بإعلان صندوق الاستثمارات العامة السعودي عن إطلاق مشروع "الشركة السعودية للقهوة" الذي يتزامن مع العام الذي أطلقت عليه البلاد اسم "عام القهوة" بوصفها منتجاً ثقافياً، تبدأ السعودية موطن بُن أرابيكا الأشهر عالمياً؛ رحلتها لدعم المنتج الثمين "والارتقاء به إلى العالمية".
وأعلن الصندوق السيادي الذي يحتل مراتب متقدمة من بين الصناديق السيادية عالمياً، أن هدف الشركة يتركز في القيام بدور رئيس في تعزيز جهود تطوير الزراعة المستدامة في منطقة جازان جنوب البلاد، باعتبارها موطناً أصيلاً لبن الأرابيكا، حيث توجد أكثر من 400 ألف شجرة، يأمل عشاق ثمارها أن تزيد وتتكاثر.
ولفت الصندوق إلى أن بين أهدافه وراء إطلاق الشركة "تمكين نمو قطاع الأغذية والزراعة في المملكة"، مشيراً في بيان على موقعه الرسمي إلى أن الكيان الجديد سيضخ في القطاع استثماراً بنحو 1.2 مليار ريال (320 مليون دولار) على مدى عشر سنوات، يراها كفيلة برفع القدرة الإنتاجية للبن السعودي من 300 طن حالياً إلى 2500 طن سنوياً.
أكاديمية لتطوير المجال
وأضاف البيان أن الشركة ستؤسس "أكاديمية متخصصة في صناعة القهوة وإطلاق برامج تدريب لأصحاب الكفاءات ورواد الأعمال والمزارعين السعوديين تعزيزاً لجهود الصندوق في استحداث الفرص للشركات الصغيرة والناشئة". وتأتي الخطوة تماشياً مع استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة، التي تركز على تطوير 13 قطاعاً استراتيجياً وتمكين القطاعات الواعدة في البلاد، ومنها قطاع الأغذية والزراعة، إلى جانب تعزيز جهود الرياض في تنويع مصادر الدخل.
وستعمل الشركة الجديدة على دعم كامل سلسلة القيمة الخاصة بمنتج القهوة المحلي بالشراكة مع القطاع الخاص، وذلك بدءاً من مرحلة الزراعة حتى وصول المنتج إلى المستهلك، مع مراعاة عنصر الاستدامة في كافة مراحل الإنتاج والتوزيع والتسويق، الأمر الذي سيسهم في رفع المعايير وتطبيق أفضل الممارسات في هذا المجال، واستحداث العديد من فرص العمل في القطاع، والمساهمة في تعزيز قدرات البلد الخليجي على تصدير أجود حبوب البُنّ للأسواق العالمية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وشهد قطاع القهوة نمواً ملحوظاً في السنوات الأخيرة في المدن السعودية، حيث تظهر الدراسات ارتفاعه بنحو 4 في المئة خلال فترة ما بين 2021- 2016، كما تشير الدراسات إلى أن من المتوقع أن ينمو بنسبة 5 في المئة في السنوات المقبلة، ليصل إلى 28700 طن بحلول نهاية عام 2026، مما يتيح فرصاً استثمارية جاذبة يوفرها القطاع.
وتشير أحدث الإحصائيات إلى أن الناتج المحلي من محصول البُنّ الخولاني السعودي يتوزع في المحافظات الجبلية بمناطق جازان والباحة وعسير، حيث بلغ عدد مزارع البُنّ بها أكثر من 2500 مزرعة، تضم ما يقارب 400 ألف شجرة.
وتفعيلاً لالتزامها برفع مستوى الوعي والمعرفة في قطاع الأغذية والزراعة، ستركز جهود الشركة كذلك على توطين المعرفة وأحدث التقنيات في المجال وتقديم العديد من البرامج لرواد الأعمال والمزارعين السعوديين بهدف تزويدهم بكافة المعارف والمهارات لمساعدتهم على تأسيس مشاريعهم ومزارعهم الخاصة، وتعزيز مشاركة وإسهام أهالي المنطقة في الاستفادة من الفرص التي يوفرها هذا القطاع.
يعلن #صندوق_الاستثمارات_العامة عن إطلاق الشركة السعودية للقهوة @SaudiCoffeeCo والتي تهدف إلى تمكين نمو قطاع الأغذية والزراعة، وتعزيز جهود تطوير الزراعة المستدامة في منطقة جازان بجنوب المملكة باعتبارها موطنًا رئيسيًا لبُنّ الأرابيكا الأشهر عالميًا.
للمزيد:https://t.co/LKOViSefTq pic.twitter.com/SRx8NdM8UT
— صندوق الاستثمارات العامة (@PIFSaudi) May 15, 2022
تنمية ثروات البلاد
ولطالما اعتاد الصندوق في تصريحاته التأكيد على انصرافه إلى "تنمية ثروات البلاد" التي كان الكثير منها مثل الترفيه منسيّة في وقت سابق، وهو الذي قال مسؤول فيه "إنه جاء لكي يحقق غايته الوطنية عن طريق الاستثمار محلياً وعالمياً وتعزيز دور الصندوق لتنويع الاقتصاد في المملكة، وتعظيم أثر استثماراته"، مفضلاً عدم الخوض في تفاصيل أكثر عن شركة القهوة الجديدة.
ويعتر الصندوق ركيزة وعامل أساسي لرؤية المملكة 2030، حيث يهدف إلى تنمية ثروات المملكة من خلال المساهمة في نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، والاستثمار في مشاريع البنية التحتية والجدوى الاقتصادية الكبيرة، ذات الانعكاس المباشر على خلق الوظائف وتحقيق جودة الحياة.
2022 عام القهوة السعودية
وعن تسمية عام 2022 بعام للقهوة، يقول وزير الثقافة في البلاد الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، "تأتي القهوة السعودية باعتبارها عنصراً مهماً من عناصر ثقافتنا الغنية، ليس لمجرد كونها مشروباً طيباً يشاركنا في جميع لحظات حياتنا، بل لأنها تمتلك دلالات عميقة على الكرم والضيافة، والتنوع الثقافي، والخصوصية الفريدة للثقافة السعودية".
وأضاف "فمن عملية زراعتها في جنوب المملكة، إلى حصادها، وتوزيعها، ثم إلى طريقة إعدادها وتحضيرها التي تختلف من منطقة لأخرى، وصولاً إلى طرق تقديمها المتنوعة، تكتسب القهوة السعودية قيمتها الثقافية باعتبارها نشاطاً اجتماعياً بامتياز، يعكس القيم السعودية الأصيلة، وتتجلّى من خلاله خصوصية العلاقة التي تربط السعوديين بقهوتهم المميزة".
أزمة عالمية تعصف بـ"أرابيكا"
وعلى نحو عالمي، لربما تأتي "أرابيكا السعودية" لإنقاذ الشح العالمي للقهوة التي انخفضت لأدنى مستوى لها منذ عقدين من الزمان. وبحسب تقارير اقتصادية انخفض احتياطي القهوة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي بسبب الأزمات التي تعصف بالعالم والتي أدت لارتفاع تكاليف الشحن والطقس غير الملائم، وهو الذي قلّص الإنتاج في البرازيل.
وهو أمر أسهم في ارتفاع أسعار كوب القهوة في بعض البلدان، كما لجأت المحامص إلى مخزوناتها لمعالجة نقص العرض، مما دفع بالمخزونات المراقبة من قبل بورصة "أيس فيوتشيرز" ICE Futures الأميركية إلى أدنى مستوى لها منذ 22 عاماً.
وبلغ إجمالي مخزونات حبوب قهوة "أرابيكا" عالية الجودة، التي تفضِّلها المقاهي والسلاسل الاحترافية مثل "ستاربكس" نحو 1.078 مليون كيس، أو ما قيمته حوالي 143 مليون جنيه استرليني، وفقاً لبيانات سابقة عن بورصة "إنتركونتيننتال للعقود الآجلة" الأميركية، في مستوى هو الأدنى منذ فبراير (شباط) 2000.