قال جوني ديب خلال إدلائه بشهادته في محاكمة دعوى تشهير بقيمة 50 مليون دولار استمرت ثلاثة أيام ضد زوجته السابقة أمبر هيرد: "أقر بحقيقة أنني كنت الرجل المتقدم في السن الخشنة والرجعية وكانت هي ذلك المخلوق الجميل".
لماذا كل هذا التواضع يا جوني؟ جاء التعليق كحركة مخادعة من رجل لا يزال يتمتع بسمعة طيبة كونه أحد أروع الرجال في هوليوود. ففي النهاية، وعلى الرغم من أن حظوظ ديب السينمائية تعرضت لأذى شديد، فإنه ما زال يكسب الملايين مقابل إطلالته النجومية [المتألقة] وجاذبيته في إعلانات عطر "سوفاج" من علامة "كريستيان ديور".
تواصل علامة "ديور" بصفتها وكيلة عن الزوج المخلص المثالي الوقوف في صف رجلها. لم تكتفِ بالحفاظ على وجهه "المتقدم في السن، والخشن" في لوحاتها الإعلانية وعلى شاشات التلفزيون ومجلات الموضة، لكنها تساعد في تعزيز سمعته كرجل جامح، ولكنه نبيل وصادق ويتمتع بذلك "السحر البري الناعم".
الا تصدقونني؟ ألقوا نظرة على الطريقة التي تصف بها ديور عطر "سوفاج": "في مكان استثنائي تسكنه الأساطير القديمة، حيث الذئاب هي الآلهة والرجال يطلقون العنان لغرائزهم البرية لتعبر عنهم... بعد تحرره من كل المظاهر المصطنعة، يتوحد الرجل مع الصحراء". يا إلهي!
من أجل إبراز تجسيد ديب لذلك السحر الجامح والبربري في الإعلانات، يظهر في لقطات مختلفة محاطاً بالذئاب، في إحداها يقف قرب ذئب يعوي، عاري الصدر والمزاجية بائنة في نظرة عينيه المحدقة في مكان بعيد، ويقف في وسط الصحراء – نعم كان تخمينكم صحيحاً. قد يبدو الأمر وكأنه لا قيمة له، لكن دعاية "ديور" وصورها تساعد في ترسيخ الأفكار العامة عن شخصية ديب. لقد تم اختياره ليكون الوجه المروج لعطر "سوفاج" لأن "ديور" تعتقد أنه يجسد روح العطر: جامح وبري، لكنه نبيل وصادق وأصيل أيضاً.
قد تعتقدون أن الربط بين كون المرء جامحاً ومتوحشا قد يثبت أن لديكم ذائقة سيئة بعد الاتهامات بالعنف الأسري التي وجهتها هيرد ضد ديب. على كل حال، المنفعة مضاعفة هنا.
تصرفت ديور بذكاء. ففي الوقت الذي يحتج مشاهير كثر من "ثقافة الإلغاء" حين ينتقدون أو يطالب بمساءلتهم عن تعليقاتهم أو سلوكهم، يبدو أن فريق العلامة الشهيرة يدرك أن الجدل قد يؤدي إلى زيادة المبيعات.
بعد اتهامات هيرد بالعنف المنزلي وقضية التشهير المنحوسة التي رفعها ديب ضد صحيفة "ذا صن" عام 2020 لأنها وصفته بـ"ضارب زوجته"، التي قال فيها القاضي أندرو نيكول إن جهة الاتهام أثبتت أن مزاعمها ضد ديب كانت "صحيحة إلى حد كبير"، لم تكتفِ "ديور" بالحفاظ على تعاونها مع ديب، لكنها أطلقت إعلانات جديدة كذلك. هل راحت "ديور" ضحية لثقافة الإلغاء؟ هل تم سحب عطر "سوفاج" من السوق؟ لا بل لقد زادت مبيعات العطر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أظهر وسم "العدالة لجوني" #JusticeforJohnny الذي انطلق منذ زعمت هيرد تعرضها للاعتداء الجسدي والجنسي من قبل ديب قوة مشاعر محبي النجم. وشكروا "ديور" على ولاء العلامة التجارية له.
في قاعة المحكمة، استغل ديب دعم قاعدته الجماهيرية، قائلاً: "هدفي هو الحقيقة لأنه كان من المؤلم حقاً أن كل هؤلاء الأشخاص الذين التقيتهم على مر السنين... أن هؤلاء الناس يعتقدون أنني كنت محتالاً".
يذكر أن ديب التقى بهيرد أثناء عمله في فيلم "يوميات رام" The Rum Diaries المقتبس من رواية بنفس العنوان لـهانتر أس طومسون. كانت هيرد تمتلك كل صفات التصور الذي كان لدى ديب عن المرأة القاتلة المثالية، ويبدو أنه يتبع نفس السيناريو في قاعة المحكمة. إنه رجل غريب الأطوار، لكنه نبيل ويتمتع بشخصية كاريزمية: استغل ودمر بسبب حبه لممثلة شابة جميلة متعطشة للشهرة.
على سبيل المثال، يعتذر ديب عن "لغته المبتذلة" التي استخدمها في رسائل نصية عن قتل هيرد، ثم العبث بالجثة "للتحقق من موتها". يعزو تلك الصور المرعبة إلى الألم الذي كان يشعر به وقت كتابة تلك الرسائل، بالتالي يبرر صور تعذيب امرأة بضيقه العاطفي.
كما أنه يحاول منح تلك النصوص المسيئة حول هيرد صبغة أدبية من خلال تشبيه الأسلوب المستخدم فيها بأسلوب طومسون جونزو الصحافي... حسناً، إذا كان تصوير عنف دنيء ضد المرأة أداة أدبية، فهذا يعني ببساطة أن ديب متطفل على الأدب، أليس كذلك؟
لم تخرج هيرد من المحاكمة مكللة بالورود، لكن يبدو أن ديب – على الرغم من الأدلة التي تظهر سلوكه العدواني والمسيء - يخرج معطراً بعبق "سوفاج" من "ديور". إنه مدين للعلامة كثيراً.
تواصلت "اندبندنت" مع فريق علامة "كريستيان ديور" للحصول على تعليق.
© The Independent