ما زالت حرائق الغابات مشتعلة في سيبيريا من دون تدخل لإخمادها، لأن الوحدات العسكرية الروسية التي تتولى مكافحتها في العادة تم نقلها إلى أوكرانيا للقتال هناك، وقد باتت الحرائق الهائلة حالاً شائعة على نحو متزايد في تلك المنطقة من روسيا خلال الفترة الممتدة من فصل الربيع إلى الخريف.
وبما أن ألسنة اللهب تطلق كميات هائلة من غاز ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي للقطب الشمالي، فقد أصبحت سبباً رئيساً للقلق في شأن تغير المناخ، وكرر علماء البيئة مناشداتهم مرات عدة إلى وجوب إخمادها في أسرع وقت ممكن.
لكن الحرائق التي اندلعت هذه السنة في روسيا تركت مشتعلة لأن وحدات عسكرية كثيرة مسؤولة عن مواجهتها تم إرسالها للمشاركة في عملية غزو أوكرانيا.
ويأتي الكشف عن هذه المعلومات بعد ثلاثة أيام من نشر "اندبندنت" تقريراً عن نشوب حريق هائل في منطقة تيومين في سيبيريا الغربية، بحيث أظهر مقطع فيديو مثيراً للصدمة اشتعال سماء تلك المنطقة التي اكتست اللون البرتقالي وغطاها الدخان، فيما شوهدت سلالة من الأيائل تحاول الفرار من جحيم النيران.
جيسيكا ماكارتي الباحثة في شؤون المناخ في "جامعة ميامي في أوهايو" قالت لموقع "أكسيوس" الإلكتروني إن "الحرائق واسعة الانتشار غالباً ما تحتاج إلى طائرات عسكرية لاكتشاف مواقعها، والتحقق من التقارير التي تنشرها الأقمار الاصطناعية أو تبلغ عنها المجتمعات القائمة في سيبيريا، إضافة إلى المهمات الإضافية التي تقوم بها تلك الطائرات لجهة تقديم الدعم اللازم والعمل على مكافحة الحرائق، وبالتالي فمن المشكوك فيه أن تكون هذه القدرة متاحة خلال موسم الصيف إذا ما استمرت الحرب في أوكرانيا".
وتضيف ماكارتي، "لذلك إما سيشتعل مزيد من الحرائق أو سيتعين نقل الطائرات العسكرية المطلوبة والعناصر من الجبهة الغربية وإعادتهم إلى سيبيريا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكشفت منظمة "غرين بيس روسيا" Greenpeace Russia أن مساحة حرائق الغابات المستعرة في الوقت الراهن في البلاد، بلغت حتى الآن ضعف تلك التي اشتعلت فيها النيران خلال شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي.
وتثير هذه الأخبار قلقاً بشكل خاص لأن حرائق الغابات تشكل جزءاً من دورات "التغذية المناخية الراجعة" feedback loop [عوامل طبيعية وعناصر مناخية مترابطة، بحيث أن تغير أحدها يؤثر في العناصر الأخرى] الخطرة في سيبيريا التي تقع داخل الدائرة القطبية الشمالية.
وتسهم هذه الحرائق في إذابة التربة الصقيعية (طبقة سميكة تحت سطحية من تربة المناطق القطبية تظل مجمدة طوال السنة)، مما يؤدي إلى إطلاق غازات ثاني أوكسيد الكربون وانبعاثات غازات الميثان في الغلاف الجوي، وكما هو معلوم فإن الميثان على وجه التحديد له مفاعيل قوية بشكل خاص على تحمية الاحتباس الحراري على المدى القصير.
يشار أخيراً إلى أن درجة حرارة الأرض في الدائرة القطبية الشمالية كانت بلغت خلال "موجة الحر المستمرة" في سيبيريا الصيف الماضي، رقماً قياسياً وهو 48 درجة مئوية.
© The Independent