ما الذي يجعل بنوكاً عملاقة مثل (جي بي مورغان) الأميركي، وعلامات تجارية كبرى مثل (أديداس)، وأناساً عاديين يتجهون لشراء أراض في عالم "ميتافيرس" الافتراضي الذي لا وجود له على أرض الواقع. وفقاً لتقرير صادر عن مركز التمويل والتكنولوجيا وريادة الأعمال، أوردته "سكاي نيوز" الإنجليزية، وصلت صفقات الأراضي الافتراضية العام الماضي إلى 350 مليون دولار (267 مليون جنيه استرليني) في "ذا ساند بوكس"، أكبر منصة للملكية الرقمية. وأُجريت معاملات أخرى بقيمة 110 ملايين دولار (84.2 مليون جنيه استرليني) في "ديسينترالاند"، ثاني أكبر منصة "ميتافيرس".
ما هي "ميتافيرس"؟
"ميتافيرس" ليست مساحة رقمية واحدة. إنها شبكة من عوالم الواقع الافتراضي، أنشأتها الشركات والمنصات، حيث يمكن للمستخدمين التفاعل ولعب الألعاب وحضور الأحداث وشراء الأراضي.
يعد "هورايزن وورلدز" أحد أذرع "ميتافيرس" الأكثر شهرة. أُنشئ بواسطة "فيسبوك"، الذي تغير اسمه اليوم إلى "ميتا"، حيث حول العملاق التكنولوجي تركيزه إلى المساحات الافتراضية.
العلامات التجارية الأخرى، أعلنت أيضاً عوالمها الرقمية الخاصة، في حين يخطط مانشستر سيتي لبناء أول ملعب كرة قدم "ميتافيرس" بالشراكة مع "سوني".
واشترى جوني مكاملي، الرئيس التنفيذي لشركة "كريبتو كلير"، قطعة أرضه في "ذا ساند بوكس" في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقال حينها، "هناك كازينوهات في ميتافيرس، وهناك أيضاً متاحف، لكن هناك أيضاً أحداث مثل البودكاست ومؤتمرات حضرتها بالفعل. لذا، فإن أفضل طريقة للنظر إليها هي أنها تأخذ العالم الحقيقي، وتحوله إلى صور رقمية تتجاوز نماذج مثل زوم".
أما، لماذا يشتري الناس عقارات افتراضية؟ بالنسبة إلى بعضهم، فهي فرصة لهم لا ينبغي تفويتها، على الرغم من عدم اليقين في السوق وتقلب الأسعار مما يجعله استثماراً محفوفاً بالمخاطر. يقول ماكاملي الشاب البالغ من العمر 23 سنة من بلفاست، الذي اشترى أرضاً افتراضية من "ميتافيرس" لـ"سكاي نيوز" إنه "مثل أي استثمار جديد، أي فئة أصول جديدة. عندما دخلت إلى بيتكوين وكان سعرها 300 دولاراً، قيل لي إنها مخاطرة كبيرة، الشيء نفسه مع عملة إيثر المشفرة بسعر 4 دولارات. أعتقد أن الحصول على قطعة أرض في ديسينترالاند مقابل 4 آلاف دولار هو بمثابة صفقة".
يعتزم ماكاملي تعليق شرائه لمدة 10 سنوات ويقول، "أعتقد أن ميتافيرس سوف تنضج في غضون عقد تقريباً وسأفكر في بيع الأرض عندما يحين ذلك الوقت".
ويمكن لمالكي الأراضي أيضاً استخدام مساحاتهم الافتراضية لتصميم تجارب يستمتع بها الآخرون. ويضيف ماكاملي، "قطع الأرض المملوكة للمجتمع، هي المفضلة لدي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
البحث عن منزل في العالم الافتراضي
البحث عن منزل مثالي في منطقة "ميتافيرس" يشبه الحياة الحقيقية. فهناك أراض معبدة تشقها الطرق، والبعض منها بالقرب من المناطق المرغوبة مثل مناطق "الموضة" أو "المتاحف"، وهي ذات سعر أعلى، وستكون فرصاً استثمارية أكثر جاذبية.
في "ذا ساند بوكس"، تعد المناطق المركزية الأكثر ازدحاماً بالقرب من المعالم الأخرى أغلى بكثير من الأحياء الجديدة في الضواحي. أيضاً من هم جيرانك سيؤثر أيضاً على قيمة الممتلكات الخاصة بك.
في سبتمبر (أيلول) 2021، أعلن مغني الراب سنوب دوج عن برنامج "سنوبفيرس" الرقمي الخاص به في "ذا ساند بوكس". بعد شهرين، بيع عقار بجوار قطعة أرضه بأكثر من 450 ألف دولار (350 ألف جنيه استرليني).
لكن، على عكس عمليات شراء الممتلكات التقليدية، لا يوجد طرف ثالث أو وجود قانوني يمكنه ضمان شرعية الصفقات. قد يكون ذلك محفوفاً بالمخاطر عند الشراء من سوق ثانوية مثل "أوبن سي"، حيث تُستخدم العملة المشفرة في الشراء.
مهندسون رقميون
إضافة إلى ملاك الأراضي، هناك جيل جديد من "المهندسين المعماريين الفوقيين" الذين يصممون المساحات الافتراضية.
بدأ المهندس المعماري التقليدي، ستافروس زكرياديس، العمل في جنوب لندن، بالتصميم للعالم الرقمي لمواجهة الوباء، بعد أن أسس شقيقه أدونيس رينوفي سوق الرموز غير القابلة للاستبدال NFT، حيث صمم هذا الشاب البالغ من العمر 37 سنة أخيراً متاجر لأسبوع الموضة.
قال زكرياديس: "في ميتافيرس يمكن إظهار ما يدور حولك، وعرض منتجاتك. بالتالي يمكننا توفير مساحات اجتماعات لأشخاص مختلفين، بخاصة في الوقت الراهن في حضرة كورونا، وفي ظل التباعد بين الناس الذي خلقه الوباء على امتداد العامين الماضيين".
وأضاف، "يمكنك الحصول من عوالم الخيال العلمي الفائق على المباني العائمة التي تدور وتتحول إلى الجانب الآخر من أنماط العمارة الكلاسيكية والتاريخية".
ويعتقد زكرياديس أن ميتافيرس يمكن أن تفتح الأبواب أمام أولئك الذين يفتقرون إلى الاتصال في الحياة الواقعية، حيث يقول، "كنت أفكر في كيفية تغيير إمكانية الوصول، على سبيل المثال، يمكن للشخص الذي لا يمتلك القدرة نفسها على التنقل أن يكون متساوياً في ميتافيرس.. ويتساءل لما لا؟".
نهاية اللعبة
يحذر كثيرون من أن هذه الاستثمارات قد تتعثر. حيث تتعمق منصة "ميتش إنفستينغ" على "يوتيوب"، من برمنغهام، بانتظام في مواضيع مثل التمويل الشخصي والتقنيات الناشئة. وتعتقد أن الوعود بأن تصبح ميتافيرس جزءاً من حياتنا اليومية قد تكون مبالغاً فيها.
ويقول متحدث من منصة "ميتش إنفيستنغ" إنه في وقت مبكر جداً من تطويره سيكون مثل الاستثمار في شركة كانت تعمل لمدة عام فقط. ويضيف لست متأكداً مما إذا كانت ستنطلق أم لا، ولست متأكداً جداً من الاتجاه الذي تسير فيه الشركة، أو كيف يمكن أن يتطور نموذج العمل فيها... إنه تخميني من وجهة نظري". وتابع، "هناك قلق من أنها لن تنجح جميع العوالم الافتراضية في جذب عدد كبير بما يكفي من المستخدمين".
وحذرت المنصة من أنه "يمكن أن يكون هناك الآلاف من ميتافيرس مثل مواقع الويب اليوم. بالتالي من المستحيل معرفة ما هي نهاية اللعبة".
من جهتها، وصفت هيئة السلوك المالي البريطانية، الأصول المشفرة بأنها "استثمارات مضاربة عالية المخاطر للغاية" وحذرت من أن الأشخاص الذين يتداولون فيها يجب أن يكونوا مستعدين لخسارة كل أموالهم".
لكن هناك أيضاً مخاوف أوسع بشأن سلامة المستخدمين من حيث الضرر عبر الإنترنت. ومن المتوقع أن يأخذ مشروع قانون الأمان عبر الإنترنت الذي طُرح حديثاً في الاعتبار النشاط في ميتافيرس، حيث يُطلب من الشركات اتخاذ إجراءات إذا ارتكب مستخدموها الاحتيال، بما في ذلك أولئك الموجودون في مساحات الواقع الافتراضي.