لن نختلف على أن أكاديمية فنون وعلوم السينما تميل إلى ارتكاب الأخطاء، ومع ذلك فإن نظرة سريعة إلى الفائزين في سباق التمثيل خلال العقدين الماضيين تبين أن قراراتها لا تتسبب دائماً بإثارة الغضب.
في الحقيقة كافأت جوائز الـ "أوسكار" الأداءات الرائعة لنجوم سينمائيين أصيلين راحلين، واحتفت بزخم التمثيل القوي [واللافت]. وعلى الرغم من أن الأمر يبدو وكأن الجوائز تمنح لأعمال السيرة الذاتية أو الأداءات الحزينة أو جهد الممثل في تغيير شكله من أجل الدور، لكن الأمور ليست على هذا المنوال دائماً.
بينما تستعد الأكاديمية لمنح مجموعة جيدة جداً من الممثلين بشكل عام تكريماتها يوم الإثنين، الذين سيكون براد بيت ولورا ديرن من بينهم على الأرجح، قمنا بتصنيف أفضل 20 أداء تمثيل حاز على جائزة الـ "أوسكار" منذ العام 2000، لكنها لا تتضمن رامي مالك أو إيدي ريدماين.
20. كاثرين زيتا جونز (جائزة أفضل ممثلة في دور مساعد في فيلم شيكاغو عام 2003)
ربما لأن فيلم "شيكاغو" Chicago فاز بجائزة أفضل فيلم في دورة عام 2003 من سباق الـ "أوسكار"، فقد اكتسب سمعة سيئة نسبياً خلال السنوات الـ 17 التي تلت إصداره، وبات رمزاً للحظة التي فقدت فيها الأكاديمية عقلها بالكامل، لكن ليس كل ما تردد منصفاً. كان الفيلم على المقدار نفسه من الألق والإتقان المسرحي الموسيقي الذي ألهمه، كما أنه أضر بكاثرين زيتا جونز الحائزة على جائزة الـ "أوسكار". تتميز شخصية فيلما كيلي التي تؤديها بأنها درامية ومبالغ فيها وفاحشة، إذ تضع زيتا جونز كل إمكاناتها في واحدة من أكثر الشخصيات تألقاً في المسرح الغنائي الحديث. كان الدور يناسبها تماماً، واستحقت المكافأة.
19. جينيفر لورانس (جائزة أفضل ممثلة عن فيلم المعالجة بالسعادة عام 2013)
من النادر أن تكافئ جوائز الـ "أوسكار" قوة النجوم المطلقة، تلك الجاذبية التي لا يمكن تحديدها وجعلت أمثال كيانو ريفز وكاميرون دياز وجينيفر لوبيز يمتلكون مثل هذا الحضور المبهر على الشاشة. إنهم ليسوا رائعين على الدوام، وبالتأكيد ليس أداؤهم مذهلاً في كل أنواع الأدوار، لكنهم من طينة الوقوف أمام الكاميرا. فوز لورانس عن فيلم "المعالجة بالسعادة" Silver Linings Playbook هو جائزة "أوسكار" استنثائية. إنه أداء صاخب وجامح، لكنها مثيرة وتجسد المشاعر المتصاعدة وتخطف الفيلم من براثن أسماء أكبر منها بكثير (على الأقل في ذلك الوقت).
18. ريجينا كينغ (جائزة أفضل ممثلة في دور مساعد عن فيلم لو استطاع شارع بيل التحدث عام 2019)
هناك قوة مذهلة للحظات التي تكون فيها كينغ صامتة في فيلم "لو استطاع شارع بيل التحدث" If Beale Street Could Talk، الأمر الذي اعترف به المخرج باري جينكينز. عندما يأخذ لها لقطات من كثب، بعد فترة وجيزة من قيامها بصباغة وجهها وتعديل باروكتها والاستعداد لمواجهة العالم، تنقل كينغ الألم والمسؤولية والقتال من خلال تغييرات بسيطة في تعابير وجهها. إنه أداء استثنائي في فيلم مليء بنجوم يجسدون أدواراً صغيرة، وفريق من الممثلين الذين يقدمون أفضل إمكاناتهم، وما يزيد من قوة الأداء حقيقة أن كينغ منحت أخيراً الدور الذي كانت تستحقه لفترة طويلة.
17. جيف بريدجز (جائزة أفضل ممثل عن فيلم قلب مجنون عام 2010)
قد يميل بعضهم هنا للقول إن كل ما فعله جيف بريدجز في فيلم "قلب مجنون" Crazy Heart هو أن يكون على سجيته، محافظاً على رجولته الخشنة ورباطة جأشه الباردة. هذا التحليل لا يخلو من الصحة أيضاً، لكن بغض النظر عن ذلك، إن مشاهدة أدائه رائعة جداً لدرجة أن هذا التفصيل يفقد أهميته. كانت هذه الجائزة تكريماً عن مسيرة مهنية كاملة، وواحدة من المرات القليلة التي لا يمكن فيها لأي كان أن يعترض على التكريم بشكل يعتد به.
16. أنجلينا جولي (جائزة أفضل ممثلة مساعدة عن فيلم "فتاة قوطعت [مبتسرة]" عام 2000)
من نواحٍ عدة، كان عمل جولي في فيلم "فتاة قوطعت" Girl, Interrupted هو اللمسة الأخيرة الطبيعية لصورتها كنجمة بعيداً من الشاشة في ذلك الوقت. على الفور يمكن التقاط أوجه التشابه بين تلك الشخصية الخيالية المعتلة اجتماعياً التي تلعبها في الفيلم، والفتاة السيئة التي تتعاطى المخدرات وترتدي في عنقها قارورة تحتوي دم شريكها [عربون وفاء وثقة وحب] التي كانت توصف بها جولي دائماً. على كل حال، لا يزال أداء رائعاً مفعماً بالقسوة وكراهية الذات والغضب.
15. كريستوفر بلامر (جائزة أفضل ممثل في دور مساعد عن فيلم المبتدئون عام 2011)
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فيلم "المبتدئون" Beginners عبارة عن فيلم يتكون من جزئين، أحدهما هو اكتشافات حلوة ومرة في مرحلة متأخرة من العمر، والآخر قصة حب مملة بشكل مخيف بين شخصين مملين للغاية. يقدم بلامر أداء رائعاً في النصف الأول. يتنقل في أدائه المذهل بين الفضول والشقاوة في دور رجل مسن يستكشف مثليته الجنسية للمرة الأولى.
14. لوبيتا نيونغو (جائزة أفضل ممثلة في دور مساعد عن فيلم 12 عاماً من العبودية عام 2014)
نشاهد في فيلم "12 عاماً من العبودية" 12 Years of Slavery نيونغو تقدم أداء يبشر بولادة نجمة حقيقية. إنها تمثل في عملها الألم واليأس لملايين النساء المجهولات المهمشات اللواتي كن ضحية تجارة الرقيق، وكانت القلب المحطم للفيلم ومأساته الأكثر فظاعة.
13. فيولا ديفيس (جائزة أفضل ممثلة في دور مساعد عن فيلم أسوار عام 2017)
لو أسند الدور الذي لعبته ديفيس في فيلم "أسوار" Fences لممثلة أقل موهبة، فمن المحتمل أن يكون مخيباً للآمال. شخصية الزوجة الصبورة المتزوجة من رجل ديكتاتوري التي تحاول بلا كلل تسوية [التعامل مع] تقلباته، وبدلاً من ذلك كان أداؤها عظيماً. كانت ديفيس تعرف هذا الدور حق المعرفة بعدما فازت بجائزة توني للمسرح الغنائي عن الشخصية نفسها قبل سنوات، لكنها كانت أكثر إثارة عن قرب، من خلال عدسة الكاميرا، صامتة ولكنها مدمرة عندما يتطلب الأمر، وتتفجر كبركان من العواطف في لحظات لا يمكن توقعها.
12. تشارليز ثيرون (جائزة أفضل ممثلة في فيلم وحش عام 2004)
من المحبط أن أداء ثيرون في فيلم "وحش" Monster أصبح في السنوات التي تلت فوزها نموذجاً للأدوار التي تكسب الممثل جائزة الـ "أوسكار". صحيح أنها شرعت في تحول جسدي مذهل، وصحيح أنها كانت ممثلة شقراء وجميلة "تقبح نفسها" لتحفز التقويمات الإيجابية، لكن اختزال عملها في الأدوات البصرية فقط يقوض العمق والعزيمة والمأساة العاطفية التي تضفيها على تجسيدها شخصية القاتلة المتسلسلة الواقعية أيلين وورنوس. فيلم "وحش" هو قصة حب معقدة للغاية في جوهره، وثيرون تتألق فيها.
11. خافيير بارديم (جائزة أفضل ممثل في دور مساعد عن فيلم لا بلد للعجائز عام 2008)
في هذه التحفة التي أخرجها وأنتجها وألفها الأخوان كوين، غالباً ما يحول بارديم وجهه إلى شيء مشوه يكاد يكون عجيباً، مثل القناع الذي كان يرتديه القاتل المتسلسل مايكل مايرز، أو رسم أولي غير مشذب لإنسان. أداؤه في "لا بلد للعجائز" No Country for Old Men [بلد لا يليق بالمسنين] مربك. شخصيته هي قاتل مأجور في جزء منها، ومصاص دماء إن جاز التعبير، تعاني فراغاً أخلاقياً مخيفاً، وتحوّل كل تفاعل إلى معركة غير مريحة من الحذق الذي يضمن لها وحدها البقاء على قيد الحياة. إن مشاهدة ممثل ارتبط وجهه بشدة بالحيوية والتعبير، يلعب دور شخص بارد جداً، لا يمكن وصفها إلا بالعظيمة.
10. ماهرشالا علي (جائزة أفضل ممثل في دور مساعد عن فيلم ضوء القمر عام 2017)
لم تكن معايير تقويم أداء الممثلين في "الأدوار المساعدة" ثابتة على مر السنين، لا سيما مع زيادة عدد الممثلين الذين تسند إليهم أي أدوار توفر لهم أفضل فرصة للفوز. مع ذلك، يعد ماهرشالا علي في فيلم "ضوء القمر" Moonlight التعريف المثالي لأفضل ممثل مساعد. إنه يظهر فقط في الفصل الأول من الفيلم، لكنه يقدم أداء مثيراً للتعاطف ورائعاً ودافئاً بشدة نشعر بأثره في الفيلم بأكمله. إنه الشبح الذي يحوم فوق "ضوء القمر" ويخطف الأنفاس نتيجة لذلك.
9. كريستوف والتز (جائزة أفضل ممثل في دور مساعد عن فيلم أوغاد مجهولون عام 2010)
أصبح أداء والتز المخادع لتلك الشخصية المتفاخرة المضطربة اجتماعياً مرهقاً بعض الشيء خلال العقد الذي تلى فوزه بجائزة الـ "أوسكار" الأولى في رصيده. على كل حال، سيكون من الحماقة السماح لذلك بالاستخفاف بالقوة المرعبة لدوره في فيلم "أوغاد مجهولون" Inglourious Basterds. في هذا العمل، إنه الشر الخالص بعينه، مثير، شبيه بالقطط المشاكسة وخبيث، يتوافق مع روح الفيلم المرحة بقدر ما هي غاضبة.
8. ماريون كوتيار (جائزة أفضل ممثلة في فيلم الحياة الوردية عام 2008)
عندما يتمكن ممثل من تقديم أداء مؤثر يحرك مشاعر الشفقة [التعاطف] لدى الجمهور في فيلم غير موفق جداً، يكون الأمر أكثر إثارة للإعجاب نوعاً ما. من الأمثلة على ذلك الدور الذي حول ماريون كوتيار إلى نجمة في شخصية إيديث بياف في فيلم "الحياة الوردية" La Vie en Rose. كوتيار المقيدة بمقاطع مصورة وقصة تحمل القليل من المفاجآت مأخوذة من السيرة الذاتية للمغنية، كانت مذهلة بخلاف ذلك، إنها متمكنة من الإيقاعات الغريبة والتقلبات والقوة النجمية العالية وغير التقليدية التي جعلت بياف البطلة التي كانت عليها.
7. جي كي سيمونز (جائزة أفضل ممثل في دور مساعد عن فيلم ويبلاش عام 2015)
في دور مدرس موسيقى مستبد ومسؤول عن التعذيب البطئ لطفلة صغيرة ذات موهبة خارقة، تقشعر الأبدان لأداء سيمونز، لكن عمله في "ويبلاش" Whiplash رائع بشكل خاص لأنه يتفهم الغموض في قلب شخصيته. إنه عنيف ويلوح بالتهديد، إضافة إلى كونه ملهماً وعطوفاً. إنه مزيج من عناصر غير مريحة مصممة لإبقاء الجمهور متيقظاً، وسيمونز يجسد كل ذلك بأداء مذهل متمكن.
6. دينزل واشنطن (جائزة أفضل ممثل عن فيلم يوم التدريب عام 2002)
لم يسبق لأي ممثل أن أظهر هذا القدر نفسه من الاستمتاع في دور الرجل المخيف. لا يزال أداء دينزل واشنطن الشرس لشخصية ضابط مكافحة مخدرات في شرطة لوس أنجيلس في فيلم "يوم التدريب" Training Day رائعاً، إذ لم يكن مجرد تحول في الأداء التمثيلي، لكنه مثال على الفعالية الشديدة للتفوق في التمثيل. كل جوانب الشخصية حادة وغير مشذبة، لكن واشنطن يبتكر أداء يشبه مصيدة الفئران، مدفوعاً بهذا الكم من الغضب المعقد والترهيب الذي لا يرحم، إنه لا يترك أي شخص يقف في طريقه سالماً.
5. ناتالي بورتمان (جائزة أفضل ممثلة عن فيلم البجعة السوداء عام 2011)
لو قدمت بورتمان هذا الأداء الهستيري والمعذب لشخصية راقصة باليه منفلتة العقال تتبدى في فيلم آخر غير "البجعة السوداء" Black Swan لكان أداء مبالغاً فيه. بكل الأحوال، بورتمان هي انعكاس دقيق لصورة البجعة السوداء، ويعود فوزها بشكل جزئي إلى المعايير التقليدية التي تتبعها الأكاديمية في منح جوائزها، فقدانها كثيراً من الوزن من أجل الدور والتدريب على الرقص وما إلى ذلك، لكن التحول الذي شهده أداؤها كان مؤثراً على القدر نفسه. في هذا الفيلم نرى ممثلة غالباً ما تسند إليها أدوار المرأة الضعيفة ذات الصوت الطفولي، تتحول إلى شخصية وحشية للغاية.
4. أوليفيا كولمان (جائزة أفضل ممثلة عن فيلم المفضلة عام 2019)
في فيلم تهيمن عليه أداءات تمثيلية مذهلة، تمكنت أوليفيا كولمان من سرقة الأضواء من خلال أدائها شخصية الملكة آن في فيلم "المفضلة" The Favorite، وكشفت عن الجوانب العديدة لمهاراتها التي كانت كلها مألوفة بالنسبة إلى جماهير المملكة المتحدة، ووظفتها جميعها في واحدة من أغنى الشخصيات في ذاكرة السينما الحديثة. إنها تتنقل بين كونها مضحكة مروراً بكونها مفجعة [مؤلمة] إلى مجنونة تماماً. كان فوز كولمان بجائزة الـ "أوسكار" مفاجأة كبيرة وأكمل روعة موسم شهد تكريم غلين كلوز أيضاً.
3. مونيك (جائزة أفضل ممثلة في دور مساعد عن فيلم ثمينة عام 2010)
مونيك التي اشتهرت لما يزيد على عقد من الزمان بكونها مؤدية "ستاند أب كوميدي"، وبقيامها ببطولة المسلسلات الهزلية التي قدمت في بدايات الألفية مثل "آل باركر" The Parkers، حصلت على إشادة كبيرة عن أدائها في فيلم "ثمينة" Precious بشكل جزئي، لأن مشاركتها فيه كانت مفاجئة للغاية، إضافة إلى أن أداءها كان مؤثراً بصورة مذهلة، مبنياً على الرعب والإساءة والدمار. بالكاد تم رسم الخلفية الدرامية لشخصيتها، لكنه أمر عديم الأهمية لأن مونيك تبث في الدور كثيراً من الألم والصدمة المكثفين، ومن المفارقة أنه لم يسند إليها بعد ذلك دور من هذا النوع.
2. دانييل داي لويس (جائزة أفضل ممثل عن فيلم ستسيل الدماء عام 2008)
دانييل داي لويس مذهل جداً في فيلم "ستسيل الدماء" There Will Be Blood لأنه يتكون في الأساس من 12 أداء مختلفاً مجموعين في دور واحد، ويبدأ بصمت تام قبل أن يتغير ويتحول إلى أمر مرعب ومخيف. إنه جامح وصاخب بشكل لا يصدق في بعض الأحيان، وفي لحظات أخرى دقيق وغني. يعتبر فيلم المخرج بول توماس أندرسون تحفة فنية بحد ذاته، لكن داي لويس هو روح العمل.
1. هيث ليدجر (جائزة أفضل ممثل في دور مساعد عن فيلم فارس الظلام عام 2009)
نوعاً ما كان يجب منح هذه الجائزة له، أليس كذلك؟ هناك كثير من الأسباب الواضحة بعيداً مما نراه على الشاشة التي تجعل عمل ليدجر في "فارس الظلام" The Dark Knight قوياً للغاية، وتحديداً أننا كنا نشاهد رجلاً يقدم أفضل أداء في حياته بعد وقت قصير من موته المأساوي.
لكن في الواقع، كل ما فعله في الدور كان يستحق احتراماً بالقدر نفسه. شخصية الجوكر التي أداها تعيش في ذلك البرزخ بين ما هو إنساني وما هو شبه خارق للطبيعة، صورة غير معروفة وغير متوقعة ومزعجة لجنون القصص المصورة التي تبقى عالقة في الأذهان حتى بعد انتهاء مشاهدة الفيلم، كما أنه يظل أحد أهم أداءات التمثيل في القرن الـ 21، وله دور في الطريقة التي نتحدث بها عن التمثيل، وما تقوله وسائل الإعلام عن التمثيل، وما نعتبره اليوم أداء يستحق الجوائز. في الحالات الجيدة والسيئة ليس من المستغرب أن كثيرين حاولوا تقليد أدائه خلال العقد الذي تلى تقديمه، لكن في كثير من الأحيان لم تكن نتائجهم أكثر من توليفات مقلدة. نعم، أقصد بكلامي هذا أيضاً أداء خواكين فينيكس للشخصية.
© The Independent