من لا يحب دوللي بارتون؟ إضافة إلى كونها مغنية وكاتبة أغنيات وممثلة رائعة، فقد كوّنت إرثاً مذهلاً من خلال عملها الخيري لمحو أمية الأطفال. والآن وحدت بارتون جهودها مع المؤلف جيمس باترسون الذي حققت أعماله مبيعات كبيرة. اشتركا في تأليف كتاب "اهربي يا روز اهربي" Run ،Rose ،Run (صادر عن دار سينشري للنشر)، وهو عمل مثير عن مغنية موسيقى كانتري شابة وطموحة اسمها آني لي كيز. كنت أرغب حقاً في أن يكون الكتاب جيداً، لكنه للأسف عمل يعتمد على نجاح مؤلفيه ويعكس فقط ومضات من خبرة المغنية ويحمل كل العلامات التي تدل على عمل باترسون المستهلَك. على كل حال، لا تزال بارتون متصالحة مع وظيفتها الروتينية، كما توضح في الألبوم المرافق للكتاب.
بالنسبة لعشاق كتب الخيال، لحسن الحظ كان شهر مارس (آذار) مليئاً بالإصدارات الجديدة الجيدة، بخاصة الأعمال التاريخية. من بين الروايات التي أود أن أوصي بقراءتها في هذا النوع الأدبي هي رواية جيمس رونسي "الشغف العظيم" The Great Passion (صادرة عن دار بلومزبري)، التي تدور أحداثها في لايبزيغ بألمانيا عام 1727 وتستند إلى حياة يوهان سيباستيان باخ. يتمتع رونسي، مؤلف مجموعة "ألغاز غرانتشيستر" القصصية The Grantchester Mysteries ، بموهبة تصوير الماضي.
أما ملحمة "بوذ" Booth المثيرة للإعجاب التي كتبتها كارين جوي فاولر (صادرة عن دار سيربنتس تيل) حول أشقاء ستة من عائلة "بوذ"، يأخذ أحدهم على عاتقه مهمة ستغير مجرى التاريخ متمثلة بإطلاق النار على أبراهام لنكولن.
أما رواية "هذه الأيام" These Days للكاتبة لوسي كالدويل (صادرة عن دار فيبر)، فهي قصة ذات أجواء خاصة تدور أحداثها خلال هجوم القوات الألمانية على مدينة بلفاست عام 1941.
على رغم بلوغها الثمانين، لا تزال آن تايلر توثق بدقة تفاصيل الحياة اليومية، والتي هي موضوع روايتها الرابعة والعشرين التي تحمل عنوان "ضفيرة فرنسية" French Braid ، والتي تتناول حياة عائلة غاريت من عام 1959 حتى وقت وباء كورونا. كما هي الحال دائماً في أعمال تايلر، فإن الحياة الأسرية برمتها حاضرة، من الخيانات إلى عمليات استبدال مفصل الورك. إنها ليست على مستوى أفضل رواياتها، مثل "دروس التنفس" Breathing Lessons، لكنها تحتوي ما يمكن الاستمتاع به.
إذا كنتم تبحثون عن عمل أكثر معاصرة، فإن رواية "انطلاق" Careering للكاتبة ديزي بوتشانان (صادرة عن دار سفير) قصة بارعة عن أجواء العمل السامة في وقتنا الحالي.
في كتابه "من قوة إلى أخرى: العثور على النجاح والسعادة والهدف في النصف الثاني من الحياة" From Strength to Strength: Finding Success, Happiness and Deep Purpose in the Second Half of Life (صادر عن دار غرين تري)، يقول عالم الاجتماع آرثر سي بروكس: "تقريباً، في كل مهنة تتطلب كفاءات عالية، يحدث التراجع في وقت ما بين أواخر الثلاثينيات وأوائل الخمسينيات من العمر". يتناول كتاب المساعدة الذاتية المسلي بطريقة غريبة مجموعة من الأشخاص "المناضلين، المتفوقين ومدمني النجاح"، كما أنه موجه لهذه الفئة أيضاً. لقد جعلني الكتاب أتساءل عن المسافة التي ما زال قطعها واجباً بالنسبة "للأشخاص المحبطين الذين حطوا رحالهم في منتصف العمر" حتى يصلوا إلى السعادة المخطط لها، بخاصة أولئك منا المتعاطفين مع فلسفة هومر سيمبسون التي تقول: "لقد بذلت قصارى جهدك وفشلت فشلاً ذريعاً. الدرس المستخلص هو، لا تحاول أبداً".
في كتاب "أمل وخوف: الأساطير الحديثة ونظريات المؤامرة والتاريخ الزائف" Hope and Fear: Modern Myths, Conspiracy Theories and Pseudo-History (صادر عن دار ريكشن بوكس)، يأخذ المؤلف رونالد أتش فريتز القارئ في جولة تنويرية على تلك العقول التي تتمسك بما يسميه "الأشكال الخبيثة من المعرفة غير المرغوب فيها". يتتبع الكتاب رابطاً مشتركاً بين عشاق الأوهام الفظيعة، تلك التي تمتد من الاعتقاد المتعصب بالظواهر الخارقة للطبيعة، مروراً بمؤيدي حوادث الاختطاف على أيدي الكائنات الفضائية، وصولاً إلى منكري وجود وباء كورونا ومعتنقي نظرية "كيو أنون" اليمينية المتطرفة في عصرنا المشوش هذا.
في كتاب "ليس بعيداً من برايدزهيد: أكسفورد ما بين الحربين" Not Far from Brideshead: Oxford Between the Wars (صادر عن دار ويدنفيلد أند نيكلسون) للكاتبة ديزي دان، يبدو البحث الرائع واضحاً جداً في القصة المفصلة والمروية بأناقة عن مدينة تمر بمرحلة انتقالية بعد أهوال الحرب العالمية الأولى. تركز دان، وهي مؤرخة رائدة، على عالم المنح الدراسية الكلاسيكية وتقدم صورة حية لمكان مليء بالامتيازات والخدع. التمييز الجنسي في حقبة ما قبل حركة "مي تو" MeToo واضح أيضاً. عندما درست إيريس مردوخ في جامعة أكسفورد عام 1938، تم تحذيرها من الباحث الرائد إدوارد فرينكل و "يده الباحثة". تقول إيزوبيل هندرسون التي تدرّس مردوخ في الكلية محذرة: "أتوقع أنه سيحاول لمسك قليلاً، لكن لا تكترثي للأمر".
إليكم فيما يلي مراجعات كاملة لروايتي أندرو ميلر وقاسم علي، ومجموعة قصصية لـ كولين باريت، وثلاثة كتب غير خيالية لـ ريبيكا لي وجون ديفيس وجيسون كاولي.
"أغنية الأفعى الصماء" The Slowworm"s Song لـ أندرو ميلر ★★★★★
في برنامج "مدمنو الكحول مجهولو الهوية" المكون من 12 خطوة، تتطلب الخطوة الرابعة أن يقوم المدمنون "بعملية جرد أخلاقي متفحصة ولا تعرف الخوف" لأنفسهم. هذه المهمة الشاقة بشكل مخيف هي ما يقوم به الجندي السابق ستيفن روز في سياق الرواية، البالغ من العمر 51 سنة والذي يتعافى من إدمان الكحول. الدافع وراء ذلك هو تلقيه استدعاء لحضور تحقيق في حادث وقع قبل 30 عاماً خلال الاضطرابات في إيرلندا الشمالية. كان حينها في الحادية والعشرين من عمره وتائهاً ضمن حالة فوضوية من عدم المعرفة.
تحكي رواية أندرو ميللر القصة المؤرقة لهذا الرجل المعقد، الذي يعيش الآن بهدوء في سامرست، ويحاول في الوقت نفسه تكوين رابطة مع ابنته ماغي التي كانت بعيدة منه لفترة طويلة. يقول إنه فتح "كتاب العائلة الخطير". يُظهر لنا ميلر، المشهور برواياته السابقة مثل "أوكسجين" Oxygen ، تعقيدات رجل مريض يحاول فهم تجربة عيشه وضعاً مرعباً ويصارع التبعات طويلة المدى. تم تصوير إدمان الكحول بطريقة بارعة ومؤثرة.
"أغنية الأفعى الصماء" هي عمل خيالي مذهل، قصة مكتوبة بشكل جميل عن الصراع والتصدع الأسري. كتاب ميلر مليء بالأوصاف الصغيرة والمبتكرة - ينظر ستيفن إلى جمال حِرجة صغيرة من أزهار الأضاليا "المشرقة مثل رجال العصابات"، إنه يعاني بعد نوبة أخرى من الأرق، "إنها ليلة بلا شاطئ" - ويخترقه عدد لا يحصى من شظايا الحكمة.
تضيف الشخصيات الداعمة - زوجة روز السابقة إيفي، ماغي وشريكتها لورنا، ومنظمة الجنائز آني فولر، زملاؤه السكارى ومعالجوهم المصممون - لمسة حيوية على قصة بطل الرواية المعقد واليائس.
من الصعب ألا ينغمس القارئ بالكامل في كفاح ستيفن لمواجهة ماضيه كجندي. وعلى رغم التصوير المكثف والمليء بالتفاصيل المزعجة للصراع في بلفاست، إلا أن ميلر لم يتورط أبداً في السياسة الطائفية. تسير الرواية ببراعة فوق خط إلقاء اللوم الخطر، وتحافظ على كونها دراما إنسانية مثيرة للانتباه، حتى عندما يتوضح العنف المأساوي.
هناك حس فكاهي حاذق وساخر في الكتاب. عندما يعود ستيفن إلى بلفاست الحديثة، تذهله التغييرات التي طرأت على المدينة. يتساءل عما إذا صارت "العصابة القديمة" باتت الآن عبارة عن "قتلة مأجورين يعانون من إعتام عدسة العين وصناع قنابل مصابين بألزهايمر". كما يعترف لنفسه أنه لا شك في أن الكثير من الجرائم كانت مدفوعة بحالة السكر، وأن الناس قاموا بأشياء "لما كانوا سيفعلونها أو قادرين على فعلها لو لم يكونوا سكارى".
هذا تصوير عميق للحياة عندما يسيطر الشعور بالهشاشة على المرء، وما هو شعور أي منا عندما نكون خائفين من "عدم وجود أرض صلبة تحتنا أو أي شيء يمكن الاعتماد عليه". هل يمكن أن تكون الحياة في بعض الأحيان غير قابلة للإصلاح؟ تترك النهاية المقنعة الأمر للقارئ كي يختار الإجابة بنفسه. تعتبر "أغنية الأفعى الصماء" بمثابة تذكير راقٍ بالتأثير العميق الذي يمكن أن تتركه فينا رواية رائعة.
صدرت رواية "أغنية الأفعى الصماء" للكاتب أندرو ميلر عن دار سيبتر في 3 مارس، وتباع النسخة الواحدة بسعر 18.99 جنيه استرليني.
"نوايا حسنة"Good Intentions لـ قاسم علي ★★★★ ☆
بعد تجمع عائلي لمشاهدة الألعاب النارية ليلة رأس السنة الجديدة على شاشة التلفزيون، قرر نور، وهو شاب بريطاني من أصل باكستاني، أن يخبر أسرته المسلمة المحافظة بسر إشكالي عن علاقته التي تربطه منذ أربع سنوات بزميلة له. المشكلة أن ياسمينة ليست باكستانية، إنها سودانية، إنها فتاة سوداء.
يعرف شقيق نور الأصغر تماماً حجم الصدمة التي سيسببها هذا الخبر لوالديهما، محمود وهينا. يقول شقيقه محذراً: "أنت تعرف كيف يتعامل الجميع مع هذه الأمور. إنهم يريدون فتاة باكستانية، مسلمة، ويفضل أن تكون من معارف العائلة أو حتى جزءاً منها. هكذا تسير الأمور... كم عدد الأشخاص في العائلة الذين نعرفهم المتزوجين بسود؟".
في هذه الرواية التي تعتمد كثيراً على الحوار الذي يتبدل مع مرور الوقت من أواخر عام 2014 إلى أوائل عام 2019 ، يقوم المؤلف قاسم علي، وهو محرر في دار "بينغوين راندوم هاوس" للنشر، بطريقة ذكية بالجمع بين قصة علاقة حب إشكالية ومشاعر الجيل الثاني من المهاجرين المعقدة تجاه الواجب والالتزامات الأسرية والتضحية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أتخيل أن معظم قراء الكتاب سينحازون بشدة إلى ياسمينة الجريئة بدلاً من شخصية نور غير المحببة. مع ذلك، فإن هذه القصة الحساسة لفشل الحب تقدم وسيلة ذكية لتصوير شجاع للتحيز ضد السود في جنوب آسيا والضغوط المتضاربة التي تفرضها الأسرة والثقافة. المشهد الذي تواجه فيه ياسمينة أخيراً عشيقها بأنه متواطئ أيضاً كان مؤثراً بشكل خاص.
لا تقدم رواية "نوايا حسنة" إجابات سهلة، لكن الأسئلة حول العرق والعلاقات والصحة العقلية تشد القارئ.
نشرت رواية "نوايا حسنة" للكاتب قاسم علي بواسطة دار "فورث إستيت" في 3 مارس، وتباع النسخة الواحدة بسعر 14.99 جنيه استرليني.
"شروق ووترلو: لندن من الستينيات إلى عهد تاتشر" Waterloo Sunrise: London from the Sixties to Thatcher لـ جون ديفيس ★★★★ ☆
من المواضيع التي تشد القارئ في هذا الكتاب، هي المخططات المنسية لمدينة لندن. وكان أكثرها غرابة هو مخطط عام 1968 الفاشل لتحويل ساحة بيكاديللي إلى "ساحة بياتزاديللي"، حيث كان سيتم نقل تمثال إيروس إلى ساحة مرتفعة للمشاة بينما يتم توجيه حركة المرور تحت الساحة، ونموذج لإعادة تطوير واجهة نهر التيمز يعود لعام 1973، اقترح إنشاء ملاعب لرياضة الغولف وثلاثة مراكز للفروسية وحديقة سفاري.
جون ديفيس، وهو زميل فخري في مادة التاريخ الحديث في كلية كوينز بجامعة أكسفورد، يلقي نظرة متعددة الأوجه على لندن، بما في ذلك كيف قادت المدينة ازدهار الموضة في المملكة المتحدة في الستينيات وكيف عكس تطور المطبخ في العاصمة طبيعة لندن نفسها. وإضافة إلى تصوير لا ينسى لمنطقة سوهو الرثة، يحقق الكاتب أيضاً في كيفية تدمير أجزاء كبيرة من المناطق التي كانت تقطنها الطبقة العاملة في لندن لصالح رأس المال الخاص. لا تزال لندن مدينة تشهد تبايناً طبقياً، وهناك فصل واقعي حول مدى الانهيار الاقتصادي وشدته في الأحياء الأكثر فقراً واكتظاظاً في المدينة، وكيف شكلت هذه الفترة الحقائق التي نعيشها في القرن الحادي والعشرين.
التاريخ الاجتماعي المثير للاهتمام في الكتاب يرسم الأجواء في لندن في سبعينيات القرن الماضي (المكان والزمان اللذين ترعرعت فيهما)، بما في ذلك مطاعم ويمبي، وبيتزالاند، ومجزرة جي دبليو بيغز الشهيرة في شارع يورك واي التي كانت توفر اللحوم لكافة مطاعم البرغر الرائدة في لندن - والمشهد المعتاد للأشخاص الذين يتمنون أن يصبحوا سائقي سيارات أجرة في لندن وهم يجرون أبحاثهم "المعرفية" على الدراجات البخارية.
الفصل الذي يتناول "سائقي التكسي في لندن ورجل إسيكس" يقدم الكثير من التفاصيل بشكل خاص، بحيث يشير إلى معتقد مشترك بين سائقي التكسي مفاده أن "ركاب جنوب شرقي لندن يدفعون بقشيشاً أعلى من سكان وسط المدينة". وعلى رغم أن سائقي سيارات الأجرة كانوا في الغالب من اليهود (تقدر صحيفة "ذا جويش كرونيكل" أنهم كانوا يشكلون 5000 من أصل 13000 سائق في عام 1971)، كانت سياقة سيارات الأجرة أيضاً مجالاً لعمل مجموعة من اللاجئين القوقاز الهاربين من الثورة البلشفية. يعكس هذا الكشف غير المعتاد أحد الأشياء العديدة الرائعة في لندن: إنها مدينة متعددة الثقافات حقاً.
ومع ذلك، فإن الفصول التي كتبها ديفيس حول العنصرية صادمة. تبدو شرطة لندن في الكتاب سيئة جداً. كتب: "تذكر أحد المفتشين أنه شاهد كيفية "تجريم" السود عندما وصل إلى مركز شرطة في هارو رود عام 1968". لم يتم التثبت من أي شكوى من أصل 41 شكوى عن التمييز العنصري رفعت ضد شرطة العاصمة في عام 1969، وهو نفس العام الذي اعتقدت فيه متاجر وولورث في لندن أنه من المقبول إصدار لوائح تحدد أنه "لن يسمح تحت أي ظرف من الظروف... للفتيات المهاجرات بتقديم البسكويت غير المغلف".
بالإضافة إلى الأسلوب الأنيق في سرد القصص، يحتوي كتاب "شروق ووتلرو" أيضاً على عشرات الصور التي توثق الأجواء، إلى جانب رسوم بيانية وجداول تسلط الضوء على تاريخ لندن وكيف تغير في الفترة التي سبقت حكم تاتشر. هناك فجوات في الكتاب - كان بالإمكان تقديم المزيد عن الرياضة والمتنزهات والمدارس في العاصمة - ولكنه بشكل عام وصف أكاديمي ممتع لوقت كانت تمر لندن بحالة تحول (يدل وجود أكثر من 100 صفحة من الملاحظات والفهارس على القيام ببحث شامل) وكتاب من شأنه إثارة اهتمام سكان لندن وغيرهم على حد سواء.
صدر كتاب "شروق ووترلو: لندن من الستينيات إلى عهد تاتشر" للكاتب جون ديفيس عن مطبعة جامعة برينستون في 8 مارس، وتباع النسخة الواحدة بسعر 30 جنيهاً استرلينياً.
"الحنين للوطن" Homesickness لـ كولين باريت ★★★★ ☆
للمصادفة الغريبة أنني قرأت قصة "عائلة ألب"، إحدى القصص الثمانية التي تتضمنها مجموعة "الحنين إلى الوطن" الممتعة للكاتب كولن باريت، في اليوم الذي انتشرت فيه الأخبار عن السلوك المروع لمدافع فريق ويست هام، كورت زوما، المتمثل في ركله قطة. إساءة معاملة القطط هي أحد خطوط الحبكة في قصة "عائلة ألب"، التي تدور أحداثها في حانة إيرلندية ريفية. يلجأ المعتدي على القطط هذا إلى المكان، وسرعان ما يبدأ في التباهي ببراعته باستخدام نسخة مقلدة من سيف (كاتانا) الياباني.
أحد الجوانب الممتعة في هذه القصة بالذات - وفي الواقع حكايات باريت الممتازة الأخرى مثل "الطرق" التي تدور حول ثلاثة أشقاء يكافحون من أجل التأقلم بعد وفاة والدتهم - هو تركيبة الشخصيات غير السوية والمنبوذة التي يرسمها باريت من مقاطعة مايو. يكتب باريت أن الأخوة ألب: يوستاس، روري، وبيمبو "كانوا رجالاً قصيري القامة بمؤخرات ضخمة وسواعد قادرة على أمور وحشية". تلعب تلك السواعد والمؤخرات الكبيرة دوراً عندما يندلع العنف في الحانة. في ذلك المشهد، نرى مجموعة أخرى من الرجال المحليين البشعين، بمن فيهم "بيدر جينتي" الذي جلس لتناول الشرب، بينما يحصل على الأكسجين بواسطة أنبوب مثبت في أنفه وموصول بزجاجة في حقيبته التي يجرها بجانبه. كتب باريت بنبرة بذكية باردة: "كان وجهه منتفخاً وأصفر، وامتلأت زاوية عينيه بالإفرازات ... في هذه المرحلة كان عبارة عن كيس كبير من السوائل المحتبسة يحتوي على أعضاء معرضة للخطر".
النجاح الآخر، هو القصة الافتتاحية التي تحمل عنوان "إطلاق نار في راثريدين"، حول شرطية أجبرت على التعامل مع جريمة محلية بائسة بعد وقوع حادث إطلاق نار في مزرعة. تفاصيل وذكريات الحياة في بلدة صغيرة هي أيضاً موضوع قصة "الساحل الفضي" التي تتمحور حول حفل تأبين.
"الحنين إلى الوطن" عبارة عن مجموعة قصص ساخرة وبارعة لمؤلف يمتلك قدرة على رصد المراوغات في الطبيعة البشرية.
صدر كتاب "الحنين إلى الوطن" للمؤلف كولين باريت عن دار جوناثان كيب في 10 مارس، وتباع النسخة الواحدة بسعر 12.99 جنيه استرليني.
”كيف تصبح الكلمات جيدة: قصة تأليف كتاب“ لـ ريبيكا لي How Words Get Good: The Story of Making a Book ★★★ ☆☆
هناك العديد من الاستطرادات الممتعة في هذا الكتاب، بما في ذلك أحجية بسيطة حول العناوين الأصلية لبعض الكتب. هل تعلمون أن العنوان المنافس لرواية "الفك المفترس" للكاتب بيتر بينشلي كان اقتراحاً ساخراً لوالده هو "ما هذا الذي ينهش ساقي؟". بينما يمكن القول إن هذا العنوان هو تحسين مدهش لـ "الفك المفترس"، لست متأكداً من أن أي شخص يمكن أن يجادل بجدية في أن عنوان "كرسي بلانش في القمر" كان سيكون أفضل من العنوان النهائي الذي اختاره تينيسي ويليامز لروايته "عربة اسمها الرغبة" A Streetcar Named Desire.
ريبيكا لي التي تعمل مديرة تحرير في دار "بينغوين راندوم هاوس" للنشر، هي دليل يشد القارئ للعمل الذي يجري وراء الكواليس لنشر كتاب، لأسباب ليس أقلها اعترافاتها الصريحة بالأخطاء التي تعد جزءاً لا مفر منه من العملية. تعترف قائلة: "هل تلقيتُ في يوم ما بريداً إلكترونياً من أحد المؤلفين (يشير بأدب شديد في هذه الحالة) إلى أنني قد أخطأت في كتابة اسمه في صفحة العنوان في النسخة التي حصلت على الموافقة؟ أجل فعلت. هل كنتُ جزءاً من فريق تمكن من طباعة 20 ألف نسخة من كتاب "أهمية أن تكون صادقاً؟". إذا أردتم الصدق، نعم كنت".
تقدم لي دليلاً مطلعاً عن المجالات المهنية للنشر، من المؤلفين - بما في ذلك "مزارع التفريخ الأدبية" التي أصبحت الآن جزءاً من الصناعة - إلى الكتّاب الأشباح والوكلاء والمترجمين والمحررين ومحرري النسخ الذين يحاولون إخراج الكتاب في أفضل شكل ممكن. كما تقدم أفكارها حول الجوانب الإنشائية العملية التي ينطوي عليها نشر الكتب، بما في ذلك الهوامش، والفهارس، وكتّاب المقدمة، ومدققو الحقائق، ومصممو الأغلفة، ومصممو النصوص، ومصانع الطباعة.
تشرح لي تفاصيل التعديل وتقدم الكثير من الاستطرادات الغريبة، لا سيما في الفصول المتعلقة بالتهجئة و "النقاط في نصك: القواعد النحوية وعلامات الترقيم". كما أن جميع المتحذلقين بطبيعتهم سيقدرون نهجها الدقيق في تناول "الأمور الصغيرة"، مثل المسافات التي تترك بين علامات الحذف وتفضيل علامات الاقتباس هذه (" ") الذكية على العلامات المستقيمة ("") المعروفة باسم علامات الاقتباس الغبية.
صدر كتاب "كيف تصبح الكلمات جيدة: قصة صناعة كتاب" لـ ريبيكا لي بواسطة Profile دار بروفايل بوكس للنشر في 17 مارس وتباع النسخة الواحدة بسعر 14.99 جنيه استرليني.
"من نحن الآن؟ قصص عن إنجلترا الحديثة" Who Are We Now? Stories of Modern England لـ جيسون كاولي ★★★★ ☆
يطرح كتاب جيسون كاولي هذا سؤالاً مخادعاً ببساطته: "من نحن الآن، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بعد الوباء، حيث تحشد الغالبية المؤيدة للاستقلال في البرلمان الاسكتلندي قواتها بينما تواجه المملكة المتحدة خطر التفكك؟".
المؤلف المولود عام 1965 والذي عاش في إنجلترا طوال حياته، يتفحص عصر التفكك الذي نعيشه الآن باستخدام سلسلة من القصص الإخبارية التي ما زال صداها يتردد - بما في ذلك قصة جامعي القواقع الصينيين الذين ماتوا على رمال خليج موركامب في عام 2004، وقصة متقاعد نظم حملة ضد إغلاق عيادات الأسرة، وإعادة رفاة الجنود إلى بلدة ووتون باسيت في بريطانيا، المواجهة المشحونة التي وقعت بين جيليان دافي وغوردن براون خلال الانتخابات العامة عام 2010 ووصفها خلالها بـ "المرأة المتعصبة"، وشجاعة الإمام محمد محمود في الدفاع عن الإرهابي اليميني المتطرف دارين أوزبورن خلال الهجوم على مصلين في مسجد فينزبري بارك.
يجيد كاولي، وهو مراقب رحيم، فحص الأسباب الجذرية لبعض هذه الأحداث. في حالة جامعي القواقع الصينيين، على سبيل المثال، يتأمل في الضرر الذي ألحقته النخب الحاكمة (من كلا الحزبين السياسيين الرئيسيين) بالتنصل من معالجة استغلال الأشخاص من قبل المتاجرين بالبشر.
ربما كان الفصل الأكثر إثارة للمشاعر هو ذلك الذي يتأمل بلدة هارلو في ضوء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفي حدث وقع فيها "أعاد تنظيم السياسة البريطانية". إنه ينظر إلى هذا الحدث السياسي المزلزل من خلال وفاة المهاجر البولندي أركاديوس جوزفيك، بعد تعرضه للكم من قبل شاب محلي في هذه المدينة "المتهالكة والمهملة" حالياً. يكتب كاولي: "إن قصة مسقط رأسي هي أيضاً قصة إنجلترا المصغرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية - عن الأمور التي أصابت فيها الثورة الإنجليزية وتلك التي أخطأتها".
بشكل عام، الكتاب متمكن في إنشاء سياق مثير للاهتمام، ومليء بالتحليل المدروس، إضافة إلى الجوانب البارزة. كمان أن الملخصات التي يقدمها عن الشخصيات المتناولة شائكة أيضاً. عندما يتحدث عن ديفيد كاميرون، على سبيل المثال، يلاحظ كاولي: "كم كان هذا الشخص الجذاب، المخاطر، الواثق من نفسه والمتسم بعدم المبالاة بعيداً جداً من واقع الحياة اليومية لمعظم الناس". وبعد وصف بوريس جونسون بأنه "منتهز للفرص" في الفصل الافتتاحي، امتدح كاولي لاحقاً خطاب رئيس الوزراء الذي أشاد فيه بهيئة خدمات الصحة الوطنية على إنقاذها حياته عندما أصيب بفيروس كورونا. كتب كاولي: "لم أسمعه أبداً بهذه الطريقة مثل ذلك اليوم - بهذا الصدق من القلب، بهذه القوة والحقيقة العاطفية". تبدو هذه تحية تقدير سخية لكاذب قهري، ومن الواضح أن المقطع كُتب قبل انتشار المزاعم بأن جونسون كان يشرب البيرة في حفلات داونينغ ستريت، بينما كان موظفو الهيئة الصحية منهمكين في إنقاذ الأرواح.
بالنسبة لأولئك منا الذين يخشون أن تظل إنجلترا مربوطة بماضيها، يقدم كاولي تأكيداً على أن "الإحساس المستمر بأن الإنجليز يفتقدون لشيء ما - أو أضاعوا شيئاً ما أو سُلب منهم - هو إحساس موجود منذ قرون مثل تيار تحت الأرض". يعكس فابيو كابيلو، المدرب الإيطالي الذي أدار فريق كرة القدم الإنجليزي من عام 2007 إلى 2012، هذا الرأي، عندما وصف ذات مرة الفوز بكأس العالم عام 1966 بأنه "الشبح العائد" للمنتخب الوطني. وعلى رغم وجود الكثير من التأملات المتشائمة في كتاب كاولي، إلا أنه يرى أسباباً تدعو إلى التفاؤل، ليس أقلها في مثال المدير الحالي لمنتخب إنجلترا لكرة القدم غاريث ساوثغيت. يكتب: "تحت قيادة ساوثغيت، أصبح فريق إنجلترا رمزاً للوحدة الوطنية".
سيصدر كتاب "من نحن الآن؟ قصص عن إنجلترا الحديثة" لـ جيسون كاولي عن دار بيكادور في 31 مارس، وتباع النسخة الواحدة بسعر 20 جنيه استرليني.
© The Independent