وجهت روسيا، الأربعاء 20 أبريل (نيسان)، إنذاراً جديداً للمقاتلين الأوكرانيين الذين ما زالوا محتجزين في ماريوبول من أجل الاستسلام في الوقت الذي تسعى فيه لتحقيق نصر حاسم في هجومها الجديد على الشرق، بينما تعهدت الحكومات الغربية بتقديم مزيد من المساعدات العسكرية لكييف.
ويتقدم آلاف الجنود الروس المدعومين بقصف المدفعية والصواريخ بينما وصفه المسؤولون الأوكرانيون بمعركة دونباس. وفشل الهجوم الروسي المستمر منذ ما يقرب من ثمانية أسابيع في السيطرة على أي مدينة كبيرة في أوكرانيا، مما أجبر موسكو على إعادة التركيز في المناطق الانفصالية وما حولها.
لكن أكبر هجوم على دولة أوروبية منذ عام 1945 شهد فرار ما يقرب من خمسة ملايين شخص إلى الخارج وتحويل مدن إلى ركام.
وقال مستشار رئاسي أوكراني، في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، إن روسيا قصفت مصنع آزوفستال للصلب، المعقل الرئيس المتبقي في ماريوبول، بقنابل خارقة للتحصينات. وكتب المستشار ميخايلو بودولاك على "تويتر": "العالم يشاهد قتل الأطفال على الإنترنت ولا يحرك ساكناً".
وبعد انقضاء مهلة الإنذار السابقة للاستسلام ومع اقتراب منتصف الليل، قالت وزارة الدفاع الروسية، إنه لم يلق أي جندي أوكراني أسلحته وجددت المهلة. وتعهد القادة الأوكرانيون بعدم الاستسلام.
مزيد من الأسلحة
في غضون ذلك، تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، الثلاثاء، بإرسال المزيد من أسلحة المدفعية إلى أوكرانيا في مواجهة هجوم روسي شامل على شرق ذلك البلد.
وتحدث بايدن مع جونسون وترودو وحلفاء آخرين في مكالمة بالفيديو من غرفة العمليات بالبيت الأبيض بعد أن دخل الهجوم الروسي مرحلة جديدة. ورداً على سؤال للصحافيين خلال زيارة إلى نيو هامبشير عما إذا كانت الولايات المتحدة سترسل المزيد من المدفعية إلى أوكرانيا، أجاب بايدن بـ"نعم".
وفي لندن، قال جونسون لأعضاء البرلمان، "سيصبح هذا صراعاً بالمدفعية. إنهم بحاجة إلى دعم بمزيد من المدفعية، وهذا ما سنقدمه لهم... إضافة إلى العديد من أشكال الدعم الأخرى".
وقال ترودو، إن كندا سترسل مدفعية ثقيلة، ووعد بتقديم مزيد من التفاصيل. وقالت جين ساكي المتحدثة باسم البيت الأبيض للصحافيين على متن طائرة الرئاسة، إن القادة جددوا التأكيد على التزامهم تزويد أوكرانيا بمساعدات أمنية واقتصادية وإنسانية.
وأضافت، "سنواصل تزويدهم بالمزيد من الذخيرة، وسنقدم لهم المزيد من المساعدات العسكرية". وقالت، إن الولايات المتحدة تُعد مجموعة أخرى من العقوبات لفرضها على موسكو.
واستولت روسيا على أول بلدة في شرق أوكرانيا في إطار هجوم شامل جديد وصفته أوكرانيا بمعركة دونباس، بهدف الاستيلاء على منطقتين.
وقال مسؤول دفاعي أميركي كبير، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة تعتبر النشاط الروسي في شرق أوكرانيا "مقدمة" لهجوم أكبر بكثير.
وانضم إلى بايدن في المحادثة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، فضلاً عن زعماء بولندا واليابان وإيطاليا.
وذكر مستشار رئاسي فرنسي، أن الحلفاء ناقشوا كيفية تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا بعد الحرب إذا لم تكن جزءاً من حلف الأطلسي وآلية الدفاع التلقائي للحلف المعروفة باسم المادة الخامسة.
وقال المسؤول الفرنسي، "بلادنا مستعدة لتقديم ضمانات أمنية. ستكون إمدادات عسكرية حتى تتمكن من التعامل مع هجوم جديد أو ربما ضمانات من شأنها جعلنا نتدخل إذا تعرضت أوكرانيا للهجوم، بطريقة يمكننا من خلالها تقييم كيفية مساعدتها".
وأضاف المسؤول الفرنسي، أن هذه الضمانات ستبدو أشبه بالبند الدفاعي الخاص بالاتحاد الأوروبي حالياً بين أعضائه، وليس آلية دفاع مماثلة للمادة الخامسة الخاصة بحلف الأطلسي، والتي تفعِل دعماً عسكرياً تلقائياً في حالة تعرض أحد الأعضاء للهجوم.
صواريخ ومقاتلات وقطع غيار
وفي السياق ذاته، أعلنت وزارة الدفاع النرويجية، الأربعاء، أن النرويج تبرعت بنحو 100 صاروخ دفاع جوي من طراز "ميسترال" لأوكرانيا، مضيفة أن الأسلحة شُحنت بالفعل.
وأعلن الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي، الثلاثاء، أن أوكرانيا تسلمت مقاتلات وقطع غيار لتعزيز سلاحها الجوي، رافضاً تحديد عددها أو نوعها أو مصدرها.
وقال كيربي خلال مؤتمر صحافي، إن الأوكرانيين "لديهم اليوم عدد من المقاتلات تحت تصرفهم أكبر مما كان لديهم قبل أسبوعين"، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة سهلت إرسال قطع غيار إلى الأراضي الأوكرانية لكنها لم ترسل طائرات إليها.
وأضاف، "من دون الدخول في تفاصيل ما تقدمه دول أخرى، أريد أن أقول إنهم تلقوا طائرات وقطع غيار إضافية لتعزيز أسطولهم". ولم يحدد نوع الطائرات المقدمة للجيش الأوكراني الذي يطلب طائرات حربية منذ أسابيع، لكنه لمح إلى أنها طائرات روسية الصنع.
وتابع، "تمكنت دول أخرى لديها خبرة في هذا النوع من الطائرات، من مساعدتهم في الحصول على المزيد من الطائرات قيد الخدمة".
"نواجه ساعاتنا الأخيرة"
أفاد قيادي في قوة مشاة البحرية الأوكرانية التي تدافع عن آخر معقل للقوات الأوكرانية في ماريوبول، "ربما نواجه أيامنا إن لم يكن ساعاتنا الأخيرة" في المدينة، مناشداً في منشور على "فيسبوك"، في وقت مبكر اليوم الأربعاء، إخراجهم من المكان.
وقال سيرغي فولينا من لواء مشاة البحرية 36 المنفصل الذي يحتمي في مصنع آزوفستال المحاصر، "العدو يفوقنا عدداً بمعدل عشرة إلى واحد"، مضيفاً: "نناشد ونلتمس من جميع زعماء العالم مساعدتنا. نطلب منهم استخدام إجراء إخراج القوات ونقلنا إلى منطقة تابعة لدولة طرف ثالث".
بايدن لا يعرف ما إذا كان سيزور كييف
من جانب آخر، أكد الرئيس الأميركي أنه لا يعرف ما إذا كان سيسافر إلى كييف بعد أن دعاه رئيس أوكرانيا لزيارتها. وقال بايدن عندما سأله صحافيون في مناسبة أقيمت في نيو هامبشير عما إذا كان سيزور العاصمة الأوكرانية "الجواب، لا أعلم".
وقال الرئيس الأوكراني فولودمير زيلينسكي في مقابلة مع شبكة "سي.أن.أن" أذيعت، الأحد، إنه يريد من بايدن زيارة بلاده، وتوقع أن يقوم بذلك.
كان البيت الأبيض قد قال، إن من المستبعد أن يذهب بايدن إلى كييف، لكنه يدرس ما إذا كان سيرسل مسؤولاً أميركياً رفيع المستوى للقاء زيلينسكي وإظهار التضامن معه.
وقالت مصادر مطلعة، إن من المرجح أن يكون هذا المسؤول إما وزير الدفاع لويد أوستن أو وزير الخارجية أنتوني بلينكن، لكن سفر بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس مستبعد بسبب مخاوف أمنية.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، في مقابلة الأسبوع الماضي، في النادي الاقتصادي بالعاصمة واشنطن، "إذا حدث ذلك وعندما يحدث، فسوف نسعى للتأكد من أنه تم بطريقة آمنة للغاية".
وزار زعماء غربيون آخرون، من بينهم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أوكرانيا في أعقاب الهجوم الروسي في فبراير (شباط).
محطة تشيرنوبل تستعيد الاتصالات مع الهيئة المنظمة في أوكرانيا
ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن أوكرانيا أبلغتها، الثلاثاء، باستعادة الاتصالات المباشرة بين محطة تشيرنوبل للطاقة النووية والهيئة الحكومية للطاقة الذرية بعد مغادرة القوات الروسية للمنشأة.
وقال المدير العام للوكالة التابعة للأمم المتحدة رافائيل غروسي، إن هذا التطور "نبأ سار للغاية"، مضيفاً أنه سيتوجه على رأس فريق من الخبراء إلى المحطة هذا الشهر لإجراء سلسلة تقييمات.
وكانت وكالة الطاقة الذرية قالت، إن القوات الروسية احتلت محطة الطاقة المعطلة بعد قليل من الهجوم على أوكرانيا، لكنها غادرت في 31 مارس (آذار).
آلاف العناصر من فاغنر وسوريا وليبيا في أوكرانيا
أعلن مسؤول أوروبي، الثلاثاء، أن ما بين "10 إلى 20 ألف" رجل بين "مرتزقة" من شركة "فاغنر" شبه العسكرية الروسية وعناصر من سوريا وليبيا يحاربون حالياً إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا.
وقال المسؤول لصحافيين في واشنطن طالباً عدم كشف اسمه، إن هؤلاء الرجال "ليست لديهم مركبات أو أسلحة ثقيلة" وقد استقدمتهم روسيا لإسناد قواتها في هجومها على جارتها. وأكد أنه تم رصد "عمليات نقل، من مناطق مثل سوريا وليبيا، إلى منطقة دونباس في شرق أوكرانيا"، حيث أطلقت روسيا لتوها مرحلة جديدة من هجومها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفت المسؤول الأوروبي إلى صعوبة تحديد كم من هؤلاء الرجال البالغ عددهم "بين 10 و20 ألفاً" هم مرتزقة من مجموعة فاغنر الخاصة، وكم منهم عناصر ليبيون أو سوريون.
وكانت وزارة الدفاع البريطانية أشارت في نهاية مارس (آذار) إلى أن "أكثر من ألف مرتزق" من فاغنر، بينهم مسؤولون في الشركة، انتشروا في شرق أوكرانيا من أجل "تنفيذ عمليات قتالية".
ويتهم الغرب هذه المجموعة شبه العسكرية الروسية بأنها قريبة من الكرملين وبأن مرتزقتها ارتكبوا انتهاكات في كل من مالي وليبيا وسوريا.
وأتى تصريح المسؤول الأوروبي غداة إعلان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن القوات الروسية أطلقت، ليل الإثنين، هجوماً واسع النطاق في منطقة دونباس، الهدف الاستراتيجي الجديد لموسكو منذ سحبت قواتها من منطقة كييف.
وقسم من إقليم دونباس تسيطر عليه منذ 2014 قوات انفصالية موالية لروسيا.
وبحسب المسؤول الأوروبي في واشنطن، فإن هذا الهجوم الروسي الجديد سيتيح على الأرجح لموسكو أن تسيطر في غضون "أربعة إلى ستة أشهر" على منطقة لوغانسك، وعلى جزء من دونباس، إضافة إلى جسر بري صغير في منطقة زابوريجيا.
وأضاف أنه يتوقع "دماراً كاملاً" لمدينة ماريوبول، المدينة الاستراتيجية على بحر آزوف، والتي تحاصرها القوات الروسية منذ مطلع مارس. وقال، "أخشى أن تكون أسوأ من بوتشا"، المدينة الأوكرانية المجاورة لكييف، والتي اتهمت السلطات الأوكرانية الجيش الروسي بأنه ارتكب فيها فظائع بحق مدنيين.
لكن المسؤول الأوروبي توقع إمكان أن تنتهي مفاوضات السلام الأوكرانية- الروسية في "خريف 2022"، الأمر الذي من شأنه أن ينهي الحرب قبل حلول الشتاء.
ملياردير روسي يندد بـ"المجزرة" في أوكرانيا
ندد الملياردير الروسي أوليغ تينكوف، الثلاثاء، بـ"المجزرة" التي ترتكبها موسكو في أوكرانيا، وحض الغرب على المساعدة في إنهاء "هذه الحرب المجنونة".
وفي أعنف انتقاد للكرملين من قبل شخصية روسية بارزة، ادعى تينكوف في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي أن 90 في المئة من الروس هم "ضد هذه الحرب"، واصفاً القوات الروسية بأنها "في حالة مزرية".
ويعد تينكوف الذي أسس "تينكوف بانك" عام 2006 من أشهر رجال الأعمال في روسيا، لكنه يقيم خارج بلاده منذ سنوات. وأودت الحرب بحياة آلاف الأشخاص وشردت أكثر من 12 مليوناً في أكبر أزمة لاجئين تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وقال تينكوف، البالغ 54 عاماً، في منشور على "إنستغرام"، "بعدما استيقظوا وهم يعانون آثار الثمالة، أدرك الجنرالات أن لديهم جيشاً في حالة مزرية". وأضاف "وكيف سيكون الجيش على ما يرام إذا كان كل شيء آخر في هذا البلد مزرياً وتشوبه المحسوبيات والتزلف والاستعباد".
وأكد رجل الأعمال الذي استهدفته العقوبات الغربية "لا أرى فائدة واحدة من هذه الحرب المجنونة! أشخاص أبرياء وجنود يفقدون حياتهم". وأردف تينكوف الذي استقال من منصبه كرئيس لمجلس إدارة "تينكوف بانك" عام 2020، لكن باللغة الإنجليزية هذه المرة "عزيزي الغرب بأجمعه، الرجاء إعطاء السيد بوتين مخرجاً واضحاً لإنقاذ ماء وجهه ووقف هذه المجزرة. أرجوكم كونوا أكثر عقلانية وإنسانية".
وجاء بيان تينكوف في اليوم الـ55 للحملة العسكرية الروسية، وبينما تشن القوات الروسية هجوماً كبيراً جديداً في منطقة دونباس في شرق أوكرانيا. وقال، إن "تسعين في المئة من الروس يعارضون هذه الحرب"، مضيفاً "بالطبع هناك حمقى يرسمون شعار زد، لكن 10 في المئة من سكان أي بلد هم حمقى"، في إشارة إلى حرف "زد" الذي يضعه الجيش الروسي على مركباته ودباباته وتحول إلى رمز لدعم روسيا.
وأشار إلى أن مسؤولين في الكرملين أصيبوا "بالصدمة" لأنه لن يكون بإمكانهم اصطحاب أطفالهم إلى البحر المتوسط لتمضية عطلة الصيف، وأن "رجال الأعمال يحاولون إنقاذ ما تبقى من ممتلكاتهم".
وأصدر "تينكوف بانك" بياناً قال فيه، إنه لن يعلق على ما اعتبره "رأياً خاصاً" لتينكوف، لافتاً إلى أن الأخير لم يعد يتخذ أي قرارات متعلقة بالشركات التي تحمل علامة "تينكوف" التجارية. وأكد البيان أن الملياردير الروسي "ليس موظفاً في تينكوف، ولم يكن موجوداً في روسيا منذ مدة طويلة، وهو عانى مشكلات صحية في السنوات الأخيرة".