في حين أبدى الشارع اليمني حالة من التفاؤل بمجلس قيادته الجديد الذي ضم كوادر فاعلة ومؤثرة في مشهد الأحداث، ربطوا مدى نجاحه بمستوى الإنجاز في المهمات الموكلة إليه بالعمل على حلها وإدارة شؤون البلاد من العاصمة المؤقتة عدن التي يحكم المجلس الانتقالي الجنوبي قبضته على مفاصلها كافة، وحلحلة الملفات السياسية والعسكرية والانهيار الاقتصادي والأمني وغيرها، إضافة إلى وضع حد للأزمة الإنسانية الأسوأ على مستوى العالم.
يأتي ذلك في حين جاءت كلمة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي لتوضح مهمات المجلس للمرحلة المقبلة التي تحفل بملفات معقدة وشائكة بالتزامن مع تصعيد حوثي في جبهات القتال على الرغم من الدعوات الخليجية والأممية إلى الانصياع لصوت العقل وتغليب مصلحة اليمنيين الذين يكابدون ويلات الحرب وآثارها المدمرة.
وفي أول خطاب له، لخّص العليمي مهمات مجلسه في اعتباره "مجلس سلام"، إلا أنه أيضاً "مجلس دفاع وقوة ووحدة صف، مهمته الذود عن سيادة الوطن وحماية المواطنين".
وقال في خطاب متلفز إن "مجلس القيادة يعد الشعب بإنهاء الحرب وتحقيق السلام، من خلال عملية سلام شامل تضمن للشعب اليمني كافة تطلعاته"، متعهداً بأن يعمل مجلسه على "معالجة التحديات في كل أنحاء اليمن من دون تمييز ومن دون استثناء".
وجاء الإعلان عن تشكيل المجلس في ختام مشاورات للقوى اليمنية في الرياض برعاية مجلس التعاون الخليجي، في غياب الحوثيين الذين رفضوا الحضور.
وأكد الرئيس عبد ربه منصور هادي في بيان متلفز أن المجلس الجديد مكلّف "التفاوض مع الحوثيين لوقف إطلاق نار دائم في كافة أنحاء الجمهورية والجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي نهائي".
تفاؤل مشروط
وفيما ينتظر الشارع أن يعود المجلس الرئاسي وأعضاؤه إلى مدينة عدن مع أعضاء مجلس النواب وأعضاء حكومة المناصفة لأداء اليمين الدستورية في قصر المعاشيق الرئاسي، فإن مراقبين استبعدوا هذه الخطوة نظراً إلى رفض المجلس الانتقالي الجنوبي دخول أي مكونات سياسية غير تابعة له وهو ما يضع نجاح المجلس على المحك.
عدن أو الفشل
تربط عضوة المشاورات سارة اليافعي، مدى نجاح المجلس من عدمه بعودته إلى الداخل والقيام بمهماته من العاصمة المؤقتة عدن، عدا ذلك يبقى في فراغ وهامش يحتملان كثيراً من التأويلات و"كأنك يابو زيد ماغزيت"، خصوصاً أن أبرز توصيات المشاورات الرئيسة تنص على أن تمارس الحكومة مهماتها من الداخل اليمني، إضافة إلى الإصلاح الإداري والمؤسسي.
وتضيف اليافعي، أن هذا الأمر لا يختص بالمجلس الرئاسي والحكومة فقط، بل يعني أيضاً هيئة التشاور والمصالحة التي تضمنها القرار الدستوري الذي شمل تشكيل المجلس الرئاسي، وهيئة للتصالح والتشاور وأخرى قانونية.
توليفة متباينة يجمعها هدف مشترك
يضم المجلس الرئاسي في توليفته أسماء يمنية عدة برز دورها كشخصيات مؤثرة في المرحلة السابقة.
وإلى جانب رئيسه رشاد محمد العليمي، يضم المجلس في عضويته سبعة آخرين هم سلطان بن علي العرادة وطارق محمد صالح وعبد الرحمن أبو زرعة المحرمي وعبدالله العليمي وعثمان مجلي وعيدروس الزبيدي وفرج البحسني.
وبالنظر إلى طبيعة الخلفيات السياسية التي جاؤوا منها، نجدها متباينة، ولكنها تتقاطع في طريق واحد وهو معاداة المشروع الحوثي المدعوم إيرانياً.
فرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، الذي يتبنّى خيار فصل جنوب اليمن عن شماله، بات عضواً في المجلس الرئاسي، جنباً إلى جنب مع خصمه القديم، طارق محمد عبدالله صالح الذي كان يقود القوات الموالية لعمه الرئيس الراحل علي عبدالله صالح،
وكذلك الحال بالنسبة إلى الشيخ عثمان مجلي، القيادي المؤتمري، الذي سيجلس إلى جوار القيادي الإصلاحي ذي المرجعية الإخوانية عبدالله العليمي، وجميعهم يحملون خصومة للقيادي السلفي عبد الرحمن أو زرعة المحرمي، قائد ألوية العمالقة الذي يقف على النقيض من مرجعياتهم السياسية والأيديولوجية الفكرية.
تقول عضوة المشاورات اليمنية في فريق المحور الإغاثي والإنساني وضحى مرشد إن هناك إجراءات تجري على قدم وساق لمجلس القيادة الرئاسي للعودة إلى اليمن وإدارة ملف الحرب والسلام من الداخل وكلنا ثقة بنجاحه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتستدل بتصريح لعضو المجلس عثمان مجلي لإحدى القنوات المحلية بالأمس، "قالها بوضوح نستعد للعودة لأرض الوطن لإدارة العملية السياسية والعسكرية بالتوازي مع استعادة الوطن"، مضيفة: "ولهذا نحن نعوّل كثيراً على القيادة الجديدة لاستعادة زمام الأمور وإعادة اليمن السعيد".
سلماً أو حرباً
توضح مرشد آلية تشكيل المجلس والخلفية التي حملت فكرته بقولها إن مجلس التعاون الخليجي حين دعا إلى المشاورات اليمنية-اليمنية، كان خطها العريض إنهاء الحرب سلماً أو حرباً والدخول في السلام وإعادة الإعمار والتنمية.
ولهذا، كانت هناك "أهمية موضوعية لتغيير التركيبة السياسية الحالية للقضية اليمنية وهنا نعني المشهد السياسي برمّته الذي راوح مكانه لأعوام الحرب الثمانية".
إشراك القوى كافة نحو الحسم
توضح مرشد أن الرؤية اليمنية كانت تقتضي ضرورة إشراك القوى المقاومة كافة للانقلاب سياسياً وعسكرياً لتوحيد الصف الجمهوري أولاً، ثم الدخول في مفاوضات مع الحوثيين لإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة، وفق شروط السلام العادل الشامل المستدام أو الاتجاه نحو الحسم العسكري بعد ثمانية أعوام عجاف سبّبها الانقلاب وعاش فيها الشعب اليمني أسوا أزمة إنسانية في تاريخه.
وتضيف "من هنا، انبثقت رؤية أهمية إنشاء مجلس القيادة الرئاسي الذي كان من أبرز مخرجات المشاورات، وبه استبشر الشارع اليمني وتفاءل خيراً بعد أعوام من الجمود السياسي مع إدراك القوى الوطنية كافة، خصوصاً عقب المتغيرات الدولية أن الوقت قد حان لإنهاء الحرب والدخول في عملية لاستعادة البلد والتنمية".
الخيار للحوثي
بالحديث عن مهمات المجلس في ظل التحديات في المرحلة المقبلة، قالت مرشد إن القيادة الجديدة للبلاد تضم كفاءات سياسية وعسكرية وهم رجال دولة ورجال حرب وسلام في الوقت ذاته.
وتخلص إلى أن "الكرة باتت اليوم في ملعب الحوثيين والخيار لهم إن أرادوا سلاماً وفق شروط السلام الحقيقي فأهلاً وسهلاً، وإن أرادوا الحرب، فها نحن قد أزلنا كل عقبات الحسم العسكري والتباين السياسي، ولم يبقَ بيد الحوثي إلا التعقل أو الهزيمة".
وفيما كان اليمنيون يصوغون عقدهم السياسي والاجتماعي لعهد جديد في المشاورات التي جرت برعاية خليجية، تُوّجت بإعلان تشكيل مجلس رئاسي مكون من ثمانية أشخاص يتولّى قيادة البلاد، شنت الجماعة المدعومة من إيران هجوماً حاداً على القرارات والإجراءات التي خرجت بها مشاورات الرياض التي شاركت فيها جميع القوى والمكونات اليمنية المناهضة للحوثيين، الذين رفضوا الحضور على الرغم من تكرار الدعوة الخليجية لهم.
وقالت الميليشيات، أمس الخميس، إن تفويض الرئيس هادي صلاحياته لمجلس قيادة رئاسي خطوة "تدفع نحو التصعيد"، داعية الشعب اليمني إلى مواصلة ما وصفته بالقتال، وفقاً لبيان نشره المتحدث باسم الميليشيات محمد عبد السلام، في صفحته على "تويتر".
وكرر البيان اشتراطات الميليشيات لأي عملية سلام في البلاد، التي يحصرها في وقف التحالف عملياته قبل الجلوس إلى طاولة الحوار.
تحسن العملة الوطنية
وعقب تشكيل المجلس الرئاسي وإعلان السعودية عن دعم مالي لليمن بقيمة ثلاثة مليارات دولار، شهد الريال اليمني تحسناً ملحوظاً، خلال تداولات اليومين الماضيين. وأفادت مصادر مصرفية بأن "الريال اليمني شهد تحسناً كبيراً اليوم في كل المحافظات الواقعة تحت سلطة الحكومة وكذلك في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين".
وذكرت المصادر أن "سعر الدولار الواحد وصل إلى 720 ريالاً في المحافظات الواقعة تحت سلطة الحكومة، بعدما بلغ خلال الفترة السابقة نحو 1150 ريالاً للدولار". فيما وصل صرف الدولار في المناطق الخاضعة لسلطة الحوثيين إلى نحو 500 ريال، بعدما بلغ 600 ريال.