ارتفعت أسعار الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي مجدداً نهاية تعاملات الأسبوع، أمس الجمعة، بعد قرار الحزمة الجديدة من العقوبات الاقتصادية على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا. وشملت الحزمة الخامسة من العقوبات الأوروبية التي صدرت، أمس، وكان متوقعاً أن تصدر الأربعاء، حظراً على واردات الفحم والخشب والكيماويات ومنتجات أخرى من روسيا. وأعلن القادة الأوربيون أنه سيتم خفض واردات الفحم من روسيا على مدى أربعة أشهر حتى وقفها تماماً.
ووصلت أسعار الفحم الحراري بأوروبا في العقود الآجلة للتسليم بعد عام 230 دولاراً للطن المتري، بعدما تجاوزت 300 دولار للطن المتري حين بدأ الحديث عن حظر واردات الفحم الروسي لأوروبا. بينما كان تقدير "غلوبال بلاتس"، وحدة دراسات الطاقة في مؤسسة "ستاندرد أند بورز"، أن ترتفع أسعار الفحم في أوروبا إلى 216 دولاراً للطن المتري.
وبنهاية تعاملات الأسبوع، الجمعة، وصلت أسعار الطاقة بالجملة بألمانيا في العقود الآجلة لعام 2023 إلى أكثر من 215 دولاراً (197.75 يورو) للميغاوات/ساعة من الكهرباء. وتوقع المحللون في "غلوبال بلاتس"، "أن تواصل أسعار الطاقة الارتفاع في دول أوروبا وبريطانيا ما يشكل ضغطاً إضافياً على تكاليف المعيشة ويغذي الارتفاع الهائل في معدلات التضخم".
وتعد ألمانيا الأكثر تضرراً من قرار خفض واردات الفحم حتى حظرها بعد أربعة أشهر، إذ إنها الأكثر اعتماداً على واردات الفحم الروسي لأوروبا. وتبلغ تلك الواردات نصف ما تستهلكه أوروبا من فحم سنوياً. حسب مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات) بلغت واردات أوروبا من الفحم الروسي 47 في المئة من احتياجاتها العام الماضي 2021، بينما تشكل نسبة 22 في المئة من صادرات الفحم الحراري الروسي للخارج.
خسائر للطرفين
بحسب المراقبين، عكس تأخر صدور قرار الحزمة الأخيرة من العقوبات الأوروبية من الأربعاء إلى نهاية الأسبوع الخلافات بين الدول الأوروبية بشأن واردات الطاقة من روسيا. وتتزعم بولندا حملة حظر واردات الطاقة من روسيا وتطالب بأن يشمل الحظر الفحم والنفط أيضاً. لكن بعض الدول الأوروبية تعارض حظر النفط، وهو ما سيناقش في اجتماع الأوروبيين، الإثنين المقبل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتنتج بولندا نحو 80 في المئة من احتياجاتها من الفحم، الذي تعتمد عليه بكثافة في توليد الطاقة، لكنها تستورد أيضاً نحو 20 في المئة من استهلاكها من روسيا. أما دولة مثل ألمانيا فتعتمد بشكل كبير جداً على استيراد الفحم، ونصف وارداتها منه تأتي من روسيا.
وقدر الأوروبيون أن حظر استيراد الفحم الروسي سيكلف موسكو خسائر تقدر بنحو 8.7 مليار دولار (8 مليارات يورو). وبلغت صادرات روسيا الإجمالية من الفحم العام الماضي نحو 223 مليون طن متري، استوردت أوروبا منها 28.7 مليون طن متري، وفق أرقام وزارة الطاقة الروسية التي نشرتها وكالة "رويترز".
ورد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف على القرار الأوروبي، الجمعة، بالقول: "إن هناك طلباً عالمياً كبيراً على الفحم، وأن شحنات الفحم الروسي إلى أوروبا سيتم توجيهها إلى أسواق أخرى حول العالم إذا رفضت الدول الأوروبية تسلمها". وأضاف، "يظل الفحم سلعة مطلوبة بشدة عالمياً. هناك فترة سماح إذا تخلت أوروبا عن استهلاك الكميات، وبعدها سيتم توجيه صادرات الفحم إلى أسواق ووجهات أخرى".
ولا تقتصر الخسائر على روسيا وحدها، فرغم أن الدول الأوروبية يمكنها استيراد الفحم من مصدرين آخرين مثل أستراليا، فإن الأسعار ستكون أعلى بكثير. كما أن كثيراً من محطات توليد الطاقة الأوروبية التي تعمل بالفحم ستحتاج إلى تعديلات كي تتمكن من العمل باستخدام أنواع أخرى من الفحم.
ولجأت الدول الأوروبية، التي تواجه أزمة في الطاقة منذ صيف العام الماضي 2021، إلى تشغيل المزيد من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم لسد العجز في الشبكات حول القارة وفي بريطانيا. بل إن بعض الدول، مثل ألمانيا وبريطانيا، أعادت تشغيل محطات طاقة تعمل بالفحم كانت في طريقها للخروج من الخدمة تلبية لأهداف مكافحة التغير المناخي. ومعروف أن توليد الطاقة من الفحم ينتج كميات أكبر بكثير من ثاني أوكسيد الكربون عن حرق النفط والغاز. ويعد الكربون من أكبر الغازات المسببة للاحتباس الحراري.