تصدر إيمانويل ماكرون نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، الأحد، بفارق بضع نقاط مئوية عن منافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبن، وسيتواجه الاثنان في الدورة الثانية في 24 أبريل (نيسان) التي تبدو نتيجتها غير محسومة.
دعا المرشحان النهائيان على الفور إلى تجمعين حاشدين، وشكر ماكرون المرشحين الخاسرين الذين دعوا إلى قطع الطريق أمام مرشحة أقصى اليمين، في حين حضت لوبن "كل من لم يصوتوا" للرئيس المنتهية ولايته "الانضمام" إليها.
وأعرب ماكرون عن استعداده لإنشاء هيكل جديد جامع بعيداً عن "الخلافات" يكون "حركة سياسية كبيرة للوحدة والعمل".
وقال ماكرون: "أدعو الفرنسيين على الرغم من خلافاتهم للتصويت لي في الدورة الثانية من الانتخابات". وطالب جميع الفرنسيين إلى "التصدي لليمين وأقصى اليمين والانضمام لمعسكرنا".
ووفق التقديرات، حصل إيمانويل ماكرون على أقل بقليل من 30 في المئة من أصوات الناخبين، وهي نسبة أعلى مما كان متوقعاً في استطلاعات الرأي قبل التصويت في نهاية الجزء الأول من الحملة التي تعطلت بشدة بسبب وباء كورونا والحرب في أوكرانيا.
على وقع هتافات "ماكرون رئيساً"، لوح نحو ألف من أنصاره بالأعلام الفرنسية والأوروبية، مساء الأحد، كما عبروا عن فرحتهم مرددين شعار "عام، عامين، وخمسة أعوام أخرى".
حلت مارين لوبن في المرتبة الثانية حاصدة أقل بقليل من 25 في المئة من الأصوات وفق التقديرات، متقدمة على المرشح اليساري الراديكالي جان لوك ميلانشون الذي حصل على أكثر بقليل من 20 في المئة من الأصوات.
أفضلية ضيقة لماكرون
أظهرت الاستطلاعات الأولى التي أجريت، مساء الأحد، حول نوايا التصويت في الدورة الثانية، أفضلية ضيقة لماكرون بحصوله على 51 في المئة من الأصوات وفق استطلاع "إيفوب-فيدوسيال"، و54 في المئة وفق استطلاع معهد "إبسوس"، وهي نسبة أدنى بكثير مما حصد عام 2017 (66 في المئة).
وقالت لوبن بعد إعلان النتائج، إن "ما سيحدد في 24 أبريل سيكون خياراً للمجتمع والحضارة"، متعهدة خصوصاً بـ"استعادة سيادة فرنسا".
وشدد ماكرون أمام أنصاره في مقر حملته أنه "لم يُحسم شيء بعد" في الانتخابات، لافتاً إلى أن "النقاش الذي سنخوضه لمدة 15 يوماً سيكون حاسماً بالنسبة لبلدنا وأوروبا".
ودافعت مارين لوبن عن رؤيتها المتمثلة في "تجميع الشعب الفرنسي حول العدالة الاجتماعية والحماية، اللتين يضمنهما إطار أخوي حول فكرة الأمة التي يمتد تاريخها لألف عام"، معتبرة أن ذلك نقيض "الانقسام والظلم والفوضى التي فرضها إيمانويل ماكرون لصالح قلة قليلة".
أما الرئيس المنتهية ولايته، فقال إنه يريد "فرنسا أن تكون جزءاً من أوروبا قوية، تواصل تشكيل تحالفات مع الديمقراطيات الكبرى للدفاع عن نفسها، وليس فرنسا التي تغادر أوروبا ليكون حلفاؤها الوحيدون التحالف الدولي للشعبويين وكارهي الأجانب"، في إشارة إلى لوبن التي تتمتع بعلاقات جيدة مثلاً مع رئيس الوزراء المجري الشعبوي فيكتور أوربان.
الامتناع عن التصويت
سيكون الامتناع عن التصويت إحدى قضيتين رئيسيتين في الدورة الثانية، إضافة إلى الحصول على أصوات ناخبي المرشحين المنهزمين في الدورة الأولى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
دعا عدد من المرشحين المنهزمين لقطع الطريق أمام لوبن، ومن هؤلاء ميلانشون الذي حض أنصاره، مساء الأحد، على "عدم إعطاء صوت واحد لمارين لوبن" في الدورة الثانية.
وأصدر الشيوعيون والاشتراكيون والخصر دعوات مماثلة، كما فعلت أيضاً مرشحة اليمين التقليدي فاليري بيكريس.
ومع ذلك، فإن تأثير تلك الدعوات لا يزال غير مؤكد بالنظر إلى أن شخصية إيمانويل ماكرون مثيرة للانقسام، لا سيما بين بعض الناخبين اليساريين.
واعتبرت القيادية في حزب الخضر المدافع عن البيئة ساندرين روسو أن على الرئيس المنتهية ولايته أن "يقنع الناخبين اليساريين والمدافعين عن البيئة واحداً بواحد" وإلا فإنه "لن ينجح".
ويبدو أن للوبن احتياطي أصوات منخفضاً نسبياً في الجولة الثانية، لكن يمكنها الاعتماد على دعم المرشح اليميني المتطرف الآخر إريك زيمور الذي قال بعد حصوله على نحو 7 في المئة من الأصوات في الدورة الأولى "لن أخدع بخصمي" داعياً أنصاره إلى "التصويت لمارين لوبن".
كما دعا المرشح السيادي نيكولا دوبون-اينيان إلى التصويت لصالح لوبن بعد أن حصل على حوالى 2 في المئة من الأصوات.
سابقة مزدوجة
قد يكون لفوز لوبن تداعيات دولية مهمة، نظراً إلى مواقفها المعادية للتكامل الأوروبي ورغبتها مثلاً في سحب فرنسا من القيادة المتكاملة لحلف شمال الأطلسي (الناتو).
وفوزها سيمثل سابقة مزدوجة، فلم يسبق أن حكمت فرنسا امرأة كما لم يحكم اليمين المتطرف البلاد قط.
في هذا الصدد، قال الخبير السياسي باسكال بيرينو على موقع "آرتي"، إنه "في عام 2017، لم يكن لدى مارين لوبن احتياطي كبير، أما الآن فيمكنها الذهاب أبعد بكثير. سيتعين على ماكرون صيد الأصوات من جان لوك ميلانشون".
واعتبر لويس أليوت القيادي في "التجمع الوطني" حزب لوبن، على شاشة تلفزيون "فرانس2" أن "انتخابات جديدة بدأت".
ظاهرة ماكرون
ستكون المناظرة المتلفزة التقليدية في فرنسا بين دورتي الانتخابات من المحطات الحاسمة في الحملة التي تستمر أسبوعين اعتباراً من 20 أبريل.
في عام 2017، هيمنت ظاهرة إيمانويل ماكرون على الساحة وباغتت الكل، لكن هذه المرة تبدو ابنة جان ماري لوبن الذي كان أول من يقود اليمين المتطرف إلى الدورة الثانية للرئاسيات عام 2002، مستعدة أكثر.
خاضت مارين لوبن حملة ميدانية منذ البداية ركزت خلالها على القوة الشرائية التي تمثل الشاغل الرئيس للناخبين، في حين أن إيمانويل ماكرون الذي انشغل بالحرب في أوكرانيا، وربما كان واثقاً جداً من استطلاعات الرأي، لم يشارك كثيراً في حملة الدورة الأولى.