أعلنت مساعدة وزير الدفاع الأوكراني غانا ماليار، السبت الثاني من أبريل (نيسان)، أن الأوكرانيين استعادوا السيطرة على منطقة كييف بكاملها بعد انسحاب القوات الروسية من مدن رئيسة قرب العاصمة.
وقالت ماليار عبر "فيسبوك"، إن "إربين وبوتشا وغوستوميل ومنطقة كييف بكاملها حررت من الغزاة". وشهدت كل هذه المدن معارك طاحنة منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير (شباط).
وأعلن الأوكرانيون مساء الاثنين أنهم استعادوا السيطرة على إربين التي سقطت في أيدي الروس منذ نهاية فبراير. وتمكن مراسلون لوكالة الصحافة الفرنسية من التوجه السبت إلى بوتشا التي "حررت" أخيراً، والتي تعذر على الصحافيين الوصول إليها طوال نحو شهر.
وقالت الحكومة الاوكرانية السبت إن القوات الروسية تنفذ "انسحاباً سريعاً" من مناطق كييف وتشيرنيهيف في شمال أوكرانيا بهدف إعادة الانتشار في اتجاه الشرق والجنوب.
واتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الجنود الروس بزرع ألغام في شمال أوكرانيا أثناء انسحابهم أو طردهم من قبل القوات الأوكرانية، في حين تواصلت جهود إجلاء مدنيين من جنوب البلاد.
وتقول أوكرانيا إن قواتها استعادت السيطرة على أكثر من 30 بلدة وقرية في منطقة كييف منذ أن أعلنت روسيا الأسبوع الماضي أنها ستقلص عملياتها حول العاصمة للتركيز على معارك في الشرق.
وقال زيلينسكي في كلمة مصورة بُثّت السبت، "في شمال بلادنا، يغادر الغزاة. يتم ذلك ببطء ولكنه ملحوظ. في بعض الأماكن، يتم طردهم بالقتال. وفي أماكن أخرى، يتخلّون عن المواقع بأنفسهم".
ولم يقدم الرئيس أي دليل على تصريحاته. وأضاف، "يقومون بتلغيم كل هذه الأراضي. يتم تلغيم المنازل والمعدات وحتى جثث القتلى".
ولم تردّ وزارة الدفاع الروسية على طلب من "رويترز" للتعليق على هذه الاتهامات.
استعادة السيطرة على 30 بلدة
وأكدت أوكرانيا السبت أن القوات الروسية "تنسحب بسرعة" من منطقتي كييف وتشيرنيهيف في شمال البلاد بهدف "تثبيت أقدامها" في الشرق والجنوب.
وفرّ أكثر من ثلاثة آلاف شخص من ماريوبول في حافلات وسيارات خاصة، وفق ما أعلنت السلطات الأوكرانية، بينما حاول الصليب الأحمر السبت تنفيذ عملية إجلاء جديدة من هذه المدينة الساحلية المحاصرة والمدمرة بعد فشل محاولة أولى.
وفيما تتراجع القوات الروسية من محيط كييف وتشيرنيهيف، تمكّنت القوات الأوكرانية من استعادة السيطرة على "أكثر من 30 بلدة" والاستيلاء على "عدد كبير من المركبات العسكرية المتروكة من دون وقود"، بحسب ما أكد أوليكسي أريستوفيتش، وهو مستشار رئاسي أوكراني، في مقطع فيديو بثّته الرئاسة السبت.
وكتب ميخايلو بودولياك، أحد مستشاري زيلينسكي، على "تلغرام"، "بعد انسحاب سريع للروس من المناطق المحيطة بكييف ومن تشيرنيهيف... يتّضح تماماً أن روسيا اختارت أن تعطي الأولوية لتكتيك مختلف"، يقضي بـ"الانعطاف نحو الشرق والجنوب والحفاظ على السيطرة على الأراضي الواسعة المحتلة وتثبيت أقدامهم هناك بطريقة قوية".
وفي الساعات الأولى من صباح السبت، أصابت الصواريخ الروسية مدينتي بولتافا وكريمنشوك في وسط أوكرانيا، وفقاً لما ذكره دميتري لونين، رئيس منطقة بولتافا، في منشور على الإنترنت. وقال إن البنى التحتية والمباني السكنية شرق كييف تضررت لكن ليست لديه تقديرات بعدد الضحايا.
وفي منطقة دنيبرو بجنوب شرقي أوكرانيا، أصابت الصواريخ منشأة للبنية التحتية، ما أسفر عن إصابة شخصين وإلحاق أضرار كبيرة، وفقاً لما ذكره فالنتين ريزنيشنكو، رئيس المنطقة في منشور على الإنترنت.
وقال دميترو لونين، رئيس منطقة بولتافا الأوكرانية، في منشور على الإنترنت، إن غارة جوية روسية ألحقت أضراراً بمدرج مطار ومستودع وقود بالقرب من مدينة ميرهورود في المنطقة الواقعة بوسط البلاد السبت.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الصواريخ عالية الدقة التي تُطلق من الجو عطّلت المطارات العسكرية في بولتافا ودنيبرو.
وقبل الفجر، حينما دوّت صفارات الإنذار في أرجاء أوكرانيا، أعلن الجيش الأوكراني وقوع غارات جوية روسية على مدينتي سيفيرودونتسك وروبيزني في منطقة لوغانسك.
وأفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية بأن جثث ما لا يقل عن 20 رجلاً بالزيّ المدني عُثر عليها السبت في أحد شوارع بوتشا، المدينة الواقعة شمال غربي كييف التي استعادها الجنود الأوكرانيون أخيراً من القوات الروسية.
وكان زيلينسكي قال إن روسيا تُعدّ "لضربات قوية" في جنوب البلاد وشرقها خلافاً لتصريحات موسكو بأنها عمدت إلى تخفيف حدة المواجهات، لا سيما في ماريوبول حيث تشير التقديرات الأخيرة إلى أن نحو 160 ألف شخص لا يزالون عالقين في المدينة.
عمليات الإجلاء
وسقوط ماريوبول يؤمّن تواصلاً جغرافياً من شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا إلى الجمهوريتين الانفصاليتين المواليتين للروس في منطقة دونباس.
وتجري عمليات إجلاء المدنيين بشكل تدريجي بعدما كانت مستحيلة على مدى أسابيع.
وقال زيلينسكي في مقطع مصور بُثّ ليل الجمعة السبت، "اليوم (الجمعة) عملت الممرات الإنسانية في ثلاث مناطق: دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا. تمكّنا من إنقاذ 6266 شخصاً، بينهم 3071 من ماريوبول".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورصدت وكالة الصحافة الفرنسية مساء الجمعة دخول نحو 30 حافلة إجلاء إلى مدينة زابوريجيا، بعضها يقلّ أشخاصاً فرّوا من ماريوبول بمفردهم ثم نُقلوا بالحافلات إلى الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا.
وبعد وصولهم إلى ضاحية زابوريجيا، بكى بعض الأشخاص الذين غادروا ماريوبول، ارتياحاً لعودتهم إلى مناطق تسيطر عليها القوات الأوكرانية.
وقال كثرٌ تم اجلاؤهم من ماريوبول إنهم اضطروا إلى السير مسافة 15 كيلومتراً أو أكثر لمغادرة المدينة، قبل أن يجدوا سيارات خاصة لمواصلة رحلتهم.
وقالت أولينا وهي تحمل طفلتها، "رحنا نبكي عندما وصلنا إلى هذه المنطقة. بكينا عندما رأينا جنوداً عند حاجز مع شارات أوكرانية على أذرعهم. لقد دمّر منزلي، رأيته على صور. مدينتنا لم تعُد موجودة".
وقالت أولغا، وهي امرأة أوكرانية كانت تنتظر في مركز للأسر النازحة في زابوريجيا، "أنا أبكي، لقد رأيت حفيدتي للتو". وأضافت، "عائلة والدتها لا تزال في ماريوبول ولا نعرف إذا ما كانوا على قيد الحياة. لا توجد كلمات لأعبّر عن مدى سعادتي برؤيتها بأمان".
وأوضحت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إيرينا فيريشتشوك أن "1431 شخصاً سافروا من برديانسك وميليتوبول بوسائلهم الخاصة إلى زابوريجيا. 771 من بينهم أتوا من ماريوبول". وأضافت أن "42 حافلة من برديانسك تقلّ سكاناً من ماريوبول و12 حافلة من ميليتوبول تقلّ سكاناً محليين" كانت في طريقها مساءً إلى زابوريجيا، متحدثة عما مجموعه "أكثر من 2500 شخص".
والجمعة، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن فريقها الذي أُرسل إلى ماريوبول اضطر إلى أن يعود أدراجه، لأن الإجلاء المقرر لآلاف المدنيين من هذه المدينة الساحلية التي تحاصرها القوات الروسية كان "مستحيلاً" الجمعة.
زيلينسكي يطلب السلاح
والجمعة، اتهمت روسيا أوكرانيا بتنفيذ هجوم بواسطة مروحيات على أراضيها ولوّحت باحتمال تشديد نهجها خلال المفاوضات. واستهدفت الضربة الجوية منشآت تخزين وقود تابعة لشركة "روسنيفت" للطاقة في بلغورود في روسيا على بعد حوالى 40 كيلومتراً من حدود أوكرانيا.
وغرّدت وزارة الدفاع البريطانية مساء الجمعة أن تدمير خزانات الوقود في بلغورود، فضلاً عن انفجار مخزن للذخيرة قرب المدينة "يفرضان ضغوطاً إضافية على المدى القصير على السلاسل اللوجستية الروسية التي تتعرّض أصلاً لضغط كبير".
وقال الرئيس الأوكراني لمحطة "فوكس نيوز"، "أعطونا صواريخ. أعطونا طائرات. لا تستطيعون إعطاءنا طائرات أف-18 أو أف-19؟ أعطونا طائرات سوفياتية قديمة. أعطوني أي شيء لأدافع عن بلدي".
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها ستوفّر مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا بقيمة قد تصل إلى 300 مليون دولار تشمل أنظمة صواريخ موجهة بالليزر وطائرات مسيّرة "انتحارية" من طراز "سويتش بلايد"، فضلاً عن طائرات مسيّرة خفيفة من نوع "بوما".
وقال المتحدث باسم الوزارة جون كيربي في بيان إن "هذا القرار يؤكد التزام الولايات المتحدة الراسخ سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها دعماً لجهودها البطولية لصدّ الحرب التي قررتها روسيا".
البابا قد يزور أوكرانيا
واستؤنفت محادثات السلام بين المسؤولين الأوكرانيين والروس الجمعة عبر الفيديو، لكن الكرملين حذّر من أن هجوم بلغورود قد يعيق هذه المفاوضات. وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، "من الواضح أننا لا نستطيع أن نعتبر أن ما حصل سيوفر ظروفاً ملائمة لمتابعة المفاوضات".
ويزور وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية البريطاني مارتن غريفيث، موسكو الأحد في محاولة للحصول على "وقف لإطلاق النار لأغراض إنسانية" في أوكرانيا، وفق ما أعلن الأمين العام أنطونيو غوتيريش.
واقترب البابا فرنسيس أكثر من أي وقت مضى من انتقاد بوتين ضمناً وذلك خلال زيارة إلى مالطا، تحدث فيها عن "رياح الحرب الباردة" التي تجتاح أوروبا مجدداً.
وقال، "في حين أن بعض الأقوياء الذين سجنوا أنفسهم للأسف في ادعاءات مصالح قومية عفا عليها الزمن، أثار الصراعات وسبّبها مرة أخرى، يشعر الناس العاديون بالحاجة إلى بناء مستقبل إما أن يكون معاً أو لن يكون". وأوضح أن فكرة قيامه بزيارة لأوكرانيا قريباً، تلبية لدعوة رئيسها، مطروحة.
توقف صادرات الحبوب الأوكرانية
في غضون ذلك، قالت شركة الاستشارات الزراعية "إيه بي كيه إنفورم" السبت، إن سكك حديد أوكرانيا تواجه صعوبات كبيرة في ظل تكدّس العربات المحملة بالحبوب على الحدود الغربية للبلاد، حيث يبحث التجار عن طرق تصدير بديلة بعد الهجوم الروسي الذي أغلق الموانئ الرئيسة المطلة على البحر الأسود.
وكانت أوكرانيا رابع أكبر مصدر للحبوب في العالم في موسم 2020-2021 وفقاً لبيانات مجلس الحبوب الدولي، إذ تم شحن معظم سلعها عبر البحر الأسود. ولكن مع اندلاع الحرب على طول الساحل، يسارع التجار لنقل مزيد من الحبوب بواسطة السكك الحديدية.
وقالت "إيه بي كيه إنفورم" إن هيئة السكك الحديدية الأوكرانية فتحت 12 محطة للتجار لتسلّم الشحنات، لكن القطارات متوقفة، مشيرة إلى أن السكك الحديدية ستحتاج إلى أسبوعين أو ثلاثة أسابيع للتعامل مع الأمر وإرسال الشحنات إلى المستهلكين.
وأضافت الشركة أن "التجار يواصلون البحث عن إمكانية إعادة توجيه الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي عن طريق السكك الحديدية أو عبر موانئ رومانيا، لكن العوائق الرئيسة تتمثل في القدرة المحدودة للنقل وارتفاع التكلفة".
وقالت إن تكلفة إيصال الحبوب الأوكرانية إلى ميناء كونستانتا الروماني تتراوح من 120 إلى 150 يورو (133 إلى 166 دولاراً) للطن. وقبل الحرب، كان التجار يدفعون حوالى 40 دولاراً لنقل الحبوب إلى موانئ أوكرانيا عبر البحر الأسود.