كانت حادثة مقتل مروى البيتي حرقاً على يد زوجها مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2020 في المكلا بمحافظة حضرموت، الشرارة التي ألهبت نساء حضرموت لمطالبة الحكومة المحلية بالالتفات إلى معاناة وحقوق النساء السياسية والقانونية والاجتماعية في المحافظة ذات الثروة النفطية الأولى في البلاد.
انطلاقة نسوية
وبعد أكثر من عام على تلك الحادثة، تقول مسؤولة اتحاد النساء بمحافظة حضرموت عليا الحامدي إن "تلك الجريمة المروعة جعلت نساء حضرموت يتحدن بالتحرك والتضامن مع الأسرة وتحويل القضية إلى قضية رأي عام، ليس دفاعاً عن القتيلة مروى فحسب، بل كانطلاقة للدفاع عن حقوق المرأة الحضرمية في جميع شؤون الحياة السياسية والاجتماعية، وهو الأمر الذي بدأ يتشكل على شكل وعي تنامى للدفاع عن مكانة المرأة واستحقاقاتها، من خلال إقامة عدد من الورش والدورات التوعوية المتعلقة بالعنف ضد المرأة، وتعزيز العدالة بين الجنسين وتوعية الشباب في الجامعات بالعنف ضد المرأة، وتعريفهم بالقرار الأممي (1325) الذي يلزم الدول الأعضاء بحماية النساء في النزاعات المسلحة والسلم، والذي تبنته الحكومة اليمنية من خلال لجنة حماية النساء والفتيات".
تغيير ولكن
وترى الحامدي أن المرأة الحضرمية أصبحت تحتل مكانة مقبولة نسبياً، من حيث الانخراط في العمل في منظمات المجتمع المدني والأحزاب والمكونات السياسية، فهناك تغيير ملموس طرأ في العادات والتقاليد نتيجة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي حدثت في كل مناحي الحياة.
وتستدرك، "لكن في المقابل حافظت المرأة الحضرمية في المدينة والريف على عادات وتقاليد ورثتها، وشكل ذلك أحد المعوقات التي حدت من انطلاق النساء في كثير من الوظائف والأعمال والأنشطة التي أراد الرجال أن يحتكروها لأنفسهم".
غياب التمكين السياسي
وتوضح السياسية، "النساء الحضرميات موجودات في الأحزاب والمكونات السياسية، لكنهن لسن في مواقع صنع القرار، وهناك العديد من منظمات المجتمع المدني تقودها نساء لكنهن لسن ممكنات سياسياً ولديهن طموح في الوصول والمشاركة بشكل فعال في الحياة السياسية وصنع القرار، لكنهن محرومات من التمكين السياسي والوصول إلى مواقع صنع القرار".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفقاً للحامدي فهناك صعوبات ومعوقات عدة في المرحلة الراهنة، محلية ووطنية، تحد من مشاركة المرأة الحضرمية بشكل فعال ومرض في العملية السياسية، وفي مقدمها الحرب وتداعياتها وغياب الدولة وضعفها وعدم النظر بجدية من قبل السلطات إلى أهمية مشاركة النساء، والدليل هو خلو الحكومة والوفود التفاوضية من وجود النساء، على الرغم من صدور القرار الأممي (1325) الذي يلزم الدول بإشراك النساء في بناء السلام، إذ إن للمرأة دوراً بارزاً في تحقيق مساعي السلام والمطالبة بتثبيت مبدأ السلام بعيداً من الصراعات والعنف، وفتح صفحة جديدة نحو وطن واسع للسلام. وعملت منظمات المجتمع المدني والتكتلات النسوية الحضرمية وفي مقدمها الاتحاد النسوي على الضغط إعلامياً وتوعوياً من أجل أن تعيش النساء حياة آمنة وكريمة تخلو من صراعات السياسة والأيديولوجيا.
العمل والتعليم
على مستوى العمل والتعليم، ترى الحامدي أن المرأة في الإقليم حققت نجاحات جيدة "واليوم نرى سيدات أعمال رائدات وناجحات، ونساء وفتيات يعملن في محال تجارية في الأسواق العامة ومشاريع تجارية نسائية ناجحة، فلم نكن نرى مثلاً ذلك قبل 20 سنة، وهذا التحول ربما فرضه الوضع الاقتصادي والحاجة لتحسين الدخل للأسرة وكذلك المستوى التعليمي، وهناك نجاحات باهرة لمصلحة تعليم المرأة سواء في مدارس التعليم الأساس والثانوي أو التعليم الجامعي.
حراك توعوي
عقدت خلال الآونة الأخيرة العديد من الورش والدورات التوعوية المدافعة عن حقوق المرأة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتدعو مخرجات هذه الدورات إلى أهمية مشاركة المرأة في تنمية المجتمع والعمل على تعزيز وبناء قدرات المرأة وتطوير مهاراتها.
وخلص هذا النشاط التوعوي إلى دعوة السلطة المحلية في حضرموت لإشراك المرأة في مواقع صنع القرار داخل المرافق والوحدات الإدارية بالمحافظة والمديريات كافة، والتأكيد على تطوير قدرات المرأة وتوفير الفرص الكافية للتدريب والتأهيل، بما يجعلها قادرة على المشاركة الفاعلة في البناء والتنمية، مع مطالبة السلطة المحلية بتنسيق جهود منظمات المجتمع المدني والجهات ذات الاهتمام بالمرأة بما من شأنه النهوض بدورها ومشاركتها في الشأن العام.
إشراك المرأة سياسياً
وتشير الناشطة هدباء اليزيدي إلى ضعف وجود عدد من نساء حضرموت في تشكيلات الأحزاب والتنظيمات السياسية بالمحافظة.
وتضيف اليزيدي، "للأسف لم تنتزع المرأة في المحافظة أي حقوق لشخصها لأنها تتبع أحزاباً سياسية هي من تحدد مصير النساء، ولم تحصل على مكانتها السياسية، ويندر أن تعطى فرصة المشاركة في نشاط سياسي خارج البلاد".
وتأمل اليزيدي بإشراك المرأة الحضرمية في العملية السياسية الجارية في البلاد بشكل فعال لا أن تُبقى على الهامش، "فالمرأة بشكل عام هي المتضرر الأكبر من الحروب، وهي من ترغب في السلام والاستقرار، ولكنها تبقى ضحية للصراع السياسي بين القوى الذكورية المتصارعة، وهي محرومة من أي استحقاق سياسي، ومن المؤسف جداً أن تخلو قيادة السلطة المحلية بالمحافظة من وجود المرأة إلا بشكل ضئيل جداً، بل إن القوى السياسية تستغل المرأة لتحقيق مآربها الخاصة".