تبحث الشرطة الأميركية حالياً في الدوافع التي أدت إلى ارتكاب مطلق النار في مترو أنفاق نيويورك إلى ارتكاب جريمته. بينما يمثل المتهم فرانك جيمس أمام المحكمة في بروكلين بنيويورك للمرة الأولى الخميس متهماً بارتكاب عمل إرهابي بعدما أصاب أشخاصاً عدة من ركاب المترو بعضهم إصابتهم خطيرة.
وقع الحادث في الصباح الباكر، الثلاثاء 12 أبريل (نيسان)، ولم يقبض على المتهم إلا بعد ظهر اليوم التالي بعد عملية بحث وتحقيق شاركت فيها أجهزة الأمن كلها، من مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) إلى مكتب الكحول والتبغ والأسلحة والمتفجرات (إي تي أف) ووزارة الأمن الداخلي وخدمة المارشالية إلى جانب شرطة نيويورك. وشملت عمليات البحث والتحري والتحقيق ولايات أميركية عدة.
وعلى الرغم من تلك الموارد الهائلة والعدد غير المحدود من المحققين والضباط، تطلب ضبط المتهم 29 ساعة. فلماذا أخذ كل ذلك الوقت وكيف تم القبض عليه؟
نشرت شبكة "أن بي سي" الأميركية، الأربعاء، تقريراً مطولاً عن كيفية العثور على فرانك جيمس في إحدى ضواحي مانهاتن في نيويورك. كان مفوض شرطة مدينة نيويورك كيشانت سيويل عقد مؤتمراً صحافياً في الثانية بعد ظهر الأربعاء معلناً القبض على جيمس، مشيراً إلى مشاركة المئات من محققي الشرطة في العملية. وأضاف "تمكنا من تضييق الخناق عليه بسرعة... لم يعد هناك أمامه مكان يهرب إليه".
وبحسب تقرير الشبكة، يعتقد أن مكالمة هاتفية من فرانك جيمس نفسه هي ما أرشد القوات لضبطه، كما ذكر مصدر في شرطة نيويورك. وكانت الشرطة تعتقد أنه بتوافر تلك الإمكانيات سيتم القبض على المتهم في وقت أسرع من ذلك بكثير.
أدلة كثيرة
كان المتهم يرتدي قناعاً واقياً من الغازات ويقف على رصيف محطة شارع 36 في بروكلين، وحين وصل القطار المتجه إلى مانهاتن ألقى قنبلتي دخان على القطار وبدأ إطلاق النار على القطار وهو يدخل المحطة. وأطلق المتهم 33 رصاصة على الركاب الذين تدافعوا للنزول من القطار حين وقف على رصيف المحطة.
وخلال الفوضى، اختفى المتهم. وحين وصلت الشرطة كان همها معرفة إن كان غادر المحطة من سلالم الخروج أم عبر النفق. ووجدت الشرطة على الرصيف كمّاً هائلاً من الأدلة التي خلفها مطلق النار وراءه: المسدس الذي أطلق منه النيران وحقيبة فيها قنابل دخان ومفرقعات وبلطة وعلبة تحتوي على بنزين. ووجد المحققون بين ما تركه من أدلة مفتاحاً، اتضح أنه لسيارة نقل أغراض بلوحات من ولاية أخرى غير نيويورك.
لم تكن كاميرات المراقبة في تلك المحطة تعمل بشكل جيد، بالتالي كانت تلك الأدلة في غاية الأهمية لمساعدة المحققين. وتنقل "أن بي سي" عن مفوض شرطة مدينة نيويورك السابق بيل براتون قوله "ليس بالضرورة أنه أذكى إخواته... وليس الأمر أننا نحن الشرطة أذكياء دائماً، ولكن غالباً ما يكون غباء المجرمين هو السبب. فهم يساعدوننا بطرق كثيرة جداً".
بعد تعقب السيارة التي عُثر على مفتاحها، تمكنت الشرطة من معرفة أنه تم تأجيرها من فلاديلفيا، وعرفت اسم المستأجر: فرانك جيمس. وأصدرت الشرطة تعميماً بأوصاف السيارة. في الوقت نفسه، كان أحد سكان بروكلين يشكو لبواب البناية التي قطنها من سيارة نقل أمتعة تسد المدخل منذ يوم الاثنين ولوحاتها من أريزونا. وبعدما سمع في الأخبار أن الشرطة تبحث عن سيارة بتلك الأوصاف، اتصل بالشرطة. جاء المحققون ولم يجدوا فرانك جيمس في السيارة، لكنهم وجدوا فيها طاولة ومقاعد ووسادة نوم. ما يشير إلى أن أحداً كان يقيم في السيارة.
فحص المحققون كاميرات المراقبة من المنطقة ليعثروا على صورة غير واضحة للمتهم وهو يتجه نحو محطة قطار الأنفاق القريبة. لكنه في الفيديو كان يحمل حقيبة مماثلة لتلك التي عثرت عليها الشرطة على رصيف المحطة بعد حادث إطلاق النار مباشرة.
مزيد من الخيوط
في ذلك الوقت، الذي توصل فيه جانب من التحقيق إلى السيارة وصورة تقريبية للمتهم، كان فريق آخر يعمل على سلاح الجريمة توصل إلى نتائج حاسمة بعد 12 ساعة من الحادث. فعبر البحث عن الرقم المتسلسل للمسدس، توصل الفريق إلى أنه تم شراؤه من محل روهنات في كولومبوس في أوهايو عام 2011. واسم المشتري هو فرانك جيمس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هكذا، بعدما كانت الشرطة تبحث عن مشتبه فيه، أصبحت بحلول صباح اليوم التالي تبحث عن متهم بارتكاب جريمة إطلاق النار في محطة مترو أنفاق بروكيلن، هو فرانك جيمس. وإلى جانب تتبع آثاره إلى فيلادلفيا، اكتشف المحققون أن له عنواناً في ويسكونسين. لكن علاقته بنيويورك لم تكن معروفة حينئذ.
بعد التأكد من تحديد هوية المتهم بالحادث، وبالبحث في سجلاته، تبين أن له سجلاً لدى الشرطة يتضمن إلقاء القبض عليه 9 مرات في نيويورك في الفترة من 1992 إلى 1998، بتهم من بينها وجود مسروقات بحوزته إلى السرقة واعتداءات جنسية. وألقي القبض عليه 3 مرات في نيوجيرسي في التسعينيات وعام 2007 بتهم مختلفة.
عندئذ، تأكدت الشرطة من حسابات مواقع التواصل التي تخص المتهم، من بين تلك المواد فيديو على قناة في "يوتيوب" تسمى "نبي الحقيقة 88" التي استخدمها كمنصة لعرض آرائه المثيرة التي تضمن شتائم. وفي بعض الفيديوهات، تحدث عن الموت ورغبته في "القضاء" على مجموعات معينة من الناس. وفي فيديو بثه يوم الاثنين، قبل الحادث بساعات، قال إنه يشعر برغبة في قتل الناس لكنه لا يريد الذهاب إلى السجن.
الهروب والاعتقال
لم يهرب فرانك جيمس من مكان الحادث بعد إطلاق النار وإصابة الضحايا عبر سلالم المحطة وأبوابها، ولا عبر النفق. بل كما قالت الشرطة في ما بعد، ركب القطار من المحطة ونزل في المحطة التالية وخرج منها. وبعد نحو ساعة من الحادث، عاد المتهم ليركب قطاراً آخر في منطقة أخرى من بروكلين.
بعد ذلك، تمكن من الوصول إلى "إيست فيلدج" في منهاتن، حيث لمحه شخص اتصل بالشرطة وأخبرها أن المتهم الذي نشرت أوصافه موجود في محل للأطعمة السريعة في المنطقة. وحين وصلت الشرطة إلى محل "ماكدونالدز" الذي أبلغ عنه الرجل لم تعثر على فرانك جيمس.
ونقلت شبكة "أن بي سي" عن مصدر في الشرطة أن المتهم نفسه اتصل بخط الإبلاغ للشرطة ليخبرها بمكانه. وقال المصدر إن المتصل قال "أنا فرانك، أنتم تبحثون عني... هاتفي على وشك نفاد بطاريته".
حاصرت الشرطة المنطقة، وألقي القبض على فرانك جيمس في مكان قريب من دون أي مقاومة من جانبه.