عانى الأردنيون لعقود طويلة البناء العشوائي لمنازلهم بطرق تقليدية ومن دون ضوابط، وعلى الرغم من وجود نظام خاص للأبنية في العاصمة عمان وباقي المدن، فلا تزال الفوضى السمة الغالبة على معظم الإنشاءات، خصوصاً في الأحياء الفقيرة.
توصف تعليمات قانون البناء الوطني الأردني بأنها صارمة، وتوافق أعلى المعايير الدولية، لكن كل ذلك لم يمنع استمرار البناء بطرق تقليدية، وأخيراً خرج مهندسون أردنيون بفكرة رائدة لبناء المنازل بوقت قياسي خلال ثمانية أسابيع، وعن طريق الخرسانة الجاهزة المعزولة حرارياً ومائياً، والموفرة للطاقة. كما أنها مصممة لتحمّل الزلازل والظروف الجوية القاسية.
وبلغ عدد الشقق السكنية المبيعة مع نهاية العام 2021 أكثر من 37 ألف شقة، وبدأ القطاع العقاري في الأردن بالتعافي من آثار جائحة كورونا، على الرغم من التأثير السلبي الكبير لارتفاع أسعار المواد الإنشائية أخيراً.
ويقدر عدد المساكن في الأردن بنحو مليونين و300 ألف مسكن، 45 في المئة منها بالعاصمة، فيما تبلغ نسبة الشقق نحو 83 في المئة.
بناء غير تقليدي
بحسب القائمين على شركة "منازل كن"، جاءت الفكرة للتخلص من عبء البناء التقليدي والعشوائي المنتشر في الأردن، حيث معظم الأبنية من دون عزل حراري ومائي، ما يفاقم مشكلات الرطوبة والعفن. فضلاً عن طول عملية البناء، التي تمتد في بعض الأحيان لسنوات، وبمواصفات تقليدية، تتكون في العادة من أعمدة وجدران من الطوب، وتكاليفها مرتفعة ولا يمكن التنبؤ بها وتحتاج إلى طاقة عالية.
وتتوافر المنازل غير التقليدية حسب الطلب، وبمساحات مختلفة من 70 إلى 250 متراً مربعاً، وبتصاميم مبتكرة، وبشكل مستدام لتوفير بيئة معيشية مريحة وآمنة وصحية.
غياب الضوابط والمعايير
أدى البناء بكثافة وتسارع خلال السنوات العشر الأخيرة في الأردن لمواكبة الزيادة السكانية، التي فرضتها موجات اللجوء على المملكة، إلى عدم مراعاة الكثير من الضوابط والقوانين وأكواد البناء المعتمدة، والتي تنص على معايير كثيرة من بينها السلامة العامة.
ومع غياب دور الرقابة والتفتيش، يجد الكثير من الحالمين بـ"شقة العمر" أنفسهم ضحية الاستغلال، ويتحول الحلم إلى كابوس مع اللجوء إلى الاقتراض من البنوك.
وتصنف الكثير من المنازل والشقق في الأردن بأنها "تجارية"، بمعنى أن مواصفاتها ليست مثالية، خصوصاً في ما يتعلق بالتمديدات وأعمال التشطيب.
اليوم ثمة 15 ألف قضية منظورة أمام القضاء الأردني، رفعها ملاك وحدات سكنية ضد الشركات التي باعتهم هذه الوحدات غير المطابقة للمقاييس والمعايير العامة.
وتتبادل أمانة العاصمة عمان ونقابة المهندسين المسؤولية عن هذه الفوضى، فتقول أمانة عمّان، إن دورها تنظيمي إداري، بينما تؤكد نقابة المهندسين أن مسؤوليتها تنحصر بالإشراف على الهيكل الخارجي للمباني والمشاريع الإنشائية.
رقابة على الإسكانات
بعد ارتفاع حالات الوفيات والإصابات الناجمة عن تصدع أو انهيار المباني في الأردن خلال السنوات الأخيرة، خرجت العديد من الأفكار المعنية بمراقبة معايير البناء، آخرها فكرة أطلقها مجموعة من المهندسين الشباب في الأردن تحت مسمى "Building Rank".
وتعنى هذه الشركة الأردنية بفحص المباني والشقق السكنية، وكشف جميع العيوب الحالية والتي قد تظهر في المستقبل بطريقة سريعة وعملية وفعالة، وتقديمها للمشتري بشكل مبسط مع شرح العيوب وطريقة وتكلفة إصلاحها، لحمايته من الغش وتجنب الخسائر.
وتشترط الجهات المانحة لتراخيص البناء في الأردن وجود إشراف هندسي، لكنها في المقابل تقلل من أهمية التقارير التي تتحدث عن وجود مشاكل، وتقول إنها مخالفات بسيطة لا ترتقي إلى مستوى ما يحدث في دول عربية أخرى.
ويدور الحديث هنا عن مشاكل الرطوبة باعتبارها أبرز ما يواجه قطاع الإسكانات في الأردن، بسبب سوء التمديدات أو غياب العزل، بالإضافة إلى التصدعات والتشققات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
طاقة مهدورة
وفقاً لمختصين، يؤدي عدم عزل أغلب المباني والإسكانات في الأردن حرارياً إلى هدر للطاقة وتكاليف عالية، حيث يستهلك القطاع السكني 21.5 في المئة من إجمالي الطاقة المستهلكة، كما يستهلك 46 في المئة من الطاقة الكهربائية.
وبحسب الأرقام، تستهلك التدفئة ما نسبته 53 في المئة من الطاقة بالمنازل، في حين تقدر كلفة التدفئة السنوية للأردن بنحو 500 مليون دولار. لكن لو كان العزل الحراري منتشراً لتمكن من توفير 50 في المئة على فاتورة التدفئة المنزلية، ونحو 40 في المئة من فاتورة التبريد، الأمر الذي يؤدي إلى توفير نحو 250 مليون دولار سنوياً.