للمرة الثانية على التوالي خلال العام الحالي، حركت الحكومة المصرية أسعار الوقود 3.5 في المئة بما يعادل 25 قرشاً (0.013 دولار أميركي) مع تحريك سعر طن المازوت 400 جنيه (21.7 دولار)، وتثبيت أسعار السولار تحت ضغوط ارتفاع أسعار النفط العالمية كأحد التداعيات السلبية للحرب الأوكرانية.
وصباح الجمعة 15 أبريل (نيسان)، أعلنت اللجنة الوزارية المسؤولة عن تحديد أسعار الوقود والمحروقات، في بيان رسمي، تحريك سعر البنزين بنسبة 3.5 في المئة، مع الإبقاء على سعر السولار، ورفع أسعار المازوت من 4200 جنيه (228 دولاراً) إلى 4600 جنيه (250 دولاراً) للطن لمدة 3 أشهر بداية من الشهر الحالي وحتى يونيو (حزيران) المقبل، إذ يمنحها القانون تحريك أسعار الوقود بنسبة 10 في المئة هبوطاً أو صعوداً عن الأسعار السارية قبل اجتماعها مرة كل ثلاثة أشهر.
ووفقاً للتعديلات الجديدة، تحرك سعر بنزين 80 بقيمة 25 قرشاً، ليصبح بـ 7.50 جنيه (0.40 دولار) بدلاً من 7.25 جنيه (0.39 دولار)، بينما صعد بنزين 92 من 8.5 جنيه (0.46 دولار) إلى 8.75 جنيه (0.47 دولار)، في حين ارتفع 95 من 9.50 جنيه (0.51 دولار) ليسجل 9.75 جنيه (0.52 دولار).
وأبقت الحكومة على أسعار السولار من دون تغيير، بينما حركت أسعار المازوت المحلية لتسجل 4600 جنيه للطن بدلاً من 4200، مع استقرار أسعار المازوت للمصانع الغذائية وشركات إنتاج الكهرباء، بينما ثبتت سعر أسطوانات الغاز للمنازل (البوتاغاز) عند 75 جنيهاً (4 دولارات) للأنبوبة.
ضغوط اقتصادية
من جانبه، قال متحدث وزارة البترول المصرية، حمدي عبد العزيز، إن قرار اللجنة جاء تحت الضغوط والظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم، خصوصاً نتيجة الأزمة الأوكرانية التي دفعت أسعار النفط عالمياً إلى مستويات قياسية لم تحدث من قبل.
وأكد عبد العزيز في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، أن الحكومة "تستورد جزءاً كبيراً من المنتجات البترولية من الخارج لتلبية احتياجات السوق المحلية". موضحاً أن هناك عدداً من المحددات التي تعتمد عليها اللجنة عند تحريك أسعار المحروقات أو تثبيتها أو حتى خفضها، "التسعير يتم وفقاً لمعادلة سعرية تأخذ في الحسبان أسعار النفط ومتوسط سعر الجنيه مقابل الدولار الأميركي، إضافة إلى معدلات التضخم داخل مصر ومستويات التشغيل، وأخيراً تأثير التحريك على الموازنة العامة للدولة".
ورفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة في 21 مارس (آذار) الماضي بمقدار 1 في المئة، وأتبعه بخفض قيمة الجنيه مقابل الدولار بنحو 14 في المئة، ليسجل 18.22 جنيه للشراء، و18.32 جنيه للبيع.
وزادت أسعار النفط عالمياً بنحو 36 في المئة تقريباً خلال العام الحالي مقارنة مع 2021 بعدما اندلعت الحرب الروسية، في الوقت الذي سجل فيه سعر النفط في نهاية مارس الماضي 107.91 دولار بنهاية مارس الماضي.
ومنذ يوليو (تموز) 2019، طبقت الحكومة آلية جديدة للتسعير التلقائي للوقود تسمح بإعادة هيكلة الأسعار مرة كل 3 أشهر. وفي آخر اجتماعات اللجنة في فبراير (شباط) الماضي، قررت رفع أسعار البنزين 25 قرشاً لليتر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لا مفر من القرار
وأكد المحللون في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن تحريك أسعار المحروقات "قرار لا مفر منه بعد ارتفاع أسعار النفط عالمياً"، مشددين على ضرورة "الرقابة على الأسواق".
ويقول رئيس قطاع التجارة الداخلية في وزارة التموين، عبد المنعم خليل، إن القطاع شكل مجموعة من اللجان للانتشار في الأسواق على مستوى القاهرة الكبرى (تضم محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية) والمديريات التابعة للقطاع بالمحافظات، لـ "فرض الرقابة على الأسواق خصوصاً الشعبية".
وأضاف خليل، "اللجان ستتابع عن كثب أسعار الخضراوات والفاكهة واللحوم ومركبات النقل الجماعي التابعة للقطاع الخاص الحيلولة دون استغلال رفع أسعار البنزين في زيادات عشوائية من دون مبرر لباقي السلع". مشيراً إلى عدم وجود زيادة في أسعار تذاكر أتوبيسات النقل العام، أو وسائل النقل بعد تحريك سعر البنزين الجمعة، وسعر تذكرة أتوبيس النقل العام كما هي من دون تعديل، موضحاً أن الزيادة في سعر البنزين، بينما أتوبيسات النقل العام تعمل بالسولار.
تأثير ارتفاع المازوت ضئيل
من جانبه، قلل رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية المصرية، أحمد الزيني من تأثير تحريك أسعار المازوت على أسعار الطوب الأحمر (أحد مستلزمات البناء)، مؤكداً "أنه ضئيل، لأن أغلب مصانع إنتاج الطوب تعمل بالغاز بنسبة لا تقل عن 70 في المئة، بينما البقية تعمل بالمازوت". وأشار إلى أنه في الوقت الحالي "يوجد ركود في البناء والتشييد، بالتالي لن يكون هناك تأثير يذكر، خصوصاً أن نسبة تكلفة الطوب الأحمر لا تزيد على 5 في المئة من إجمالي التكاليف".
وتخطى معدل التضخم السنوي في مصر الحدود الآمنة المستهدفة من البنك المركزي ليصل إلى 12.1 في المئة خلال مارس الماضي، بزيادة قدرها اثنين في المئة عن المعدل في فبراير (شباط) الماضي عندما سجل 10 في المئة، وفقاً لتقرير صادر عن الجهاز المركزي المصري للتعبئة والإحصاء الأحد الماضي.
لا زيادة في تعريفة النقل الجماعي
ونفى المركز الإعلامي التابع لمجلس الوزراء المصري، ما تردد حول زيادة تعريفة الركوب لسيارات النقل الجماعي والسرفيس بالمحافظات تزامناً مع تعديل أسعار البنزين.
وأكد في بيان رسمي أنه تواصل مع وزارة التنمية المحلية، التي نفت تلك الأنباء، مُؤكدةً أنه لا صحة لزيادة تعريفة الركوب لسيارات النقل الجماعي والسرفيس في المحافظات تزامناً مع تعديل أسعار البنزين، مُوضحةً أن تعريفة الركوب لجميع سيارات النقل الجماعي والسرفيس بكافة محافظات الجمهورية ثابتة كما هي من دون أي زيادة.
وشدد على تكثيف الحملات التفتيشية بالتعاون مع الجهات المعنية بكل محافظة لضبط أي محاولات لمخالفة تعريفة الركوب المقررة، وكذلك للتأكد من وضع الملصق الخاص بسيارات السرفيس والنقل الجماعي المتضمن خط السير والأجرة المقررة، لمنع سائقي السيارات من زيادة تعريفة الركوب أو تقسيم خطوط السير، مناشداً المواطنين الإبلاغ عن أي محاولة لزيادة التعريفة.
الدعم يلتهم الموازنة
من جانبه، برر رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات المصرية، تامر أبو بكر، إقدام الحكومة على تحريك أسعار الوقود والمحروقات، موضحاً أن الدعم الحكومي للمنتجات النفطية بمثابة "وحش يلتهم جزءاً كبيراً من مخصصات الموازنة العامة للدولة".
وأكد أنه وفقاً للحسابات الاقتصادية، كان المفروض تحريك أسعار الوقود بما لا يقل عن جنيه في كل لتر، مستدركاً، لكن وفقاً للأجواء التي تمر بها البلاد "نتيجة التداعيات السلبية للحرب الروسية وحالة الاحتقان بسبب موجة الغلاء والتضخم، أعتقد أن تحريك الأسعار بمقدار 25 قرشاً هو معدل جيد جداً بالنسبة للدولة والمواطنين في آن واحد".
وأشار أبو بكر إلى أن أغلب الدول الأوروبية "حركت أسعار الوقود والمحروقات بعد وصول أسعار النفط عالمياً إلى مستويات قياسية". ولفت إلى أنه يُحسب للحكومة المصرية عدم تحريك أسعار السولار على اعتبار أن أغلب مركبات النقل الجماعي ومخابز إنتاج الخبز لا تعمل سوى بالسولار والغاز، وهو ما لم تقترب منه الحكومة.
زيادة أسعار زيوت السيارات
وفي سياق متصل، أعلنت شركة مصر للبترول، التابعة للحكومة المصرية، تحريك أسعار زيوت المركبات بالسوق المحلية بنسب تتراوح بين 10 إلى 15 في المئة بداية من صباح الجمعة الموافق 15 أبريل.
وكشفت الشركة عن الأسباب التي دفعتها إلى التحريك في بيان رسمي، إذ أكدت أن المُركبات الصناعية التي تدخل في تصنيع الزيوت ارتفعت أسعارها عالمياً بنسبة تصل إلى 40 في المئة، خصوصاً أن أغلبها يتم استيراده من الخارج.
وتبرز بيانات الموازنة العامة للدولة تقلص قيمة الدعم المخصص للمحروقات بنحو 85 في المئة منذ عام 2017، إذ خصصت الدولة لهذا البند نحو 128 مليار جنيه (8 مليارات دولار) في موازنة عام 2017 – 2018، قبل أن يتراجع إلى نحو 18 مليار جنيه (1.1 مليار دولار) بحسب موازنة العام المالي الحالي، في الوقت الذي وضعت وزارة المالية متوسط سعر برميل النفط خام برنت عند 62 دولاراً خلال العام الحالي.