أعلنت كل من الوكالة التونسية للتبغ والوقيد ومصنع التبغ في القيروان (حكوميان)، زيادة في أسعار البيع للعموم بالنسبة إلى السجائر والمواد الأخرى المختصة بها الدولة، بداية من تاريخ 28 مارس (آذار) 2022، ومن المنتظر أن توفر الزيادة الجديدة في أسعار التبغ موارد مالية لموازنة الدولة بقيمة 300 مليون دينار (حوالى 100 مليون دولار) ضمن عنوان المداخيل الضريبية والخاصة، كما ينتظر أن توفر عملية بيع السجائر خلال كامل السنة الحالية مداخيل لفائدة موازنة تونس بقيمة 3200 مليون دينار (1103 ملايين دولار) متأتية من وحدتي التصنيع بالعاصمة وبمحافظة القيروان (الوسط التونسي).
وشملت الزيادة في أسعار التبغ التونسية والموردة كل الأصناف تقريباً وتراوحت بين 100 و600 مليم (بين 34 و206 سنتات من الدولار)، ويبلغ عدد علب السجائر التي تؤمن وكالة التبغ تصنيعها سنوياً أكثر من 400 ألف علبة.
احتكار الدولة لإنتاج السجائر
وتحتكر تونس إنتاج وتوزيع السجائر محلياً رافضةً التفويت في مصنعَي الإنتاج اللذين تملكهما، على الرغم من الدعوات إلى خصخصة إنتاج وترويج السجائر مثلما فعلت دول عدة على غرار مصر التي حررت القطاع وأدخلت المنافسة عليه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتبرر تونس احتكارها تصنيع وإنتاج وتوزيع السجائر لكون هذا المجال يدر على موازنة الدولة عائدات مالية مهمة على الرغم من تأثر عملية الإنتاج بتفاقم عمليات تهريب أصناف من السجائر الجزائرية إلى تونس وبيعها بأثمان زهيدة لا تقبل المنافسة في السوق المحلية.
زيادة في معاليم الاستهلاك
وبحسب تقرير لموازنة تونس لكامل هذا العام، من المنتظر تعبئة موارد مالية بعنوان المعلوم على الاستهلاك بقيمة 464 مليون دينار (160 مليون دولار) متأتية بالأساس من الزيادة في معاليم المنتجات النفطية بـ 60 مليون دينار (حوالى 20 مليون دولار)، والمشروبات الكحولية بـ 64 مليون دينار (22 مليون دولار)، والمعلوم على توريد السيارات بـ 134 مليون دينار (46.2 مليون دولار)، وسبق لعدد من المختصين بالشأن الاقتصادي أن نبَهوا من تبعات الترفيع في المعاليم على الاستهلاك نظراً لأن ارتفاعاً في مستوى الأسعار العامة في البلاد سيتبعه، فضلاً عن زيادة نسب التضخم المرتفعة.
زيادة في مستوى التضخم
ويحذر المختصون في تونس من أن نسق تطور الأسعار سيؤثر في مستويات التضخم في الأشهر المقبلة مرجحين أن تتجاوز نسبة التضخم سبعة في المئة عام 2022 بما من شأنه أن يضاعف متاعب التونسيين واهتراء قدرتهم الشرائية، وارتفعت نسبة التضخم إلى مستوى 6.7 في المئة خلال يناير (كانون الثاني) 2022، ليتواصل الارتفاع للشهر الرابع على التوالي، وفق معطيات المعهد الوطني للإحصاء (حكومي)، وكانت نسبة التضخم خلال ديسمبر (كانون الأول) 2021، في حدود 6.6 في المئة و6.4 في المئة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2021.
وأوضح المعهد الوطني للإحصاء، أن التطور في نسبة التضخم يعود بالأساس إلى تسارع نسق ارتفاع أسعار مجموعة المشروبات الكحولية والتبغ (من 18.4 الى 18.6 في المئة) وأسعار الأثاث والـتجهيزات والخدمات المنزلية (من 5.2 الى 5.4 في المئة)، كما حافظت أسعار مجموعة المواد الغذائية على النسق نفسه وارتفعت بنسبة 7.6 في المئة.
السوق الموازية
وحذر لطفي الرياحي رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك (مستقلة) من تداعيات الترفيع في أسعار السجائر في تونس، ولا سيما "هروب" المدخنين إلى السوق الموازية واقتناء علب السجائر المهربة بسبب الزيادة في الأسعار، ولاحظ أن الترفيع الأخير في سعر السجائر لن يحل المشكلة في تعبئة موارد مالية للدولة بقدر ما سيعمق استفحال التهريب كاشفاً أن وكالة التبغ والوقيد تشكو نقصاً سنوياً من عائداتها بسبب التهريب بقيمة 500 مليون دينار سنوياً (172.4 مليون دولار)، وأوصى الرياحي بضرورة إصلاح القطاع من خلال تحريره بخاصة على مستوى إسناد الرخص باتجاه إلغائها لقطع الطريق أمام ما وصفه بلوبيات القطاع التي تستحوذ على الرخص والتحكم في مسالك بيع السجائر، وخلص إلى وجوب بيع السجائر في المساحات والفضاءات التجارية الكبرى من أجل ضمان شفافية المعاملات وتفادي الترفيع غير القانوني في أسعار علب السجائر.
أرقام صادمة
وأظهرت دراسة أعدتها منظمة الصحة العالمية أن تونس تحتل المرتبة الأولى على الصعيد العربي في نسب المدخنين، ويشكلون أكثر من 3.5 مليون شخص، أي ثلث مجموع السكان البالغ عددهم 12 مليون نسمة، وتعاني البلاد من ارتفاع نسب المدخنين بعد التراجع اللافت في تطبيق قانون منع التدخين في المساحات العامة وداخل المقاهي الذي بدأ تنفيذه عام 2009، وكشفت أحدثت الاحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة التونسية، أن آخر مسح صحي أجرته تونس عام 2016 بيّن أن 25.1 في المئة من السكان مدخنون، واصفة هذه النسبة بالمرتفعة جداً وهي مرجحة للزيادة.
وتمس ظاهرة التدخين كل شرائح المجتمع التونسي بنسب تتراوح بين 25.2 في المئة في الفئة العمرية بين 15 و29 سنة، و32 في المئة لدى الشريحة التي تتجاوز 65 سنة، غير أنها لا تتعدى 19.9 في المئة لمن تتراوح أعمارهم بين 30 و64 سنة، ويتسبب التدخين بوفاة أكثر من 13 ألف تونسي سنوياً.
وتعدّ الزيادات الرسمية في أسعار السجائر والتبغ بأنواعه مسألة شبه سنوية، فمنذ عام 2010 لم يمرّ عام إلا شهد زيادة في أسعار السجائر، باستثناء عام 2016.