لن يكون حزب المحافظين هو حزب المحافظين إلا إذا استمات على الدوام لكي ينقسم على نفسه. وسيوفر الانقسام الأخير في الأقل بعض الراحة القصيرة لطلاب التاريخ في المستقبل ممن يختارون أن يدرسوه كواحد من مقرراتهم الأكاديمية، فهم سيمضون بدءاً من قوانين الذرة، إلى الحكم المحلي، فـ"بريكست"، ومن ثم "الرغبة بأن تتصرف بشكل يجعلك تبدو غبياً تماماً من خلال الدفاع عن بوريس جونسون".
لقد لاحظنا، في مرات عدة من قبل، أن النواب الجدد الذين التحقوا بكتلة المحافظين البرلمانية عام 2019 كانوا خضعوا لعملية تصفية ضارية بحثاً عن الغباء، وذلك لاحتضان من يتمتع به، وليس لاستبعاده. لم يكن بوسعك أن تصبح نائباً محافظاً في عام 2019 من دون أن تدعم "الصفقة المعدة للفرن" لبوريس جونسون، ولم يكن بوسعك ربما أن تدعم "صفقة" بوريس جونسون "المعدة للفرن" إذا كنت قد قرأتها حقاً، وهو أمر لم يفعله جونسون نفسه.
وحالما فهم ما كانت تعنيه صفقته الخاصة، سارع إلى رفضها. استقال ديفيد فروست. وفروست يجري حالياً مقابلات صحافية يواصل فيها إطلاق ادعاءاته بأن تنحيه لا علاقة له بـ"بريكست"، إنما تسببت به "خلافات تتعلق بالسياسات" حول الضرائب المرتفعة وقيود كورونا.
يبدو أنه لم يتوقع هذه الأشياء، حين انضم إلى الحكومة في 22 فبراير (شباط)، نعم هذا صحيح، في الإغلاق الثاني وبعدما كانت الحكومة استدانت سلفاً 300 مليار جنيه استرليني (نحو 410.26 مليار دولار) من أجل أن تدفع أجور العاملين مباشرة لعام بأكمله. سيشعر جونسون بحزن عميق لأنه (فروست) قرر التنحي. فهو في حاجة حالياً إلى جميع الأغبياء الذين يستطيع العثور عليهم في الوقت الراهن.
ولذا، سيخيب أمل رئيس الوزراء إلى حد ما. فبعدما نجح في طرد كين كلارك ودومينيك غريف وديفيد غاوك وجميع الآخرين، ثم انتقى بعناية فريقاً برلمانياً مؤلفاً من مغفلين معينين، لا يزال هناك على الرغم من ذلك، عدد كبير من غير الأغبياء بما فيه الكفاية حتى يدافعوا عنه.
دعاه دوغلاس روس، زعيم حزب المحافظين الاسكتلندي، للاستقالة. وهو دعاه إلى الاستقالة لأن بوسعه أن يرى، شأنه شأن 99.99999 في المئة من أبناء البلاد، أنه لا يمكنك أن تذهب إلى حفلة في حديقة بيتك، جاء في الدعوة الخاصة بها "أجلب مشروبك الكحولي"، وأن تبقى فيها مع زوجتك 25 دقيقة، وألا تلاحظ أنها لم تكن مناسبة عمل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وإذا لم تصدق ذلك، لا يمكنك عندها أن تصدق أنه قد خرق القواعد المتعلقة بالإغلاق، وأن عليه بالتالي أن يستقيل.
بطبيعة الحال، هناك عدد كافٍ من البلهاء في متناول اليد. جاكوب ريس موغ، الذي أفصح عن رأيه في مناسبات عدة من على منبر مجلس العموم بأن كورونا لا يمكن أن ينتقل من شخص إلى آخر إذا كانا صديقين، ردّ بوصف دوغلاس روس بأنه " شخصية تافهة".
يا لها من مصيبة أن يُوصف المرء بأنه تافه من قبل رجل في الخمسينيات من العمر لم يحقق أي شيء ذا قيمة على الصعيد السياسي أكثر من إغفاءة مفتعلة بالكامل على مقاعد مجلس العموم وتنظيم فريق كونغا (متكاتف على طريقة رقصة الكونغا الجماعية) للتصويت مؤلف من 650 شخصاً.
حقيقة أن مجلس الوزراء حالياً في حالة حرب مفتوحة مع حزب المحافظين الاسكتلندي، تؤكد تماماً ما هو معروف سلفاً. والخطوة التالية التي سيتخذونها هي فض الاتحاد. أما بالنسبة إلى الآخرين، فمن الممكن القول إنهم لم يتصرفوا على نحو جعلهم يظهرون بمظهر الأغبياء على الإطلاق. لكن من الطبيعي أن نادين دوريس وبريتي باتيل لم تضيعا أي وقت، قبل أن تهب كل منهما للدفاع علناً عما لا يمكن الدفاع عنه.
بيد أن على المرء أن يتخيل أن كلتيهما تعلم أنه لم يعُد من الممكن إلحاق الأذى بسمعتيهما من خلال قول أشياء غبية على الملأ. لم يعُد من المحتمل من ناحية عقلانية أن تُحرج أي من هاتين السيدتين نفسها علناً. إنهما تدافعان عن جونسون بأسلوب مشابه للغاية للطفل الصغير الذي أدرك أنه طالما بدأ سلفاً يتبول على نفسه بوضوح على مرأى من الجميع في باص المدرسة، فقد صار بوسعه أن يستمر حتى ينتهي من قضاء حاجته.
أما بالنسبة إلى جونسون نفسه، فبعدما قضى الشطر الأكبر من سنتين كاملتين متجاهلاً مستشاريه العلميين، رافضاً فرض قيود أكثر صرامة كان من شأنها أن تنقذ حياة عشرات الآلاف من الأرواح، اختار بصورة طبيعية، الوقت الحالي من أجل فرض قيود أشد قسوة على نفسه.
قيل لنا إن أحد أعضاء عائلته أصيب بكورونا، وعلى الرغم من أنه لم تعُد هناك حاجة إلى عزل نفسه، فهو قرر بسخاء أن يفعل ذلك. لا تتوقع أن ترى رئيس الوزراء في العلن لأسبوع كامل في الأقل. وهو يأمل أنه، مع حلول ذلك الوقت، ستكون كل هذه الأحداث قد باتت طي النسيان. إلا أن المشكلة تكمن في أنه شخصياً ليس غبياً بما فيه الكفاية ليعتقد أن ذلك هو ما سيحصل، على الرغم من أن كثراً في حزبه ربما يكونون كذلك.
© The Independent