يبدو أن العديد من المستثمرين متفائلون من إمكانية أن يوجه الاحتياطي الفيدرالي الاقتصاد الأميركي نحو سيناريو "غولدي لوكس" للنمو المستقر وأسعار الفائدة المنخفضة. لكن، "مورغان ستانلي" تسأل هل هذا تفكير أمني؟
ويعرف اقتصاد "غولدي لوكس" بأنه ليس حاراً جداً أو بارداً جداً. ويصف المصطلح حالة مثالية لنظام اقتصادي. في هذه الحالة، هناك توظيف كامل واستقرار اقتصادي ونمو مستقر، لكن الاقتصاد لا يتوسع أو يتقلص بهامش كبير.
وتقول حكاية "غولدي لوكس والدببة الثلاثة" التي تروى للأطفال قبل النوم، إنه في يوم من الأيام كان هناك دب أب ودبة أم والدب الطفل يعيشون في كوخ صغير في الغابة، وكانت الفتاة الصغيرة غولدي لوكس تعيش مع أسرتها، وذات صباح خرجت لكي تلعب، ودخلت إلى الغابة، وفي ذلك الوقت أعدت الدببة عصيدة للإفطار وكانت ساخنة فقرروا الذهاب في نزهة إلى الغابة.
وأثناء سير الفتاة في الغابة، مرت بمنزل ذي بوابة ضخمة، وكانت الفتاة متحمسة لدخوله، فطرقت الباب وسألت هل يوجد أحد، ولم تسمع رداً لكنها دخلت المنزل، ورأت طاولة فوقها ثلاثة أطباق من العصيدة، وكانت جائعة، وأعجبتها رائحة العصيدة ورغبت في أكل بعض منها. فاتجهت إلى الطبق الأول، ولكن العصيدة كانت ساخنة وحرقت لسانها، ثم تذوقت العصيدة من الطبق الثاني ووجدتها باردة، ثم تذوقت الطبق الأخير، وقالت هذه العصيدة مضبوطة وتناولت الطبق كله.
رفع أسعار الفائدة لإبطاء التضخم
تقول ليزا شاليت، من إدارة الثروات في "مورغان ستانلي"، في مقالة حديثة نشرت على موقع "مورغان ستانلي"، إنه مع بدء رفع أسعار الفائدة لإبطاء التضخم، أعرب الاحتياطي الفيدرالي عن ثقته في أنه يمكن أن يحقق "هبوطاً ناعماً" للاقتصاد، ويبدو أن المستثمرين يقبلون بهذا الطرح.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتضيف، "بينما ترسل أسواق السندات إشارات متضاربة، استمرت الأسهم في الارتفاع منذ رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في منتصف مارس (آذار). فيما عادت مؤشرات الأسهم الأميركية الرئيسة إلى ما كانت عليه تقريباً في أوائل فبراير (شباط)، مما يمحو الخسائر الأخيرة حول الصراع بين روسيا وأوكرانيا". والأهم من ذلك، أن طبيعة الارتفاع قد تغيرت، إذ إن "التغطية على المكشوف"، وهي حركة فنية تؤدي عادة إلى مكاسب حادة، قد أفسحت المجال لأمر أكثر جوهرية وهو تزايد شهية المستثمرين للمخاطرة، كما يقال في سوق الخيارات.
وتشير شاليت إلى أنه في ظل التطورات القائمة فقد تعتمد الأسواق على سيناريو "غولدي لوكس"، إذ يعمل صانعو السياسة على ترويض التضخم بأضرار محدودة للنمو الاقتصادي والحفاظ على المعدلات الطويلة الأجل منخفضة وفقاً للمعايير التاريخية.
الأسهم مقومة بأعلى من قيمتها والأرباح منخفضة
وتعتقد شاليت أن للثقة في السوق ما يبررها، لثلاثة أسباب، إذ يبدو أن الأسهم مقومة بأعلى من قيمتها، وقد تراجعت عائدات الأرباح فيما نسب السعر مقابل الأرباح مرتفعة بالنسبة إلى الاتجاهات التاريخية عند النظر في الفترات السابقة التي شهدت تضخماً أعلى من المتوقع. وعلى وجه التحديد، على مدى السبعين عاماً الماضية أو نحو ذلك، عندما كان مؤشر أسعار المستهلك يتراوح بين ستة في المئة وثمانية في المئة، بلغ متوسط نسب السعر- الأرباح لمؤشر "أس أند بي غلوبال" نحو 12 في المئة. واليوم، هو نحو 20 في المئة، في حين يبدو أن المخاطرة التي يحصل عليها المستثمرون منخفضة، على الرغم من سلسلة من المخاطر الجديدة والمتزايدة، بما في ذلك دورة الأعمال الناضجة والصراع الجيوسياسي المستمر.
قد يكون أداء الاقتصاد الأميركي أفضل من السوق
وتتوقع شاليت أن لا تقوم الأسواق بتسعير تأثير تخفيض الميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي وسحب السيولة بشكل فعال. فهي ترى أن الاحتياطي الفيدرالي لم يعلن حتى الآن تفاصيل مثل هذه الخطط، وبدأت الظروف المالية للولايات المتحدة التشديد وعادت إلى مستويات ما قبل الجائحة. فيما تشير توقعات الإجماع إلى أن الاحتياطي الفيدرالي سيستنزف ما لا يقل عن 560 مليار دولار خلال الفترة المتبقية من عام 2022. وهو إجراء من شأنه أن يعادل زيادة أخرى في سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية. وتضيف أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يتمتع بخبرة محدودة في هذه العمليات، وأن مخاطر التنفيذ عالية. وتستحضر شاليت عام 2018 لتذكر كيف منع بنك الاحتياطي الفيدرالي بشكل سريع جولة الإعادة لميزانيته العمومية عندما استجابت الأسواق بتقلبات متزايدة.
إعطاء الأولوية لترويض التضخم على الأسواق الداعمة
وتقول شاليت، قد تكون تصورات السوق لعزم الاحتياطي الفيدرالي متوقفة. ويبدو أن المستثمرين يبحثون عن "وضع الاحتياطي الفيدرالي"، عندما يحد صانعو السياسة من انخفاضات السوق من طريق تسهيل الظروف النقدية. وتضيف، قد يكون هذا الأمل في غير محله، نظراً إلى خطاب الاحتياطي الفيدرالي المتشدد الأخير، مع اعتراف المحافظين بالحاجة إلى التحرك بقوة في التشديد، بما في ذلك إمكانية رفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة، على عكس الزيادات النموذجية بمقدار ربع نقطة. ومن المحتمل أن تكون بعض هذه المواقع مدفوعة سياسياً، ولكن هناك احتمالات متزايدة لأن البنك المركزي سيحتاج إلى إعطاء الأولوية لترويض التضخم على الأسواق الداعمة. ويتوقع فريق الاقتصاد في "مورغان ستانلي" ارتفاعاً في الأسعار بمقدار 50 نقطة أساس في شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران).
وتختتم شاليت بالقول بدلاً من دورة سياسة قصيرة وحلوة -التي تستمر في دعم المؤشرات السلبية- نتصور مساراً وعراً، حيث يضطر صانعو السياسة إلى الاعتراف بدرجة الصعوبة في تنفيذ الهبوط الناعم الذي يتوقعه بعض المستثمرين.
وتدعو شاليت المستثمرين إلى التفكير في استخدام الارتفاعات لجني الأرباح في المؤشرات السلبية وإعادة توزيع الأصول نحو المديرين النشطين، الذين يتطلعون إلى بناء محفظة متوازنة مع شركات النمو بأسعار معقولة. وتسدي نصيحة للمستثمرين بضرورة الوضع في الاعتبار سندات الخزانة التي تعتقد أن تداولها الآن أقرب إلى القيمة العادلة على المدى القريب.