تسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى حسم معركة الديموغرافيا في القدس الشرقية، بعدما نجحت في تهويد المدينة المحتلة جغرافياً، إذ تعمل وفق مخططات استراتيجية على تحقيق غالبية يهودية في المدينة مقابل أٌقليّة فلسطينية. ومنذ احتلالها القدس الشرقية قبل 52 عاماً، حاولت إسرائيل جذب أكبر عدد ممكن من اليهود إليها مقابل الضغط على الفلسطينيين، إلا أنها فشلت في تأمين غالبية يهودية دائمة، فيما لم يغادر سوى عدد قليل من الفلسطينيين المدينة بحسب تقرير لمجموعة الأزمات الدولية.
مدينة ذات أقلية يهودية
يشير التقرير إلى أنه، إذا استمرت الاتجاهات الديموغرافية الحالية، فإن القدس ستصبح مدينة ذات أقلية يهودية بحلول عام 2045، مضيفاً أن "سياسات الحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين فشلت في دفعهم إلى مغادرتها"، وبدلاً من ذلك، أدت تلك السياسات "إلى تصاعد الجريمة والعنف، وخلق عدد من المناطق الخارجة عن القانون". ولتحقيق غالبية يهودية وأقلية فلسطينية في القدس الشرقية، يفيد تقرير "مجموعة الأزمات الدولية" بأن إسرائيل تدرس تحويل القرى والبلدات الفلسطينية الواقعة شرق الجدار العازل مثل كفر عقب وسميراميس وشعفاط وعناتا، إلى وحدات إدارية إسرائيلية غير متصلة، تقع خارج الولاية القضائية لبلدية القدس. ويوضح التقرير أنه في ظل عدم مقدرة إسرائيل على الاحتفاظ بالقدس الشرقية من دون معظم سكانها الفلسطينيين، ولزيادة نسبة اليهود في القدس، يدعو المسؤولون الإسرائيليون معظم الأحزاب إلى فصل المناطق التي يسكنها الفلسطينيون في القدس الشرقية وتحويلها إلى "مجالس إقليمية إسرائيلية منفصلة".
تضارب أرقام
وفق الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، بلغ عدد الفلسطينيين في القدس الشرقية نحو 281 ألف فلسطيني، في حين أفادت دراسة إسرائيلية بأن الفلسطينيين يشكلون 61 في المئة من السكان في القدس الشرقية والمناطق التي ضُمت إلى بلدية الاحتلال في القدس بعد حرب 67. وأعلن مركز الإحصاء الإسرائيلي من جانبه أن عدد سكان القدس الشرقية والغربية بلع نحو مليون فلسطيني ويهودي بينهم 550.100 يهود (63.3 في المئة) وحوالى 332.600 فلسطيني (37.7%). ويحذر التقرير من سحب تصاريح الإقامة للفلسطينيين في القدس الشرقية التي تخولهم البقاء في مدينتهم والتنقل في إسرائيل. وفي سعيها لتهويد الفلسطينيين وفرض السيادة الإسرائيلية في القدس، تبنت إسرائيل العام الماضي خطة خماسية خصصت لها 530 مليون دولار تنص على تسجيل جميع أراضي القدس الشرقية في سجل الأراضي الإسرائيلية ودفع مدارسها إلى استخدام المناهج الإسرائيلية بحسب تقرير"مجموعة الأزمات الدولية". ويحذر معد التقرير اوفير زالزبيرغ في حوار مع "اندبندنت عربية" من أن عملية الاقتطاع ستعمق الفقر والفوضى والتشدد في الأجزاء التي تعاني أصلاً من أكبر قدرٍ من الإهمال في القدس الشرقية. ويطالب زالزبيرغ الأحزاب السياسية الإسرائيلية بمنع أي اقتطاع للأحياء الفلسطينية في القدس من حدود البلدية ووقف تهويد المناهج التعليمية للفلسطينيين.
المجتمع الدولي
ويطالب التقرير المجتمع الدولي بتحذير إسرائيل "من التداعيات المحتملة لهذه الخطة، وبإرسال إشارة مفادها بأن الاقتطاع سيجعل أوروبا أقرب إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية". في المقابل، يقول زياد الحموري مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية إن عملية تهويد القدس الشرقية استُكملت تقريباً، مضيفاً أنه لم يبق إلا البلدة القديمة. ويوضح أن إسرائيل تعمل الآن على تهجير الفلسطينيين من خلال الإهمال والتهميش والإفقار، مشيراً الى أن نسبة الفقر بينهم بلغت 80 في المئة. ويتابع الحموري أن إسرائيل تبحث في إعداد صيغ للتخلص من الفلسطينيين في القدس لتحقيق غالبية يهودية في المدينة، كفصلهم عن حدود بلدية القدس، تمهيداً لسحب الإقامات التي تسمح لهم بالبقاء في القدس الشرقية.