Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وقائع فرار عائلة أوكرانية من جحيم ماريوبول سيرا على الأقدام

بعد خمسة أيام وأربع ليال من السفر اجتاز أفراد العائلة العديد من الحواجز الروسية وقالوا للجنود إنهم متجهون إلى أقارب لهم

عائلات أوكرانية بالقرب من مقبرة لضحايا القصف الروسي (أ.ب)

بينما كان القصف الروسي يدمر بلدتهما ماريوبول بجنوب شرقي أوكرانيا، قرر يفيغين وتاتيانا أن ليس أمامهما سوى طريق واحد للفرار مع أبنائهما الأربعة وهو سيراً على الأقدام.
وفي حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، الجمعة، أثناء انتظارهم في مدينة زابوريجيا قطاراً متجهاً غرباً، روت العائلة بالدموع والضحكات مشقات اجتياز نحو 125كلم قبل الوصول إلى بر الأمان.
وقالت تاتيانا كوميساروفا (40 عاماً) "شرحنا للأطفال طيلة شهرين خلال وجودنا في القبو أين سنذهب... حضرناهم لهذه الرحلة الطويلة". أضافت "اعتبروا الأمر مغامرة".
الأحد الماضي، قررت مع زوجها يفغين تيشنكو (37 عاماً) وهو عامل فني أن الوقت حان للقيام بالخطوة.
بقلق رافقا الأطفال خارج المبنى. وكانت تلك المرة الأولى التي يخرج فيها جميع أفراد الأسرة مجتمعين منذ بدء الغزو الروسي في 24 فبراير (شباط).
ورأوا حولهم مشهد دمار كامل. وقال يفغين، "عندما شاهد الأطفال ذلك مشوا بصمت".
أضاف، "لا أعرف ما الذي كان يدور في رؤوسهم. هم أيضاً ربما عجزوا عن تصديق أن مدينتنا لم تعد موجودة".

الموت جوعاً
كان الوالدان مدركين ما ينتظر العائلة. فقد سبق أن خرجا خلسة من المبنى للتمون بالسلع الغذائية والماء من المتاجر التي دمرها القصف وشاهدا جثثاً في الشوارع.
وبدا لتاتيانا أن "الموت بسبب القصف يخيف أقل من الموت جوعاً".
كانت قذيفة قد سقطت على سقف المبنى السكني حيث يقيمان. أما أطفالهما فقد بقيا طيلة الوقت تحت الأرض.
وقالت تاتيانا، "أحضرنا لهم الكتب إلى القبو، والنور كان خافتاً بدرجة كنت بالكاد أرى لكنهم تمكنوا من القراءة".
وأخبرت الطفلة آنا البالغة 10 سنوات عن أوقات مرحة أمضتها عندما كانت تلعب مع أصدقاء من شقة مجاورة.
وتستذكر الفتاة التي سرحت شعرها في ضفيرة "النوم على الأسمنت لم يكن رائعاً".
وتؤكد بشجاعة أن عند سقوط القنابل "لم نكن بغاية الخوف".
وقالت، "المبنى كان يهتز كثيراً وعلا الغبار" مضيفة، "التنفس لم يكن سهلاً".
وكانت مغادرة القبو والمدينة "صعبة"، بالنسبة لآنا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

العربة الذهبية
وروت لوكالة الصحافة الفرنسية، "كان علينا أن نحمل حقائبنا التي كانت ثقيلة".
كان ذلك في اليوم الأول، قبل أن يعثر والدها على عربة أطلقت عليها العائلة تسمية "العربة الذهبية".
وفي الحقيقة كانت تلك عبارة عن عربة بثلاث عجلات يعلوها الصدأ وتحدث صريراً لكنها جعلت السير أكثر سهولة.
وشرح يفغين "راحت زوجتي تدفع أصغر بناتنا على دراجتها فيما أنا كنت أدفع العربة، بينما كان أحد الأطفال أحياناً متربعاً على الحقائب" مضيفاً "والطفلان الآخران كانا يسيران بجانبي".
بعد خمسة أيام وأربع ليال من السفر، اجتاز أفراد العائلة العديد من الحواجز الروسية، وقالوا للجنود إنهم متجهون إلى أقارب لهم.
وقال يفغين، "لم يعاملوننا كأعداء، حاولوا المساعدة".
أضاف، "لكن في كل مرة كانوا يسألوننا: من أين أنتم، من ماريوبول، ولكن لماذا تذهبون في هذا الاتجاه، لم لستم ذاهبين إلى روسيا؟".
ليلاً كانت العائلة تنام في منازل أهالي فتحوا لهم أبوابهم على طول الطريق وقدموا لهم الطعام.
خلال النهار كانوا يواصلون السير رغم المشقات.
أخيراً حالفهم الحظ والتقوا دميترو جيرنيكوف، الذي كان يعبر بولوهي، البلدة الخاضعة للسيطرة الروسية والواقعة على بعد 100 كلم عن زابوريجيا.
وقال جيرنيكوف، "شاهدت هذه العائلة وهي تدفع عربة على جانب الطريق". ويتوجه جيرينكوف بانتظام إلى زابوريجيا لبيع محاصيل الخضار التي تزرعها عائلته.
بعدما اجتازوا 125كلم سيراً، انتهت رحلة تاتنيا ويفغين وأطفالهما في حافلته الصغيرة المتضررة.
ويتذكر جيرنيكوف شعورهم بالارتياح عندما خرجوا من مناطق تسيطر عليها القوات الروسية وشاهدوا جنوداً أوكرانيين.
وقال، "عندما عبرنا أول حاجز، بدأ الجميع بالبكاء".
وتؤكد تاتيانا، "كان لدينا هدف وحيد وهو أن يعيش أطفالنا في أوكرانيا. إنهم أوكرانيون، لا يمكننا تصور أنه يمكن أن يعيشوا في بلد آخر".
الجمعة، استقلت العائلة حاملة مقتنياتها القليلة، قطاراً مكتظاً متجهاً إلى لفيف.
ومنها تخطط العائلة للتوجه إلى إيفانو-فرانكفيسك، المدينة الكبيرة الأخرى في غرب أوكرانيا، سعياً لبناء حياة طبيعية.
وقال يفغين، "أريد العثور على وظيفة. وزوجتي ستهتم بالأطفال وتبحث لهم عن مدرسة".
أضاف، "لا يمكن أن ننسى ما مررنا به، ولا يجدر بنا ذلك. لكن يجب أن نبقى متفائلين ونقوم بتربية أطفالنا".
وتعبر ابنتهما آنا عن أمنياتها البسيطة بعد الفرار من جحيم ماريوبول.
وتقول، "أريد أن أعيش في مدينة ليست كتلك... وفي أوكرانيا".

المزيد من متابعات