ارتفع التضخم في الصين في مارس (آذار)، حيث أدى ارتفاع أسعار السلع الأساسية العالمية وعمليات الإغلاق في المدن الكبرى إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين والشركات، ولا تزال الصورة التضخمية الإجمالية في الصين أكثر اعتدالاً بكثير مما هي عليه في الولايات المتحدة والاقتصادات الكبرى الأخرى، ما يمنح الحكومة والبنك المركزي مجالاً واسعاً لدعم الاقتصاد المتباطئ من خلال التحفيز.
وأظهرت بيانات رسمية أن تضخم المصانع في الصين تباطأ، لكنه تجاوز التوقعات في مارس، حيث تصارع البلاد ضغوط التكلفة الناجمة عن الحرب الأوكرانية والاختناقات المستمرة في سلسلة التوريد.
مؤشر أسعار المنتجين
وارتفع مؤشر أسعار المنتجين 8.3 في المئة على أساس سنوي، وفقاً لبيانات من المكتب الوطني للإحصاء، متراجعاً من 8.8 في المئة في فبراير (شباط)، لكنه تجاوز توقعات بزيادة 7.9 في المئة في استطلاع أجرته "رويترز"، في حين كان ارتفاع مؤشر أسعار المنتجين على أساس سنوي هو الأبطأ منذ أبريل (نيسان) 2021، وكانت الزيادة الشهرية بنسبة 1.1 في المئة هي الأسرع في خمسة أشهر، وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في الصين بنسبة 1.5 في المئة على أساس سنوي، وهي أسرع وتيرة في ثلاثة أشهر، بعد ارتفاعه بنسبة 0.9 في المئة في فبراير، وتجاوز ارتفاع بنسبة 1.2 في المئة في استطلاع أجرته "رويترز".
وتعرض ثاني أكبر اقتصاد في العالم لضغوط هبوطية في مارس، مع تجدد تفشي "كوفيد-19" وأبلغت قطاعات التصنيع والخدمات عن انخفاض في النشاط، وكشفت السلطات الصينية عن سياسات لدعم الاقتصاد، بما في ذلك زيادة الإنفاق المالي وتخفيضات في ضريبة الدخل للشركات الصغيرة، وكان مجلس الوزراء الصيني قد تعهد مزيداً من تدابير الدعم للاستهلاك والاستثمار، ويشير تضخم المستهلك الذي لا يزال متواضعاً إلى ضعف الطلب، إذ تأثرت المعنويات في الاستهلاك بسبب إجراءات الرقابة الصارمة في بكين على "كوفيد-19".
وأبلغت الصين عن 26411 حالة جديدة من دون أعراض، الأحد 10 أبريل (نيسان)، وكان أكثر من 25000 حالة في المركز المالي لشنغهاي، الخاضعة حالياً للإغلاق على مستوى المدينة، ويتوقع آيريس بانغ، كبير الاقتصاديين في الصين الكبرى في "آي أن جي" في حديث لـ"سي أن بي سي"، أن ينكمش اقتصاد شنغهاي بنسبة ستة في المئة هذا الشهر وحده إذا استمر الإغلاق الحالي، وهو ما يعادل انخفاضاً بنسبة اثنين في المئة في إجمالي الناتج المحلي للصين بأكملها، كما يتوقع معظم المحللين أن يقوم البنك المركزي الصيني بخفض تكاليف الاقتراض، وخفض متطلبات الاحتياطي للبنوك أو خفض سعر الفائدة لضخ مزيد من السيولة في الاقتصاد.
التضخم وارتفاع الأسعار في الصين
كما أظهرت البيانات انتعاش التضخم في الصين في مارس، حيث أدى ارتفاع أسعار السلع الأساسية العالمية وعمليات الإغلاق في المدن الكبرى إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين والشركات، ولا تزال الصورة التضخمية الإجمالية في الصين أكثر اعتدالاً بكثير مما هي عليه في الولايات المتحدة والاقتصادات الكبرى الأخرى، على الرغم من ذلك، ما يمنح الحكومة والبنك المركزي مجالاً واسعاً لدعم الاقتصاد المتباطئ من خلال التحفيز، وتسلط بيانات التضخم الضوء على كيفية تأثير تدابير الصين الصارمة للسيطرة على الوباء على أسعار المستهلكين بشكل متزايد، مع ارتفاع تكلفة بعض السلع اليومية بسرعة، بينما تنخفض أسعار الخدمات مع بقاء المستهلكين في منازلهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء ارتفاع أسعار الخضراوات الطازجة بنسبة 17 في المئة في مارس، وأسعار الفاكهة بنسبة 4.3 في المئة، وسعر الطحين بنسبة 4.6 في المئة. على الجانب الآخر، تراجعت أسعار تذاكر الطيران والتذاكر إلى الأماكن السياحية الساخنة، كما ارتفعت أسعار البنزين بنسبة 25 في المئة، إذ أدى الهجوم الروسي على أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية، وقال دونج ليجوان، كبير الإحصائيين في مكتب الإحصاء الصيني إن الهجوم الروسي أدى إلى ارتفاع أسعار السلع التي تتراوح من النفط إلى النيكل إلى القمح، بالتالي ارتفاع تكاليف المصانع في مختلف أنحاء العالم.
استراتيجية عدم التسامح
وتطبق الصين اليوم استراتيجية عدم التسامح مع "كوفيد-19"، وهو الاختبار الأكثر صرامة مع متحورة "أوميكرون" سريع الانتشار للفيروس، والذي يثبط إنفاق المستهلكين، ويسد سلاسل التوريد، ويلقي بظلال من الشك على ما إذا كان بإمكان الحكومة تحقيق هدف النمو الاقتصادي لهذا العام عند نحو 5.5 في المئة.
وكانت السلطات قد فرضت في مارس عمليات إغلاق في مناطق من بينها مركز التكنولوجيا الجنوبي في "شنتشن" ومقاطعة "جيلين" الصناعية في شمال شرقي البلاد، ولا تزال شنغهاي، المدينة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في الصين والقوة المالية والتجارية للبلاد، قيد الإغلاق وتكافح السلطات لاحتواء تفشي المرض.
وقال تينغ لو، كبير الاقتصاديين الصينيين في بنك نومورا في هونغ كونغ، لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إنه يتوقع تسارع تضخم أسعار المستهلكين في الصين أكثر هذا العام، إلى نحو اثنين في المئة، وتواصل الأسر تخزين المواد الغذائية والضروريات الأخرى في منازلها في حال تعثرها بموجب تدابير احتواء "كوفيد-19".
وبينما يشير بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى سلسلة من زيادة أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، من المتوقع أن يقوم بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) بتيسير السياسة بشكل أكبر لدعم النمو، الذي يتلاشى في الصين مع انتشار كورونا.