يرزح الشعب البريطاني اليوم تحت وطأة فواتير الطاقة [من غاز وكهرباء] الجنونية، ويتساءل كيف يمكن للمملكة المتحدة أن تحقق استقلالها في مجال الطاقة في المستقبل.
حتى الآن أخفقت الحكومة تماماً في معالجة أزمة كلف المعيشة، فقد رفضت مثلاً تنفيذ طلب حزب العمال الذي يقضي بفرض ضريبة الأرباح غير المتوقعة لمرة واحدة على منتجي النفط والغاز ممن يحققون أرباحاً ضخمة في ظل هذه الأسعار المرتفعة، وذلك لمساعدة الأسر في توفير ما يناهز 600 جنيه استرليني (813 دولاراً) من فواتير الطاقة.
واليوم كانت الحكومة أمام فرصة ثانية تمثلت في إعادة إطلاق الاستراتيجية ليس لمعالجة أزمة كلف المعيشة الحالية وحسب، بل أيضاً لتوفير سباق طاقة خضراء سريع التنفيذ من أجل خفض فواتير الأسر وقطع واردات الوقود الاحفوري، والتقليل من انبعاثات الكربون في هذا العقد ومعالجة أزمة المناخ.
ولكن بدلاً من ذلك أطلقت استراتيجية فاشلة من كل النواحي، والحال أن هذه الوثيقة التي تقع في 12 صفحة قصيرة لا تقدم عملياً أي حل يمكنه أن يعالج أزمة كلف المعيشة التي يعانيها الناس، ليس فقط في العام المقبل، لا بل في العقد المقبل أيضاً، وعوضاً من ذلك تضمنت سلسلة من الأهداف غير المحددة والخطط غير المبرمة وحالات الإغفال الملحوظة.
لنأخذ مثلاً توليد الطاقة من الرياح والشمس من خلال توربينات فوق البحر، وهي حالياً الطاقة المتاحة الأرخص والأنظف والأسرع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في 2015 عندما تعهد ديفيد كاميرون بـ "خفض الهراء الأخضر" دمر المحافظون صناعة توليد الطاقة من الرياح فوق البحر (وقد تم بناء 20 توربيناً للرياح فقط خلال السنوات الخمس الأخيرة بسبب حظرها فعلياً). وواجهت صناعة الطاقة الشمسية تراجعاً نسبته 95 في المئة في عدد المنشآت.
وكان من البديهي وجوب إلغاء هذا الحظر بشكل نهائي والالتزام بمضاعفة قدرة توليد الطاقة من الرياح فوق البحر بحلول العام 2030، كما دعا إليه حزب العمال، ومن شأن هذه الخطوة أن توفر الكهرباء لـ 10 ملايين بيت إضافي وتولد طاقة كافية لخفض المعدل الوسطي للفاتورة بمقدار 200 جنيه استرليني (260 دولاراً).
ولكن على الرغم من أن النسخ الأولية من هذه الاستراتيجية وصفت توليد الطاقة من الرياح البحرية على أنها "أرخص مصادر الطاقة المتجددة"، فقد أذعن بوريس جونسون لنواب حزبه المهووسين بخوض معارك الأمس بدلاً من بناء نظام طاقة للغد، وهم أبعد ما يكونون عن هموم الناس في البلد.
وبدلاً من مواجهة هؤلاء رضخ بوريس جونسون لطرح غير صحيح تماماً مفاده أن تركيب توربينات لتوليد الطاقة من الرياح فوق البحر غير شائع، في الوقت الذي تفيد فيه كل استطلاعات الرأي بأن الغالبية الساحقة من الشعب تدعم مشاريع من هذا النوع، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في المناطق الأقرب إلى مواقع هذه التوربينات، والأمر سيان بالنسبة إلى الطاقة الشمسية، فعوضاً عن زيادة [توليد الكهرباء من طريق] الطاقة الشمسية بمقدار ثلاثة أضعاف تلبية لطلب حزب العمال، تجنبت الاستراتيجية الأهداف الصعبة وفوتت فرصة إطلاق العمل بالطاقة الشمسية بشكل سريع.
ثم هناك كفاءة الطاقة، أي الطريقة الفضلى، والأكثر سرعة وفعالية لخفض فواتير الطاقة وتقليص الطلب على الوقود الاحفوري المستورد وبناء بيوت دافئة للجميع، فعبء هذا الخطأ رهيب على سجلات المحافظين، إذ ثمة 9 ملايين أسرة تدفع 170 جنيهاً استرلينياً (221 دولاراً) إضافياً سنوياً على فواتير الطاقة نتيجة قرار المحافظين القاضي [بترميم المباني لتحسين فعالية الطاقة وخفض الاستهلاك فيها] قبل عقد من الزمن.
وقبل حلول فصل الشتاء المقبل من الضروري أن نقوم بعزل البيوت من أجل خفض فواتير الطاقة، وبالتالي عمل حزب العمال على وضع خطة وطنية لـ 10 سنوات من أجل عزل 19 مليون بيت، مما سيؤدي إلى خفض الفواتير وتوفير بيوت أكثر دفئاً لملايين المتقاعدين والأسر ذات الدخل المحدود.
لكن المحافظين لم يفعلوا شيئاً من هذا القبيل، حتى إن وزير الأعمال في هذه الحكومة نفسه اللورد كالانان اعترف اليوم أن الاستراتيجية لم تقدم ما يعتد به في في مجال كفاءة الطاقة.
بينما قالت اليوم " إيون"، وهي ثاني أكبر شركة لتزويد الطاقة، إن غياب أي مبادرة في شأن كفاءة الطاقة في الاستراتيجية [التي أعلنت] اليوم "يحكم على الآلاف" بالعيش في بيوت باردة ورطبة.
إن تراكم هذه العناصر أدى إلى إعادة إطلاق استراتيجية للطاقة لا تعالج مسألة غلاء كلفة المعيشة ولا تحرز إلا التقدم البطيء، فيما البلد أحوج ما يكون إلى مبادرة خضراء سريعة تحقق استقلال الطاقة وتخفض الفواتير.
إد ميليباند، عضو في البرلمان عن دائرة دونكاستر نورث الانتخابية، ووزير تغيير المناخ والحياد الكربوني في حكومة الظل.
نشرت اندبندنت هذا المقال في 8 أبريل 2022
© The Independent