عطفاً على الإعلاميين، تشجع عدد من الممثلين اللبنانيين على خوض الانتخابات النيابية 2022. وهذه ليست المرة الأولى التي يقدم فيها الفنانون اللبنانيون على خطوة مماثلة ولكنهم لم يصلوا إلى الندوة البرلمانية كما حصل مع الفنان غسان الرحباني الذي كان قد ترشح عام 2009 في لائحة التيار الوطني الحر، والمخرجة اللبنانية نادين لبكي التي أعلنت ترشحها عام 2016، أما الفنان زياد الرحباني فرفض خوض الانتخابات وانسحب في اللحظات الأخيرة، لعدم رغبته في خوض معركة خاسرة، عندما أيقن أن اللائحة المقابلة هي الأكثر حظاً في الفوز.
أما الفنانون المرشحون للدورة الانتخابية المقبلة فهم ميشال أبو سليمان وليا أبو شعيا وأسعد رشدان وثلاثتهم ينادون بالتغيير، ولكنهم لا يبدون متفائلين وواثقين بقدرتهم على النجاح أو على إحداث ثورة، بسبب ولاء غالبية الشعب اللبناني للأحزاب التي يحتل ممثلوها معظم المقاعد النيابية، على الرغم من الأزمات الخانقة التي يعانونها، نتيجة الفساد الرسمي.
السلطة التغييرية
ميشال أبو سليمان ممثل ومقدم برامج، أعلن ترشحه عن المقعد الماروني في الشوف على لائحة "صوتك ثورة" التي تضم مجموعة من مرشحي المجتمع المدني، ويأتي في مقدمة أهداف اللائحة تغيير المنظومة الحاكمة منذ 30 عاماً وإقامة دولة مدنية والمساواة في المواطنة بين اللبنانيين.
أبو سليمان عدا عن كونه ممثلاً فهو ناشط سياسي في الثورة، ولعب دوراً في المصالحة التي حصلت بين منطقتي "جبل محسن" و"باب التبانة"، ويملك مؤسسة اجتماعية، وهو قرر أن يكون ممثلاً للناس في الندوة البرلمانية، معتمداً كما يقول على رصيده كفنان محبوب من الناس، والذي يرى فيهم دعماً مهماً للفوز في الانتخابات، عدا عن كونه ثائراً وناشطاً اجتماعياً وإنسانياً. وهو يتبنى شعار "نحن منكم ولكم ومعكم" لإقناع الناس بانتخابه، ويوضح: "نحن من الناس المقهورين، أنا أرسلت ابني إلى دبي وأقوم بتحويل المال له كي يؤسس مهنة له هناك، بعدما شاهدته يبكي في غرفته قائلاً لي أنه لم يعد يستطيع البقاء في لبنان، وهذا الأمر دفعني أكثر للترشح لأنني أريد التغيير".
ورداً على من يعتبرون أن الشعارات تصبح عند الوصول إلى الكراسي حبراً على ورق، يقول: "فليعطونا فرصة 4 أعوام، كما أعطوا غيرنا 40 عاماً. هناك الكحل وهناك العمى، وبعد أن اختبروا العمى فليخبروا الكحل. أنا أثق بأن 60 في المئة من الناخبين سوف يعطونني أصواتهم أما الـ 40 في المئة الباقون فهم ملتزمون بالأحزاب".
وعن كيفية تمويل حملته الانتخابية يشير أبو سليمان: "أنا أتسول من أجل شراء لوحة أعلانية أو صورة. وأنا أنتمي إلى الثورة الحقيقية وبقية اللوائح التي تدعي الثورة هي مدعومة من السلطة والأحزاب، وأتمنى أن يفوزوا في الانتخابات لكي يُذل الشعب اللبناني أكثر، لأن 30 في المئة منه فقط تعلّموا من أزماتهم ويريدون التغيير و70 في المئة لا يزالون متمسكين بزعمائهم وأحزابهم، وهذا ما نعرفه من خلال الاتصالات التي نقوم بها مع الناس".
أكد أبو سليمان أن الانتخابات سوف تحصل على الرغم من محاولات السلطة افتعال المجازر والإشكالات الأمنية وتابع: "السلطة تريد تطيير الانتخابات، وأنا أدعو الناس إلى التظاهر لعدم إقرار الكابيتال كونترول".
وكيف يحصن نفسه من الفساد، خصوصاً أن هناك من يعتبر أن السلطة مغرية وتشجع على الفساد؟ يجيب: "نحن السلطة التغييرية وسنقف ضد الفساد ونحارب الفاسدين، الذين يملك أقل واحد منهم 5 مليارات دولار وحوله 5 آلاف مسلح، ونحن سنحاول أن نسحب البساط من تحت أقدامهم، والتخلص من النظام الذي فصلوه على قياسهم، بطريقة قانونية وشرعية وبمساعدة الدول الشريفة التي تحيط بنا. وأطلب من اللبنانيين أن يصلّوا من أجلنا وأن يعطونا أصواتهم في الانتخابات لكي نتمكن من الوصول إلى البرلمان، ولو بأعداد قليلة، لأن التغيير لا بد من أن يتحقق مع الوقت. أول أربع سنوات بداية التغيير، والسنوات الأربع التي تليها للكدّ والعمل وفي السنوات الأربع التالية يمكن أن يستعيد لبنان عافيته ويعود بلداً".
فن وسياسة
أما الممثلة ليا بو شعيا فتخوض غمار الانتخابات عن المقعد الكاثوليكي في المتن على لائحة "معاً أقوى" التي يترأسها ابن نائب رئيس مجلس الوزراء السابق الياس المر. طموحة، تمثل الشباب الصاعد، وتسعى لأن تكون صوت الوسط الفني المغيَّب في الندوة البرلمانية، مع أنه يعكس وجه لبنان الجميل وصورته الحقيقية. يؤسفها وجود المبدعين اللبنانيين في الخارج، وعلى الرغم من شعورها بالفخر بمسيرتهم فهي لا تُخفي حزنها لاستثمار طاقاتهم خارج الوطن.
وتقول ليان إنها مصممة على أن تُسخِّر خبراتها في خدمة المتن وأهله، وعلى العمل من أجل جمع مواهبه عبر إنشاء معاهد لتعليم الموسيقى والتمثيل، لكي يكون متنفساً لأبناء المنطقة للتعبير عن مكنوناتهم. كما تطمح لإنشاء متحف ثقافي يستقطب الكبار والصغار أسوةً بالمتاحف العربية، تُخصّص فيه مساحةٌ لتثقيف الأطفال، بهدف تعريفهم على الإرث الثقافي العربي والعالمي، وتُخطط لإنشاء دار أوبرا في المتن، وأن تستقطب مسارحه أسماء ثقافية فنية عالمية.
5 في المئة تغيير
الممثل أسعد رشدان ترشح على لائحة "الحرية قرار" في جبيل التي يترأسها الدكتور فارس سعيد بطلب من الأخير، وهو وافق لأنه وجد أن للائحة حيثية ولأنه توجد لديه طموحات غير شخصية، يهمه أن تتحقق وتتعلق بطريقة تفكيره ونظرته إلى الأمور.
وعن إمكانية حصول تغيير في لبنان، يرى رشدان أن هذا الأمر مستحيل خصوصاً في ظل موازين القوى المحلية، ويضيف: "لكن لدي مبدأ، وهو عدم الاستسلام، وسوف أحارب ولو بقيت وحدي. أعرف أن لبنان لن يصبح بلداً وهدفي من الترشح للانتخابات هو الصراخ والقول بأن ما يحصل خطأ. وحتى لو فاز كل التغييريين في الانتخابات، فلن يستطيعوا أن يغيروا شيئاً. لكن هل هذا يعني أنه يجب أن نسكت! أما في حال فزت في الانتخابات فسوف أقاتل سياسياً من خلال موقعي كنائب في البرلمان، ولو وُجد 10 نواب مثلي يمكننا أن نفعل شيئاً. ماذا فعل النواب الذين استقالوا؟ هم ترشحوا للانتخابات مجدداً، ولا أعرف ما الذي تغيّر حتى تراجعوا عن موقفهم".
رشدان أكد أنه لن يترك عمله في التمثيل، وهذا الأمر لن يحوله إلى سياسي فاسد عندما يصبح نائباً، مضيفاً: "سوف أستمر في التمثيل، لن أستبدل سيارتي، لن يكون برفقتي حراس شخصيون ولا سائق. سوف أبقى إنساناً عادياً. أنا لا يمكن أن أُشترى بالمال، وهو لم يغرني يوماً مع أنني في السبعين. ولقد أرسلت أولادي إلى أميركا وأصبحوا يملكون الجنسية الأميركية التي أملكها أنا أيضاً. لكنني لن أغادر لبنان حتى موتي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في المقابل يرى رشدان أن الانتخابات سوف تحصل على الرغم من أن البعض يرجح عدم حصولها، ويوضح: "الأموال التي تدفعها كل الجهات تؤكد ذلك، ولا يعقل أن يبددوا أموالهم سدى. صحيح أن المجتمع الدولي لا يهتم بلبنان ولكن لديه حد أدنى من الأخلاقيات الحضارية، وهو يشجع على الانتخابات. وهو سيعترف بمن يفوز سواء كانوا الممانعين أو التغيريين، وإذا فاز الفاسدون فإن لبنان سوف يبلى بالفساد إلى الأبد".
وعن توقعاته بالنسبة إلى نتيجة الانتخابات يؤكد رشدان أن الشعب اللبناني لا يمكن أن يتغير: "الكل معروفون وكل حزب لديه جماعته، وهناك أقلية غير ملتزمة حزبياً. القانون الانتخابي السيء الذكر، مناسب لدول يحكمها حزبان فقط وليس في بلد كلبنان".
وهل هذا يعني أن الشعب اللبناني راض عن واقعه؟ يجيب: "الموسم الانتخابي موسم كاذب والشعب اللبناني تنقصه التربية الوطنية والمدنية والاجتماعية، إلا في البيوت التي تربي أولادها بشكل جيد، وهم أقلية ومعظمهم غادروا لبنان، لأنهم غير قادرين على تحمل هذا الواقع. الكل يستميتون للعودة إلى البرلمان للتغطية على فشلهم وفسادهم، والتغيير لن يتجاوز الـ 5 في المئة. أنا لا أنتمي إلى أي حزب سياسي ولكنني أعتبر أن أساس المشكلة هو التيار الوطني الحر".