Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البنوك الروسية تحت حصار "الأخطار الخمسة"

أزمة سيولة وتراجع الجدارة الائتمانية وانخفاض الأرباح وتآكل رؤوس الأموال وتضرر الأجانب

مواطنون روس أمام فرع لأحد المصارف في موسكو (أ.ب)

فيما تعتزم مجموعة السبع، فرض المزيد من العقوبات على روسيا، مع فرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات جديدة على أعضاء بمجلس الدوما ومسؤولين كبار بالحكومة، بينهم مقربون من الرئيس فلاديمير بوتين، تبقى العقوبات التي طاولت القطاع المصرفي أكبر أزمة يواجهها الاقتصاد الروسي حتى الآن.

العقوبات الغربية بدأت تلقي بظلالها السلبية على القطاع المصرفي الروسي، فمن المرجح أن تضغط بشدة على معظم البنوك الروسية، بخاصة مع كثافة العقوبات الغربية المفروضة على الاقتصاد الروسي، والتي سيترتب عليها نقص محتمل في السيولة لدى الجهاز المصرفي، فضلاً عن ضعف هوامش أرباح البنوك الروسية في هذا العام، وتآكل رؤوس أموالها مع انكماش الاقتصاد الروسي وتدهور سعر صرف الروبل الروسي.

ويتصرف البنك المركزي الروسي حيال تلك التحديات الناشئة من خلال ضخ سيولة جديدة في البنوك، وضبط حركة النقد الأجنبي، في حين ليس مستبعداً أن يقدم المركزي على دمج بعض البنوك وإعادة هيكلة القطاع ككل من أجل تعزيز استقراره المالي وتجاوز العقوبات.

تعليق عضوية بنك التسويات الدولية

في الوقت نفسه، فإن النظام المصرفي الروسي يعمل في ظل بيئة تشغيلية ضاغطة بسبب العقوبات الغربية ضد الاقتصاد الروسي، التي سيترتب عليها حدوث انكماش اقتصادي واسع وتداع مستمر لسعر صرف الروبل خلال الفترة المقبلة.

في ما يتعلق بالخسائر، فقد تسببت العقوبات في حظر الوصول للأسواق الخارجية. إذ فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على قطاع المصارف في روسيا، شملت تجميد أصول البنوك الروسية الخارجية، بما في ذلك أصول البنك المركزي، كما جرى قطع الطريق أمام إمكانية حصول البنوك الروسية على الدولار واليورو، سواء بشكل نقدي أو غير نقدي. وامتدت العقوبات لتشمل منع أكبر بنكين في روسيا، هما "سبيربنك" و"في تي بي بنك"، من التعامل بالدولار الأميركي.

بالإضافة إلى العزل من نظام "سويفت"، إذ عزلت الدول الغربية 7 بنوك روسية عن نظام المدفوعات الدولية، وحظر البنوك الروسية من تداول السندات الأميركية والأوروبية، جرى تعليق عضوية البنك المركزي الروسي في بنك التسويات الدولية. ومن ضمن البنوك الروسية المعزولة "في تي بي بنك"، الذي يعد ثاني أكبر البنوك الروسية من حيث الأصول، بحجم قدره 19.3 تريليون روبل (191 مليار دولار) في ديسمبر (كانون الأول) 2021.

واتفقت الدول الغربية على استبعاد بنكي "سبيربنك" و"غازبروم بنك" من عقوبات نظام "سويفت"، ويشكلان معاً نحو 40 في المئة من أصول القطاع المصرفي الروسي بأكمله، ما سيبقي نسبياً على حيوية الجهاز المصرفي على رغم ضغوط الأزمة. وتمثل البنوك التي تتعرض للعقوبات الغربية بشكل مباشر، باستثناء "في تي بي بنك"، نحو ربع القيمة الإجمالية لأصول النظام المصرف الروسي.

وجمدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي احتياطيات مملوكة للبنك المركزي الروسي في بنوكها وأسواقها بقيمة تزيد على 250 مليار دولار، وهي مبالغ تقترب من ثلث الاحتياطيات النقدية الروسية الكلية البالغة حوالى 643.2 مليار دولار بنهاية 11 مارس (آذار) الجاري. ما يعني أن الحيز المالي المتاح أمام روسيا غير كافٍ لمساندة اقتصادها ونظامها المصرفي في الأجل المتوسط، حتى مع إضافة احتياطيات صندوق الثروة السيادي الروسي الذي بلغت أصوله نحو 174.9 مليار دولار في بداية فبراير (شباط) الماضي.

وتواجه الأنشطة المصرفية مخاطر تشغيلية غير مسبوقة مع التدهور المحتمل للنشاط الاقتصادي في روسيا بسبب العقوبات الغربية، التي ستؤثر حتماً في جودة أصول البنوك وملاءتها المالية والسيولة المتوافرة لديها. ومن المحتمل أن ينكمش الاقتصاد الروسي بنسبة 8 في المئة وفق التقديرات الروسية الأولية، بينما تزيد هذه النسبة إلى 15 في المئة وفق لتقديرات معهد التمويل الدولي، وسط ارتفاع متوقع للتضخم إلى 20 في المئة هذا العام، وتعرض الروبل لتدهور مستمر في قيمته أمام العملات الصعبة بسبب العقوبات الغربية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نقص السيولة وتآكل رؤوس أموال البنوك

أما التداعيات المتعلقة بالعقوبات الغربية، فتتمثل في نقص السيولة، مع استمرار سحب المودعين من الأفراد والشركات أموالهم من البنوك منذ الأيام الأولى للحرب. وبحلول 2 مارس (آذار)، بلغ نقص السيولة لدى البنوك الروسية نحو 6.9 تريليون روبل (0.068 تريليون دولار) ارتفاعاً من 5.4 تريليون روبل (0.053 تريليون دولار) في اليوم السابق عليه، ما يعني أن البنوك الروسية قد تواجه صعوبات في الوفاء بجميع التزاماتها في الوقت المناسب، ما دام سحب المدخرات مستمراً بوتيرة سريعة من قبل المودعين الروس.

وبخلاف أزمة السيولة، يواجه القطاع المصرفي الروسي مخاطر تراجع الجدارة الائتمانية، وبسبب العقوبات، أجرت وكالات التصنيف الائتماني مثل "فيتش" و"ستاندرد أند بورز" تخفيضاً لتصنيف البنوك الروسية، وصل، عقب خفض الجدارة الائتمانية لروسيا، إلى حد التخلف عن سداد الديون.

ويتمثل الخطر الثالث في انخفاض هامش الأرباح، فقد كان من المتوقع أن ينخفض صافي أرباح البنوك الروسية هذا العام إلى 2.19 تريليون روبل (0.021 تريليون دولار)، مقابل أرباح صافية قياسية قدرها 2.4 تريليون روبل (0.023 تريليون دولار) في عام 2021، قبل اندلاع الأزمة الأوكرانية. ومن المرجح أن تضغط الأزمة الحالية على هامش أرباح البنوك الروسية، في ظل توقعات بتباطؤ الأنشطة الائتمانية والمصرفية، وضعف عمليات الإقراض، بعد ارتفاع أسعار الفائدة إلى 20 في المئة.

ويتعلق الخطر الرابع بتآكل محتمل لرؤوس الأموال، ومن الملاحظ أنه مع ارتفاع تكاليف الامتثال للعقوبات الغربية، وضعف هوامش أرباح البنوك، وسط تدهور سعر صرف الروبل، ستنخفض جودة الأصول المصرفية، وسيؤدي ذلك بالتبعية لتآكل رؤوس أموال معظم البنوك الروسية.

أما الخطر الخامس فيتمثل في تضرر البنوك الأوروبية الموجودة في روسيا، بخاصة التي تنكشف بشكل واسع على السوق الروسية، ما قد يسهم في حدوث مخاطر مصرفية ومالية بالقارة ككل، فلدى البنوك الأوروبية ما مجموعه 84 مليار دولار من المطالبات على الكيانات الروسية حتى أواخر فبراير الماضي، وفقاً لبنك التسويات الدولية.