أفادت "نيويورك تايمز" بأن المدارس الأميركية تعاني من التغيب المزمن للطلاب لأسباب منها العمل للمساعدة في إعالة العائلة، وهي ظاهرة تفاقمت بسبب الجائحة، وترتبط بتراجع الأداء المدرسي، وتزيد من احتمال تسرب الطلاب قبل إتمام المرحلة الثانوية. ويصعب إجراء مقارنات بين معدلات التغيب في البلاد ككل بسبب عدم إبلاغ المدارس عنها بالطريقة نفسها أو بالوتيرة نفسها.
لكن الصحيفة لفتت إلى أن تقريراً أصدرته المؤسسة الاستشارية "ماكنزي أند كومباني" في ديسمبر (كانون الأول) عرّف التغيب المدرسي المزمن بأنه تفويت لـ15 يوماً دراسياً في السنة المدرسية وقدّر أن حوالى 22 في المئة من طلاب المدارس كانوا في سبيلهم إلى تغيب مدرسي مزمن بزيادة فاقت الضعفين مقارنة مع الفترة السابقة للجائحة. وأورد "أن معدلات التغيب لدى الطلاب ذوي المداخيل المرتفعة تستقر، لكنها تواصل التفاقم منذ الربيع لدى الطلاب ذوي المداخيل المتدنية".
ونقلت "نيويورك تايمز" عن هيدي تشانغ، مديرة برنامج "الحضور ينجح"، وهي مجموعة تعمل في مختلف أنحاء الولايات المتحدة للترويج لحلول للتسرب المدرسي المزمن، قولها: "لقد قفزت معدلات التغيب المزمن" خلال الجائحة. وأضافت الدكتورة تشانغ: "نعرف أن التغيب المزمن يفاقم التفاوتات الموجودة".
ووصفت الصحيفة الحضور بأنه يمثل مشكلة معقدة للمقاطعات التربوية. فالحضور أساسي للتعلم، لكن المدارس لا تملك سيطرة كبيرة على التغيب وليس حل المشكلة سهلاً. وأرجعت الأسباب إلى مسائل كثيرة تشمل غياب الاستقرار المنزلي والتزامات العمل والمرض. ومع تواصل تداعيات الجائحة، يتغيب مزيد من الطلاب.
أما موظفو المقاطعات التربوية، الذين يعانون بسبب نقص التوظيف في إداراتهم وحالات التغيب في صفوفهم، فيسعون إلى طرق مبتكرة لجذب الطلاب مجدداً إلى مقاعد الدراسة، وفق "نيويورك تايمز". وتعرض بعض المقاطعات فصولاً دراسية مسائية ويقدم بعضها الآخر بطاقات هدايا يمكن أن يستبدل بها الطالب بقالة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحين استضافت مدرسة في ولاية كونيتيكت مناسبة لتشجيع الطلاب على الحضور، تغيب 16 في المئة من الطلاب أو 51 طالباً، بحسب الصحيفة. لكن النسبة لم تكن سيئة مقارنة مع متوسط التغيب المزمن في الولاية البالغ 40 في المئة. وتبين البيانات ذات الصلة في الولاية أن التغيب المزمن يكثر في صفوف الطلاب من مجتمعات السود والهسبانيين والأميركيين الأصليين.
ففي مدينة هارتفورد، أحبطت الجائحة جهوداً مستمرة منذ سنوات لمعالجة التغيب المزمن في صفوف الطلاب الملونين. ونقلت "نيويورك تايمز" عن المقاطعة التربوية التي تقع المدينة من ضمن اختصاصها أن أسباب التغيب المزمن لدى الطلاب تشمل المرض، والحجر (بسبب كوفيد أو غيره) ومصاعب التنقل، والمخاوف على السلامة، والطقس السيء، والتعليق الإداري المؤقت للحضور عقاباً على سلوك سيء، والمواعيد خارج المدارس مع أطباء أو عاملين اجتماعيين.
ويتواصل أولياء أمور مع مسؤولين في المقاطعة التربوية طالبين المساعدة في تأمين الطعام أو المأوى أو التنقل، بحسب الصحيفة. ولم تتردد مسؤولة خلال مناسبة مخصصة لتشجيع الحضور في القيام بأمور غريبة، فقد أكلت العام الماضي صرصار ليل مغمساً بالشوكولاتة وهذا العام آخر مملحاً. وحضر مزيد من الطلاب.
أما في مقاطعة واشنطن بولاية ميريلاند، فقفز معدل التغيب المزمن للطلاب إلى حوالى 38 في المئة في الفصل الأول من السنة الدراسية الحالية، بزيادة أكثر من الضعفين مقارنة به قبل سنة، وفق تقرير "نيويورك تايمز". وقال مدير المقاطعة لخدمات الطلاب، جيريمي جاكوبي للصحيفة، إن أسباب التغيب تعود إلى الاكتئاب والقلق لدى الطلاب، وهما حالتان تفاقمتا خلال الجائحة وترهقان موفري خدمات الرعاية الصحية في المقاطعة.
ونقلت الصحيفة عن ليلاني تشيامبو، 14 سنة، وهي طالبة في إحدى المدارس الثانوية في المقاطعة، قولها بأن الطلاب اعتادوا على الدراسة عبر الإنترنت فلم يعودوا يرغبون في الحضور حين طُلِب منهم ذلك، في حين يعمل كثر خلال النهار ولا يزال البعض يُصَابون بكوفيد. وحين التقطت الفتاة العدوى، اضطرت إلى حجر نفسها في المنزل ففوتت مناسبات لطيفة في المدرسة، بما ذلك إشعال مواد كيماوية في المختبر ما ولّد ألواناً مذهلة، كما لم تتمكن من الحضور حين أنجز فصلها العمل على مسرحية "روميو وجولييت" لشكسبير. وهي قلقة من ألا تتمكن من النجاح بمادة الأدب الإنجليزي هذه السنة على الرغم من حصولها على ملاحظات حول التراجيديا في الأدب الإنجليزي من زملائها.