بعدما يقرب من ست سنوات على صفقة الانتقال التي كسرت الرقم القياسي العالمي، مقابل 89.3 مليون جنيه إسترليني، وهاشتاغ #Pogback والإعلان العاصف عن عودة بول بوغبا إلى مانشستر يونايتد، ناهيك عن العمولة الضخمة التي حصل عليها وكيله مينو رايولا، اقتربت مسيرة بوغبا في مانشستر يونايتد من نهايتها القبيحة التي لم يكن من الضروري أن تكون كذلك، لكن نظراً لما سارت إليه الأمور كان من المحتم أن ينتهي كل شيء على هذا النحو.
كان السبت يوماً غريباً في إستاد أولد ترافورد، مع خطورة الاحتجاجات المناهضة لعائلة غليزر، مُلاك النادي، ولكن كان هناك أشعة الشمس الحارقة والحماس بنفس القدر، ولم يمضِ وقت طويل على غناء الجماهير في مدرج ستريتفورد، لأغنية "أنت لست لائقاً لارتداء القميص"، حتى سجل كريستيانو رونالدو الركلة الحرة التي أكملت ثلاثيته والفوز بنتيجة 3-2 على نوريتش سيتي.
الآن بات الفريق على بُعد ثلاث نقاط فقط من توتنهام صاحب المركز الرابع، وهناك فرصة ضئيلة لإنهاء الموسم في المراكز الأربعة الأولى مرة أخرى، واللاعبون الذين ربما تعرضوا لصيحات الاستهجان خارج الملعب بسبب تأخرهم في النتيجة بهدفين ضد المنافس متذيل ترتيب الدوري، صفقوا للجماهير بعد نهاية المباراة ما عدا واحد، إنه هو.
قبل تسجيل رونالدو هدف الفوز بوقت قليل استُبدل بوغبا، وأثار مشهد الرقم ستة وهو يومض على لوحة الحكم الرابع هتافات ساخرة عالية وواسعة النطاق، ثم صيحات سخيفة صاخبة وواسعة النطاق، وأخيراً هتافات معادية وسباب من بعض الجماهير.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في وقت لاحق، عندما غادر لاعب الوسط الملعب في نهاية المباراة، واتجه نحو نفق اللاعبين، تعرض لصيحات الاستهجان مرة أخرى من قبل مدرج ستريتفورد، لكنه لم يتفاعل حتى وصل إلى النفق وقبل اختفائه عن الأنظار وضع يده اليمنى في أذنه، ولم يشر منشوره عبر "إنستغرام" بعد المباراة إلى السخرية، بل كتب، "فوز مهم جداً لنا جميعاً اليوم!".
وفي المؤتمر الصحافي الذي أعقب المباراة، حافظ المدرب رالف رانغنيك على الخط الرفيع بين الثناء على المشجعين والدفاع عن لاعبيه، فقال، "لم أسمع ذلك بنفسي لأكون صادقاً، أعتقد أن المشجعين هنا مذهلون، أنا أعلم ذلك حقاً، كان الدعم في الملعب اليوم رائعاً، ولا يمكن أن يكون أفضل من ذلك، أتفهم ما إذا كانت الجماهير محبطة وتشعر بخيبة أمل".
وأضاف رانغنيك، "لا أعتقد أنه من المنطقي مواجهة واستهداف أي شخص أو لاعب، إنها مسؤولية جماعية، حتى لو نظرت إلى الماضي فلا معنى لذلك، هذا هو السبب في أنني سأدافع دائماً عن لاعبي فريقي وأحميهم".
وأشارت هذه المراوغة من قبل المدير الفني المؤقت لفريق يونايتد إلى الجدل الدائر حول بوغبا، والسؤال الذي سيُطرح خلال الأسابيع والأشهر القليلة الأخيرة حول الفترة الثانية لبوغبا في أولد ترافورد، وهل فشل بوغبا في يونايتد أم هو من تعرض للفشل بسبب يونايتد؟
سيغادر بوغبا النادي هذا الصيف في نهاية عقده، لقد كان هذا سراً يعلمه الجميع لفترة من الوقت، وأنه لا توجد نية من جانب اللاعب البالغ من العمر 29 عاماً لتجديد عقده المُتفق عليه لأول مرة في عام 2016، بعد أن فقده النادي بالفعل مجاناً في المرة الأولى، وسيفقده مجاناً للمرة الثانية، على الرغم من إنفاق نحو 180 مليون جنيه إسترليني على خدماته في هذه الأثناء.
ومع ذلك فإن الشعور السائد بين معظم الجماهير هو اللامبالاة، ففي أذهان كثيرين لم يكن العائد من هذا الاستثمار البالغ قيمته 180 مليون جنيه إسترليني كبيراً بما يكفي، ناهيك عن التفاوض معه بشروط محسنة، فقد كان التصور أن بوغبا سيأتي في المرة الثانية لتغيير قواعد اللعبة ويكون الصفقة جالبة الألقاب، وسواء كان ذلك التصور عادلاً أو لا، فإنه لم يفعل ذلك.
إن إحجام بوغبا عن الالتزام بعقد جديد يعزز فقط التصور الراسخ منذ فترة طويلة، بأنه يفضل أن يكون في مكان آخر، إضافة إلى تعليقاته غير الحكيمة أثناء أداء الواجب الدولي، والكشف الخطير عشية ديربي مانشستر، أن وكيله رايولا قد عرضه على الغريم مانشستر سيتي.
ولكن ربما الأهم من ذلك كله، أن بوغبا كافح من أجل تلبية المتطلبات الأساسية والجوهرية كأن يكون متاحاً للعب، وليس ذنبه أنه غاب حوالى 527 يوماً بسبب الإصابة- عملياً ربع سنواته الست في اليونايتد- لكنه عامل مساهم في الشعور بأنه فشل في تلبية التوقعات.
هناك حُجة أخرى للدفاع عنه، وهي تتناسب تقريباً مع سياق مباراة السبت، حيث كان بوغبا يلعب في مركز غير مألوف ضد نورويتش، كما يطلق عليه رانغنيك اللاعب رقم "ستة"، وهو لاعب خط الوسط الوحيد خلف لاعبين أكثر تقدماً في الرسم الفني 4-3-3، وأثناء الصيام خلال شهر رمضان، لم يكن أداؤه سيئاً.
وقال رانغنيك، "أعتقد أن بول في الشوط الأول كان مستحوذاً على الكرة بشكل جيد، هذا ليس أفضل مركز له، أفضل أن أراه في مركز ثمانية، لكن من دون لاعبينا الأكثر تميزاً في الدفاع بمركز ’ستة’ كان علي الاختيار، لقد خاطرنا، وفي نهاية المباراة في آخر 20 دقيقة لعبنا بأنتوني إلانغا كظهير أيمن، وبلاعب واحد في مركز الوسط الارتكاز، كان من الصعب اللعب بشكل أكثر هجومية مع اللاعبين الذين كنا نملكهم اليوم".
ولم تكن هذه هي المرة الأولى خلال مسيرة بوغبا مع يونايتد التي يتم فيها تحويله إلى مركز غير مراكزه الأساسية، فقد لعب بشكل حصري تقريباً في محور مزدوج تحت قيادة أولي غونار سولسكاير، بدلاً من اللعب في مركز أكثر تقدماً نحو الهجوم، ومن الغريب أن صفقة ضخمة كهذه لم يُظهر أي مدير فني ليونايتد انطباعاً بكيفية استخدامه بشكل صحيح.
وفي هذا الصدد، من الصعب فصل كفاح بوغبا في يونايتد عن كفاح عدد لا يحصى من التعاقدات الرئيسة الأخرى خلال حقبة ما بعد فيرغسون، بالنسبة لبوغبا، يمكن أن يقرأ عن أنخيل دي ماريا وروميلو لوكاكو وممفيس ديباي، ونظراً لقدرته التي لا شك فيها، فلن يكون من المفاجئ بشكل خاص إضافة اسمه إلى قائمة أولئك الذين غادروا أولد ترافورد في السنوات الأخيرة كبضائع تالفة، ثم تألقوا في أماكن أخرى.
حتى أشد المدافعين عن بوغبا لن يكونوا قادرين على وصف الفترة التي قضاها في يونايتد على أنها نجاح بمجرد أن ينتهي الأمر، وبالنسبة له فإن صيحات الاستهجان من قبل مؤيديه أمر متوقع بقدر ما هو محبط، ولكن بمجرد قول وفعل كل شيء هذا الصيف، سيكون من العدل التساؤل عما إذا كان فشل بوغبا في يونايتد يمكن فصله تماماً عن النادي نفسه.
© The Independent