من الصعب التفكير في خضم الحرب بما سيأتي تالياً. وقلما كانت هذه الملاحظة تنطبق على حالة أكثر منها على الحرب الروسية– الأوكرانية الراهنة. إن تفكيرنا مشوش بالضرورة بفعل المعاناة التي ألحقها عدوان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالشعب الأوكراني . كما يعيقه أيضاً نقص الخبرة في هذا النوع من الحروب. هذان الأمران معاً يجعلان من الصعب تخيل إلى أين نمضي من حيث نحن الآن، وخصوصاً وسط مخاطر عصر التنافس بين القوى العظمى الذي أحدثه هذا الغزو. هذا زمن ستحتدم فيه المنافسة الشديدة والتهديد، وسيكون أقل استقراراً بكثير من فترة الحرب الباردة وأشد خطورة بكثير من أي وقت آخر منذ نهاية ذلك الصراع [الحرب الباردة]. وإن تلويح بوتين باستعمال أسلحة نووية قد أظهر سلفاً مدى جسامة المخاطر التي ينطوي عليها ما سيأتي تالياً.
وبصرف النظر عن كيفية انتهاء هذه الحرب، فإن العلاقة بين روسيا والصين ستقرر ما إذا كان العالم يستطيع أن يتجنب حرب القوى العظمى. إذا استمرت الصين في دعم نظام بوتين في محاولاته لإخضاع جيرانه بالقوة، فإن من المرجح للغاية أن العالم سيتعثر في لحظة ما بمواجهة بين روسيا، من جهة وأوروبا التي تدعمها الولايات المتحدة، من جهة أخرى. أما إذا كبحت الصين جماح بوتين أو تخلت عن تحالفها معه بشكل كامل، فإن العودة إلى منافسة أكثر استقراراً بين القوى العظمى قد تكون ممكنة. وكما أشار عدد من المراقبين، بمن فهم مراقبون من الصين، إلى أن هذه قد تكون لحظة الصين على المسرح العالمي كي تقوم بفعل الخير لنفسها وللآخرين.
مع ذلك، فإن الصين قد فشلت حتى الآن في انتهاز تلك الفرصة. وبدلاً من أن تحاول منع العدوان على أوكرانيا، فقد أعطت بوتين ضوءاً أخضر ليغزوها، طالبة منه فقط تأجيل الهجوم إلى ما بعد الألعاب الأولمبية في بكين. وقد كررت وزارة الخارجية الصينية بشكل ببغائي تماماً حتى اللحظة التي حصل فيها الغزو، أكاذيب روسيا حول الحرب العدوانية المخطط لها بأنها من نسج الخيال المحموم للغرب. واتهم الصينيون الولايات المتحدة عشية الغزو بـ"تأجيج التوتر وإثارة الذعر وحتى تضخيم احتمال نشوب الحرب"، وأضاف متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية أن "الجانب الروسي قال في مناسبات عديدة، إنه لا يعتزم شن حرب".
وحين قامت روسيا بالغزو فعلاً بعد ساعات من ذلك، وقفت الصين جانباً ولم تفعل شيئاً سوى المناداة بأفكار سامية مثل عدم التدخل وتحميل الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين المسؤولية عن تصرفات روسيا. أصغى الأوكرانيون وغيرهم من الأوروبيين الشرقيين الآخرون بارتياب بينما مضى القادة الصينيون في الحديث عن "مخاوف روسيا المشروعة بشأن قضايا أمنية" و"التعقيدات التاريخية" لوضع بلدانهم. وفيما كانت صواريخ روسيا تضرب كييف وخاركيف وماريوبول، ما تسبب في فرار حوالى 10 ملايين مدني من ديارهم حتى الآن، كانت الصين تتهم "حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة" بأنه "دفع التوتر الروسي- الأوكراني إلى نقطة الانفجار الحاسمة".
حرق جسور في أوروبا
إن صورة الصين التي رسمها هذا الخطاب وخصوصاً في أوروبا، هي صورة الشريك في جرائم القتل الجماعي التي اقترفتها روسيا في أوكرانيا. ولم يكن ما فعلته الصين هو الذي روع الأوروبيين، فقد توقع معظمهم أن تمتنع بكين عن التصويت في الوقت الذي كانت التصرفات الروسية تتعرض للإدانة في كل من مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة. بل كان [ما أصابهم بالذعر] هو قسوة اللغة التي استعملها الدبلوماسيون الصينيون وكانت صادمة للغاية. إذا كان بوسع "مخاوف روسيا المشروعة" أن تدفع الصين إلى التغاضي عن غزو جارة كانت تربطها [الصين] بها علاقات ودية حتى لحظة وقوع الهجوم، فمن يستطيع أن يثق بصداقة الصين؟ والأسوأ هو تلك الثرثرة حول "التعقيدات التاريخية"، إذ إن أوروبا مليئة بالتعقيدات التاريخية، التي استغلتها الإمبراطوريات في الماضي حتى تنتهك المعاهدات وتقوم بغزو الجيران الأصغر. فهل تتسم أوكرانيا بـ"التعقيد التاريخي" إلى حد لا تستحق معه في الواقع التمتع بوحدة أراضيها أو حتى بسيادتها كدولة؟
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع استمرار هجوم بوتين، باتت صورة الصين في حالة سقوط حر في أوروبا والولايات المتحدة. صحيح، أنها كانت في حالة تراجع قبل أن يحصل هذا وكانت التوترات آخذة بالتصاعد. لكن أوكرانيا هي التي فتحت العيون بشكل لافت، لا سيما بالنسبة للأوروبيين. هكذا ذكرت صحيفة "داي تسايت"، التي تعد من أبرز الصحف الألمانية، أن " صمت الصين على الفظائع الروسية يكشف كثيراً". وما تقوله الصين وتفعله بشأن أوكرانيا من الآن فصاعداً سيؤثر على العلاقات الصينية مع أوروبا ودول أخرى، في الأقل خلال العقد المقبل، إن لم يكن لمدة أطول.
تدعم الصين حرب بوتين انطلاقاً من مصالحها الخاصة
هل هناك فرصة بأن تمنع الصين بوتين من الاستمرار، أو في الأقل أن تيسر عملية إجراء مفاوضات حقيقية بين نظامه والأوكرانيين، أي مفاوضات تبدأ من منطلق الاعتراف بحق أوكرانيا في تقرير مصيرها؟ يبدو هذا مستبعداً للغاية في الوقت الراهن. وقد لفت بوتين والزعيم الصيني شي جينبينغ في بيانهما المشترك الذي صدر مباشرة قبل بدء بوتين حرب أوكرانيا، إلى "أهمية الجهود التي يقوم بها الجانب الروسي من أجل إقامة نظام عادل متعدد الأقطاب للعلاقات الدولية". من المفترض أن يكون هذا هو ما يفعله بوتين الآن في أوكرانيا. هناك بالطبع احتمال بأن يشعر الرئيس شي جينبينغ بالخوف إذا دمر الروس مزيداً من المدن أو استعملوا أسلحة تدمير شامل. لكن من المستبعد أن يحصل ذلك نظراً إلى تبني الصين خطاباً موالياً لروسيا منذ بدأ بوتين الهجوم.
يكمن السبب الرئيس لتغاضي الصين عن حرب بوتين العدوانية في مصالحها الذاتية بطبيعة الحال. فمن خلال وقوفها إلى جانب شريكها على الرغم من انتهاك بوتين لمعظم المبادئ للعلاقات الدولية التي يقول الصينيون إنهم يؤمنون بها، تأمل بكين أن تربط روسيا بالصين لفترة طويلة في المستقبل. لقد كان شي جينبينغ يفضل بالطبع أن ينجح الهجوم الروسي بشكل سلس وفعال، لكن حتى بعدما جعل المدافعون الأوكرانيون ذلك الافتراض يبدو غبياً، فإن شي جينبينغ يعتقد كما يظهر أن مشاكل بوتين العسكرية ستصب في مصلحة الصين على المدى الطويل. فهذه [المشاكل]، شأنها شأن العقوبات الغربية، ستجعل روسيا أكثر اعتماداً على الصين. ومن خلال قول القليل جداً وإلقاء اللوم على الغرب، تتوقع بكين لنفسها نتيجة إيجابية.
كن حذراً مما تتمناه
ومن ناحية المصالح الصينية، قد لا يتبين أن هذه استراتيجية ناجحة للغاية كما يفترض شي جينبينغ، في الأقل ليس على المدى الطويل. إذا نجح بوتين في إخضاع أوكرانيا فقد لا يشبع ذلك شهيته ويدفعه إلى التوقف عند هذا الحد. أما إذا فشل، فستكون هناك سنوات من التوتر على حدود روسيا الجنوبية. وفي كلتا الحالتين، ستكون روسيا بمثابة ورقة جامحة لا يمكن الركون إليها وليست شريكاً موثوقاً بالنسبة لبكين. صحيح أن روسيا بقيادة بوتين هي إلى حد ما شبيهة بكوريا الشمالية في ظل كيم جونغ أون، ليس لها مكان آخر تلجأ إليه غير الصين . إلا أن تبعية نظام ضعيف عالق في خلافات لا تنتهي مع جيرانه، قد لا تخدم الصين جيداً، على الرغم من ثروات روسيا المغرية في مجالات الطاقة والمعادن.
إن ثمة دروساً هنا لكل من الصين وروسيا، وأيضاً للغرب، [يمكن استخلاصها] من المرة الأخيرة التي حاولت فيها بكين وموسكو إقامة تحالف هدف إلى مواجهة الولايات المتحدة . فعندئذ، أي في خمسينيات القرن الماضي، جمعت الأيديولوجية الشيوعية إضافة إلى الحاجات الأمنية، ماو وستالين معاً. وفي ذلك الوقت، كانت الصين الشريك الأضعف، تماماً كما هي روسيا حالياً، وأدى هذا التفاوت في حد ذاته إلى تصدع في العلاقة. ومع أن عرى التحالف الصيني- الروسي الحالي لن تنفصم بسبب انقسام أيديولوجي كما حصل في مرحلة ما بعد ستالين، فإن هناك العديد من الأسباب الأخرى للصراع، وبعضها يشبه إلى حد بعيد [ما كان موجوداً] في أواخر الخمسينيات.
وبالنسبة إلى الصين، فإن علاقاتها مع الولايات المتحدة ومع أوروبا ستكون على الدوام أكثر أهمية من العلاقات مع روسيا. والروس، شأنهم شأن الصينيين في خمسينيات القرن الماضي، سيتوصلون بسهولة إلى انطباع مفاده أن شريكهم يتفاوض مع واشنطن وبروكسل أو برلين، من دون أن يناقش ذلك معهم، وسيشعرون بالشك والاستياء حين لا تؤخذ مصالح موسكو في الاعتبار بشكل كامل. وخلافاً لروسيا، تحتل الصين مكانة قوية في الاقتصاد العالمي. وعلى المستوى المالي، تتمتع الصين بقوة إقراض كبيرة، إلا أنها لن تقرض بالضرورة اقتصاداً روسياً في حالة تراجع حاد، حتى ولو رُفعت العقوبات. والفروق بين أوضاع البلدين الشاملة على الصعيد العالمي، من شأنها أن تخلق أسباباً كثيرة للضغينة بينهما.
إن العلاقات مع قوة ثالثة من شأنها أيضاً أن تعقد الصورة، تماماً كما فعلت في خمسينيات القرن العشرين. الهند صديقة لروسيا، وللغرب بشكل مخيب للأمل، فقد بذلت جهداً عظيماً لكي تتجنب استنكار الغزو الروسي لأوكرانيا. لكن الهند هي أيضاً خصم للصين ومنافس لها. وتركز أحد الاتهامات الصينية الأساسية الموجهة للسوفيات في أواخر الخمسينيات، على تقاربهم المستمر مع الهند، حتى في أعقاب اشتباكاتها الحدودية الأولى مع الصين. وتعتبر ديناميكية القوة نفسها إشكالية في الوقت الحاضر. والأمر لا يتعلق بالهند وحدها، بل هناك فيتنام، ومنغوليا، ودول آسيا الوسطى التي ستخضع كلها إلى ضغوط متزايدة من قبل الصين وستتطلع إلى روسيا لدعمها [في مواجهة بكين].
روسيا والصين ليستا شريكتين طبيعيتين
أخيراً، هناك نتيجة الحرب في أوكرانيا. وكما تطلع الصينيون إلى السوفيات من أجل الحصول على دعمهم في الحرب الكورية في الخمسينيات، فإن القادة الروس حالياً سيتطلعون إلى الصينيين لكسب دعمهم في أوكرانيا، وخصوصاً إذا ساءت الأمور بالنسبة إلى القوات المسلحة الروسية. وإذا خسرت روسيا الحرب أو عادت إلى الوضع الراهن قبل بدء الغزو، كما اضطر ماو أن يفعل في الحرب الكورية، فإن الاستياء تجاه شريك لم يدعم جهود الحرب بما يكفي للفوز بها، سيبدأ بالغليان. وقد يحذو بوتين حذو ماو، فيعلن أن الوضع الراهن يشكل انتصاراً ويجعل عدداً كافياً من الروس يصدقونه لأسباب قومية من أجل تأمين بقاء النظام . لكن فكرة أن الصين لم تدعم روسيا إلى أقصى حد سوف تنخر في العلاقات.
والدرس الأكبر الذي يستخلص من التحالف الصيني- الروسي الأخير هو على الأغلب أن تطوير العلاقة يعتمد اعتماداً كبيراً على الديناميكيات المحلية في البلدين وعلى العلاقة بينهما أكثر من أي شيء يمكن للولايات المتحدة أن تقوله أو تفعله. إن أفضل استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة تتمثل في أن تراقب وتنتظر لكن على أن تكون مستعدة لاستكشاف الصدوع في التحالف بمجرد أن تظهر. سيعاقب الغرب روسيا على حربها العدوانية، كما سيواصل منافسة الصين في الوقت الذي يسعى فيه إلى التوصل إلى ترتيبات منطقية معها [بشأن قضايا شتى] ليس أقلها من الناحية الاقتصادية. وهذا هو على الأغلب أفضل ما يمكننا أن نقوم به كاستراتيجية طويلة المدى.
ذلك أن روسيا والصين ليستا شريكتين طبيعيتين. فهناك العديد من المسائل التي تفرقهما. واليوم، يتحدث مفكرو بوتين في مجال السياسة الخارجية الروسية مطولاً عن كيفية اتخاذ روسيا لقرار أساسي بشأن الشراكة مع الصين حالياً وفي المستقبل. لكن يمكن لأي شخص تحدث معهم أن يشعر أن كلامهم حول هذا الخيار ينطوي على كثير من المخاوف. إن التحالف مع الصين بالنسبة إليهم قائم بسبب الحاجة إلى إغاظة الغرب، وليس بسبب وجود أي تماسك طبيعي بين القوتين. قد يكون لبوتين نفسه رأي مختلف. لكن ونظراً إلى ضعف روسيا المتزايد، فإنه قد يحصل عن طريق الارتباط بقوة صاعدة إلى جواره على أكثر مما يراهن عليه.
كتلة محطمة
ثمة حجة قوية ضد هذا التفسير، وخصوصاً في واشنطن هذه الأيام، تتمثل في أن هناك تماسكاً أكبر على المدى الطويل في التحالف الصيني– الروسي، مما يراه المرء للوهلة الأولى. ويعتقد بعض المراقبين أن الحرب الحالية في أوكرانيا هي الطلقة الأولى في حرب باردة جديدة ستضع كتلتين من القوى ضد بعضهما بعضاً. وترى وجهة النظر هذه أن هناك حالياً، انقسامات أيديولوجية إضافة إلى خلافات اقتصادية بين الكتلتين، وذلك كما كان الوضع خلال الحرب الباردة الأصلية. وبالتالي فإن معركة الحرب الباردة الجديدة تدور بين الديمقراطية والاستبداد، وبين الاقتصاد الموجه نحو السوق والاقتصاد المتمحور حول الدولة.
لكن تتمتع الصين وروسيا حالياً بنظامين سياسيين ونظامين اقتصاديين مختلفين للغاية. فالصين دولة شيوعية يحكم فيها الحزب بطريقة يقولون إنها ترتكز على الجدارة، بالنيابة عن الشعب. أما روسيا، فهي ديكتاتورية اختلاس انفرادية تتنكر في زي ديمقراطية. ويخضع الاقتصادان في البلدين بشكل متزايد لسيطرة الحكومة، بيد أن ذلك لا يضمن وجود تكافؤ بينهما. على العكس، فإن الحرب الباردة تدل على أن الاقتصادات الموجهة من قبل الدولة هي في العادة أقل انسجاماً مع بعضها بعضاً من الاقتصادات الرأسمالية. علاوة على ذلك، في الاقتصادات التي تسيطر عليها الحكومة، كل شيء يصبح سياسياً وغالباً ما يؤدي إلى مزيد من التعقيد في العلاقات الثنائية. وبالنسبة للحالة الروسية- الصينية، فإن الفروق الثقافية العميقة تضيف [بعض التعقيد] إلى الصورة.
ونظراً إلى كل هذا، فإن النظير التاريخي الأوسع الذي يتبادر إلى الذهن ليس الحرب الباردة بقدر ما هو ألمانيا والنمسا في بداية القرن العشرين . كانت ألمانيا حينئذ، كما الصين حالياً، قوة عظمى صاعدة ذات إمكانات صناعية وتكنولوجية متزايدة على نحو سريع ولديها مجموعة من الشكاوى بشأن النظام العالمي القائم. أما النمسا حليفة ألمانيا، فكانت، مثل روسيا اليوم، إمبراطورية في حالة تدهور، مع العديد من المشاجرات مع جيرانها، وقدر كبير من الصراعات الداخلية. ظل القادة الألمان يعتقدون حتى صيف عام 1914 أن بوسعهم أن يديروا النمسا بحيث يصب هذا في مصلحتهم. وبدلاً من ذلك، كان ما نالوه هو سلسلة من الأحداث التي دفعت فيها مخاوف نمساوية بألمانيا إلى الحرب. ويجب على الصين أن تكون حذرة للغاية، حتى لا تكرر سلسلة أحداث كتلك. فالاهتمام بمصالحك يعني أحياناً تحديد هذه المصالح على نحو أكمل، لا سيما حين تبرز الفرص للارتباط بإمبراطوريات كبيرة تواجه بعض المتاعب بجوارك.
وبينما تنكب بكين على تقييم خياراتها، ما الذي يتعين على الغرب أن يفعله الآن؟ بعض الإجراءات واضحة. فهو يجب أن يسلح نفسه بشكل أفضل كما تبدأ أوروبا بفعل ذلك حالياً. ويجب أن يدعم المقاومة الأوكرانية. وينبغي به أن يعزز علاقاته مع الأصدقاء على طول حدود روسيا وأوكرانيا. وعليه أن يمارس أقصى قدر من الضغط على نظام بوتين، بحيث لا يصل ذلك بالغرب إلى الزج بقواته في معركة مباشرة [مع روسيا]. ويجب عليه أن يشدد خلال تواصله مع مسؤولين صينيين على أن صناع السياسة الغربيين يعتبرونهم مسؤولين جزئياً، في الأقل، عن آثام بوتين.
إن الاستعانة بالمبادئ لن تساعد بكين. وحتى الحرج الدولي الذي تواجهه يومياً نتيجة لكذب بوتين وعمليات القتل العشوائي التي يقوم بها، لن يعين الصين. إن مضاعفة الضغط ضد روسيا في الوقت الذي يجري فيه التوضيح للصين كيف أن ارتباطها الوثيق ببوتين يعمل ضد استقرار العلاقات الصينية– الأميركية، أو الصينية– الأوروبية، هو أفضل ما نستطيع القيام به. ربما لن يكون هذا جيداً بما فيه الكفاية من أجل إنقاذ أوكرانيا من مزيد من التدمير. لكنه قد يجعل حرب قوى عظمى أقل احتمالاً من خلال إقناع بعض صناع السياسة الصينيين على الأقل بأن مصالح بوتين ومصالحهم لا تنسجم مع بعضها بعضاً بسهولة كما يبدو حالياً أن كلا الجانبين يعتقد.
أود آرني ويستاد أستاذ كرسي إيليهو للتاريخ والشؤون الدولية في جامعة يال ومؤلف كتاب "الحرب الباردة: تاريخ العالم".
مترجم عن فورين آفيرز، أبريل (نيسان) 2022