسيين.
مع ذلك، فإن انتشار الاضطرابات الجيوسياسية يمكن أن يفسد معنويات المستثمرين بسرعة، إذ قالت روسيا هذا الشهر إنها تخطط لإرسال مقاتلين محليين من الشرق الأوسط للانضمام إلى قواتها في أوكرانيا، في حين أن الهجمات التي يشنها الحوثيون المدعومون من إيران على البنية التحتية النفطية في السعودية قد تعطل صادرات الخام في وقت حرج بالنسبة إلى الطاقة.