حين علّق إيلون ماسك على تغريدة تتناول تراجع أعداد المشتركين في "نتفليكس"، اقترح أن "أحد فيروسات عقل جيل الألفية" جعل "نتفليكس" "غير قابلة للمشاهدة".
وشرع بعض الناس في التعامل مع هذا الاقتراح بجدية، ففوّتوا تماماً الجانب الواضح. كان ماسك يشاغب بالتأكيد. هل شاهد "نتفليكس" حتى؟ نظراً إلى اهتماماته المتنوعة وأيام عمله التي يُقَال إن طول كل منها يبلغ 16 ساعة أو أي عدد آخر، فالإجابة قابلة للأخذ والرد. وحتى لو فعل، ما كان الوقت الكافي ليتوافر له لكي يتمكن من تقديم رأي ذي مغزى في شأن إنتاجها الضخم، سواء توافق هذا الإنتاج مع متطلبات جيل الألفية أو أي متطلبات أخرى.
الواقع أن ما أفضى إلى أول تراجع في أعداد المشتركين في "نتفليكس" خلال عقد (انخفضت بواقع 200 ألف مقارنة بها قبل سنة)، مع خسارة محتملة لمليوني مشترك إضافيين وفق توقعات الشركة، ليس أحد فيروسات العقل. فالرئيس ريد هاستينغز يتعامل مع مسائل على جبهات متعددة.
وبعضها قريب الأجل ويمكن تجاهله (إلى حد ما). مثلاً، خسرت المجموعة 700 ألف مشترك بعدما سحبت خدماتها من روسيا. وكانت أعدادها لتظل في منطقة إيجابية (ولو أنها تظل أدنى كثيراً من التوقعات) لو لم يشن رئيس تلك البلاد حرباً على أوكرانيا.
واستمتعت المجموعة أيضاً بطفرة من النمو المصطنع خلال جائحة "كوفيد-19". عندما أُجبِر الناس على البقاء في منازلهم من دون أي خيارات أخرى، كانت "نتفليكس" هناك. والآن يستطيع الناس الخروج مجدداً ولذلك يعيدون بالطبع تقييم خياراتهم الترفيهية.
وهناك تحديات أخرى أكثر جوهرية وأبعد أجلاً. في ضوء إنتاج المجموعة وحجم مكتبتها وتنوع عرضها، كانت زيادتها لأسعارها مبررة اقتصادياً. لكن الخطوة موضع شك استراتيجي مع قضم أزمة تكاليف المعيشة الدخل المتاح لزبنائها في أسواق متعددة.
وفي الوقت نفسه، تزيد المنافسة سخونة. "ديزني" تزدهر، و"أتش بي أو ماكس" موجودة (في الولايات المتحدة وأجزاء أخرى من العالم)، في حين لا تزال "أمازون" حاضرة، تبيع خدمتها على خلفية عرضها "برايم" المتعدد الأوجه. وهناك من ثم "بيكوك" ("أن بي سي"). و"أبل". ويتواصل الأمر على هذا النحو.
يشكل خفض عدد خدمات البث وسيلة سهلة للاقتصاد في ميزانية الأسرة. وفي ظل هذا العدد الكبير من البدائل، ليست "نتفليكس" بالضرورة الخدمة "الأساسية" التي كانت عليها ذات يوم للبعض، لا سيما للعائلات. والبعض يبدل بينها.
تبدو استجابة "نتفليكس" لهذا الهجوم المتعدد الاستهدافات متعدد الجوانب في شكل مماثل. أولاً، ستستمر في محاولة النمو دولياً. وهذا يعرض إمكانيات. فكثير من النمو لا يزال قابلاً للتحقيق. والمشكلة هي أن العوائد من كل مشترك من غير المرجح أن تكون دسمة بأي شكل كما هي الحال في الولايات المتحدة أو غيرها من الأسواق ذات القيمة العالية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتدرس المجموعة أيضاً مشاركة الحسابات. إضافة إلى مشتركيها الـ22 مليوناً، تعتقد بأن ثمة 100 مليون أسرة أخرى تستخدم حسابات مملوكة لأشخاص آخرين، بما في ذلك 30 مليون أسرة في الولايات المتحدة وكندا. وهناك ثروة تنتظر الشركة إذا تمكنت فقط من "تحقيق دخل" من هذه الأسر. وتُجرَّب حالياً برامج في أسواق مختلفة. وهنا تكمن المشكلة: سرعان ما تتبادر إلى الذهن العبارة "أمر يسهل قوله أكثر من فعله". لقد درست "نتفليكس" مشاركة كلمات المرور في الماضي.
فلنفترض أن إحدى خطط "عضوية العائلة الممتدة" عُرِضت من ضمن الحل. ثمة أشخاص لا يتشاركون مع آخرين الآن قد يجتمعون ويفعلون ذلك إذا نجحت الخطوة في خفض إنفاقهم الإجمالي. أما أولئك الذين يمارسون بالفعل المشاركة ولا يدفعون مالاً في المقابل فسيواصلون ذلك. أو قد يجدون طريقة التفافية أخرى إذا بدأت "نتفليكس" في اتخاذ إجراءات صارمة في هذا الصدد.
وتتمثل إمكانية أخرى في عرض مستوى أو مستويات أرخص من العضوية، ربما مع إعلانات. و / أو ربما مع تأخير الوصول إلى العروض الكبيرة / الجديدة؟ من المؤكد أن هناك تجارب على الطريق. وإذا خفض عدد كبير من الناس مستوى اشتراكهم، يجب الأمل في أن تكون عوائد الإعلانات قوية إلى حد يجعل الخطوة غير مهمة.
في الوقت نفسه، يستمر المنافسون في استقطاب مشتركين. واللحظة التي تتفوق فيها "ديزني بلاس" على "نتفليكس" تقترب بسرعة.
الميزة الرئيسية التي تتمتع بها "ديزني" هي ما يلي: لديها امتيازات – كبيرة وراسخة وكثيرة. ويمكن استخدام هذه الامتيازات لتوليد كثير وكثير من المحتوى الجديد والحامل لعلامات تجارية سيجذب المشتركين. وبعض المحتوى مبتكر. يشكل مسلسل "واندا فيجن"، المنبثق من امتياز "كون مارفل السينمائي"، مثالاً رئيسياً على شيء جريء ومختلف. ويصح الأمر نفسه على مسلسل "لوكي". وبعض الامتيازات غير مهم، مثل مسلسل "كتاب بوبا فيت"، المولود من سلسلة الأفلام "حرب النجوم". وبعضها عادي.
لكن ما تفعله في نهاية المطاف هو أنها تسمح لـ"ديزني" بإنفاق مال أقل، وتحمل تكاليف أقل، مقارنة بـ"نتفليكس" مع بثها الذي لا ينتهي من البرامج التي لم تدركوها على الأرجح لأن الخوارزمية التي تعتمدونها لا تظهرها.
ربما نشهد تحولاً نحو الاستفادة في شكل أكبر من البرامج الضاربة. ما رأيكم بنسخة "سنوات المدرسة الثانوية" من مسلسل "بريدجرتون"؟ أو نسخة "دولية" من مسلسل "لعبة الحبار"؟ أو نسخة "مقلوبة في لندن" من مسلسل "أشياء غريبة"؟
إليكم الخلاصة: لطالما أدت الحروب على خدمات البث إلى ضحية أو اثنتين. ومن المرجح أن يحدث هذا من خلال العمل المؤسسي، لا سيما الاندماج والاستحواذ، وليس الانهيار. لكنه سيحدث.
وعلى هذه الخلفية، لم يكن عهد "نتفليكس" بوصفها ملكة الوسائط أكثر تزعزعاً منه الآن. تحتاج الشركة إلى إصلاحات، إما معلنة أو قيد الدرس، لتحقيق مستهدفها في حين يشعر مستثمروها بقلق.
© The Independent