منذ أشهر، لم يطرأ على المشهد السياسي في العراق أي جديد قد يبدد الجمود في المسار الانتخابي، ما أدخل البلاد في نفق مظلم قد يطول أمده. فالقوى السياسية تواصل مباحثاتها منذ أشهر، لكن من دون الوصول إلى توافق يخرج البلاد من الانسداد السياسي الذي يمر به.
وبغياب التوافق، يغيب التوافق الكردي – الكردي، والشيعي - الشيعي على مرشحي رئاستي الجمهورية والوزراء، مع ترجيحات بالتوصل إلى اتفاق سياسي يرضي جميع الأطراف المتنازعة.
ووفق قرار المحكمة الاتحادية بفتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية لمرة واحدة فقط رقم 24 لسنة 2022، فأمام رئاسة البرلمان مدة 30 يوماً وفق المادة 72 ثانياً من الدستور العراقي من تاريخ 6 مارس (آذار) حتى 6 أبريل (نيسان)، يتم خلالها انتخاب رئيس الجمهورية، وبشكل ملزم.
استمرار الجلسة
وتوضيحاً لمسألة "مخالفة قرار المحكمة الاتحادية بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 6 أبريل الحالي"، كشف الخبير القانوني، علي التميمي، عن أن قيام رئيس البرلمان محمد الحلبوسي برفع الجلسة إلى إشعار آخر، يعني أنها ستكون مستمرة لانتخاب رئيس الجمهورية خلال 30 يوماً.
وتابع، "استمرار الجلسة يعني أنها افتتحت بنصاب قانوني، وستفتتح في المرة المقبلة في النصاب ذاته، وهذا يرفع الحرج عن رئيس البرلمان كونه لم يحدد يوماً يعد خارج إطار ما قدمته المحكمة الاتحادية من تفسير، أي تبقى الجلسة وكأنها ما زالت بتاريخ انعقاد يسبق يوم 6 أبريل".
وأشار التميمي إلى "حاجة برهم صالح وفق المادة 67 من الدستور لكونه حامي الدستور، أن يستفتي المحكمة الاتحادية العليا لمعرفة رأيها في ما وصلت إليه الإجراءات الدستورية، لإيجاد مدة أخرى".
وتعليقاً منه على الفراغ الدستوري، قال التميمي، "لا يوجد شيء اسمه فراغ دستوري، بل خلافات سياسية انعكست سلباً على الإجراءات الدستورية، التي باتت شماعة تعلق عليها دوماً هذه المشاكل".
وختم الخبير القانوني، "أما رئيس الجمهورية برهم صالح فيستمر في عمله وفق قرار المحكمة الاتحادية 24 لسنة 2022، لحين انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتواصل الحكومة تصريف الأمور اليومية".
محاولة لفك الانسداد السياسي
بدوره، أكد العضو في البرلمان العراقي عن كتلة "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، محما خليل، أن هناك محاولة لفك الانسداد السياسي الحاصل في العراق، وسيتوجه وفد يضم الكتل الشيعية إلى إقليم كردستان والحنانة في النجف لهذا الشأن، مشيراً إلى أن المحكمة الاتحادية لم تضع تاريخاً محدداً لانتخاب رئيس الجمهورية.
وقال خليل في تصريح صحافي، إن "هناك محاولة الآن لفك الانسداد الذي يحيط الوضع السياسي في العراق، هناك مفاوضات بدأت بين الأطراف الشيعية، ومن المقرر أن يزور وفد من الكتل الشيعية إقليم كردستان والحنانة في النجف".
ووافق 6 أبريل الموعد النهائي المحدد لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد للعراق. وفي هذا الشأن، قال العضو في البرلمان العراقي "صحيح أن انتخاب رئيس للجمهورية يجب أن يجري وفقاً للدستور خلال شهر بعد عقد أول جلسة للبرلمان واختيار هيئة رئاسة المجلس، لكن المحكمة الاتحادية العليا في العراق نصت في قرارها على اجتماع مجلس النواب لاختيار رئيس الجمهورية في فترة وجيزة، لكنها لم تضع تاريخاً محدداً، لذلك يمكن لهذه الفترة الوجيزة أن تطول لأشهر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع، "المحكمة الاتحادية لم تضع تاريخاً لاختيار الرئيس، من أجل إعطاء الكتل والأطراف السياسية فرصة لإجراء الحوار والوصول لاتفاق".
ولم تتوصل الأطراف السياسية حتى الآن إلى اتفاق حول المرشحين لمنصب رئاسة العراق.
وكان مجلس النواب العراقي عقد يومي 26 و30 مارس الماضي، جلستين برلمانيتين لانتخاب رئيس للجمهورية من بين 40 مرشحاً للمنصب، لكن مقاطعة بعض الكتل والأحزاب السياسية، ومن بينها الإطار التنسيقي للجلسة، أدت إلى رفع الجلسة البرلمانية لعدم اكتمال النصاب القانوني لعقدها.
ونشر زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر تغريدة على "تويتر"، أعطى خلالها الفرصة للإطار التنسيقي بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة خلال 40 يوماً.
على ضوء ذلك طرح "الإطار التنسيقي" الجمعة، رؤية مكونة من 4 نقاط لمعالجة الانسداد السياسي الذي أعقب انتخابات 2021.
قضية الكتلة الأكبر
بدوره، أكد القيادي في "الإطار التنسيقي" فاضل جابر، أنه يتوجب على "التيار الصدري" إعادة حساباته بشأن قضية الكتلة الأكبر التي يجب أن تكون من داخل البيت الشيعي.
وقال جابر في تصريح صحافي، إن "الخلافات التي عصفت برئاسة البرلمان بين رئيس المجلس ونائبه هي خير دليل على ضرورة ضمان بقاء الكتلة الأكبر داخل البرلمان".
وأضاف أن "الخلاف بين الإطار والتيار بسيط، ويمكن أن يتم حله في جلسة واحدة أو لقاء خلال شهر رمضان".
وتابع، "الشعب العراقي يئن ويعاني أزمات اقتصادية على الرغم من الأموال الطائلة التي تدخل البلاد".
ودعا جابر "جميع الأطراف السياسية إلى اغتنام فرصة شهر رمضان الكريم وفتح صفحة جديدة وتصفير جميع الخلافات لتجنب مزيد من التدهور الحاصل في جميع المجالات في البلاد".
فقدان الثقة بين القوى السياسية
بدوره، يرى النائب عن "الاتحاد الإسلامي" مثنى أمين، أن المعضلة التي تمر بها العملية السياسية ليست متوقفة على تحقيق النصاب والتصويت على رئيس الجمهورية فقط، لكنها أبعد من ذلك، مشيراً إلى أن فقدان الثقة بين القوى السياسية هو السبب الرئيس والمحوري لوصول العملية السياسية إلى هذا الاختناق.
وقال في تصريح صحافي، "من يعتقد أن العملية السياسية متوقفة على اكتمال نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية هو مخطئ"، مبيناً أن "معضلة العملية السياسية، وتوقفها يعود إلى سببين: الأول الخلاف بين الإطار والتيار فيما يتعلق بتشكيل الكتلة الأكبر وتشكيل الحكومة والاتفاق على اسم رئيس الحكومة".
وأضاف، "الأمر الثاني هو وجود حالة عدم ثقة بين جميع الأحزاب والكتل السياسية، خصوصاً الكبيرة المتمثلة بين الإطار والتيار وحلفائه السنة والكرد، فضلاً عن خلاف البارتي واليكتي ومثله بين عزم والسيادة".
وأكد أن "الحزبيين الكرديين الرئيسين البارتي واليكتي لديهما طموحات في التمدد بجميع مفاصل إقليم كردستان التنفيذية والتشريعية، وبرزت بشكل واضح بعد رحيل جلال طالباني، إذ إنه كان يمثل نداً متساوياً مع البارزاني في قيادة شعب الإقليم"، مرجحاً أن "تعود القوى السياسية بالنهاية إلى التشارك وتقاسم السلطة وترك آخرين في المعارضة".