- الموهبة أساسية لكنها تُستنفذ إذا ارتكزت على الشكل الجميل وبعض التقنيات فقط
- الجميلات يكتشفن التقنيات مع الخبرة ويمثلن بالاستناد إليها ولكن من دون إحساس داخلي
- ممثلو المسرح اتجهوا إلى العمل في التلفزيون نتيجة بعض الظروف
- الممثل هو الذي يجعل الدور مهماً يحمله ويقدمه بإضافات رفيعة الإحساس
- في التلفزيون نحن نعمل بالإيجار عند الغير
تجتمع كل مواصفات الممثل الحقيقي في رفيق علي أحمد الذي يجمع بين الشكل والحضور والأداء المتميّز، مع خلفية مسرحية كبيرة تمتد لسنوات طويلة.
رفيق علي أحمد الذي يُعرف عنه شغفه بالمسرح، شارك في دور الزعيم الحزبي في مسلسل "خمسة ونص" الذي عُرض في الموسم الرمضاني الأخير، وتحدث عن المتغيرات، يتقبّل الدراما ويشارك تلفزيونياً، كممثل "لم يتغير شي، أنا أشارك في عمل واحد سنوياً وأختار من بين ما يُعرض عليّ، المسلسل الذي يعجبني".
وبدا لافتاً رفضه للقب فنان، وقال "أنا أعمل في التمثيل، ولا يوجد لديّ فيسبوك وإنستغرام وتويتر".
هل يقصد أن وسائل التواصل الإجتماعي هي التي تصنع الفنان؟ "هو صورة، يشتغلون عليه لكي يصبح فناناً، ويسوّقون له لكي يعمل ويبيعوه عندما يصبح نجماً. أنا لست مثل هؤلاء، بل أحب مهنة التمثيل منذ أن وعيت على هذه الدنيا، وعملت فيها، وشاءت الصدف أن أطل على التلفزيون وأن يشاهدني الناس. لكن هناك ممثلين آخرين بارعين في عملهم، ولا يطلون على الشاشة ويجب أن نحيّيهم ونقدرهم".
وعن موقفه من مشاركة ممثلين مسرحيين على الشاشة في الدراما التلفزيونية، وتفوق أدائهم على زملائهم الذين تنحصر تجربتهم بالتمثيل التلفزيوني، قال إن سبب ذلك عائد إلى "أنهم يملكون الموهبة. الموهبة أساسية جداً، لكنها تُستنفذ، إذا ارتكزت على الشكل الجميل وبعض التقنيات فقط. ممثلو المسرح درسوا وعملوا وقدموا مسرحيات ويعرفون الجملة ومضمونها، الفعل وردة الفعل، وهم يطلّون على الشاشة متسلحين بالموهبة والدراسة، ويؤدون الدور كما يجب أن يؤديه الممثل، بينما الصبايا الجميلات، فيكتشفن التقنيات مع الخبرة ويمثلن مستندات إليها ولكن من دون إحساس داخلي، ولذلك يستطيع الناس التفريق بينهما".
"اللحم الحيّ"
وتحدث علي أحمد عن السبب الذي جعل المنتجون يحرصون على التعامل مع ممثلين مسرحيين في الموسم الرمضاني الفائت، فقال "ربما العكس هو الصحيح، وربما الظروف هي التي أجبرت هؤلاء الممثلين على العمل في التلفزيون. ولو كانت هناك حركة مسرحية في لبنان، ولديهم أعمال مسرحية، لما كنا شاهدناهم على الشاشة الصغيرة، بدليل أن التلفزيون كان موجوداً وهم لم يكونوا موجودين فيه. ما الذي أتى بـنقولا دانيال وجوزف بو نصار في اللحظة إلى التفزيون. ثقافة الجمهور اللبناني المسرحية، تحولت إلى الـ "ستاند أب كوميدي" وليس إلى المسرح، باستثناء بعض الشباب الذين يعملون باللحم الحيّ، لأن لديهم شغف بالمسرح".
هل يقصد أن الممثل المسرحي مجبر على العمل في التلفزيون؟ "هذا هو الرأي الحقيقي مهما حاولنا التبرير. فكما أن ممثلي المسرح اتجهوا إلى العمل في التلفزيون نتيجة بعض الظروف، استعان بهم المنتجون وقدموهم في أدوار مساندة. ومع أنهم ممثلون جيدون ولكنهم لا يمكن أن "يكبروا"، بينما في مصر، يحيى الفخراني وعادل إمام ويسرا لديهم تاريخ وبطولات، ويقدمون الأدوار الأولى. أما عندنا، فإن هذه الأدوار حكراً على الشباب، وأنا لست ضد ذلك".
لأن هناك اعترافاً من بعض النجوم بأن أدوار الممثلين المخضرمين ليست أقل أهمية من أدوارهم "الممثل هو الذي يجعل الدور مهماً. هو يحمله ويقدمه بإضافات رفيعة الإحساس، فيتعلق به المشاهد. هدف الممثل، هو كسب محبة الجمهور من خلال فنه، فما الفرق بين وجوده تلفزيونياً أو مسرحياً بما أن النتيجة واحدة. في التلفزيون، المنتج هو الذي يختار الموضوع، والممثل يلعب دوراً يعرف كيف يمسك بتفاصيله وردات فعله وشكله، ولكن البعض يركزون على الشكل، مع أنه نتيجة لمضمون هذا الدور، بينما في المسرح الممثل هو الذي يختار موضوعه وأدواته ويفلح في أرضه. في التلفزيون، نحن نعمل بالإيجار عند الغير".
"ممثل ببغاء"
وعن إمكانية مشاركته في عمل غير راضٍ عنه بما أن اختيار الموضوع لا يعود له، قال علي أحمد "أنا أعمل ضمن ظروف العمل، ولا يحق لي التدخل في كتابة الدور ومساحته وأحداثه وعلاقاته بالشخصيات الثانية، والقرار يعود للمنتج وحده. أما النجوم، فتُفصّل لهم أدوار على مقاسهم. عندما أقبل بدور، أعطيه كل إخلاصي وطاقتي ومعرفتي وأدواتي. لأني أحب التمثيل، لا أغش بل أضع فيه من ذاتي قلبي وروحي، ولذلك فإنني لا أعمل كثيراً في لبنان، لأن "صيت" أن أجري عالي يلاحقني، وأقول نعم وكلا. عادةً، يطلب مني معظم المنتجين ألا أغيّر في النص، وأن ألتزم بما يطلبه المخرج وأن أقرأ ما هو مكتوب، وأنا لست ممثلاً ببغاء، ومن حقي أن يكون لي هامش، لأنني أنا مَن سيطل على الشاشة وأنا مَن سيقول الجملة، والصيغة النهائية التي ستصل إلى الناس تصدر عني. الكلام الذي يخرج من الفم يدخل إلى الأذن ويخرج من الأذن الأخرى، أما الكلام الذي يخرج من القلب، فيدخل إلى القلب".
في المقابل، علّق على الإشادة بدوره في مسلسل "خمسة ونص" من قبل الناس، فرأى أن "هذا أمر جيد. مَن يحب عمله يجب أن يتقنه. لأنّي أحب التمثيل أعمل فيه، أحياناً أفشل وأحياناً أنجح، والبعض يحبني والبعض الآخر لا يحبني، ويجب أن أحترم الرأيين. عندما يرضى الناس عن عملي، فإنني أفرح وأقدّر، وهذه طبيعة البشر".
ونظراً إلى وجود شبه إجماع بأن الدور كان مناسباً له ولا يمكن لممثل غيره أن يتقنه مثله، أجاب "في البداية، أنا لم أحبه، ولكن بعد الحوار مع الكاتب والمخرج، غيّرنا بعض التفاصيل وأديته بالطريقة التي شاهدها الناس. وربما يؤديه ممثل غيري بطريقة مختلفة وينجح فيه أيضاً".
الحساسيات التافهة
رفيق علي أحمد الذي يخوض تجربته التلفزيونية الثالثة في لبنان، وتوزعت أعماله الأخرى بين سوريا والخليج ومصر، تحدث عن تجربته في الدراما المشتركة "أحياناً تكون تركيبتها منطقية وأحياناً العكس، ولكن تبادل الخبرات الجيدة أمر إيجابي جداً. المنتج اللبناني كان يريد أن ينتج حلقة تلفزيونية بـميزانية تتراوح بين 17 و20 ألف دولار، والكتّاب هم أنفسم في كل الأعمال، ومدراء التصوير يتحولون فجأة إلى مخرجين، في حين أن هذا المبلغ يتقضاه الممثل العربي عن الحلقة الواحدة، ولم يكن هناك فرصة أمام المسلسل اللبناني بتلك الإمكانات- ولا أعرف لماذا يسمونها دراما، لأن المسرح هو دراما أيضاً- أن ينافس المسلسل العربي، لأن التلفزيون صناعة والصناعة تحتاج إلى المال. إلى أن وجد بعض المنتجين أنه يجب فتح السوق أمام المسلسل اللبناني، والاستفادة من خبرات العالم العربي على كل الأصعدة، كما فعل صادق الصباح وجمال سنان. واليوم تمكن المسلسل اللبناني من دخول مصر، ومسلسل "خمسة ونص" كان بين أول خمس مسلسلات مشاهدةً في مصر. خارج إطار كل الحساسيات التافهة بين سوري ولبناني ومصري، الفن لا هوية له ونحن نصنع فناً وليس سياسة. أنا شاركت في مجموعة أعمال في سوريا ولم أسمع يوماً أحداً يقول: لماذا تتم الاستعانة برفيق علي أحمد، كما تعامل السوريون أيضاً مع بيار داغر، وحالياً هم يتعاملون مع يوسف وورد الخال وغيرهما، كما أن هناك ممثلين لبنانيين يعملون في مصر، وهذه ناحية إيجابية جداً. لا تهمني ما هي جنسية باخ وموزارت، بل تهمني أعمالهم التي أصبحت ملكاً للبشرية".
منتج فنان
وحول ما إذا كان يتوقع أن تستمر الدراما اللبنانية في صعودها، قال إن "هذا الأمر يمكن أن يحصل عندما يتغلب المنتج الفنان على المنتج التاجر. المنتجون ليسوا جمعيات خيرية، بل هم تجّار ويبغون الربح. المنتج الفنان هو الذي يفتح نوافذ أكثر ويدفع مالاً أكثر، والناس لم يتابعوا بعض المسلسلات صدفة. الدراما اللبنانية كانت في فترة من الفترات إذاعة مصورة، بينما نحن اليوم نشاهد الكادرات والتفاصيل الصغيرة والعين تتمتع بجماليات الصورة، معطوفة على جماليات الأداء والأحداث والنص والإخراج وهذا لا يحصل من دون مقابل. كانت الأعمال اللبنانية تُنتَج بميزانية لا تتعدى الـ 20 ألف دولار ومحصورة بالشاشات اللبنانية فقط، وبنفس الكتاب والممثلين والمخرجين، وبصورة فارغة. وعندما صارت تكلفة المسلسل اللبناني تتراوح بين مليوني وثلاث ملايين دولار، فإنه وصل إلى مصر وعُرض على فضائيات عربية، وصارت هناك إعلانات تُدخِل الأموال إلى محطات التلفزة".