على وقع الغضب الإسرائيلي من الموقف الأردني حيال التصعيد في القدس، بدأ وفد أميركي زيارةً إلى المنطقة لبحث التوتر في الأراضي الفلسطينية، وتشمل الأردن وإسرائيل والضفة الغربية ومصر، وذلك بموازاة استضافة عمّان الاجتماع الطارئ للجنة الوزارية العربية.
وبحث وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي مع مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى بالوكالة، يائيل ليمبرت، ونائب مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الإسرائيلية والفلسطينية هادي عمرو أسباب التصعيد وجهود إنهائه، وأكدوا استمرار العمل المشترك للحؤول دون تفاقم دوامة العنف التي تنعكس سلباً على الجميع، ومن أجل استعادة التهدئة الشاملة.
ويُصر الأردن منذ أشهر على ترديد عبارة "الوضع الراهن" في الحرم القدسي، ويقصد بها ما كان عليه الحال خلال حكم الدولة العثمانية، الذي استمر خلال مرحلة الانتداب البريطاني على فلسطين (1917-1948)، ثم الحكم الأردني (1948-1967).
واشنطن تدعم الوصاية الهاشمية
ويحاول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، منذ أيام تخفيف التوتر من خلال اتصالات هاتفية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي.
وأكد بلينكن للصفدي احترام واشنطن دور المملكة الخاص، في إطار الوصاية الهاشمية، واحترام الوضع التاريخي القائم في الحرم الشريف، ودعم حل الدولتين. وبحث الوزيران أسباب التصعيد، وما يسببه من عنفٍ وتوترٍ، والحؤول دون تفاقم دوامة العنف.
وأشار الصفدي إلى أهمية موقف الولايات المتحدة، الداعم لحل الدولتين وجهودها للحفاظ على التهدئة وإيجاد أفق سياسي حقيقي لحل الصراع على أساس الحل المذكور.
وسبق لوزارة الخارجية الأميركية أن أعلنت قلقها من تزايد أعمال العنف في الحرم الشريف، ودعت كل الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس وتجنب الأعمال والخطابات الاستفزازية والمحافظة على الوضع التاريخي الراهن في الحرم الشريف.
إسرائيل تتهم الأردن
الموقف الأردني حيال التصعيد في القدس لم يرق إلى الجانب الإسرائيلي، بخاصة بعد تصاعد لغة الخطاب الرسمي في الأردن ضد إسرائيل، فبعد ساعات من وصف رئيس الوزراء بشر الخصاونة في خطاب غير مسبوق، حكومة إسرائيل بـ"المتصهينين المدنّسين"، قال الأمير الحسن بن طلال، شقيق الملك الراحل الحسين بن طلال في مقال نشره على حسابه الشخصي في موقع "فيسبوك"، إن "الهدف الذي تسعى إليه السلطات الإسرائيلية هو تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، وعلى الرغم من كل شيء، لن ينجح الاحتلال في إخضاع الشعب العربي الفلسطيني الصامد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال الخصاونة خلال جلسة نقاشية في مجلس النواب، إن الأردن يرفض كل تبريرات السلطات الإسرائيلية التي تدعي حقها بفرض زيارات لغير المسلمين إلى الحرم القدسي الشريف، مؤكداً أنه حق حصري لإدارة الأوقاف الإسلامية. وأضاف "لمسنا مدخلاً لمحاولة تقسيم مكاني وزماني للمسجد الأقصى وهو ما لا نسمح به ونتصدى له".
وفور استدعاء عمان القائم بأعمال السفارة الإسرائيلية لديها وتسليمه رسالة احتجاج، اتهمت إسرائيل الأردن بالإضرار بجهود إحلال السلام في القدس.
وقالت الخارجية الإسرائيلية إن "الإجراءات الأردنية تعطي دفعةً لمَن يمسون حرمة الأعياد ويلجأون إلى العنف الذي يعرض حياة المواطنين المسلمين واليهود على حد سواء للخطر".
وردت إسرائيل بأنها "تحافظ على الوضع الراهن في الحرم القدسي، وأي شريك مسؤول يجب أن يدرك ذلك وألا يشارك في نشر أخبار كاذبة".
واستهجن نواب أردنيون تصريحات وزير خارجية إسرائيل وأعضاء في الكنيست بعد استدعاء الأردن القائم بالأعمال الإسرائيلي لديها، مشددين على أن "الأردن دولة ذات سيادة ولا تقبل الاستقواء عليها من قبل أي جهة كانت".
وسبق كل ذلك مسيرات مناهضة لإسرائيل، ومذكرة نيابية وقعها 87 نائباً، تطالب بطرد السفير الإسرائيلي من عمان وقطع العلاقات.
تراجع إسرائيلي
ولمس مراقبون تراجعاً إسرائيلياً بدليل تعليمات رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، للشرطة الإسرائيلية بمنع النائب اليميني المتطرف إيتمار بن غفير من دخول باب العمود، المدخل الرئيس للفلسطينيين المقدسيين في البلدة القديمة بالقدس الشرقية. كما يعتبرون أن التراجع الإسرائيلي جاء على خلفية استهداف يميني إسرائيلي لرمزية الوصاية الأردنية على المقدسات، وهو ما استشعرته عمّان خلال الساعات الماضية، إذ تحاول حكومة بينيت النأي بنفسها عنه، والحديث مراراً عن جهودها لوقف التصعيد.
ولمست الحكومة الإسرائيلية التي تعاني الانقسام استعداداً أردنياً لخوض اشتباك دبلوماسي معها وتدويل الأزمة، الأمر الذي قد يفاقم أزمتها الائتلافية الآخذة بالتصدع. لكن ذلك لم يمنع تيارات يمينية إسرائيلية، بعضها محسوب على حكومة بينيت، من التلويح بورقة المياه والغاز الذي تزوّد به إسرائيل الأردن. وجاء ذلك على لسان مستشرقة إسرائيلية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إذ زعمت محللة الشؤون العربية بالصحيفة الإسرائيلية، سمدار بيري، أن "الأردن لن يسارع إلى إلغاء اتفاقية السلام، لأن العلاقات مع إسرائيل على المستوى الاستخباري ممتازة، والتعاون الأمني جيد"، مضيفة أنه "يتحتم على المملكة الهاشميّة ألا تنسى أنها تتلقى كميات زائدة من المياه للشرب وللزراعة من إسرائيل، تتجاوز الاتفاق الموقّع بين الطرفين".