بات فيلم "كودا" الذي تولى الأدوار الرئيسة فيه ممثلون صمّ أول عمل من إنتاج منصة للبث التدفقي يفوز بـ"الأوسكار" الأبرز، إذ حصل الأحد على جائزة أفضل فيلم روائي طويل، وسط تصفيق بلغة الإشارة من الحاضرين الذين ذُهلوا عندما بادر الممثل ويل سميث إلى صفع الفكاهي كريس روك على خشبة المسرح بسبب دعابة عن زوجة النجم.
كودا أفضل فيلم
وبدا "كودا" المقتبس من الفيلم الفرنسي La Famille Belier والذي بلغت تكلفته 15 مليون دولار، أشبه بشخصية "عقلة الإصبع" في مواجهة أفلام ذات موازنات ضخمة.
إلا أن باب حصد الجوائز فُتح أمام هذا الفيلم الدرامي الكوميدي المفعم بالتفاؤل، منذ عرضه في افتتاح مهرجان "ساندانس" السينمائي المرموق في ديسمبر (كانون الأول) 2021. وتراكمت الجوائز مذّاك في رصيد الفيلم الذي يتناول قصة مراهقة يتنازعها شغفها بالموسيقى وحرصها على البقاء في المنزل لمساعدة والديها وشقيقها الصم على التواصل مع الآخرين، إذ تنعم وحدها بحاسة السمع في أسرة من الصمّ.
وجعل فوز هذا العمل "آبل تي في+" أول منصة للبث التدفقي تفوز بالمكافأة الأبرز ضمن جوائز "الأوسكار" لأفضل فيلم روائي طويل.
وتمكن "كودا" هذا الأسبوع من التقدّم للمرة الأولى على منافسه "ذي باور أوف ذي دوغ" في توقعات الخبراء الهوليووديين، وهو ما أكدته نتيجة الأحد.
وقال منتج الفيلم فيليب روسوليه لوكالة الصحافة الفرنسية، قبل الاحتفال "لا أعتقد أنها معجزة. الفيلم يستحق أن يكون بهذا الموقع في هذه المرحلة التي نعيش فيها. إنه فيلم مهم يؤثر في الناس ويجمعهم بقيمه الإنسانية".
وحصل "كودا" على جائزة أخرى هي تلك الخاصة بفئة أفضل ممثل بدور مساعد، إذ نالها تروي كوتسور الأصمّ منذ الولادة، مهدياً فوزه هذا إلى "مجتمع الصم وذوي الإعاقات"، فيما فازت مخرجة العمل شان هيدر بجائزة "أوسكار" أفضل سيناريو مقتبس.
أما فيلم الويسترن السوداوي النفسي "ذي باور أوف ذي دوغ" عن رجال لا يتقبلون حياتهم الجنسية، فكاد يخرج من الأمسية خاوي الوفاض رغم ترشيحه لاثنتي عشرة جائزة، وكان يُعتبر الأوفر حظاً.
إلا أن أكاديمية "الأوسكار" كرّمت مخرجته النيوزيلندية جين كامبيون، لتصبح بذلك ثالث امرأة تحصل على جائزة أفضل إخراج البارزة، بعد عام على فوز الصينية الأميركية كلويه جاو بها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولم ينل فيلم "بلفاست" الذي يسترجع من خلاله مخرجه كينيث براناه بالأبيض والأسود طفولته في خضم موجة أعمال العنف في إيرلندا الشمالية نهاية ستينيات القرن العشرين، سوى جائزة واحدة في فئة أفضل سيناريو أصلي.
وحصل فيلم "دون" الفضائي المقتبس من رواية الخيال العلمي لفرانك هربرت على عدد من الجوائز ولكن في الفئات الفنية فحسب، كالصوت والمؤثرات الخاصة والتصوير وغيرها.
ويل سميث وصوت الصفعة
وفاز النجم الهوليوودي ويل سميث بجائزة "أوسكار" أفضل ممثل عن دوره في فيلم "كينغ ريتشارد" حيث يؤدي شخصية والد ومدرب بطلتي التنس سيرينا وفينوس وليامس.
وذُهل مشاهدو حفل "الأوسكار"، ولم يدروا ما حصل عندما صعد الممثل ويل سميث إلى خشبة المسرح وبادر إلى صفع الفكاهي كريس روك، الذي شارك في تقديم الأمسية وأطلق دعابة بشأن الرأس الحليق لزوجة ويل سميث، جادا بينكيت سميث، المصابة بمرض يؤدي إلى تساقط الشعر بكثافة.
وشبّه روك شعر جادا بينكيت سميث القصير برأس ديمي مور الحليق في فيلم "G.I. Jane" للمخرج ريدلي سكوت عام 1997، ولوحظ أن ما قاله روك أثار انزعاج جادا بينكيت سميث التي سبق أن تحدثت علناً عن تساقط الشعر الذي تعانيه، فما كان من ويل سميث الذي ضحك في البداية للدعابة إلا أن صعد إلى خشبة المسرح وصفع كريس روك، وسُمع صوت الصفعة في الميكروفونات وسط ذهول الجمهور الموجود في القاعة أو المشاهدين الذين تابعوا الأمسية من منازلهم.
وبادرت محطة "أي بي سي" إلى قطع الصوت خلال المشهد الذي أعقب ذلك، لكن الحوار كان مسموعاً على التلفزيونات الأجنبية. وقال كريس روك: "واو. واو. لقد صفعني ويل سميث للتوّ". وأضاف مبرراً، "لقد كانت مُزحة عن G.I. Jane"، وصاح به ويل سميث قائلاً، "أترك اسم زوجتي بعيداً من فمك اللعين"، وعاد إلى جانب زوجته.
وتوجه الممثل باكياً بالاعتذار إلى "الأكاديمية" (الجهة القائمة على جوائز الأوسكار) بعد تسلمه جائزته، وانتقد على المسرح "أولئك الذي يقللون احترام الآخرين". وقال "الحب يجعلكم تقومون بأمور مجنونة"، متحدثاً عن شخصيته كـ"حامٍ للأسرة" في "كينغ ريتشارد".
وفي تعليق مقتضب لم يأت على ذكر الحادثة صراحة، أكدت أكاديمية "الأوسكار" أنها "لا تتسامح مع العنف بأيّ شكل كان".
من ناحيتها، قالت شرطة لوس أنجليس إنها "على بينة من وقوع حادث بين شخصين خلال حفلة الأوسكار، قام فيها فرد بصفع آخر"، لكنها أشارت من دون تسمية كريس روك إلى أن "الفرد المعني رفض التقدم بشكوى".
"أوسكار" تتجاوز التنوع العرقي
وفازت الأميركية جيسيكا تشاستين بجائزة "أوسكار" أفضل ممثلة عن دورها في "ذي أيز أوف تامي فاي" الذي جسدت فيه شخصية مبشرة تلفزيونية، بعدما رُشحت مرتين سابقاً لجائزة أوسكار من دون أن يحالفها الحظ، بداية عن دورها في "ذي هلب" ثم عن أدائها في "زيرو دارك ثيرتي".
وفيما كانت جوائز "الأوسكار" تتعرض غالباً لانتقادات تأخذ عليها افتقارها للتنوع وضعف تمثيلها، منحت هذه السنة جائزة أفضل ممثلة بدور مساعد للممثلة الأميركية أريانا دوبوز التي تصف نفسها بأنها "أفرو-لاتينية"، عن أدائها شخصية أنيتا في فيلم "ويست سايد ستوري" بالنسخة الجديدة من توقيع المخرج ستيفن سبيلبرغ.
وحققت دوبوز البالغة 31 سنة الإنجاز عينه للممثلة الشهيرة ريتا مورينو المتحدرة مثلها من بورتوريكو والتي نالت عام 1962 جائزة "أوسكار" عن دور أنيتا في النسخة الأصلية من الفيلم. وقالت دوبوز متوجهة لمورينو، البالغة 90 سنة، والتي كانت تصفق لها في القاعة، "أنا ممتنة لك جداً، لقد فتح أداؤك لشخصية أنيتا الطريق أمام آلاف الـ(أنيتا) مثلي".
مع اللاجئين
وخلال الاحتفال، طالب المنظمون خلال فاصل إعلاني الحضور الوقوف دقيقة صمت تعبيراً عن الدعم للشعب الأوكراني. وعُرضت على شاشة الاحتفال في قاعة (دولبي ثياتر) عبارة "نطلب منكم التزام دقيقة صمت لإظهار دعمنا للشعب الأوكراني الذي يواجه حالياً غزواً وصراعاً وظلماً داخل حدوده".
ووضع بعض النجوم خلال مرورهم على السجادة الحمراء على سترات بدلاتهم الرسمية أو فساتين السهرة التي ارتدوها شريطاً أزرق عليه وسم #WithRefugees ("مع اللاجئين")، تعبيراً عن تضامنهم مع المدنيين الذين نزحوا جراء النزاعات في أوكرانيا أو في أمكنة أخرى من العالم.
وتولت بطلتا التنس الشقيقتان سيرينا وفينوس وليامس اللتان يروي فيلم "كينغ ريتشارد" قصة صعودهما التقديم لوصلة غنائية لنجمة موسيقى البوب بيونسيه استهلت بها الأمسية.
وأدت بيونسيه مع راقصاتها أغنية "بي ألايف" من الفيلم مباشرة على الهواء من ملاعب كرة المضرب في كومتون، وهي منطقة فقيرة في ضواحي لوس أنجليس شهدت بدايات البطلتين الشقيقتين. المغنية الشابة بيلي إيليش هي التي فازت بجائزة أفضل أغنية عن "نو تايم تو داي" التي ألّفت خصيصاً لأحدث أفلام جيمس بوند.
وأضافت "ديزني" إلى سجلها الحافل تمثالاً جديداً إذ فاز شريطها "إنكانتو" الذي يحتفي بثقافة كولومبيا وتقاليدها بجائزة أفضل فيلم رسوم متحركة.