Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

حاربوا من أجل المرضى الأوكرانيين ويناضلون اليوم في سبيل أوكرانيا

أصبح الأشخاص الذين قاتلوا من أجل تحصيل الديمقراطية في أوكرانيا محاربين في إطار جهود حماية أبناء وطنهم المختبئين في المنازل والملاجئ في زمن الحرب

كانت استجابة المجموعة للحرب نموذج مثال على إدارة الأزمات في أصعب الظروف (منظمة 100 في المئة لايفز")

قبل أسابيع عدة من اجتياح روسيا لأوكرانيا، بدأ ديما شيريمباي بعقد سلسلة من الاجتماعات ووضع الخطط تحسباً لوصول الحرب إلى بلاده. يدير شيريمباي، من مكتبه في كييف، منظمة خيرية كبيرة توفر خدمات صحية أساسية لعشرات آلاف الأوكرانيين المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية في كل البلاد.

عقدت المجموعة جلسات تدريب حول طريقة التصرف في حال هجوم رجال مسلحين على المدن الأوكرانية، أو نزوح المرضى أو الموظفين قسراً أو احتلال الغزاة المعتدين أحياءهم. خططوا كيفية توصيل الأدوية إلى أكثر الأشخاص ضعفاً ومعاناة من الخطر، في حال وقع الأسوأ.

ويوم 24 فبراير (شباط)، وقع الأسوأ بالفعل. هاجمت روسيا البلاد، ووفرت أسابيع التدريب التي قامت بها منظمة شريمباي، "100 في المئة حياة"، أو الشبكة الأوكرانية للأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية، القدرة على التدخل المبكر.

تمثل استجابة الفريق للحرب مثالاً نموذجياً على إدارة الأزمات في ظل أحلك الظروف. وهي برهان على أهمية دور الفرق المتنوعة في المجتمع المدني الأوكراني، التي ازدهرت منذ انتفاضة الميدان في 2013-2014 ضد قيادة موالية للكرملين.

أصبح الأشخاص الذين قاتلوا من أجل تحصيل الديمقراطية في أوكرانيا محاربين في إطار جهود حماية أبناء وطنهم المختبئين في المنازل والملاجئ في وقت الحرب، ويستحق عملهم التوقف عنده والثناء عليه ودعمه.

اقرأ المزيد

كتب أوليكساندر سوشكو، رئيس مؤسسة النهضة الدولية، وهي مجموعة لحقوق الإنسان والديمقراطية في أوكرانيا، في مقال له، "تغيرت مواعيدنا اليومية لتحل محلها رحلات طارئة إلى المستشفى، لنقل الأدوية والمستلزمات الضرورية لدعم الجرحى". 

وتابع يقول "يساعد البعض عبر توصيل المواد إلى القوات الأوكرانية المسلحة، ويساعدون الجيران في بناء تحصينات تحمي مدننا. ويعمل آخرون مع جمعيات المؤسسات التجارية المحلية للمساعدة في بناء سلاسل الإمداد. فيما يعمل جيش من المتطوعين على مد يد العون للمسنين والمعوقين والنساء والأطفال، لمواجهة التحديات العديدة للتنقل، من تمويل الوقود الضروري لنقلهم، إلى توفير الطعام الذي يحتاجونه للبقاء على قيد الحياة". 

يُعد عمل شيرينباي حساساً وحيوياً للغاية. فالمصابون بفيروس نقص المناعة البشرية يحتاجون إلى علاجات منتظمة وأحياناً معقدة في عيادات، تحت إشراف أطباء وممرضين. ويمكن أن يؤدي عدم تناول جرعة واحدة فقط من الدواء إلى خلق سلالات من الفيروس مقاومة للدواء، تؤدي بدورها إلى مرض شديد أو وفاة. أكثر من 240 ألف أوكراني يعتمدون على خدمات منظمة "100 في المئة Life" لحماية أنفسهم من المرض أو الوفاة.  

مع انطلاق القصف الجوي والغزو البري، كانت شبكة موظفي "100% Life" البالغ عددهم 3 آلاف شخص يتوزعون على 25 مكتباً في كافة أرجاء البلاد لديهم أوامر بشأن ما عليهم أن يفعلوا في حال عرقل العنف عملهم الأساسي. وقد حفظت بيانات المرضى على خوادم سحابية يمكن الاطلاع عليها من أي مكان في أوكرانيا أو الخارج. 

كانوا قد خزنوا العقاقير الرئيسة المضادة لفيروسات النسخ العكسي ووزعوها على أماكن آمنة فعلياً في حال قطع طرق الإمداد. وعندما بدأ الصراع، أعادوا نقل الأساسيات والمستلزمات الحيوية إلى الحدود الغربية للبلاد، وشجعوا أضعف المرضى حالاً على الانتقال بعيداً عن الخطوط الأمامية في شرق وجنوب أوكرانيا.  ويقول شيريمباي أثناء مقابلة أجراها عبر تطبيق "زو"م، "كان المبدأ تقليص الضرر الذي قد تتسبب به أي استجابة عاطفية. مهما قلقوا أو خافوا بشأن الوضع، لا تزال لديهم تعليمات".

 

أنشأت المجموعة، التي بارك عملها السير إلتون جون في أحد الأيام، وهي تتلقى الدعم من الاتحاد الأوروبي، والوكالة الأميركية للتنمية (USAid)، ومنظمة الصحة العالمية، والصندوق العالمي التابع لبيل غيتس، والتبرعات الخاصة، شبكات تسميها "سلاسل الحياة"، وهي شبكات اتصالات وتوزيع تسمح للمرضى بالاستمرار بتلقي العلاج على اختلاف الظروف المحيطة بهم. 

ما عناه هذا العمل أحياناً هو توضيب الأجهزة والأدوية داخل السيارات والتوجه بها إلى منازل المرضى الذين سيضطرون لولا ذلك السير لساعات من أجل الوصول إلى عيادة. وما عناه أحياناً أخرى هو إيصال المرضى إلى العيادات المؤقتة. وأحياناً أخرى، مساعدة الناس على الانتقال كلياً من مناطق خطيرة، إلى مناطق أكثر أمناً في البلاد.

في كييف، يعمل الفريق الذي تأسس في عام 2001 عبر 10 سيارات معتمدة تتيح لموظفيه من أخصائيين اجتماعيين وعاملين في القطاع الصحي أن يتحركوا بحرية حول المدينة، على الرغم من القانون العرفي المفروض في البلاد الذي يعيق حركة الناس بشدة. ويخدم الفريق 12 ألف شخص في العاصمة.

ويقول شيريمباي، "إن كييف مدينة كبيرة مغلقة أمام حركة السيارات والنقل العام، كل شيء متوقف. ولكننا نستمر بتوفير الخدمات، مهما كانت الصعوبات".

التقيت شيريمباي، وهو والد لطفلين، ممتلئ الجسم ومربوع القامة ونشيط، في منتصف الأربعينيات من العمر، في كييف في أيام أكثر هدوءاً، لكتابة مقال عن الإصلاح في مجال الرعاية الصحية في أوروبا الشرقية. وقد حول طاقته الهائلة هذه الأيام نحو مساعدة أبناء وطنه في زمن الحرب، وأحياناً يقضي أياماً طويلة بلا نوم.   

يتكلم عن مريضة مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، كانت لتضطر السير ساعات عدة من أجل الوصول إلى العيادة. نقلوها إلى مكان أقرب إلى عيادة أخرى ووضعوا نظاماً لتوصيل بعض الأدوية إلى بيتها.

وتشمل بعض الخدمات الحيوية الأخرى التي تقدمها المنظمة استلام وتغليف وتوصيل الوجبات للمرضى الذين يمنعهم ضعفهم أو خوفهم من الخروج وحدهم، كما زيارة المرضى في المستشفيات للاطمئنان عليهم. رفعت المنظمة الصوت عالمياً، مطالبة بالدعم، وبالتبرعات النقدية ومعدات نقل الدم والأدوات الطبية والبطانيات والفرش، والمولدات الكهربائية ،والخيم والوقود.

منذ بداية الحرب، ساعد الفريق فئات أخرى بحاجة للمساعدة، ومنها كثير من الأشخاص خارج شبكته، فوفر الطعام والمأوى، وأي شيء يقدر عليه فعلياً، لأي أوكراني محتاج. قصده مئات الأوكرانيين طلباً للمساعدة أو الخدمات وساعدهم في تبديد الوصمة الدائمة حول المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية.

ويقول شيريمباي، "محت الحرب الحدود بين من نساعدهم في العادة ومن يحتاجون للمساعدة فوراً. تحول جميع العاملين لدينا إلى عمال إغاثة، بغض النظر إن كانوا سائقين أو طباخين أو موظفين في العيادات. يمكنهم جميعاً تأمين سرير ينام عليه الناس ليلاً. وقد أصبحوا جميعاً "جنود الخير في العالم".

يقول شيريمباي إن منظمته التي أسسها بعد تشخيص إصابته شخصياً بفيروس نقص المناعة البشرية منذ عقدين من الزمن، وضعت خططاً بديلة في حال دخل الروس المعتدين المدينة وأسسوا حكومة عميلة لهم، وهم ما يبدو أنه كان أحد أهداف الرئيس فلاديمير بوتين.

ويقول "إن مرضانا ليسوا جنوداً. وما يعنيه ذلك هو أن الأمر لا يتعلق بالقتال بالنسبة إليهم، بل ببذل أقصى جهد ممكن لحماية أرواحهم والخروج من المنطقة المحتلة من دون استفزاز المحتلين أو إغضابهم، ومن دون الدخول في مشادات كلامية معهم".

ولكنه يقسم مع ذلك، أنه سيبذل كل ما في وسعه لكي يضمن عدم مجيء ذلك اليوم.

ويقول "شخصياً، سأقاتل. سوف أدافع عن أوكرانيا كي لا يدخل العدو كييف، ولكي تنتصر أوكرانيا".

© The Independent

المزيد من دوليات