أعلنت موسكو أنه تم إجلاء أربعين مدنيا الأحد من مصنع آزوفستال في مدينة ماريوبول إلى مناطق تحت سيطرة روسيا في شرق أوكرانيا وفق وكالتي تاس وريا نوفوستي للأنباء، بينما أكدت الأمم المتحدة أن إجلاء المدنيين من المنطقة "مستمر".
ونُقل 18 رجلا و14 امرأة وثمانية أطفال من ماريوبول إلى جمهورية دونيتسك المعلنة من جانب واحد (يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لروسيا)، وفق مراسل لوكالة تاس.
وبحسب مراسل ريا نوفوستي، نقل الأشخاص الذين تم إجلاؤهم إلى مخيم في بلدة بيزيمينوي شرق ماريوبول، في منتصف الطريق بين المدينة الساحلية والحدود الروسية. وبحسب المصدر ذاته، ساعد الصليب الأحمر والأمم المتحدة في عملية الإجلاء.
وقال المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ينس ليركه في رسالة يوم الأحد إن "الأمم المتحدة تؤكد أن عملية الإجلاء مستمرة في مجمع آزوفستال للصلب بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر وأطراف النزاع"، موضحا أنه لا يمكنه الإدلاء بأي تفاصيل أخرى لأسباب أمنية. وأضاف ينس ليركه أن "قافلة إجلاء المدنيين انطلقت في 29 أبريل (نيسان) وقطعت حوالي 230 كيلومترا ووصلت إلى المجمع في ماريوبول صباح السبت بالتوقيت المحلي".
وقالت وزارة الدفاع الروسية في وقت سابق يوم الأحد إن نحو 50 مدنيا نُقلوا السبت من منطقة مصنع آزوفستال حيث يتحصن مئات من المقاتلين الأوكرانيين. وأعلنت الوزارة عبر تطبيق تلغرام أنه "في 30 ابريل (نيسان) بعد وقف إطلاق النار وفتح ممر إنساني غادرت مجموعتان من المدنيين المباني السكنية المجاورة لمنطقة مصنع أزوفستال للمعادن". وأضافت "في فترة ما بعد الظهر خرج 25 من السكان" من دون أن توضح وجهتهم، وتابعت "عصرا غادرت مجموعة ثانية تضم 21 شخصا تم نقلهم إلى بيزيمينوي" الواقعة تحت سيطرة روسيا. وأكدت السلطات الروسية تأمين "المأوى والطعام والرعاية الطبية اللازمة لجميع المدنيين".
وفي تسجيل فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية تظهر قافلة سيارات وحافلات تسير في الظلام تحمل حرف "زد" الذي أصبح رمزًا للقوات المسلحة الروسية في هذا النزاع.
ورفضت السلطات الأوكرانية المحلية التعليق. وطلب بترو أندريوشينكو مستشار رئيس بلدية ماريوبول على تطبيق تلغرام "لزوم الصمت حيال عملية الإجلاء بانتظار المعلومات الرسمية". وقال "نطلب من الجميع الامتناع عن إعطاء معلومات من ماريوبول اليوم. شكرا لتفهمكم".
وكان جنود أوكرانيون يحرسون موقع آزوفستال ذكروا يوم السبت أنه تم إجلاء عشرين مدنيا من بينهم أطفال على أمل أن يكون ذلك باتجاه زابوريجيا وهي منطقة تسيطر عليها القوات الأوكرانية. وأكدت وزارة الدفاع الروسية الأحد أن "صواريخ أونيكس عالية الدقة قرب أوديسا دمرت مرآب طائرات في مطار عسكري بأسلحة وذخائر وردت من الولايات المتحدة ودول أوروبية، كما دمرت المدرج".
مدنيون يغادرون
قال مصور لـ"رويترز"، إن مجموعة قوامها نحو 40 مدنياً وصلت، اليوم الأحد، إلى مركز إيواء مؤقت بعد أن غادرت المنطقة المحيطة بمصنع آزوفستال للصلب في ماريوبول بأوكرانيا.
وأظهرت صور لـ"رويترز" وصول المدنيين إلى قرية بيزيمين بمنطقة دونيتسك في حافلات تحمل لوحات أوكرانية في قافلة مع القوات الروسية وعربات تحمل رموز الأمم المتحدة.
وحولت موسكو تركيزها إلى جنوب وشرق أوكرانيا في أعقاب إخفاقها في الاستيلاء على كييف في الأسابيع الأولى من الحرب، وذكرت وكالة الإعلام الروسية "ريا" اليوم الأحد، أن وزارة الدفاع الروسية اتهمت القوات الأوكرانية بقصف مدرسة ودار حضانة ومقبرة في قرى بمنطقة خيرسون الجنوبية المحتلة.
أضافت الوزارة أن مدنيين لقوا حتفهم وأصيبوا، دون أن تذكر مزيداً من التفاصيل. ولم يصدر رد على الفور من أوكرانيا، ولم يتسن لـ"رويترز" التحقق من مصداقية التقرير بشكل مستقل.
واستولت القوات الروسية على خيرسون، التي تقع على بعد 100 كيلومتر شمال منطقة القرم التي ضمتها روسيا، في شهر مارس (آذار). ومنذ ذلك الحين احتلت معظم ماريوبول، وهي مدينة ساحلية شرقية استراتيجية على بحر أزوف.
وقال الجيش الأوكراني، في إفادة اليوم الأحد، إن القوات الروسية تقاتل لتتجاوز حدود خيرسون الإدارية ولتمهيد الطريق لشن هجمات على مدينتي ميكولايف وكريفي ريه.
وأعلنت روسيا الانتصار في ماريوبول يوم 21 أبريل (نيسان)، حتى مع لجوء مئات من أفراد القوات الأوكرانية والمدنيين للاحتماء في مصنع للصلب تعرض لقصف شامل في مدينة أزوفستال، حيث حوصروا مع القليل من الطعام والماء والدواء.
وقال المقاتل الأوكراني سفياتوسلاف بالامار، من داخل المصنع، يوم السبت، إن 20 امرأة وطفلاً خرجوا من المصنع مترامي الأطراف. وأضاف "في الحبال نُخرج المدنيين من الأنقاض، إنهم من كبار السن والنساء والأطفال".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت وزارة الدفاع الروسية اليوم الأحد، إن 46 مدنياً غادروا المنطقة المحيطة بمصنع الصلب في اليوم السابق.
وقال البابا فرنسيس، متحدثاً للآلاف في ساحة القديس بطرس في خطبته ظهر اليوم الأحد، إن ماريوبول "تعرضت للقصف والتدمير بوحشية" في حرب وصفها بأنها تمثل "سقوطاً مروعاً للبشرية".
ودعا حاكم منطقة خاركيف، أوليه سينهوبوف، اليوم الأحد، السكان في شمال وشرق المدينة إلى البقاء في ملاجئهم بسبب القصف الروسي العنيف. بينما حث سيرهي جايداي، حاكم منطقة لوجانسك، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي الناس على المغادرة "طالما كان ذلك ممكناً".
وقال زيلينسكي في خطاب ألقاه عبر دائرة تلفزيونية مغلقة في ساعة متأخرة من مساء أمس السبت، إن روسيا "تجمع قوات إضافية لشن هجمات جديدة ضد جيشنا في شرق البلاد" و"تحاول زيادة الضغط في دونباس".
زيارة بيلوسي لكييف
وفي زيارة تعد الأرفع لوفد من الولايات المتحدة إلى كييف، التقت رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وتعهدت بمواصلة دعم بلاده في حربها مع روسيا، بينما قالت موسكو إنها دمرت أسلحة قدمتها دول غربية لأوكرانيا في جنوب البلاد.
وظهر زيلينسكي في لقطات نشرها على "تويتر" وهو يحيي وفداً من الكونغرس بقيادة بيلوسي، وهو محاط بحراسة مسلحة ويرتدى زياً عسكرياً، خارج المكتب الرئاسي في اليوم السابق.
وذكرت بيلوسي في بيان "جاء وفدنا إلى كييف ليبعث برسالة بالغة الوضوح والصراحة للعالم بأسره، وهي أن أميركا تقف بقوة مع أوكرانيا". ونددت في تصريحاتها بما سمته "الغزو الشيطاني" من جانب روسيا.
وتصف موسكو تحركاتها في أوكرانيا بأنها "عملية عسكرية خاصة" لنزع سلاحها والتخلص من القوميين المناهضين للروس الذين يحرضهم الغرب. وتقول أوكرانيا والغرب، إن روسيا شنت حرباً عدوانية لا مبرر لها.
وفرضت دول غربية عقوبات اقتصادية واسعة النطاق على روسيا، وبدأت في شحن كميات متزايدة من الأسلحة لمساعدة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها.
وقالت بيلوسي يوم الجمعة، إنها تأمل في إقرار حزمة مساعدات طلبها الرئيس جو بايدن لأوكرانيا بقيمة 33 مليار دولار "في أسرع وقت ممكن".
وقالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم الأحد، إنها نفذت ضربة صاروخية على مطار عسكري قرب أوديسا، ودمرت المدرج ومستودعاً يحوي أسلحة وذخيرة قدمتها الولايات المتحدة ودول أوروبية لأوكرانيا.
وذكرت أوكرانيا أمس السبت أن صواريخ روسية دمرت مدرجاً شُيد حديثاً في مطار أوديسا الرئيس. ولم يتضح إن كان الطرفان يشيران للواقعة ذاتها، ولم يتسن لـ"رويترز" بعد التحقق من تلك التقارير.
ضمانات أمنية
من جهته، طلب وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، من الصين، تقديم ضمانات أمنية لكييف، في مقابلة مطولة تضمنت انتقادات مباشرة لموسكو ونشرتها حديثاً وسائل الإعلام الحكومية في بكين.
وحثت القوى الغربية وأوكرانيا الصين مراراً على إدانة الحرب الروسية، بينما تحاول بكين الحفاظ على موقف محايد مفترض، بينما تهددها الولايات المتحدة بعواقب إذا قدمت دعماً عسكرياً أو اقتصادياً لموسكو.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" السبت، عن دميترو كوليبا، قوله إن "أوكرانيا تدرس حالياً إمكانية الحصول على ضمانات أمنية من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وبينها الصين وقوى كبرى أخرى".
وأضاف "نقترح أن تصبح الصين أحد الضامنين لأمن أوكرانيا، وهذه علامة على احترامنا وثقتنا بجمهورية الصين الشعبية".
وتعهدت الصين في 2013 بمنح أوكرانيا "ضمانات أمنية" إذا تعرضت لغزو أو تهديد بهجوم نووي، لكنها بدت مراوغة بشأن المسألة عينها في أعقاب الهجوم الروسي.
ورداً على سؤال حول الضمانات الشهر الماضي، أشار متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إلى أن "لهذه الضمانات الأمنية قيوداً واضحة في مضمونها، ويتم تفعيلها في ظروف محددة"، في إشارة إلى قرار أمني مماثل للأمم المتحدة بشأن الدول غير النووية.
وأجرى كوليبا مكالمتين فقط مع نظيره الصيني وانغ يي منذ بدء الحرب في 24 فبراير (شباط)، بينما التقى وانغ بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في الصين الشهر الماضي وأكد أن التعاون بين البلدين "لا حدود له".
في المقابلة مع "شينخوا"، اتهم كوليبا روسيا أيضاً بـ "تقويض" مبادرة بكين في مجال البنى التحتية "الحزام والطريق"، محذراً من أن عواقب أزمة الأمن الغذائي العالمية ستهدد الاقتصاد الصيني. وقال "نعتقد أيضاً أن هذه الحرب ليست في مصلحة الصين".