أعاد عرض مسلسل "الاختيار 3" المثير للجدل في مصر، لتسريب يجمع بين المشير الراحل حسين طنطاوي وقت أن كان وزيراً للدفاع ورئيساً للمجلس العسكري، والرئيس الراحل محمد مرسي، قبل أيام من إعلان نجاحه في الانتخابات الرئاسية عام 2012، وبحضور اللواء عبد الفتاح السيسي، مدير الاستخبارات الحربية آنداك، أجواء الشد والجذب في الأوساط المصرية، بعد أن أظهر الفيديو المصور تهديدات واضحة من مرسي، مرشح تنظيم الإخوان حينها، بـ"حدوث اضطرابات ضخمة في مصر، وإضرام نيران لن يستطيع أحد وقفها حال تغيير نتيجة فوزه في الانتخابات الرئاسة"، وذلك بعد جولة إعادة جمعته مع الفريق أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك.
ولطالما تحدث الرئيس المصري الحالي، عبد الفتاح السيسي، وحتى وقت أن كان وزيراً للدفاع بعد الإطاحة بحكم تنظيم الإخوان في 2013، عن أن "قيادات إخوانية (لم يسمها) كانت تتحرك بهدف حرق البلاد وإثارة الفوضى والعنف في أرجائها، إلا أن أحداث يونيو (حزيران) 2013 حالت دون إتمام مخططات التنظيم"، لكن من دون أي دليل يؤكد مثل تلك التصريحات، في مقابل نفي مستمر من قيادات الإخوان المقيمين في الخارج.
وعلى هذا النهج، جاء التسريب الجديد، مساء أمس السبت، في المسلسل الذي تضمنت حلقاته السابقة تسريبات أخرى عدة من لقطات حية لقيادات التنظيم، ليعيد الجدل والتفاعل الواسع على مواقع التواصل الاجتماعي بين من اعتبروا أنه "يبرز الوجه الحقيقي لعنف التنظيم ورئيسه ومن ورائه مكتب الإرشاد وأعضائه"، ومن رأوا في "المشير طنطاوي بطلاً حاول الدفاع عن البلاد والمراوغة لآخر لحظة من دون تسليم البلاد للإخوان"، وآخرين في المقابل، اعتبروا أن "التسريب يظهر عدم تورط مرسي في العنف ومحاولته الحفاظ على التجربة الانتخابية ونتائجها من دون تدخل أحد والتأكيد على تحييد الجيش في العملية السياسية".
"اضطرابات مرجحة وعنف مرتقب"
بحسب ما جاء في الفيديو المسرب، الذي جرت أحداثه داخل مقر الاستخبارات الحربية قبل أيام من إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية، أي في يوليو (تموز) 2012، تحدث مرسي، الذي ظهر وبجواره اللواء عبد الفتاح السيسي (مدير المخابرات الحربية آنذاك)، فيما كان يسمع في الخلفية صوت المشير طنطاوي (من دون أن يظهر في الفيديو)، إن على المجلس العسكري الحاكم عدم تغيير نتيجة الانتخابات الرئاسية، قائلاً بلهجة تحذيرية للمشير طنطاوي إن "أي تغييراً في النتيجة سيدخل مصر في اضطرابات سيصعب على الجميع حلها ويعرض البلد لخطر كبير جداً".
وقبل أن يمضي في تلويحه بـ"العنف ونشر الفوضى"، كان مرسي يتبادل الحديث مع المشير طنطاوي، حول اللواء السيسي، الذي كان يدون ملاحظات اللقاء، إذ تحدث المشير موجهاً حديثه لمرسي قائلاً: "أنا أتابع السيسي من أيام ما كان مقدم (رتبة عسكرية) ومش بس (ليس فقط) يؤتمن على الجيش ده يؤتمن على البلد بحالها (كلها)، واللي حصل هو المفروض ميكونش موجود عشان يبقى الكلام دا بيني وبينك، بس دا يعني مش (ليس) ابني". ليرد مرسي عليه قائلاً: "أنا عارف العلاقة دي إلى أي مدى أنا عارف الثقة"، ثم يتدخل طنطاوي ويقول: "وبعدين على فكرة قربه من الله وإخلاصه لله، الحمد لله"، ليرد السيسي: "يا رب أكون كدا".
ومضي مرسي في حديثه عن السيسي قائلاً "سيادة اللواء عبد الفتاح الشخصية الحقيقية، إحنا نعتبره من الأسس اللي مع حضرتك (المشير) الذراع الأساسية يعني مش هنقول الذراع اليمين"، ليرد طنطاوي قائلاً: "دا من زمان أنا حاطط عيني عليه".
وبعد حديث حول شخصية السيسي، انتقل مرسي إلى الانتخابات الرئاسية ونتيجة جولة الإعادة موجهاً حديثه للمشير، قائلاً: "النتيجة متتغيرش (لا تتغير) لأن دي إذا حصلت ليس لها من دون الله كاشفة، الموجه اللي موجودة موجة إضرام نيران لمن لا يقدر المسؤولية، لا أتمنى ذلك، ولا أوافق عليه، وبقول كدا عشان مش عاوز (لا أريد) ترجع في يوم من الأيام بعد يومين 3، 4 ونقول ضيعنا الفرصة"، ثم يرد عليه طنطاوي قائلاً "عايزك تاخد بالك لو حصل، أن جهة ما حاولت أن تضرم النار في البلد هتبقى مصيبة على البلد وعلينا، خد بالك من دي وخليهم مفيش داعي للحاجات دي".
وتابع مرسي: "التصرف الموجود والشعور الموجود تلقائي شعبي وليس مخططاً له"، ليقاطعه طنطاوي: "لا في تخطيط له".
تدخل في القضاء
"نقطة ثانية"، بحسب حديث مرسي، كانت محل نقاش بين مرشح التنظيم ووزير الدفاع آنذاك، وهي تلك المتعلقة بمجلس الشعب المصري، الذي كان يهيمن عليه الإخوان، وكان قد تم حله بقرار من المحكمة الدستورية قبل أسابيع من ذلك اللقاء، لـ"عدم دستورية انتخاباته"، حيث طلب مرسي من طنطاوي إلغاء قرار حل مجلس الشعب، ليرد عليه المشير: "ليس من سلطتي إلغاء القرار، هذا قرار محكمة، والتنفيذ حاجة، والقرار حاجة؟".
ووفق ما جاء في نص التسريب، رد المشير على طلب مرسي قائلاً، "انعقاد مجلس الشعب أنا مقدرش أعمل فيه حاجة، معلش أنا أصارحك"، ثم يمضي مرسي حديثه قائلاً، "حضرتك تقدر"، ثم يتساءل المشير "أعمل إيه؟"، ويجيب مرسي بطلب "إلغاء قرار المحكمة الدستورية بحل المجلس".
ولم ينته الحديث حول رغبة مرسي في عودة مجلس الشعب عند هذا الحد، بل استمر الجدل بين مرشح التنظيم آنداك والمشير طنطاوي، حول سلطة المجلس العسكري من عدمه في إلغاء قرار للمحكمة الدستورية بحل المجلس، ليتدخل مرسي باقتراح قائلاً: "اقترحت اقتراح واضح، إحنا قدامنا منفذ اتنين تلاتة، المنفذ الأول يلغي القرار ودي مسألة مش صعبة، الحاجة الثانية إن الموضوع يحال إلى الفتوى والتشريع"، ليرد طنطاوي سريعاً عليه بالقول "يا محمد بيه أنا في اعتقادي، مش أنا بس، وأنا لو جمعت دلوقتي المجلس (العسكري) وعرضت عليهم مفيش حد هيوافق على الكلام ده، الموضوع ده مش متفق معلش".
وبدا في الفيديو إصرار مرسي على عودة مجلس الشعب، إذ تابع خلال حديثه مع طنطاوي، قائلاً: "إذا استشعر الناس زي ما أنا بقول (كما أقول) إنه سدت كل المنافذ"، ليرد المشير متسائلاً "ناس مين؟"، ويجيب مرسي "الشعب اللي إحنا عايشين معاهم"، ثم يتابع المشير "متاخدوش الفئة من الشعب اللي هي..، ما تشوف الشعب كله بيقول إيه".
وفي ختام الفيديو، يكرر مرسي تحذيره بشأن احتمالات تغيير نتيجة الانتخابات، قائلاً: "النتيجة إذا تغيرت يا سيادة المشير"، ثم يرد المشير "مين اللي قال إنها هتتغير"، ليجيب مرسي "سيؤدي هذا أنا بقول لحضرتك إلى حالة من الاضطراب لا نعرف إلى أي مدى ستذهب". وتابع "تغيير النتيجة سيؤدي إلى اضطرابات حينها ولا أنا ولا أنتم تقدروا تمنعوها ستتوجه الاضطرابات إلينا، ستمثل خطراً حقيقياً غير ١١ فبراير (شباط) (يوم تنحي مبارك)، أنا أرصد الواقع لحضرتك، أنا لك ناصح أمين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
جدل وتراشق بعد التسريب
كما كانت الحال في الحلقات الأولى من مسلسل الاختيار 3 طوال الأيام الماضية، وما تحويه من بعض المشاهد الحية لقيادات التنظيم، لاقى "تسريب مرسي- طنطاوي" تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي وجدلاً بين الموالين والمعارضين، في وقت اعتبر فيه البعض أن التسريبات والفيديوهات وإعادة قراءة المشهد ما بعد الإطاحة بحكم مبارك في 2011 وصعود تيار الإسلام السياسي إلى السلطة أظهرت "إدراك الجيش المصري بترك الساحة لتنظيم الإخوان كي يتعروا فيها وتسقط شعاراتهم وزيف ادعاءاتهم الدينية"، فضلاً عن تأكيد استنادهم في مشروعهم بالأساس على "الإرهاب والعنف وتهريب الأسلحة".
وبحسب مؤيدي السلطة الحالية في مصر، فإن التسريب الجديد أبرز "الوجه الحقيقي للتنظيم الإرهابي ورئيسه الذي كان يتبع مكتب الإرشاد في كل تحركاته وقراراته، سواء قبيل تنصيبه رئيساً أو خلال مدة حكمه"، وأنه يعد "توثيقاً جديداً لجرائم الإخوان، ويكشف عن أخطر مخططاتهم خلال العام الذي حكموا فيه قبل أن يلفظهم المصريون".
في المقابل، اعتبر بعض الموالين للتنظيم أن "ما نشره مسلسل الاختيار3 من تسريبات، على الرغم من التقطيع والتلاعب فيها، تظهر (مرسي) كرجل دولة مسؤول وشجاع مقابل مجلس عسكري يناور لتسليم السلطة، يريد قلب نتيجة الانتخابات".
ليس التسريب الأول
ولا يعد التسريب الجديد الوحيد، الذي عرضه المسلسل، منذُ بدء بث حلقاته مع بداية شهر رمضان، إذ تضمنت حلقات سابقة عدة تسريبات أخرى من لقطات حية لقيادات تنظيم الإخوان.
ومن بين التسريبات التي أثارت جدلاً تلك التي تناولتها الحلقة الثانية، حيث أظهرت مرشد التنظيم محمد بديع، ونائبه الأول خيرت الشاطر، وهما يهاجمان السلفيين ويصفهم المرشد بـ"الشراذم".
كما ظهر الشاطر في مقطع فيديو مسجل عن السلفيين وهو يقول: "حضرتك أنا مش بتاع مخابرات، بس بزرع ناس في وسطهم، وبتابع كل تفاصيلهم، وأي حاجة في قلق أو خطر بحاول أعالجها".
ويضيف النائب الأول للمرشد العام للتنظيم قائلاً في التسجيل: "ولما بلاقي معلومة موجودة بروح أكلم أمن الدولة يعني حتى داخلياً وكله لأن الموضوع أنا عارف خطورته"، حسب قوله.
من جانبه، يظهر بديع وهو يقول: ""إحنا عارفين السلفيين كويس جداً أكتر من أي حد، لأننا عارفينهم قبل السجون وأثناء السجون وبعد السجون وعشنا معاهم في الفترات التي تستطيع من خلالها إنك تعرف تفاصيل ما عندهم"، ويضيف مرشد الإخوان قائلاً: "هم ليسوا يداً واحدة.. شراذم... وقيادتهم لا تملك الأمر إلا على المجموعة اللي معاها، وبالتالي أي اتفاق صلب معاهم لا تضمنهم بأي احتمال".