فجأة ومن دون سابق إنذار، تلوّن الأسبوع الثاني من رمضان بألوان الفتنة والتعصب والتطرف. وبينما أطراف "الترند" يتجاذبها مسلسل "الاختيار 3" وهذا الكم من التسريبات الفاضحة لجماعة الإخوان المسلمين أثناء عام حكموا خلاله مصر، مع أنين الأسعار وتكهنات تأثير حرب روسيا في أوكرانيا في مخزون القمح تارة، ومصير الجنيه أمام الدولار تارة أخرى، إذ بـ"الترند" والـ"هاشتاغ" والتدوينات و"إنستغرام" والمناشدات والمطالبات جميعها محتقن بامتياز.
خفوت نسبي
مرت الأعوام القليلة الماضية، تحديداً منذ هدأت القلاقل والتوترات التي أعقبت أحداث 30 يونيو (حزيران) 2013، بقدر معقول من الهدوء الطائفي. خفت حدة الاحتقانات المتواترة بين مسيحيين ومسلمين، تلك السمة المسمومة التي عرفت طريقها إلى المجتمع المصري مع تسلل موجة التطرف الديني التي يسمّيها البعض "هوساً"، بدءاً من سبعينيات القرن الماضي. وكانت الاحتقانات تأججت، أو بالأحرى أُجّجت في الأشهر التي تلت انقلاب الإرادة الشعبية على حكم جماعة الإخوان المسلمين.
حكم الجماعة وما تخلله من أحداث وحوادث يجري عرضها للعام الثالث على التوالي من خلال مسلسل "الاختيار"، المصنف باعتباره عملاً وطنياً وتأريخياً حديثاً. هذا العرض يثير حفيظة الجماعة والمتعاطفين معها والعاملين على مصالحها ورعاة آمالها والقائمين على محاولات إعادتها. عقب عرض كل حلقة، تنهال تغريدات صابّة الغضب على المسلسل ومحتواه، ومشككة في مصداقية الأحداث ومحاولة التعتيم على ما ورد فيها عبر السخرية والتنكيت.
الاختيار والتراشق العنكبوتي
وحيث إن "الاختيار" هذا العام هو الثالث على التوالي، فقد اعتاد المصريون ذلك، كما اعتادوا التراشق العنكبوتي مع أنصار الجماعة عقب كل حلقة على مدار عامين.
هذا العام، تزامن "الاختيار" وحادثة طعن في الإسكندرية راح ضحيتها كاهن كنيسة السيدة العذراء ومار بولس القمص أرسانيوس وديد. الشخص الذي أقدم على طعن وديد لم يوصف إلا بـ"المسنّ" و"الوافد إلى الإسكندرية" و"الباحث عن فرصة عمل".
في بداية التحقيقات، أقرّ هذا الشخص بارتكابه الطعن، ثم عاد وقال إنه يبيت في الشارع منذ وصل إلى الإسكندرية، وأنه عثر على السكين وسط القمامة فاحتفظ بها ليدافع عن نفسه وقت اللزوم، وأنه حين رأى المجني عليه، "لم يشعر بما ارتكبه قِبلِه" إلى أن تحفظ عليه الأهالي.
وقالت النيابة إنه كان يرد على أسئلتها بصورة طبيعية تماماً، لكن عاد الرجل وذكر أنه أصيب باضطرابات نفسية قبل نحو عشرة أعوام، ودخل مستشفى للأمراض النفسية لتلقّي العلاج وأنه يفقد السيطرة على أفعاله أحياناً.
"فقدان السيطرة على الأفعال أحياناً" مع "الإيداع في مستشفى للأمراض النفسية للتأكد من سلامة القوى العقلية" و"كان يهذي بكلمات غير مفهومة"، تفاصيل اعتادها المصريون، مسلمون ومسيحيون، في حوادث كتلك على مدار عقود.
براءة الفاعلين
براءة الفاعلين في حوادث استهداف مواطنين مصريين مسيحيين لأن الفاعلين "مختلّون" يثير غضباً وقلقاً من قبل كثيرين في المجتمع المصري. احتمالات أن يكون الفاعل في عدد من الحوادث المشابهة مختلاً تبقى قائمة، لكن تكرار الاختلال في الحوادث التي "يتصادف" فيها أن يكون المجني عليه مسيحياً والجاني مسلماً "يهذي بكلمات غير مفهومة"، يجعل منصات التواصل الاجتماعي تفترض عنصر الإرهاب قبل التحقيقات، في حين تعلن جهات التحقيق افتراض الاختلال العقلي كخطوة أولى.
"مختل عقلياً يعتدي على الأمن في كنيسة القديسين في الإسكندرية" (2017)، "مختل عقلياً يهاجم كنيسة في قنا" (2006)، "مختل عقلياً يقتحم كنيسة مارجرجس" (2018)، "مختل عقلياً يقتل كاهن كنيسة في بني سويف" (2017) وغيرها كثير يشي بتمكّن فكرة "الاختلال"، فيما يحلله البعض برغبة الدولة على مر العصور بالابتعاد عن شبح جرائم الفتنة الطائفية عبر التشبث بطوق الاختلال، ظناً من البعض أن في الخلل النفسي درءاً لتعريض السلم الاجتماعي للخطر.
السلم الاجتماعي و"قشر البيض"
التطرق إلى السلم الاجتماعي، لا سيما حين يتعلق بالجوانب الدينية في مصر، بات أشبه بالسير على "قشر البيض"، إذ إن الخطوة غير المدروسة ربما تكلف الجميع كثيراً.
في أعقاب حادثة الإسكندرية، لم يطلب بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية البابا تواضروس كثيراً. فبينما نسبة كبيرة من المواطنين المسيحيين تعبّر عن غضبها وعدم تفاؤلها نتيجة التلويح ببطاقة الاختلال العقلي، عمد البابا تواضروس إلى التهدئة المحسوبة والمتعقلة. تمنى البابا من الجهات الأمنية البحث عن القاتل "الحقيقي"، وليس فقط الذي أُلقي القبض عليه، لكن من يقف خلفه، مشيراً إلى أنه في النهاية الذي يحاكم هو الفكر والتحريض، وأضاف أن "تكرار الحوادث يؤكد أن القاتل الحقيقي لم يُعاقب".
"الكافر" في نهار رمضان
صحيفة "المصري اليوم" الخاصة اليومية، التي اكتسبت سمة "الليبرالية" منذ تأسيسها عام 2004 أطلّت على قرائها بنسختَيها الورقية والإلكترونية قبل أيام، تحديداً في صفحتها الدينية بخبر عجيب غريب مريب عنوانه "ما حكم بيع الطعام في نهار رمضان للكافر؟".
آلاف القراء أمعنوا ودققوا في عنوان الخبر عسى أن تكون القراءة خاطئة أو أن حروف الكلمة أصابها مكروه. لكن متن الخبر أكد مصيبة العنوان. بكل سلاسة وأريحية، أفاد الخبر بأنه "لا يجوز بيع الطعام في نهار رمضان لمن عُلم أو غلب على الظن أنه يأكلها نهاراً، إلا لمريض أو مسافر أو ما نحوهما من أهل الأعذار، ولا فرق في ذلك بين المسلم والكافر". ثنائية المسلم والكافر لم تعنِ إلا تفسيراً واحداً لا ثاني له: المسلمون فقط ليسوا كفاراً، والباقون كلهم كفار.
وبدلاً من "الترند" اليومي لـ"الاختيار 3" وسجالاته، احتل "الترند" ذلك التلميح الصارخ في الخبر بأن غير المسلمين كفار، وهو النعت الذي طغى على حديث دعاة موجة "التديّن" التي غزت مصر في سبعينيات القرن الماضي، ووصل الأمر إلى درجة أن دعاة وعلماء دين يتمتعون بشهرة طاغية وما زالت أحاديثهم وتفسيراتهم الدينية تذاع على قنوات التلفزيون ويجري تبادلها على سبيل "تعميم المنفعة" و"نشر العلم" على منصات التواصل الاجتماعي حتى اللحظة، دأبوا على الحديث عن فساد عقيدة اليهود والنصارى، وعن مصيرهم في جهنم لأنهم مشركون.
زلّة أو إحياء
الشرك الذي وقعت فيه الصحيفة اعتبره البعض زلّة غير مقصودة سببها إهمال أو تقصير أو استسهال بحث وتنقيب ونقل من الإنترنت، ورآه البعض الآخر مقصوداً وموجهاً ويهدف إلى إعادة إحياء فتنة موؤودة وإنعاش احتقان ظن البعض أنه خفت.
هرعت الصحيفة إلى نشر اعتذار وحذف الخبر المنشور، مصحوباً بصورة تعبيرية لـ"سيخ شاورما" والبائع منهمك في تقطيع محتوياته. جاء في الاعتذار أن "الاعتراف بالخطأ فضيلة، وأن المؤسسة مدينة لقرائها باعتذار واضح وصريح لما جرى نشره حول فتوى شاذة، وهي الفتوى التي نقلها أحد المحررين في تجاوز وخطأ واضح من دون تدقيق أو تدبير".
وورد في الاعتذار أن الفتوى المنشورة أطلقت صفة الكفر على من هو مختلف في الدين، مشيرة إلى أن "الكفر" توصيف لا تستخدمه الصحيفة، ولا توافق عليه، ولافتة إلى أن "هذه الأوصاف ترسم إطاراً لآفات سلبية أصابت كثيرين في المجتمع المصري".
إطار الآفات الذي أصاب كثيرين في المجتمع المصري يطرح نفسه بين الحين والآخر، مجدداً الدعوة إلى التطهير والتنقيح والتجديد، وهي الدعاوى التي بُحَّت الأصوات مطالبة بها. الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نفسه تحدث عشرات المرات عن حتمية تجديد الخطاب الديني والحاجة الماسة إلى تنقيح الدين مما لحق به من سوء تفسير وتشتيت وتطرف.
وضمن عشرات المرات التي طالب فيها الرئيس المصري بتطهير الدين مما لحق به من أفكار لا علاقة لها بالدين، استنكر السيسي أن يقتل 1.5 مليار مسلم السبعة مليارات الآخرين من سكان الأرض حتى يعيشوا وحدهم، وذلك في إشارة إلى المحاولات المستميتة والقناعات المميتة لدى البعض من المسلمين بوجوب محاربة وتكفير كل من هو غير مسلم.
الحرمان من الكشري
حرمان غير المسلم من أكل الكشري في نهار رمضان ربما لا يُصنف حرباً أو يعتبر تكفيراً له. لكنه، كما يؤكد البعض، ازدراء وتعنت وتطرف وتديّن مظهري وادعاء أن من يأكل في نهار رمضان يحرّض الصائمين على الإفطار، وكأن الصائم طفل مهزوز أو صائم رغماً عنه.
صحيح أن البعض الآخر يرى أن تناول الطعام في الأماكن العامة في نهار رمضان يفتقد الكياسة ويخلو من اللياقة، إلا أن القانون المصري الذي يفترض أنه حاكم بين الجميع يخلو من نص واضح "يجرّم" المجاهرة بالإفطار في نهار رمضان.
وعلى الرغم من ذلك، فإن البلاد شهدت خلال الأعوام القليلة الماضية حوادث عدة لملاحقات وتحرير محاضر لمصريين في مقاهٍ "جاهروا بإفطارهم في نهار رمضان". وجهة نظر قانونية شاعت في أعوام المد الديني المنعوت بـ"المتشدد" تشير إلى أن المجاهرة بالإفطار جريمة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى سبيل المثال لا الحصر، تشير وجهة نظر قانونية منشورة على موقع "نقابة المحامين المصرية" إلى أن "الجريمة المُعاقب عليها ليست الإفطار في حد ذاته، إذ إن الصيام فرض وله أجره عند الله ويعتبر علاقة بين العبد وربه، وإنما الجريمة تكمن في المجاهرة بالإفطار لما تمثّله من أذى لمشاعر العامة وتعدٍّ على الحقوق وتمثل ضرراً عاماً وإيذاءً متعمداً لا مبرر له".
"مبرر" السيدة المصرية المسيحية التي توجهت إلى محل كشري مشهور مع ابنتها الصغيرة في أثناء نهار رمضان قبل أيام هو شراء ثلاث وجبات كشري للأسرة. لكن ما حدث هو أن العاملين في المحل رفضوا "مجاهرة" الابنة العائدة من الحضانة بالأكل في المحل، وأشاروا إلى "قوانين" المحل التي تنص على أن تناول الطعام لا يبدأ إلا بعد أذان المغرب.
انشغال الـ"سوشيال ميديا"
منصات التواصل الاجتماعي واصلت اشتعالها وتأججها بعدما ضمت "سيدة الكشري" وشهادتها على منعها وابنتها من تناول الكشري إلى التنديد بـ"التديّن المظهري" وكبت الحريات والتساؤل عما إذا كانت قوانين الدولة مدنية أم دينية أم بين بينين؟
يشار إلى أن دار الإفتاء المصرية أصدرت فتوى أثارت قدراً هائلاً من الجدل عام 2016، أشارت فيها إلى أن "المجاهرة بالفطر في نهار رمضان لا يدخل ضمن الحرية الشخصية، بل هو نوع من الفوضى والاعتداء على قدسية الإسلام، لأنها مجاهرة بالمعصية، وهي حرام فضلاً عن أنها خروج عن الذوق العام في بلاد المسلمين وانتهاك صريح لحرمة المجتمع وحقه في احترام مقدساته".
في ذلك العام، انتشرت الملاحقات الأمنية وتحرير محاضر ضد مصريين في مقاهٍ جاهروا بإفطارهم. كما شهد رمضان في هذا العام أيضاً انتفاضة من قبل حقوقيين تساءلوا عن النص القانوني المدني المجرّم للمجاهرة بالإفطار.
"عاوز أختي كاميليا"
أما المجاهرة بـ "الإسلام" واعتناقه كما جاء على لسان سيدة مسيحية اختفت قبل أيام لتظهر في فيديو غريب وهي ترتدي الحجاب وتقول إنها أشهرت إسلامها ومعها طفلتها الصغيرة، فهي الحلقة الأحدث في مسلسل الأحداث الغريبة الرافعة راية الفتنة الطائفية.
الأيام القليلة الماضية، شهدت ظهوراً في مسلسل "الاختيار 3" لشخصية القيادي السلفي المحكوم عليه بالسجن في قضايا تحريض وحصار مدينة الإنتاج الإعلامي وغيرها، وهو حازم صلاح أبو إسماعيل.
ويشار إلى أن أبو إسماعيل له قاعدة مريدين اسمها "حازمون" دأبوا على المطالبة بـ"حماية" الفتيات والنساء المسيحيات اللاتي يختفين من بيوتهن ويظهرن فجأة في فيديوهات يذكرن فيها أنهن اعتنقن الإسلام. وأشهر هذه الحوادث ما يُعرف بـ"عايز أختي كاميليا" في عامي 2010 و2011 وهي الحادثة التي شهدت اختفاء زوجة مسيحية شابة اسمها كاميليا شحاتة، وتقدم زوجها القس ببلاغ يفيد باختفائها. وفجأة ظهر ناشط سلفي يلقب بـ"أبو يحيي" ليعلن أن الزوجة لجأت إليه لتشهر إسلامها ويحميها.
وشكك كثيرون في القصة وطالبوا الأمن بإعادتها وهو ما حدث وظهرت على قناة مسيحية لتؤكد أنها لم تعتنق الإسلام وإن كانت قد تركت بيت الزوجية بسبب خلافات مع زوجها. ونشط أتباع الجماعات الإسلامية المتشددة وعلى رأسها "حازمون" ونظموا تظاهرات لا من أجل المطالبة بالديمقراطية أو العدالة الاجتماعية أو الحقوق المنسية، لكن للمطالبة بـ"عودة أختي كاميليا" إلى الإسلام.
يشار إلى أن البابا تواضروس أشار في كلمته قبل أيام إلى ضرورة الضبط الدقيق لما ينشر في الصحف ويذاع في البرامج أو على صفحات السوشيال ميديا، وكذلك حالات الاختفاء والخطف التي تحتاج إلى شفافية، نظراً لحساسيتها، وهي التي تؤثر سلباً في تماسك الوطن ووحدته.
وحدة الوطن قيمة مصرية كبرى منذ آلاف الأعوام، لكنها تعرّضت للدهس والتخريب والتشويه لحساب نسخة حديثة من التديّن المنسوب لجماعات الإسلام السياسي. وتؤكد ذلك مجريات الأحداث منذ زرع شوكة التطرف الديني في سبعينيات القرن الماضي، الذي مُهّد له تدريجاً منذ عام 1928 بتأسيس جماعة الإخوان المسلمين التي بدورها وضعت قيمة وحدة الوطن وأبنائه تحت أقدامها.
هوس وليس تطرفاً
الاقتصادي والمفكر الراحل جلال أمين كتب عام 2012 تحت عنوان "تطرف أم شيء آخر؟" أن الصفة المرفوضة حقاً ليست التطرف بل الهوس، موضحاً أن الهوس في المعجم هو "ضرب من الجنون" وهوس القوم أي "وقعوا في اختلاط وفساد". ويضيف أمين أنه عندما استرجع ما حدث في مصر على مدار العقود الماضية في ما يختص بالصور المختلفة للتديّن، وجد أن الذي ننتقده منها ونرفضه لم يكن التطرف بل الهوس.
سلسلة حوادث "الهوس" خلال الأيام القليلة الماضية تقلق البعض. يرى البعض أنه في كل مرة تتعرض جماعة الإخوان المسلمين لعملية تعرية وكشف حقائق ووثائق، ولا تفلح قواعدها وأذرعها في التعتيم عليها، تتأجج سلسلة من حوادث الفتنة التي تثير المشاعر وتؤجج النعرات الطائفية.
لكن آخرين يرون ما يجري من سلسلة حوادث ذات نكهة طائفية ما هي إلا تأكيد على أن هناك أيادي تحاول الإبقاء على جذور الاحتقان الطائفي والنعرات الدينية لاستدعائها وقت الحاجة.
ربما يكون وقت الحاجة كشف مستور لجماعة ما، أو استحقاقاً انتخابياً، أو توازن مصالح، أو ورقة تهديد، أو مناوشات استعراض قوة، أو أياديَ خارجية أو حتى داخلية. لكن وقود أي مما سبق هو التعصب الذي هو سمة بشرية قابلة للتهذيب وعرضة للتوحش.
الإنكار لا يفيد
الكاتب الصحافي عبدالله السناوي حذر في مقال عنوانه "الفتنة الطائفية، شهادة لها تاريخ" (2016) من إنكار وجود عوامل أو أمارات قد تؤدي إلى الفتنة وتجاهل نتائجها المدمرة. كما حذر من غض الطرف عن الفاعلين الأصليين وإعفاء القانون من أي دور، مشيراً إلى أنه "في الإنكار تمديد للفتن، وفي غياب السياسات نلف وندور حول الملف الملغوم من دون تجنب انفجاراته".
يشار إلى أن "اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان" أصدرت تقريراً عن الحريات الدينية في مصر من يناير (كانون الثاني) 2021 وحتى يناير 2022، واستعرضت فيه أنشطة المؤسسات الرسمية والدينية في مصر لمواجهة الفكر المتطرف والتمييزي. من جهتها، قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن التقرير تضمن عدداً من النقاط الإيجابية في ما يتعلق بمواجهة الفكر المتطرف والتمييزي، لكنها أشارت إلى أن نقطة البدء تتمثل في التزام المؤسسات الدينية المدعوة للتجديد خلوّ خطابها من أي دعوة للتمييز أو الكراهية أو التحريض على العنف، وألّا تتورط هي نفسها في أي ملاحقة قضائية لأصحاب الآراء المخالفة للمعتمد لديها من مذاهب وآراء. كما لفتت المبادرة إلى أن تجديد الخطاب الديني ليس مسؤولية المؤسسات الدينية وحدها، لكنه ممارسة عامة تتطلب اشتراك كل الجهات.