تحدٍّ جديد تواجهه الفنانة المصرية نيللي كريم في مسلسلها الجديد "فاتن أمل حربي"، الذي يتناول عدداً من مشكلات المرأة المصرية الخاصة بالطلاق والنفقة وقوانين الأحوال الشخصية. في حوارها مع "اندبندنت عربية"، تحدثت نيللي عن تفاصيل العمل بالكامل، وتوقعاتها له في السباق الرمضاني، وهل تسعى إلى تقديم قضايا المرأة في أعمالها أو تقديم رسائل إليها، كاشفة عن أمور حول مسلسلها الأخير "الجسر"، الذي تعاونت فيه مع الفنان عمرو سعد والمخرج بيتر ميمي، وكذلك عن مشاريعها السينمائية.
نصف سيدات مصر
في البداية، تقول نيللي كريم إن "نصف سيدات مصر تقريباً، إن لم يكُن أكثر، هن على الصورة نفسها بالضبط من بطلة مسلسل ’فاتن أمل حربي‘، الذي تنافس به حالياً في الموسم الرمضاني"، مضيفة، "هي امرأة بسيطة مثل كل النساء المصريات، مهمومة ببيتها وأولادها، وهي عمود البيت كما يقال، وعند الطلاق تتعرّض لأسوأ ما يمكن أن يحدث، وهو ألاعيب الزوج ومعاناتها في تربية أبنائها وحضانتهم. والجميل في شخصية فاتن، والمميز الذي يربطها بمعظم السيدات المصريات، أنها قوية وتتعامل بثبات وجرأة واستبسال في أية مشكلة مصيرية تتعرض لها، ولا أنكر أنني على مدار السنين، رأيت أنا وغيري شخصيات كثيرة في الحياة مثل فاتن، وربما اقتنصت من هذه الشخصيات كثيراً وتخزنت ملامحهن داخلي، كما رأيت سيدات بمواصفات شكلية ونفسية تشبه فاتن، لذلك لم يكُن تقمصها أمراً معقداً بالنسبة لي".
وحول وجود تشابه بين نيللي المرأة المصرية وبين شخصية فاتن حربي، السيدة التي عانت الطلاق، وتعرضت لكثير من الانفعالات، قالت، "الحياة الطبيعية فيها كل الانفعالات الموجودة، وهذه هي الحياة، وحياة فاتن مثل أي امرأة عادية، من خلال المشاهد التي صوّرناها والمواقف التي تعرضت لها، أؤكد أنني مررت بمواقف مماثلة لما مرت به هذه المرأة".
ضد القانون
وحول اتهام الشخصية بأنها تقف ضد القانون، قالت نيللي، "فاتن سيدة لا تقف ضد القانون، لكننا بصراحة شديدة لا يجب أن ندفن رؤوسنا في الرمال، فقانون الأحوال الشخصية قديم جداً، وهناك فجوة كبيرة بيننا وبينه، لأنه وُضع منذ أعوام طويلة، ربما كان مناسباً لظروف الناس وقتها، لكن كيف نطبق الآن قانوناً وُضع منذ نحو 100 عام كما يقال، وكيف تُحكم المرأة بظروف قديمة على الرغم من أن كل الملابسات الاجتماعية والمادية والإنسانية تغيّرت بالكامل. أتمنى أن يسهم المسلسل في تغيير القانون، أو يعاد في الأقل النظر فيه، حتى تأخذ السيدة وضعها وحقها بالكامل. وفي المسلسل وفي الحياة الطبيعية، سنجد أن كل الناس متعاطفين مع فاتن ومع شبيهاتها في الواقع، اللاتي يعانين بقسوة، وحتى القضاة يتعاطفون مع هذه القضايا الإنسانية، لكنهم محكومون بالقانون، لهذا تصرخ فاتن طوال الوقت وتقول ’لماذا لا نغيّر القانون إلى الأحسن‘، وإذا ذهب أي شخص وقضى يوماً واحداً في محكمة الأسرة، سيجد قضايا كبيرة من هذا النوع".
التعاون مع الكاتب المثير للجدل إبراهيم عيسى، مؤلف المسلسل، أمر كان موضع انتباه بمجرد إعلان الفكرة، خصوصاً أن عيسى معروف بمناقشة قضايا حساسة. وحول توقّعها الجدل قبل العمل معه، قالت، "وجود عيسى ككاتب للقصة أشعرني أنه سيناقش قضية مهمة وعميقة، وبالفعل تحقق ذلك في الفكرة، التي تبلورت إلى قضية مهمة، وهي المرة الأولى التي أتعاون معه، لكن أعتقد أن فكرة المسلسل بالأساس كانت للمخرج محمد العدل، الذي كان يريد منذ فترة تقديم هذا الموضوع، وتعاونت قبل ذلك مع العدل في مسلسل ’لأعلى سعر‘، وأحب جداً العمل معه. وهي المرة الأولى التي أتعامل فيها مع الفنان شريف سلامة، الذي يؤدي دور سيف زوجي، والجمهور سيُفاجأ به لأنه يقدم دوراً مميزاً ومختلفاً لم يقدمه من قبل، ومشاهده بها عنف بعض الشيء، لأنه يضرب فاتن بقوة وتعاني منه، وهو يمثل نموذجاً لرجال كثيرين على شاكلته، يجعلون النساء يعانين مشكلات النفقة والطلاق ومصاريف الأولاد، وهناك سيدات يطردن من السكن، بسبب ما يفعله الرجال بهن بعد الطلاق".
حسابات النجاح
نجمات كثيرات توجهن إلى قضايا المرأة في الوقت الحالي، لأنها الأكثر تداولاً واهتماماً. وحول ذلك تقول نيللي، "بالفعل، فالمرأة أصبحت محط انتباه أكثر من ذي قبل، وأعتقد أن المناخ العام مناسب لنقدم عملاً ينصف السيدة التي تحارب من أجل نفسها وأولادها، بخاصة أن شخصية مثل فاتن ليست من وحي الخيال أو كارتونية، بل هي موجودة في كل مكان بشكل يجب أن نتوقف عنده. أنا لست متخصصة لأعرف معدلات الطلاق، لكنني أكاد أجزم أن ما يزيد على نصف سيدات مصر يعانين بعد الطلاق مثل فاتن بالضبط، لهذا، فالعمل سيثير الجدل بنسبة كبيرة، لأنه هجمة على قوانين قديمة وظلم ما زال قائماً في حق ملايين من السيدات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
عدد من النجوم يضعون حسابات لخططهم وأعمالهم، ويعرفون هوية العمل ووقت العرض، وشركة الإنتاج التي ربما تكون الأفضل، لكن نيللي كريم لها وجهة نظر أخرى، تقول، "بكل صدق أنا لا أستشير أحداً في اختيار أعمالي، بل رأيي من عقلي وقلبي، ولا أحسب أية حسابات قبل أي عمل، ولا أعرف هل سيحقق نجاحاً أو لا، لكنني أعمل فقط، وأبذل جهداً كبيراً مثل جميع الزملاء أمام الكاميرا وخلفها، فالفن ليس تهريجاً أو مجالاً للمزاح، بل مسؤولية ثقيلة. وبالنسبة إلى توقيت العرض وهو رمضان فأنا أيضاً لا أخطط له، ولا أحسب أين يعرض العمل أو متى، لكن طبعاً شهر رمضان به أكبر نسبة مشاهدة. وفي النهاية، فإن العمل الجيد يفرض نفسه في أي وقت، بدلالة نجاح أعمال خارج السباق الرمضاني، وفشل أعمال ضخمة داخل الماراثون، لهذا لا توجد إلا قاعدة واحدة، هي أن هناك مسلسلاً جيداً ومسلسلاً سيّئاً، وليس مسلسلاً لرمضان وغير رمضان".
رسائل للمجتمع
قدمت نيللي كريم في أكثر من عمل رسائل وُجّهت إلى المجتمع بشكل أو بآخر، ووصفها بعض النقاد بأنها تتعمد البحث عن أفكار تخدم القضايا فقط، وردّت نيللي على هذه النقطة بقولها، "في الحقيقة، أنا مهمومة أكثر بتجسيد شخصيات إنسانية من لحم ودم وعميقة، ولها ظروف وأحاسيس مهمة، وإذا تداخلت هذه الشخصية، وهذا يحدث في معظم الأحيان، مع قضية مهمة ورسالة تدعم فكرة عامة، وتتحقق المعادلة ويظهر العمل والشخصية بصورة تقديم رسالة، لكن الفن في كثير من الأحيان يكون مجموع مشاعر تتبلور وتتصاعد وتصل إلى حالة ربما تتحدث عن قضية، وليس العكس، حتى إن كان الهدف تقديم قضية لا بد من الشخصيات الإنسانية الثرية والحساسة التي تعبّر عن ذلك".
وعن مسلسل "الجسر"، الذي شاركت فيه مع الفنان عمرو سعد ومن إخراج بيتر ميمي، ويتناول قصة خيالية تعبّر عن فناء الكون بعد حرب خيالية، قالت نيللي، "تحمست جداً لهذا المسلسل، لأنه خيال علمي وتجربة جديدة تماماً علي، إذ لم أجسد دوراً مثل هذا على الرغم من كل ما قدمته في الفن على مدار أعوام طويلة، وأؤدي في العمل دور دليلة التي تقود إحدى المستعمرات بعد فناء العالم، وأنا بطبعي أحب الأكشن والخيال، وكان هذا متوافراً في المسلسل بكثرة على الرغم من صعوبة التصوير، لكنني استمتعت بمشاركة نخبة كبيرة من النجوم، هم عمرو سعد وسارة الشامي وخالد كمال ومحمد علاء، والعمل من تأليف محمد سليمان عبد الملك".
وحول أعمالها السينمائية، قالت، "انتهيت من تصوير فيلم ’العميل صفر‘ مع الفنان الكوميدي أكرم حسني وإخراج محمد سامي، وأنتظر عرضه قريباً وفيه تجربة كوميدية جديدة استمتعت بها، فأنا أحب الكوميديا عكس ما يُشاع عني، وإن كانت أعمالي الدرامية صنفت على أنها ’نكد‘، فهذا يعني نجاحي في تقديم الدراما بصدق وبجرعة كبيرة".