كشفت عملية مسح جوية لجزء من سطح المريخ نفذتها مروحية "إنجنيويتي"Ingenuity التابعة لوكالة الفضاء الأميركية "ناسا" عن صور "من عالم آخر" للغطاء الخلفي المخروطي الشكل الذي وفر الحماية للمستكشف الآلي [مركبة "بيرسيفيرانس" Perseverance] أثناء هبوطه الناري نحو سطح المريخ في 18 فبراير (شباط) 2021.
عموماً، يشكل الدخول إلى المريخ والهبوط نحو سطحه والاستقرار عليه تحدياً بالنسبة إلى أي بعثة فضائية، إذ تتحمل المركبات الفضائية قوى الجاذبية الشديدة ودرجات الحرارة المرتفعة وتغيرات الضغط عند دخولها الغلاف الجوي للكوكب بسرعة 20 ألف كيلومتر في الساعة (12 ألفاً و500 ميل في الساعة).
في حين أن مركبة "بيرسيفيرانس" Perseverance (المثابرة) الجوالة التابعة لـ"ناسا" أنجزت أفضل هبوط مسجل على المريخ في التاريخ، إذ تظهر الكاميرات تفاصيل العملية كافة من انتفاخ المظلة حتى لحظة الهبوط، كذلك صوّرت المركبة الجوالة بقايا المظلة والغطاء الخلفي الأسود في وقت سابق، فإن العلماء يقولون إن الصور الجديدة من المروحية توفّر تفاصيل إضافية و"منظوراً أفضلاً بشكل مختلف".
وصرح المهندس إيان كلارك، الذي اشتغل على نظام المظلة في "بيرسيفيرانس، "إذا أكدت [الصور] أن أنظمتنا عملت بالطريقة المخطط لها أو حتى قدمت مجموعة بيانات واحدة من المعلومات الهندسية التي في مقدورنا استخدامها في مخطط إعادة العينات المريخية، فسيكون ذلك رائعاً. وما لم يصح ذلك، فإن الصور تبقى على أي حال رائعة وملهمة".
وأضاف الدكتور كلارك من "مختبر الدفع النفاث" (JPL) التابع لـ"ناسا" في تصريح أدلى به إلى "نيويورك تايمز"، "تنطوي [الصور] طبعاً على جانب من الخيال العلمي. إنها تنضح بشيء من عالم آخر، أليس كذلك؟".
وتشير الصور المأخوذة من الجو للغطاء الخلفي والحطام الذي تركه ارتطامه بسطح المريخ بسرعة 126 كيلومتراً في الساعة تقريباً (78 ميلاً في الساعة) إلى أن طبقة الطلاء الواقي بقيت سليمة أثناء دخول المسبار إلى الغلاف الجوي.
وأشارت "ناسا" إلى أن "كثيراً من حبال التعليق الثمانين العالية القوة التي تربط الغطاء الخلفي بالمظلة تبدو ظاهرة وبحالة جيدة أيضاً".
في حين أن الصور المريخية الجديدة لا تظهر سوى ثلث المظلة، يقول علماء "ناسا" إن المظلة لا تحمل أي علامات على إصابتها بأي أضرار من جراء تدفق الهواء بسرعة فوق صوتية أثناء الانتفاخ.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتوضح "ناسا" أن التقاط الصور استلزم من المروحية القيام برحلات جوية عدة مخططة مسبقاً ومناورات دقيقة، مضيفة أن إصدار أي قرار قاطع بشأن الحطام سيتطلب "أسابيع عدة من التحليل".
وقال هافارد غريب، رئيس الطيارين في مروحية "إنجنيويتي" في "مختبر الدفع النفاث"، "للحصول على اللقطات التي احتجنا إليها، قامت ’إنجنيويتي‘ بمناورات عدة، لكننا كنا واثقين من الأمر نظراً إلى تنفيذ مناورات معقدة في الرحلات الجوية رقم 10 و12 و13. مكّنتنا نقطة الهبوط بشكل جيد من تصوير منطقة تكتسي أهمية بالنسبة إلى الفريق العلمي المعني بمتابعة ’بيرسيفيرانس‘ في الرحلة 2، قرب النتوء الجبلي ’سيتاه‘ Séítah".
ويقول العلماء إن منطقة العمليات الجديدة هذه للطائرة المروحية في دلتا النهر الجاف في" فوهة يزيرو" على سطح المريخ تعتبر خروجاً مهماً عن التضاريس "المتواضعة والمسطحة نسبياً" التي ما انفكت المروحية تحلق فوقها منذ رحلتها الأولى.
وأشارت "ناسا"، "إذ يرتفع [المكان] أكثر من 130 قدماً (40 متراً) فوق أرضية الفوهة وهي مليئة بالمنحدرات الخشنة والأسطح ذات الزوايا والصخور البارزة والجيوب المليئة بالرمال، تعِد الدلتا بكثير من الاكتشافات الجيولوجية، وربما حتى تشكل دليلاً على وجود حياة مجهرية الحجم احتضنها المريخ من مليارات السنين".
ستساعد البيانات التي توفرها مروحية فريق "بيرسيفيرانس" على وضع تقييم للأهداف العلمية المحتملة لمركبتهم الجوالة بغية القيام بعمليات استكشاف أخرى، وتساعد أيضاً في التخطيط لخطوط المسار.
علاوة على ذلك، تشير "ناسا" إلى احتمال إرسال "إنجنيويتي" لتصوير المعالم الجيولوجية على مسافة أبعد كثيراً من أن تبلغها المركبة الجوالة "بيرسيفيرانس".
ويضيف العلماء أن المروحية ربما تجدي نفعاً في استكشاف مناطق الهبوط والمواقع على سطح المريخ، حيث في المستطاع ترك مخابئ العينات المأخوذة من أجل الاستفادة منها في "برنامج إعادة العينات المريخية" الذي اقترحت "ناسا" تنفيذه.
© The Independent