إنها خطوة صعبة، لكن يتعين على الحكومة أن تخطوها. يجب عليها أن تجد سبلاً أكثر فاعلية لدعم أشد الناس تضرراً من قفزة أسعار الطاقة، ذلك لأن أداءها إلى الآن ليس طيباً جداً. هناك ضغوط سياسية واضحة باتجاه التحرك، كما اكتشف رئيس الوزراء للتو، لكن لا بد أيضاً من ممارسة ضغوط أخلاقية. الحكومات لا تستطيع أن تصلح كل شيء، لكن هناك بعض الأمور التي تستطيع أن تقوم بها لمساعدة الأكثر ضعفاً في حالات الطوارئ. وهذه حالة طوارئ.
بالنظر إلى مختلف أنحاء أوروبا، لقد تبنت الحكومات المختلفة نُهُجاً مختلفة في التعامل مع أزمة الطاقة. وتحتفظ مؤسسة "بروغل" البحثية في بروكسل بسجل مفصّل عما يجري في القارة، فقد ركزت بعض الحكومات على خفض الضرائب على الطاقة و/أو تنظيم الأسعار بشكل مباشر، وأعطى البعض تعليمات إلى الجهات المزودة لخدمات الطاقة المملوكة من الدول، في حين فرض البعض الآخر ضرائب أعلى على الشركات الخاصة، كذلك حصلت الشركات التي تستخدم قدراً كبيراً من الطاقة على مساعدات، لكن الطريقة الأكثر شمولاً لمساعدة الناس تتمثل في تحويل الأموال إلى الناس الأكثر ضعفاً، وهذا يشمل المملكة المتحدة، بل إن البلدين الوحيدين في أوروبا اللذين لا يجريان تحويلات كهذه هما بلغاريا وهنغاريا.
على هذا تتلخص الرسالة المشجعة في وجود مجموعة متنوعة من الإجراءات التي يمكن القيام بها، وبوسع البلدان أن تتعلم من بعضها بعضاً أنجع السبل للتعامل مع الأزمة. وتتمثل الرسالة الأقل تشجيعاً في أن المملكة المتحدة ربما لم تكن على القدر نفسه من الفاعلية الممكنة لها، حتى على الرغم من اعتمادها أقل بكثير على النفط والغاز الروسيين مقارنةً ببقية دول أوروبا، ولذلك هي في الظاهر أقل تأثراً بالأحداث المروعة الجارية في أوكرانيا.
ما الذي يمكن للمملكة المتحدة أن تتعلمه إذاً؟ ثمة مسألة واحدة مباشرة. هل ينبغي لها أن تفرض ضريبة غير متوقعة على شركات النفط التي استفادت من ارتفاع أسعار النفط؟ هنا تقع "بريتيش بتروليوم" في مرمى النيران، بعدما حققت للتو أعلى أرباح أساسية طيلة عقد، ولو أن خسارتها من حصتها في الشركة الروسية "روسنفت" عنت إعلانها خسارة شاملة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في اعتقادي الشخصي أن القرار في هذا الشأن قرار سياسي حقاً، وليس قراراً اقتصادياً، لأن المبالغ التي قد تتجمع نتيجة لضريبة غير متوقعة ستكون ضئيلة للغاية مقارنةً بحجم المشكلة، والإيرادات الحكومية عموماً قوية للغاية في الوقت الحالي، وعلى الرغم من أن العجز لا يزال ضخماً، إلا أنه ينخفض بسرعة، لكن فرض الضرائب على شركات الطاقة أمر يسهل القيام به، لأنها تشكل هدفاً سياسياً جذاباً وقد نرى هذه الخطوة تحدث.
والأمر الأصعب هو التأكد من وصول المساعدة إلى الأشخاص المناسبين. فخفض ضريبة القيمة المضافة على الطاقة المنزلية أمر بسيط ومباشر من الناحية الإدارية، لكن هل تريدون خفض تكاليف تدفئة برك السباحة المملوكة من نادي الأغنياء الذين يشكلون واحداً في المئة من الناس؟ وفي ألمانيا، حيث أسعار الكهرباء من بين أعلى الأسعار في الاتحاد الأوروبي، خُفِّضت الرسوم الإضافية على الطاقة الخضراء، وتُمارَس ضغوط لخفضها أكثر. لكن هذا من شأنه أن يرسل إشارة قد لا يكون إرسالها مرغوباً فيه، من خلال التركيز على مدى زيادة التحول إلى الطاقة الخضراء لفواتير الطاقة.
لكن ثمة العديد من الخطوات المحددة الأهداف المعقولة التي تستطيع الحكومة أن تقوم بها. ومن بينها استخدام الدفعة المخصصة لوقود الشتاء نموذجاً لمساعدة الأشخاص الأكبر سناً. ثمة أشخاص لا يحتاجون إلى المال، ذلك لأن الثروة في المملكة المتحدة تميل نحو المسنين بسبب الأسعار المتزايدة للعقارات. لكن حتى الناس الذين يعيشون في المنازل الباهظة الثمن ربما يعانون من مشاكل في التدفق النقدي.
بالنسبة إلى العائلات التي لديها أطفال، ثمة برامج لتوفير وجبات مجانية في المدارس في مختلف بلدان المملكة المتحدة. وهذا من شأنه أن يوفر سبيلاً إلى مساعدة في فواتير الطاقة موجهة إلى العائلات الشابة التي لا تحصل لأي سبب من الأسباب على المساعدة التي تحتاج إليها. ولدى شبكة "مشورة المواطنين" دليل للمزايا المختلفة المتاحة. وهناك خطة لدعم فواتير الطاقة تتبناها الحكومة ومن الممكن تطويرها أكثر بكثير.
أعتقد بأن علينا أن نعترف بأن بعض التسرب سيقع، أي أن مزاعم ستبرز حول عدم حاجة بعض الناس حقاً إلى المزايا بغض النظر عن طريقة تصميم نظامها. لكن لا ينبغي لنا أن نسعى إلى توازن دقيق بين الموارد والاحتياجات، ولاسيما في حالات الطوارئ.
لكن ربما كان المصدر الأفضل للمعلومات عن الأسر التي تعاني لتسدد فواتيرها يأتي من الجهات المزودة بالطاقة نفسها. فهي تعرف أي أسر دفعت المبلغ المستحق فوراً وأيها تواجه صعوبات في ما يبدو. ولديها كلها برامج لتوفير دعم مؤقت للناس. فليس من المصلحة الذاتية لجهة مزودة بالطاقة أن تخسر عميلاً. ويشرح مكتب أسواق الغاز والكهرباء هنا كيف يجب على الأشخاص طلب المساعدة إذا بدا أن الجهة المزودة لهم بالطاقة تفشل في تقديم المساعدة. وهناك مسار واضح هنا لتوفير مزيد من الدعم الحكومي.
في اعتقادي الشخصي أن القرار في هذا الشأن قرار سياسي حقاً، وليس قراراً اقتصادياً، لأن المبالغ التي قد تتجمع نتيجة لضريبة غير متوقعة ستكون ضئيلة للغاية مقارنةً بحجم المشكلة، والإيرادات الحكومية عموماً قوية للغاية في الوقت الحالي، وعلى الرغم من أن العجز لا يزال ضخماً، إلا أنه ينخفض بسرعة، لكن فرض الضرائب على شركات الطاقة أمر يسهل القيام به، لأنها تشكل هدفاً سياسياً جذاباً وقد نرى هذه الخطوة تحدث.
© The Independent