أطلقت تركيا الاثنين الماضي، هجوماً جوياً وبرياً جديداً ضد المقاتلين الأكراد شمال العراق، وفق ما أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، وسط استنكار عراقي، سياسي وشعبي كبير، تجاه التجاوزات التركية على أراضي العراق وخرقها سيادته.
وقال أكار إن وحدات كوماندوس وقوات خاصة مدعومة بمسيرات ومروحيات هجومية تشارك في عملية "قفل المخلب" تقصف مواقع حزب العمال الكردستاني في مناطق متينا وزاب وأفشين-باسيان في شمال العراق.
ويخوض حزب العمال الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون على أنه منظمة "إرهابية"، تمرداً ضد الدولة التركية منذ عام 1984.
وتنفذ تركيا عادةً هجمات في العراق، حيث لحزب العمال قواعد ومعسكرات تدريب في منطقة سنجار وفي المناطق الجبلية في إقليم كردستان العراق الحدودي مع تركيا.
وقال أكار، "نجح طيارونا الأبطال في إصابة أهداف كمخابئ وكهوف وأنفاق ومستودعات ذخيرة وما يُسمى بمقرات تابعة للتنظيم الإرهابي".
وذكرت وزارة الدفاع التركية أن العملية بدأت بعدما أفادت معلومات بأن حزب العمال الكردستاني يخطط لشن هجوم واسع النطاق ضد تركيا.
وتأتي العملية الأخيرة بعد عمليتي "مخلب النمر" و"مخلب النسر" اللتين أطلقهما الجيش التركي في شمال العراق خلال عام 2020.
خرق للسيادة
وأصدر العراق، يوم الثلاثاء 19 أبريل (نيسان) الحالي، بياناً رسمياً بعد العمليات العسكرية التي قامت بها القوات التركية، مؤكداً رفضه إياها.
وأكدت وزارة الخارجية العراقية في بيان، أن الحكومة ترفض "رفضاً قاطعاً، وتدين بشدة العمليات العسكرية التي قامت بها القوات التركية بقصف الأراضي العراقية في مناطق متينة، والزاب، وأفاشين، وباسيان في شمال العراق، عبر مروحيات أتاك والطائرات المُسيَرة". وأضاف البيان، أن "العراق يعدُ هذا العمل خرقاً لسيادته، وحرمة البلاد، وعملاً يخالف المواثيق والقوانين الدولية التي تُنظم العلاقات بين البلدان، كما يخالف أيضاً مبدأ حسن الجوار الذي ينبغي أن يكون سبباً في الحرص على القيام بالعمل التشاركي الأمني خدمة للجانبين".
وأشارت الخارجية إلى أن "الحكومة العراقية تؤكد ألا تكون أراضي العراق مقراً أو ممراً لإلحاق الضرر والأذى بأي من دول الجوار، كما ترفض أن يكون العراق ساحة للصراعات وتصفية الحسابات لأطراف خارجية أخرى".
استدعاء سفير أنقرة
كما استدعت الخارجية العراقية، السفير التركي في بغداد علي رضا كوناي، وسلمته مذكرة احتجاج شديدة اللهجة على خلفية الخروقات والانتهاكات المستمرة للجيش التركي، "على خلفية العملية العسكرية الأخيرة واسعة النطاق التي طالت مناطق متينا، والزاب، وأفاشين، وباسيان في شمال العراق". وأضافت أنه "تم تسليم السفير مذكرة احتجاج شديدة اللهجة"، داعية إلى "الكف عن مثل هذه الأفعال الاستفزازية، والخروقات المرفوضة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وجددت مطالبتها بـ"انسحاب كامل القوات التركية من الأراضي العراقية بنحوٍ يعكس احتراماً مُلزماً للسيادة الوطنية"، موضحة أن "العراق يمتلك الحق القانوني باتخاذ الإجراءات الضرورية والمناسبة وفقاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة، وقواعد القانون الدولي إزاء أعمال عدائية وأحادية الجانب كهذه، والتي تجري من دون التنسيق مع الحكومة العراقية".
وتابعت أنه "استناداً لكل ما تقدم، نشير إلى أن توظيف المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة في حالات الاعتداء التي تقوم بها القوات التركية، لا يستند إلى أسس قانونية، فالمادة المذكورة لا تجيز انتهاك سيادة بلد مستقل"، لافتة إلى أن "وجود معظم عناصر حزب العمال الكردستاني (PKK) في شمال العراق جاء نتيجة لاتفاق بين الحكومة التركية والحزب المذكور، بالتزامن مع رفض واحتجاج العراق لما نراه من تصدير لتحدٍّ داخلي تركي إلى أراضي العراق".
وأكدت أن "انتهاك سيادة العراق لن يكون أرضية مناسبة لإيجاد حلول تشاركية ومستدامة للتحديات الأمنية، التي تضعُ ضمن الأولويات، زيادة التعاون الأمني بين الجانبين، كسبيل ناجع لتحقيق المصالح المرجوة ومواجهة التحديات".
أمر غير مقبول
بدوره، علق رئيس تيار الحكمة، عمار الحكيم، على العملية التركية شمال العراق. وقال إن "القصف الجوي والاقتحام العسكري البري الذي تقوم به القوات التركية في كردستان العراق أمر غير مقبول". وأضاف "إننا في الوقت الذي نطالب فيه الحكومة العراقية بإمساك الحدود ومنع أي جهة من استخدام الأراضي العراقية منطلَقاً لتنفيذ هجمات ضد دول الجوار، فإننا ندعو هذه الدول إلى احترام سيادة العراق وعدم تنفيذ عمليات عسكرية داخل أراضيه".
كما استنكر رئيس "تحالف عزم" مثنى السامرائي، الثلاثاء، العملية العسكرية التركية مؤكداً أنها لا تراعي مبدأ حسن الجوار.
وقال السامرائي، في تغريدة له "نستنكر العملية العسكرية التركية التي تنتهك سيادة العراق، ولا تراعي مبدأ حسن الجوار ولا القوانين والمواثيق الدولية". وأضاف "نرفض أن تكون أراضينا ساحة لتصفية الحسابات التي لا تعنينا، كما ونرفض في ذات الوقت أن يكون العراق مقراً أو ممراً لأي عمل عدواني يستهدف جيراننا".
لا اتفاقية أمنية بين البلدين
في المقابل، نفى القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، عبد الباري زيباري، وجود أي اتفاقية أمنية موقَعة بين بغداد وأنقرة، تبيح للقوات التركية تنفيذ عمليات عسكرية داخل العراق.
وقال في تغريدة على "تويتر"، "بحثنا في وزارة الخارجية العراقية عن الاتفاقية الأمنية بين العراق وتركيا والتي تسمح بدخول القوات التركية للأراضي العراقية، ولم نجد أي وثيقة تثبت ذلك".
وأضاف أن "هذه الاتفاقية لا وجود لها، إنما هي مجرد وسيلة لتبرير الاعتداء على العراق، وتُستغل من قبل أبواق أعداء العراق في الداخل والخارج".