بعد عامين من الغياب القسري بسبب جائحة كورونا، عادت الكثير من مظاهر الاحتفال برمضان في مصر، إثر تخفيف الحكومة الإجراءات الوقائية من انتشار الفيروس، بإصدارها قرارات عدة قبل بداية الشهر، كان من بينها السماح بفتح دور المناسبات الملحقة بالمساجد، وأداء درس العصر، وخاطرة التراويح بالمساجد الكبرى.
اللجنة العليا لإدارة أزمة الأوبئة والجوائح الصحية، وتضم معظم الوزارات، ويرأسها رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، وافقت على السماح بإقامة موائد الرحمن خلال شهر رمضان، ومد مواعيد غلق المحال والمطاعم والمقاهي وغيرها في رمضان حتى الساعة الثانية صباحاً، بدلاً مع منتصف الليل، إضافة إلى الموافقة على إقامة الأفراح والاحتفالات في القاعات المغلقة بالفنادق، مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية.
تخفيف القيود
دوافع قرار تخفيف القيود الاحترازية أوضحها وزير التعليم العالي القائم بأعمال وزير الصحة خالد عبد الغفار، حيث استعرض تقريراً بشأن الوضع الوبائي تضمن عدداً من المؤشرات الإيجابية، منها تناقص الوفيات بشكل كبير في آخر 5 أسابيع من الموجة الخامسة، وخفض أعداد مستشفيات العزل من 17 إلى 7 مستشفيات، نظراً لانخفاض أعداد الإصابات التي تحتاج دخول المستشفى.
قوبلت قرارات الحكومة بفرحة من جانب كثير من المصريين، الذين اشتاقوا لأجواء رمضان المعتادة. أسامة عبدالله، موظف متقاعد، أبدى سعادته بعودة خاطرة التراويح في المسجد، قائلاً إنها كانت فرصة لسماع دروس دينية قصيرة يومية، لكن خلال العام الماضي كان الاقتصار على إقامة الصلاة فقط، ويشير إلى أنه على الرغم من انخفاض الإصابات وعدم الالتزام بالكمامات من جانب الكثيرين، فإنه يحرص على الالتزام بارتداء الكمامة، وإحضار سجادة الصلاة الخاصة خلال حضوره لصلاة التراويح يومياً.
وزارة الأوقاف حددت شروط عودة الدروس في المساجد الكبرى خلال رمضان وضوابطها، وصنفت المساجد إلى ثلاثة أقسام، مساجد يُؤدَّى بها درس العصر فقط، وأخرى تستضيف خاطرة التراويح فقط، وثالثة يُؤدَّى بها درس العصر وخاطرة التراويح معاً. وأوضح متحدث الوزارة عبدالله حسن، أن صلاة التراويح ستقام بالضوابط نفسها التي طُبقت في رمضان من العام الماضي، وهي أن يحمل كل مصل سجادة الصلاة ويرتدي الكمامة ويحرص على الوضوء في منزله.
وبينما استمر حظر إقامة صلاة التهجد والاعتكاف في المساجد، دعت وزارة الصحة إلى المحافظة على مسافة متر بين المصلين، والحرص على ارتداء الكمامة، وإحضار سجادة الصلاة الخاصة.
موائد الرحمن
وعادت موائد الرحمن للظهور، وهو الطقس الذي حافظ عليه المصريون طيلة 11 قرناً، إلى أن حرمهم منه فيروس كورونا، بسبب حظر الحكومة إقامتها في العامين الماضيين.
الطقس الرمضاني، الذي بدأ في عهد الدولة الطولونية في القرن التاسع الميلادي، ويعني إطعام كل محتاج أو عابر سبيل على مائدة واحدة، كان يعتمد عليه الكثير من الفقراء ومن تضطرهم ظروف العمل للبقاء في الشارع حتى موعد الإفطار بعيداً من منازلهم.
عودة موائد الرحمن كانت نبأً ساراً للكثيرين، حيث قال خلف الجندي، أحد عمال النظافة في وسط القاهرة، إنه كان يعتمد عليها في معظم أيام الشهر الكريم، وأن "أهل الخير" في العامين الماضيين حاولوا تعويض عدم إقامتها بتوزيع مساعدات مالية على المحتاجين، لكن ضمان وجبة طازجة وقت الإفطار كان أفضل بكثير بالنسبة له.
لم يخل السماح بإقامة موائد الرحمن من ضوابط منظمة، حيث قال مساعد وزير التنمية المحلية خالد قاسم، إن إقامتها يتطلب الحصول على تصريح من الحي أو المدينة التي تقع في نطاقها مائدة الرحمن، مع الابتعاد عن الزحام والشوارع الرئيسة والميادين واتباع الإجراءات الاحترازية والوقائية للحد من انتشار فيروس كورونا.
أستاذ الطب الوقائي بجامعة الزقازيق، عبد اللطيف المر، دعا لتعقيم جميع أدوات موائد الرحمن بشكل جيد، إضافة إلى تطهيرها جيداً، واستخدام الأكواب والأطباق لمرة واحدة فقط، منعاً لانتقال الأمراض والفيروسات بين الأشخاص.
ولم تتضمن القرارات الحكومية الجديدة السماح بالشيشة (الأرجيلة) في المقاهي، وإن كان وجودها ملاحظاً في مختلف المناطق مع وجود رقابة من جانب وزارة الداخلية تعلن يومياً ضبط مخالفين.
تخفيف وليس إلغاءً
المتحدث باسم وزارة الصحة، حسام عبد الغفار، نفى أن تكون الإجراءات الاحترازية ألغيت بالكامل، مؤكداً تخفيفها فقط. وشددت وزارة الصحة عبر صفحتها على "فيسبوك" على أن الاحتفال برمضان في أمان يكون من خلال 4 إجراءات، وهي ارتداء الكمامة خارج المنزل، والابتعاد قدر الإمكان عن الأماكن المزدحمة، وتنظيف الأيدي باستمرار، إلى جانب تلقي لقاح كورونا وجرعته التنشيطية. ووجهت الوزارة 3 إرشادات للمواطنين في تجمعات رمضان وهي المحافظة على مسافة لا تقل عن متر عن الآخرين، وتغطية الأنف والفم عند العطس أو السعال مع تجنب لمس العين والفم والأنف، وكذلك غسل اليدين بالماء والصابون بانتظام.
وبلغ متوسط الإصابات اليومية بفيروس كورونا الأسبوع الماضي 559 إصابة، وفق البيان الذي أصدرته وزارة الصحة السبت الماضي، وذلك انخفاضاً من 788 حالة يومياً في البيان الأسبوعي الذي صدر في 20 مارس (آذار) الماضي.
ووفق تصريحات رسمية، حصل أكثر من 32 مليون شخص على جرعتي اللقاح، ما يمثل نحو 52 في المئة من الفئة المستهدفة، كما تلقى أكثر من 43 مليون شخص الجرعة الأولى، إضافة لنحو مليوني آخرين حصلوا على الجرعة التنشيطية.