احتفى كثيرون من متابعي الشأن السياسي في الصومال، بترشح السيدة فوزية يوسف حاجي آدم، لخوض الانتخابات الرئاسية المزمع انعقادها في الخامس عشر من مايو (أيار) الحالي، بعد نجاحها في الحفاظ على مقعدها في مجلس الشعب الصومالي، لتكون ثالث نائب في العملية الانتخابية الأشد تعقيداً منذ عقدين.
تعد حاجي آدم واحدة من رائدات العمل السياسي في الصومال، ومن أقوى الشخصيات السياسية النسائية في العقد الماضي، من خلال مواقفها وما تقلدته من مناصب، وما نجحت في تحقيقه من مهام صبت في صالح الدولة، وغيرت نظرة كثيرين تجاه قدرة المرأة على تحمل ضغوطات العمل السياسي في بلد غير مستقر.
القيادية ذات الأصل النبيل
السيدة حاجي آدم جمعت صفات يندر لها الاجتماع في سياسي صومالي بارز، فهي أول وزيرة للخارجية، وأول نائبة لرئيس وزراء البلاد في عهد الرئيس حسن شيخ محمود، وتنحدر من عائلة من أبرز العائلات النبيلة، وتنتمي لبيت سلاطين ذوي تأثير كبير في قبيلتها بني إسحاق بن أحمد (إساق)، ذات النفوذ الواسع في شمال الصومال، والقائدة لكتلة "در" القبلية، إحدى الكتل الأربع الصومالية الكبرى، والمهيمنة سكانياً وسياسياً في جمهورية صوماليلاند التي أعلنت استقلالها في 18 مايو 1991، وذات الوزن في كل من إثيوبيا وجيبوتي، إضافة إلى حضور اقتصادي تقليدي في كينيا واليمن والحجاز.
إلا أن سر البروز السياسي للسيدة حاجي آدم لم يكمن في انتمائها العائلي، بقدر ما كان أساسه دورها القيادي في مجتمعها، نظراً لنجاح جهودها في تأسيس جامعة "هرجيسا" بالمدينة التي تحمل الاسم نفسه، حيث عملت بمساعدة نخبة المجتمع في الوصول بها إلى مكانة متقدمة في بناء مؤسسات التعليم الجامعي والعالي.
مصاعب تتجدد
كان ما اعتبرته حاجي آدم إفشالاً لمساعيها في الوصول بحزبها "الحزب الوطني للديمقراطية والسلام" الذي أسسته سنة 2011 في صوماليلاند إلى مستوى "حزب أمة"، في التصفيات الحزبية التي سبقت الانتخابات النيابية والرئاسية سنة 2012، سبباً رئيساً في انتقالها إلى "مقديشو" لملاحقة طموحها السياسي غير المحدود، إلا أنه وعلى الرغم من فوزها بمقعدها النيابي، فإن نتائج الانتخابات الأخيرة، أثبتت عدم جدية القبائل والولايات الفيدرالية في منح المرأة مكانها الذي حدده مشروع الحصة السياسية "كوتا" المخصصة للمرأة في العمل العام، إذ لم يكد يتجاوز نصيب النساء من المقاعد في البرلمان الفيدرالي الصومالي 15 في المئة، مع أن الحصة المخصصة لهن كانت 30 في المئة.
كما أن الانتماء القبلي/ السياسي للسيدة حاجي آدم، الممثل بكتلة "در"، يجعل وصولها إلى منصب رئيس الجمهورية أمراً بعيد المنال، نظراً إلى التسوية السياسية التي تسير عليها عملية الانتخابات الرئاسية في البلاد، منذ بداية الألفية، والتي تحكر الفوز بمنصب رئيس الجمهورية بالمرشحين المنتمين إلى كتلتي "هويه" و"دارود"، ما يرجح فوز أحد مرشحي كتلة "هويه" هذه المرة، نظراً لانتماء الرئيس الحالي لكتلة "دارود".
وليس ذلك هو العقبة الوحيدة أمام ترشحها، ففي ظل انقسام كتلة "در" التي تنتمي إليها بين الموالاة والمعارضة، يزداد الأمر تعقيداً بالنسبة لـ"حاجي آدم" بسبب عدم رجحان إمكانية حصولها على تأييد أي من جناحي الكتلة، بسبب انتمائها إلى فرع عشائري مختلف عن قيادات جناحي تلك الكتلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
المهم اليوم
عبرت السيدة حاجي آدم مراراً عن مصاعب العمل السياسي، الذي تواجهه المرأة في بلد غير مستقر مثل الصومال، متحدثة عن تلقيها المستمر لرسائل التهديد من قبل سياسيين رجال، يشعرون بأنها تشكل نداً قوياً، كما أعربت مؤخراً، عن أسفها من حالة الفساد الذي تعيشه الدولة، بما يصب في مصلحة الحركات المتطرفة، مما يزيد الضغوط عليها، على الرغم من تعبيرها عن رضاها في ما يخص أداءها أثناء توليها مناصب نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، واستمرارها على مقعدها في المؤسسة التشريعية للبلاد.
وقد يكون أحد أهم الاقتباسات التي تتداول حول موقفها من العمل السياسي للمرأة مقولتها الشهيرة: "مهما يكن، فإنني لا أخشى مما قد يحدث غداً، بل أنا مكتفية بانشغالي بما يجري الآن، وليأتي الغد بما يشاء".