عند السابعة صباح اليوم الأحد 15 مايو (أيار)، انطلقت الانتخابات النيابية اللبنانية في دائرتي بيروت الأولى والثانية، في جو من الهدوء، فرضته إجراءات أمنية مشددة، اتخذتها عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي، حيث انتشر عناصر الدرك داخل مقار الاقتراع، بينما توزعت قوات الجيش في محيط المراكز، التي حددتها وزارة الداخلية والبلديات. وقد افتتح رؤساء مراكز الاقتراع الصناديق الانتخابية في حضور مندوبي اللوائح.
دائرة بيروت الأولى
انطلقت عملية الاقتراع في دائرة بيروت الأولى، التي تضم منطقة الأشرفية والرميل والمدور، ويتنافس فيها 39 مرشحاً، موزعين على 6 لوائح (بيروت مدينتي، لائحة بيروت نحن لها، قادرين، كنا ورح نبقى لبيروت، لبنان السيادة، لوطني)، في حضور رؤساء الأقسام ومندوبي المرشحين والبعثة الأوروبية لمراقبة الانتخابات وجمعية LADE، وسط إجراءات أمنية مشددة.
وبحسب الوكالة الوطنية للإعلام، فإنه من المفترض أن يدلي 134886 ناخباً بأصواتهم لاختيار ممثليهم في الندوة البرلمانية لملء 8 مقاعد: 3 للأرمن الأرثوذكس، مقعد للأرمن الكاثوليك، مقعد للموارنة، مقعد للروم الأرثوذكس، مقعد للروم الكاثوليك ومقعد للأقليات.
دائرة بيروت الثانية
كما افتتحت دائرة بيروت الدائرة الثانية مراكز الاقتراع في مناطق: المرفأ وعين المريسة وميناء الحصن وراس بيروت، وتتنافس فيها 9 لوائح (بيروت التغيير، بيروت بدها قلب، بيروت تواجه، بيروت مدينتي، قادرين، لبيروت، لتبقى بيروت، نعم لبيروت، هيدي بيروت، وحدة بيروت، والحرية قرار)، على 11 مقعداً، وتضم أكثر من 371 ألف ناخب، وذلك في حضور مندوبي اللوائح الذين حضروا باكراً، وسط إجراءات أمنية مشددة. كما لوحظ حضور مندوبين للبعثة الأوروبية لمراقبة الانتخابات. وشهدت هذه المناطق زحمة خانقة للسيارات أمام مراكز الاقتراع.
وبلغت نسبة الاقتراع في الساعات الأولى على الأراضي اللبنانية كافة 1.67 في المئة، بحسب غرفة العمليات في وزارة الداخلية. وجاءت نسبة الاقتراع لغاية الساعة التاسعة في بيروت الأولى 1.20 في المئة، وبيروت الثانية 0.79 في المئة. وقد ازداد إقبال الناخبين على مراكز الاقتراع في دائرة بيروت الثانية، وتحديداً في منطقة المزرعة، حيث سجلت مراكز الاقتراع حتى العاشرة، ما يقارب الـ 7 في المئة من أصوات الناخبين.
في حين بلغت نسبة الاقتراع في كل لبنان، لغاية الساعة الحادية عشرة قبل الظهر، وفق وزارة الداخلية والبلديات، 14.6 في المئة. وسجلت بيروت الأولى 9.78 في المئة، أما بيروت الثانية 12.80 في المئة. وارتفعت النسبة حتى الساعة الثانية ظهراً، وسجلت دائرة بيروت الأولى 18 في المئة. بينما بيروت الثانية بدأت تشهد زحمة سير وكثافة تصويت أكثر من بيروت الأولى.
وشهدت دائرة بيروت الثانية إقبالاً كثيفاً في أكبر مركزي اقتراع: "عمر فروخ" الواقع في منطقة الكولا، و"عمر فاخوري" في منطقة بئر حسن.
ووفق ما أفادت المعلومات، فإن عملية الاقتراع في المركزين لم يتخللهما أي إشكال، إلا أن هناك انقطاعاً متواصلاً للكهرباء، بحيث يعمد إلى حل هذه الإشكالية قبل حلول ساعات الليل، لكن هناك تخوفاً من عدم حلها، مما سيسبب بلبلة حينها.
وأدى المشهد الانتخابي في بيروت إلى حركة مرور كثيفة من جسر "الكولا" باتجاه "سليم سلام" عند الساعة 9.20 صباحاً، واللافت أن انتخابات بيروت الثانية تجري للمرة الأولى منذ عام 1992 بغياب تيار المستقبل، الذي يشكل القوى الأساسية في الدائرة. إلا أن موقف التيار المقاطع للانتخابات قد ظهر بشكل أساسي في الطريق الجديدة، فقد حضَّر بعض من المناصرين في حي البرجاوي بركة السباحة للتعبير عن المقاطعة.
كثافة غير متوقعة
هذا وقد أفادت المعلومات بأن صناديق الاقتراع في مدرسة "راس النبع" بيروت الثانية للإناث امتلأت، والمندوبين يناشدون وزارة الداخلية بالإسراع في تزويدهم بصناديق جديدة.
بدوره، صرح وزير الداخلية، بسام مولوي، بأن "كثافة المقترعين في بيروت الثانية لم تكن متوقعة، وهذا يدل على أن البيروتيين أوفياء للبنان، وليس لأشخاص معينين"، لافتاً إلى أنه مع حلول السابعة مساءً ستقفل الأبواب، وكل من كانوا في الداخل يقترعون".
وقال مولوي، "أنا شفاف بكل الملاحظات، وبيروت ستفوز، واللبنانيون لبوا نداء وطنهم للمساهمة في بناء لبنان الغد، وحصل إشكال واحد في البيرة في عكار وتتم معالجته".
وأضاف مولوي، في حديث له خلال جولة في دائرة بيروت الثانية، "سنستعين بصندوق ثان في بيروت الثانية بسبب كثافة الأصوات"، مشيراً إلى أن نسبة الاقتراع خجولة في بيروت الأولى، وأن الأجواء هادئة جداً حتى الساعة الثانية من بعد الظهر".
خروقات ومشكلات
في بيروت الأولى، شهدت "ثانوية الأورغواي" في الأشرفية إشكالاً على خلفية منع الناخبين من الدخول إلى مراكز الاقتراع، وقد وصل طابور الناخبين إلى خارج المركز.
أما في الدائرة الثانية، فقد أفادت المعلومات بأن إشكالاً حزبياً وقع صباح اليوم في مركز اقتراع "ليسيه عبدالقادر" لكنه انتهى، بعدما عالجه المعنيون، وعاد الوضع إلى طبيعته ولم يؤثر في سير العملية الانتخابية.
بدورها، رصدت "الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات" سلسلة من المخالفات، التي حصلت في مختلف مراكز الاقتراع. وأشارت إلى أن "رئيس مركز الاقتراع في غرفة رقم 1 قلم 72 في مدرسة "راس النبع" الثانية الرسمية يتعرض للتهديد والضغط من قبل حركة أمل".
ولا تزال وتيرة توافد المواطنين إلى مراكز الاقتراع في دائرة بيروت الثانية، لا سيما في ميناء الحصن ورأس بيروت وعين المريسة والمرفأ، تزداد مع تقدم الساعات في هذا النهار الانتخابي الطويل، مع حصول إشكالات متنوعة حول أولوية الدخول والخوف من حدوث إشكالات بين اللوائح المتنافسة، وعملت القوى الأمنية المولجة على فض الإشكاليات، وتسهيل دخول الناخبين.
وتشهد معظم مراكز الاقتراع وقوف سيارات للمواطنين في الطرقات، ما تسبب بزحمة سير خانقة، وتعمل القوى الأمنية على تحويل السير إلى مسارات فرعية، فضلاً عن دوريات راجلة للجيش اللبناني في المنطقة ومحيطها.
وبين الحين والآخر تشهد المنطقة مرور مواكب سيارات ودراجات نارية تبث أناشيد وأغاني وطنية عبر مكبرات الصوت في أحياء بيروت.
دائرة الشمال الثانية
وعند السابعة صباحاً أيضاً فتحت مراكز الاقتراع أبوابها في دائرة الشمال الثانية، التي تضم طرابلس والمنية والضنية، وأظهرت الساعات الأولى من العملية صورة متناقضة، ففي وقت ازدحم محيط المراكز الانتخابية بالمندوبين، كان الإقبال خجولاً، حيث بلغت النسبة 10 في المئة عند الظهيرة.
وكان لافتاً في مدينة طرابلس الحضور الكثيف لمندوبي المرشح كريم كبارة، وجمعية المشاريع الخيرية – الأحباش، إضافة إلى إنقاذ وطن – أشرف ريفي، والنائب فيصل كرامي، وإضافة إلى مرشح لائحة التغيير الحقيقي إيهاب مطر. فيما كان الحضور خجولاً لمندوبي باقي اللوائح والمرشحين في الدائرة.
11 لائحة على 11 مقعداً
وتشهد الدائرة تنافساً بين 11 لائحة على 11 مقعداً، وهو أكبر عدد في المناطق اللبنانية كافة. يتوزعون على الشكل التالي، طرابلس: 5 سنَّة، وعلوي، وماروني، وأرثوذكسي، أما في الضنية يتنافس المرشحون على مقعدين سنيين، ومقعد سني واحد في منطقة المنية.
وتكتسب هذه المعركة أهمية كبيرة في ظل "مقاطعة" وانسحاب تيار المستقبل، الذي كان يعد الممثل الأكبر للطائفة السنية في لبنان، ولقياس مدى استجابة الرأي العام لدعوات الاقتراع من قبل دار الإفتاء أكبر مرجعية دينية في البلاد، بحجة عدم ترك الساحة للخصوم.
هجمات متبادلة
ومنذ أيام تشهد الدائرة هجمات متبادلة بين المتخاصمين، وتحديداً لائحة الإرادة الشعبية، التي تشتهر في الأوساط العامة بتحالف فيصل كرامي، وجهاد الصمد، وجمعية المشاريع، المدعومة من تحالف 8 آذار، في مقابل، "إنقاذ وطن" أو تحالف أشرف ريفي والقوات اللبنانية، إضافة إلى لائحة المستقيلين من تيار المستقبل، الذين يتقدمهم الطبيب مصطفى علوش، نائب رئيس تيار المستقبل سابقاً، والمهندسة ربى دالاتي، والنقيب فهد المقدم، وكذلك لائحة "للناس" التي يتصدرها كريم كبارة، نجل النائب محمد عبد اللطيف كبارة، المدعومة من الرئيس نجيب ميقاتي.
في موازاة انقسام السلطة، شهدت الدائرة انقساماً بين مجموعات الانتفاضة والحراك الشعبي بين لوائح (انتفض للسيادة والعدالة، قادرين، التغيير الحقيقي، الجمهورية الثالثة، وفجر التغيير).
مجموعة ملاحظات وانتهاكات
في الخارج حركة لا تهدأ للمندوبين، تترافق مع موسيقى مبالغ بها في محيط المراكز. أما في الداخل فإن الصورة مختلفة، والظلام يعم كثيراً من المراكز.
وخلال جولة في أحياء مختلفة، يمكن تسجيل جملة ملاحظات أبرزها، الظلام في ممرات المراكز الانتخابية، بسبب عدم توفر التيار الكهربائي العام، ما دفع برؤساء الأقلام للاستعانة بنور الأجهزة المشحونة مسبقاً، وكذلك قلة خبرة رؤساء الأقلام والقيمين على العملية الانتخابية بسبب عدم التدريب، ووضع العازل بصورة لا تؤمن السرية التامة للاقتراع.
وما زالت المكاتب الانتخابية للوائح المتنافسة تحاول استقطاب مزيد من الناخبين، من أجل أن يصوتوا لها، وتعمل على حمل بعض ذوي الإعاقة إلى مراكز الاقتراع.
وسجل الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين عدداً من الانتهاكات في جميع المناطق اللبنانية داخل المراكز الانتخابية حتى الساعة الحادية عشرة والنصف، تشير إلى 50 في المئة من دائرتي بيروت لا يوجد صناديق اقتراع في الطابق الأرضي، 25 في المئة لا يوجد فيها مواقف لسيارات المعوقين قرب المركز الانتخابي، و25 في المئة تمت إزالة الإشارات التوجيهية للأشخاص ذوي الإعاقة.
ولوحظ عدم جهوزية المراكز لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة، واضطرار هؤلاء للاستعانة بالمساعدة من مرافقين أو مندوبين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وزير الداخلية يدلي بصوته
وزير الداخلية، أدلى بصوته في مركز مدرسة التدريب التربوي في منطقة أبي سمراء. تحدث عن جهوزية تامة ومتابعة حثيثة للعملية الانتخابية في كل المناطق اللبنانية من خلال غرفة العمليات.
ورداً على سؤال حول ضمانات نزاهة العملية الانتخابية والشكوى من عدم جهوزية رؤساء مراكز الاقتراع، أشار مولوي إلى سلسلة تدريبية في القانون، الفيديوهات والمنشورات الإرشادية نشرتها وزارة الداخلية وأرسلتها لهؤلاء المعينين، كما أن هناك خطاً ساخناً مرتبطاً بغرفة العمليات، ويمكن الإجابة عن التساؤلات كافة.
وأكد مولوي على ملاحقة الضالعين في جرائم الرشى الانتخابية، كما تطرق إلى متابعة أمنية حثيثة للحوادث في جميع المناطق اللبنانية، وأن "الوزارة نشرت 80 ألف عنصر، ضمن تنسيق تام بواسطة غرفة العمليات".
وأشار الوزير إلى "إشكالات إدارية بسيطة"، مؤكداً أن "الوضع الأمني يتجه نحو الأفضل".
طالب وزير الداخلية اللبنانيين بالتفاؤل والإيمان بالدولة، قائلاً "منذ أشهر ونحن نسمع عن تطيير الانتخابات النيابية، وها هي اليوم تجري في وسط أجواء أمنية جيدة".
من جهته، علق أشرف ريفي على تساؤلات بشأن تدني نسبة الاقتراع، معتبراً أنها ستزداد كثافة مع مرور ساعات النهار بعد الظهر.
وطالب ريفي المواطنين بالمشاركة، لأنها مسؤولية وطنية للإنقاذ، لأن "الدعوة للاستنكاف هي دعوة مشبوهة". منتقداً سلاح "حزب الله"، لأن 3 مكونات من أصل 4 في لبنان ترفضه.
ورداً على سؤال لـ"اندبندنت عربية" لناحية تفسير البرودة الانتخابية بأنها "تصويت صامت ضد المرشحين، لأن أولوية الطرابلسي هي لقمة العيش"، يجيب ريفي "بداية علينا الذهاب إلى أصل العلة لناحية أخذ إيران لبنان رهينة بين يديها من خلال عملائها، ومن ثم البحث في النتيجة، أي الأزمة الاقتصادية التي ستستمر طالما لم تعالج المشكلة".